عالم الخلق من أجل معرفة الحق:
الخلاصة إنّ على الإنسان أنّ ينظر ويتفكَّر[1][7] في نظام خلق السماوات وما فيها والأرض وما عليها، حتى يعلم أنّ خلق كلِّ جزء صغير مما خلق له غرض وحكمة، إذاً فكل عالم الخلق هو من أجل غرض مهم، وللعثور على ذلك الغرض المهم يجب أنْ نفهم ونراجع كلمات الله ورسول الله(ص) وأهل بيته(ع): إنّ عالم الخلق خلق من أجل الإنسان وأن الإنسان أيضاً خلق من أجل معرفة الله والعبودية له، والمعرفة والعبودية هما بمثابة جناحين للإرتقاء إلى المنزلة الرفيعة والوصول إلى الحياة الإنسانية الطاهرة التي فيها من اللذائذ والمباهج ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب[2][8]. فلا يعلم أحدٌ من الصالحين ما أُعد له من أنعم توجب له ضياء العين، جزاء ما عمل[3][9].
وبعبارة أخرى فإن هدف الله من إيجاد الإنسان وخلق العالم الفاني الخالد هو:
أولاً: وبالذات إظهار الصفات الجمالية (أي قدرة الله اللامتناهية وفضله وجوده وكرمه) حيث سيظهر كمالها في ما يتعلَّق بالمحسنين والمؤمنين من الناس في عالم الآخرة، وما كان منها في الدنيا هو فقط كنموذج عنها.
ثانياً: إن ظهور صفات الحق الجلالية معناه ـ فرضياً ـ عدل الله الحقيقي وغلبته القاهرة التي تبدو في ما يتعلق بالأشرار والكفّار من أفراد البشر (سوف نذكر إيضاحاً أكثر لهذا الموضوع في مكان مناسب). إنّ الآيات القرآنية التي تأمر بالتفكُّر والتعقُّل والنظر والتدبّر كثيرة جداً نكتفي منها بما ذكرناه.
[1][7] {قل أنظروا ماذا في السموات والأرض} (سورة يونس، الآية 101). |
[2][8] {فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعلمون} (السجدة/17). |
[3][9] الشيخ البهائي(عليه الرحمة) يوضح بشكل جيّد دور الإنسان في عالم الوجود والمنزلة التي عليه أنّ يبلغها، فيقول شعراً ما مضمونه: أيها الإنسان يا مركز دائرة الإمكان، يا زبدة عالم الكون والمكان، أنت سيد الجواهر الناسوتية، أنت شمس المظاهر اللاهوتية. إلى متى تبقى قيود الجسم تقيدك؟ إلى متى تبقى مشغولاً بجسدك وفتح باب الجنة يحتاج منك إلى كلمة؟ إن مئات الملائكة تعمل على هدايتك فاخرج من الهاوية التي أنت فيها لتصبح سيّد عالم الوجود وسلطاناً يجلس على سرير مُلك عالم الشهادة. تجاوز المعارف العقلية ولا تغتر بزخارف عالم الحس، وأنكر ناراً تنتظرك في عالم الآخرة إذا ما أنت استمررت تلهو وتلعب. فعد لنفسك ولو للحظة وانظر بماذا تعلَّق قلبك. |