اعلن استاذ الفقه المقارن بجامعة الازهر الشريف “احمد كريمة” عن اطلاقه مشروع لتشكيل هيئة التقريب بين المذاهب سواء السنة او الشيعة او الاباضية وغيرهم، هذه الدعوة قابلها ترحيب واسع، وهنا تجدر الاشارة الى ان المشروع الذي اطلقه “كريمة” ياتي في ظروف و اجواء يدرك فيه الجميع الحاجة الى التقريب، فقد ارسل في وقت سابق الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية “محسن الاراكي” برسالة الى مفتى الازهر الشيخ “احمد الطيب” يشكره فيها على مواقفه ومساعيه الحثيثة الساعية الى ايجاد جو ملائم للتقريب بين المذاهب. فأين تكمن الحاجة للتقريب؟ ولماذا تبرز ضرورتها اليوم اكثر من ما مضى؟ هذا ما سنحاول عرض بعض من جوانبه في هذا المقال.
التقريب حاجة لمواجهة مشروع الفتنة والتقسيم
الاختلاف بين المذاهب موجود، حتى اننا نرى الاختلاف داخل المذهب الواحد، من تعدد في الآراء الفقهية والنظريات الفلسفية، لكن الآراء تجمع على ان الاختلاف لا يعني الخلاف ابداً، بل ان الاختلاف يعتبر من اهم العوامل التي تدفع بالحركة العلمية نحو الاستمرار في ازدهارها، كما تجمع المذاهب الاسلامية بأجمعها على ان المبادئ الاساسية هي المشترك بين الجميع وما الاختلافات الا في الجزئيات، والآراء موحدة وبالخصوص اليوم اكثر من اي وقت مضى ان الحاجة للتقريب بين المذاهب ليس بهدف بحث الاختلافات والجزئيات ابداً وان كان لا مانع من تداولها وبحثها في محافلها العلمية.
اذن ليست الحاجة الى التقريب لمناقشة الخلافات العلمية بالدرجة الاولى، وانما الحاجة اليها لمواجهة المشروع الفتنوي الذي يعمل على الاستفادة من هذه الخلافات والجزئيات من خلال تأجيجها مستفيداً من وسائله والظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعيشها بعض المجتمعات في منطقتنا والعالم. اذن التقريب هو دعوة لإستجماع جهود اهل العلم والتأثير من المذاهب كافة في سبيل وضع الآليات والخطط الكفيلة بتحصين المجتمع لمواجهة المؤمرات الفتنوية ومنع التقسيم والشرذمة، والوقوف بوجه ادوات هذا المشروع المتمثل اليوم بالكيان التكفيري والكيان الاسرائيلي اللذين ما هما الى صناعة غربية.
هذه المسألة هي ما اكد وشدد عليها استاذ الفقه المقارن بجامع الازهر الشريف “احمد كريمة” خلال اعلانه عن مشروع لتشكيل هيئة التقريب بين المذاهب، فقد اعتبر ان الحاجة لذلك اليوم اكثر من اي يوم مضى لمواجهة التقسيم، وأوضح أن المخططات الاميركية الاسرائيلية تهدف إلى تقسيم المنطقة على أساس طائفي، سواء في اليمن او في سوريا أو في العراق.
التقريب لإزالة حواجز الوهم والتركيز على المشتركات
ما سبق ذكره لا يلغي الحاجة لتقريب الافكار والتركيز على المشتركات بين المذاهب وترك الخلافات، وهذا يتطلب عقد مؤتمرات اسلامية عالمية، والتعاون في ذلك مع الخطوة الايرانية، وتأسيس هذه المؤتمرات على قاعدة الآية الكريمة: ولا تقولوا لمن القى لكم السلام لست مؤمناً. وعليه تكون الدعوة الى كل من يرغب من رجالات المذاهب الاسلامية وحتى غيرها للمشاركة في رسالة التقريب وازالة ما بينهم من حواجز. ووضع ميثاق للتقريب والتوحيد خلال هذه المؤتمرات بصورة محدثة وفق التحديات والمستجدات تتضمن المبادئ والوسائل، ومن ضمنها تأليف الكتب المشتركة في التفسير والسيرة والفقه المقارن وغيرها، وإصدار مجلة تشرف عليها لجنة متخصصة منبثقة عن ندوة التقريب والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم، تعتني بموضوعات التقريب والتوحيد، وتشكيل لجان فرعية لتمحيص جميع الكتب الإسلامية القديمة والجديدة وحذف كل ما يسيء إلى المذاهب الأخرى، وإقامة مؤتمرات تخصصية وندوات جماهيرية إعلامية لمعالجة التفريق، ودعم التقريب والتوحيد، وإقامة المخيمات السنوية لطلبة الجامعات الإسلامية تحت إشراف العلماء والمفكرين المتنورين للتعارف وإزالة حواجز الوهم بين أبناء الأمة الإسلامية الواحدة.