الرئيسية / شخصيات أسلامية / الامام محمد الجواد عليه السلام سيرة وتاريخ

الامام محمد الجواد عليه السلام سيرة وتاريخ

القسم السابع :قال : إني كنت معه يوماً بالمدينة إذ قرب الطعام ، فقال : « أمسكوا » .
فقلت : فداك أبي ، قد جاءكم الغيب !
فقال : « عليَّ بالخباز » . فجيء به ، فعاتبه وقال : « من أمرك أن تسمّني في هذا الطعام ؟ » . فقال له : جُعلت فداك ( فلان ) ، ثم أمر بالطعام فرُفع وأُتي بغيره ) (1) .
وعلى أي حال فقد نجح مثلث الاغتيال في تدبيرهم الاَخير ، وأطفأوا نور الاِمام ، وحرموا أنفسهم والاُمّة من بركاته ، وما أطفأوا إلاّ نوراً من أنوار النبوّة ، لو كانوا رعوه حق رعايته لسُقوا ماءً غدقاً ، ولاَكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، ولكنّهم:

عجبتُ لقوم أضلّوا السبيـل * ولـم يبتغـوا اتّبـاع الهـدى
فما عرفوا الحق حين استنار * ولا أبصـروا الفجـر لمّا بدا

وسرعان ما يلتحق الاِمام عليه السلام إلى بارئه فينال هناك كأسه الاَوفى ، وهو لم يخسر الدنيا؛ لاَنّه لم يكن يملك منها شيئاً ، ولا رجا وأمّل يوماً من حطامها شيئاً ، لكنّ الاُمّة خسرته ابناً من أبناء الرسالة ، وعلماً من أعلام النبوّة ، وطوداً شامخاً كان يفيض على هذا الوجود كلّ أسباب العلم والمعرفة ، والتقى والصلاح ، ولو قدروه حقّ قدره؛ لاَكلوا من فوق رؤوسهم ومن تحت أرجلهم ، ولوجدوا به خيراً كثيراً .
وروي أن ابنه علي الهادي عليه السلام قام في جهازه وغسله وتحنيطه وتكفينه كما أمره وأوصاه ، فغسّله وحنّطه وأدرجه في أكفانه وصلّى عليه في جماعة
____________
1) الثاقب في المناقب : 517 | 446 .
(133)

من شيعته ومواليه (1) .
وجاء في الاَخبار أن الواثق صلّى عليه بحضور جماهير غفيرة من الناس ، ثم حُمل جثمانه في موكب مهيب تشيعه عشرات الآلاف من الناس إلى مقابر قريش حيث مثوى جدّه الاِمام الكاظم موسى بن جعفر عليهما السلام ، فأُقبر إلى جواره في ملحودة أصبحت اليوم عمارة شامخة تناطح السماء بمآذنها الذهبية ، وقبلة يؤمها آلاف المسلمين يومياً للتبرك بأعتابها ، وطلب الحوائج من ساكنيها . ولطالما انقلب الملمّون والمستغيثون إلى أهلهم فرحين بما وجدوا من إنجاز طلباتهم التي تعسّر حلّ مشكلها ، بل وإن البعض منها كان في حكم المحال حلّ معضله .
الاِشادة بشخصية الاِمام عليه السلام :
الاِمام الجواد عليه السلام ما رآه أحد إلاّ أُعجب به ودُهش ، وما سمع به أحد إلاّ أشاد به وأطراه ، فقد ملكت هيبة الاِمام ومواهبه ونبوغه المبكر عقول وعواطف العلماء والمؤرخين ، فراحوا يسجلون إعظامهم وإكبارهم عبر كلمات المديح والاِطراء عندما يصلون إلى ساحة قدس الاِمام الجواد عليه السلام ليكتبوا عن حياته الشريفة . وقد انتخبنا هذه المجموعة من الانطباعات لعدد من العلماء وكبار المؤرخين ـ من غير الاِمامية غالباً ـ عن شخصية الاِمام الجواد عليه السلام ومواهبه الخلاّقة ، وعبقريته المنقطعة النظير ، وما اتصف به من نزعات وأخلاق كانت تحكي خلق وصفات جده الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وآبائه الميامين الاَطهار ، نردفها وفق تسلسل سني وفيات أصحابها ، وهي كما يلي:
____________
1) مجموعة وفيات الأئمة : 342 .
(134)

1 ـ ابن طلحة الشافعي ( ت | 652 هـ ) ، قال في كتابه « مطالب السؤول في مناقب آل الرسول » عند تعرّضه لترجمة الاِمام الجواد عليه السلام :
( وأما ) مناقب أبي جعفر محمد الجواد . . فما اتسعت له حلبات مجالها ، ولا امتدت له أوقات آجاله ، بل قضت عليه الاَقدار الاِلهية بقلة بقائه في الدنيا بحكمها وسجالها ، فقلّ في الدنيا مقامه ، وعجّل عليه فيها حمامه ، فلم تطل لياليه ، ولا امتدت أيامه . .
فإنّه قد تقدّم في آبائه عليهم السلام أبو جعفر محمد الباقر بن علي ، فجاء هذا باسمه وكنيته واسم أبيه ، فعُرف بأبي جعفر الثاني . وإن كان صغير السن فهو كبير القدر ، رفيع الذكر ، ومناقبه رضي الله عنه كثيرة . . (1) .
2 ـ سبط ابن الجوزي ( ت | 654 هـ ) ، قال في « تذكرة الخواص »:
محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام . . وكان على منهاج أبيه في العلم والتقى والزهد والجود . ولما مات أبوه قدم على المأمون فأكرمه وأعطاه ما كان يعطي أباه . . وكان يلقّب بالمرتضى والقانع ، وكانت وفاته خامس ذي الحجة . . وقبره يُزار ، وكان له أولاد المشهور منهم علي الاِمام (2) .
3 ـ علي بن عيسى الاِربلي ( ت | 693 هـ ) ، قال في « كشف الغمة »:
الجواد عليه السلام في كلِّ أحواله جواد ، وفيه يصدق قول اللغوي جواد من الجودة من أجواد ، فاق الناس بطهارة العنصر ، وزكاء الميلاد ، فما قاربه
____________
1) مطالب السؤول 2 : 74 .
2) تذكرة الخواص : 352 .
(135)

أحد . . ومكانته الرفيعة تسمو على الكواكب ، ومنصبه يشرق على المناصب . له إلى المعالي سموّ ، وإلى الشرف رواح وغدوّ ، وفي السيادة إغراق وعلوّ . تتأرّج المكارم من أعطافه ، ويقطر المجد من أطرافه . إذا اقتسمت غنائم المجد والمعالي والمفاخر كان له صفاياها ، وإذا امتطيت غوارب السؤدد كان له أعلاها وأسماها . يباري الغيث جوداً وعطية ، ويجاري الليث نجدة وحمية . فمن له أب كأبيه أو جدّ كجدّه ؟ فهو شريكهم في مجدهم وهم شركاؤه في مجده ، وكما ملأوا أيدي العفاة برفدهم ، ملأ أيديهم برفده (1) .
4 ـ أبو الفداء ( ت | 732 هـ ) ، في تاريخه المسمّى « المختصر في أخبار البشر » أو « تأريخ أبي الفداء »:
محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وهو أحد الاَئمة الاثني عشر عند الاِمامية . . ومحمد الجواد المذكور ، هو تاسع الاَئمة الاثني عشر ، وقد تقدم ذكر أبيه علي الرضا(2) .
5 ـ الحافظ الذهبي ( ت | 748 هـ ) ، قال في « تاريخ الاِسلام »:
محمد بن الرضا علي بن الكاظم موسى بن الصادق جعفر بن الباقر محمد بن زين العابدين علي بن الشهيد الحسين بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، أبو جعفر الهاشمي الحسيني .
____________
1) كشف الغمة 3 : 162 .
2) تأريخ أبي الفداء 1 : 343 .
(136)

كان يلقّب بالجواد ، وبالقانع ، وبالمرتضى . كان من سروات آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم . . توفّي ببغداد في آخر سنة عشرين شاباً طريّاً . . وكان أحد الموصوفين بالسخاء؛ ولذلك لقّب بالجواد . . رحمه الله ورضي عنه (1) .
6 ـ ابن تيميّة الحنبلي ( ت | 758 هـ ) ، قال في كتابه « منهاج السُنّة » مانصّه:
محمد بن علي الجواد ، كان من أعيان بني هاشم ، وهو معروف بالسخاء والسؤدد ، ولهذا سمّي ( الجواد ) . ومات وهو شاب ابن خمس وعشرين سنة (2) .
7 ـ اليافعي ( ت | 768 هـ ) ، قال في كتابه « مرآة الجنان »:
أبو جعفر محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر ، أحد الاثني عشر إماماً الذين يدّعي الرافضة فيهم العصمة . وكان المأمون قد نوّه بذكره . .
وكان الجواد يروي مسنداً عن آبائه إلى علي بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليهم أجمعين . وكان يقول : « من استفاد أخاً في الله فقد استفاد بيتاً في الجنة » (3) .
8 ـ الغزّي ( ت | 1167 هـ ) ، ذكر ترجمة مقتضبة للاِمام الجواد عليه السلام في كتابه « ديوان الاِسلام » ، فقال:
الجواد : محمد بن علي بن موسى ، السيد الشريف أبو جعفر الهاشمي
____________
1) تاريخ الإسلام 15 : 385 رقم 372 وفيات سنة ( 211 ـ 220 هـ ) .
2) منهاج السنّة 2 : 127 .
3) مرآة الجنان 2 : 80 .
(137)

الحسيني ، أحد الاَئمة الاثني عشر عند الاِمامية (1) .
9 ـ الزِرِكلي ( ت | 1396 هـ ) ، قال في « الاَعلام »:
محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم الطالبي الهاشمي القُرشي ، أبو جعفر الملقّب بالجواد ( 195 ـ 220 هـ | 811 ـ 835 م ) : تاسع الاَئمة الاثني عشر عند الاِمامية . كان رفيع القدر كأسلافه ، ذكياً ، طلق اللسان ، قوي البديهة (2) .

ما قيل في رثائه

وقبل اختتام هذه الدراسة نفتح صفحة الاَدب ، ومن الاَدب ننتخب ملف الشعر الذي هو أحد أقوى مفردات الاَدب العربي شيوعاً ، وأبرز الوسائل الاِعلامية وأكثرها فاعلية وانتشاراً يومذاك ، وحتى في عصرنا الحاضر الذي بهت فيه بريق الشعر ، وقلّ الاهتمام بالشعر والشعراء إلى حدٍّ كبير جداً ، حيث أصبح الشعر في البرامج والمهرجانات والاحتفالات مادة لملء الفراغ ، فإنّه ـ مع ذلك ـ ما تزال له رنّة وتأثير على السامعين يفوق أي وسيلة إعلامية اُخرى .
وللاَثر البالغ للشعر على مسامع الناس ، ولشدة تعاطفهم مع ايقاعاته الموسيقية ، وميل النفوس إليه ، فقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّ من الشعر
____________
1) ديوان الإسلام 2 : 67 رقم 651 .
2) الأعلام 6 : 271 .
(138)

لحِكَماً ، وإنّ من البيان لسحراً » (1) .
كما أنّ أئمة أهل البيت عليهم السلام قد اقتفوا أثر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فاستنشدوا الشعر ، وبعضهم أنشد . وقربوا الشعراء المبدأيين المنافحين عن الحق والعدل وأهله ، وحثوهم على قول الشعر وأجزلوا لهم العطاء ووعدوهم الجنة . قال الاِمام الصادق عليه السلام : « من قال فينا بيت شعر بنى الله له بيتاً في الجنة » (2) .
وعليه فقد برز شعراء أفذاذ مثاليون نصروا الحقّ ، ولم تأخذهم في الله لومة لائم ، ونافحوا عن أئمة أهل البيت عليهم السلام ومدحوهم ورثوهم بأحسن ما يكون المدح والرثاء ، أمثال الشهيد دعبل الخزاعي ، والكميت الاَسدي ، ومهيار ، وكوكبة لا تحصى عداً منذ الصدر الاَول وإلى يومنا هذا . فملاَوا بمديحهم ورثائهم عشرات الدواوين ، وطبيعي أن يكون لاِمامنا أبي جعفر الثاني عليه السلام نصيب من ذلك المديح والرثاء ، باعتباره حلقة من حلقات سلسلة الذهب . وقد وقفنا على الكثير من شعر المدح والرثاء بشأن الاِمامين الهمامين الجواد وجده موسى بن جعفر عليهما السلام ، وما يختص بالجواد عليه السلام وحده . انتخبنا منه ما تتسع له دراستنا هذه ، فإلى المراثي والمديح التي راعينا في ترتيب أبياتها التسلسل التاريخي حسب سني وفاة ناظميها:
1 ـ فأقدم نصٍّ وقفنا عليه في مديح الاِمام الجواد عليه السلام وآبائه الطاهرين عليهم السلام هو للشاعر أبي تمام حبيب بن أوس الطائي المتوفّى سنة « 230 هـ » ، المعاصر للاِمام الجواد عليه السلام . والقصيدة تتألف من « 59 » بيتاً ، وهي
____________
1) بحار الأنوار 79 : 290 .
2) بحار الأنوار 79 : 291 | 9 ، نقلاً عن عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 15 | 1 .
(139)

ليست في ديوانه المطبوع ، عثر عليها الشيخ حسين علي آلسليمان البحراني فأثبتها كاملة في رياضه ، ومطلعها:

حصحص الحق فاسهري أو فنامي * عـن ملامـي ستحتـوين مـلامي

ثم يصل بعد عدة أبيات إلى غرضه فيقول:

ربّـي الله والاَميــن نبيــيِّ * صفـوة الله والـوصـي إمامـي
ثـم سبطـا محمـد تـاليــاه * وعلـيّ وبـاقـر العلـم حامـي
والتقـي الـزكيّ جعفـر الطيّب * مــأوى المعتــوِّ والمعتــامِ
ثم موسى ثم الرضا علم الفصـ * ـل الـذي طـال سائـر الاَعلامِ
والمصفّـى محمـد بـن علـيّ * والمعرّى مـن كـلِّ سـوء وذامِ
أبـرزت منـه رأفة الله بالناس * لتـرك الـظلام بــدر التمــامِ
فرع صدق نمى إلى الرتبة العليا * وفـرع النبــيّ لا شـك نـامي
فهو ماضٍ على البديهةِ بالفيصل * مــن رأي هبــرِزيٍّ همــامِ
عالـم بـالاُمور غـارت فلــم * تنجـم وهـذا يكـون بـالاِنجلآمِ
بالاُمـور التـي تبيت تقـاسيها * علــى حيــن سكـرة النـوّامِ
هــؤلاء الاُولـى أقـام بهـم * حجتــه ذو الجـلال والاِكـرامِ
عصبـة لـست منكـراً أننـي * يفنى قعـودي بحبّهـم وقيامي (1)

____________
1) رياض المدح والرثاء | الشيخ حسين البحراني : 723 طبعة المكتبة الحيدرية ـ قم 1410 ، تحقيق حسن عبد الأمير .
(140)

2 ـ وفي المقتضب روى ابن عياش عن عبدالله بن محمد المسعودي ، قال : حدثني المغيرة بن محمد المهلبي ، قال أنشدني عبدالله بن أيوب الخريبي (1)ع الشاعر ، وكان انقطاعه إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام ، ولما توفي عليه السلام وقف يؤبنه ويمتدح أبا جعفر محمداً ابنه بقصيدة طويلة يقول فيها:

يابن الذبيح ويابـن أعراق الثرى * طابت أرومتـه وطـاب عروقا
يابن الوصيّ وصيّ أفضل مرسلٍ * أعني النبيّ الصادق المصـدوقا
ما لُفّ في خـرق القوابل مثلـه * أسد يلف مـع الخـريق خريقا
يـا أيُّها الحبل المتين متـى أعذ * يـومـاً بعقوته أجـده وثيقـا
أنـا عائذ بـك فـي القيامة لائذ * أبغـي لديك مـن النجاة طريقا
لا يسبقنـي فـي شفاعتكـم غداً * أحـد فلست بحبكـم مسبـوقا
يـابن الثمانيـة الاَئمـة غرّبـوا * وأبا الثلاثـة شرّقـوا تشـريقا
إن المشـارق والمغـارب أنتـم * جاء الكتاب بذلكم تصديقـا (2)

____________
1) عبدالله بن أيوب ، أبو محمد الخريبي البصري : نسبة إلى الخريبة وهو موضع مشهور بالبصرة . أديب ، فاضل . لزم الإمام الرضا عليه السلام ، ولعلّه كان شاهره . ذكره ابن شهر آشوب في المعالم : 152 ضمن الشعراء المتّقين . وترجم له سيد الأعيان في موسوعة الرجالية أعيان الشيعة 8 : 46 .
2) أعيان الشيعة 2 : 36 .
(141)

3 ـ أما شاعر الولاء لاَهل البيت عليهم السلام أبو محمد العوني (1) ، فقد نظم في مولد الاِمام الجواد عليه السلام أبياتاً يقول فيها:

هـذا الـذي إذ ولدتـه أُمّـه * عاجلها منـه حسيبـاً فابتدر
حتى تفرّغن النسا مـن حولها * وقلـن هذا هـو أمـر مبتكر
والـولـد الطيّب قـد جلّلـه * عنهنّ مولاه بثوبٍ فاستتر (2)

4 ـ ولاَبي الفتح علي بن عيسى الاِربلي قصيدة في مدح الاِمام الجواد عليه السلام وبيان فضله أثبتها في كتابه كشف الغمة يقول فيها:

حمـاد حمـاد للمثنى حمادِ * علـى آلاء مـولانا الجوادِ
إمام هـدىً له شرفٌ ومجدٌ * علا بهما على السبع الشدادِ
إمام هدىً لـه شرفٌ ومجدٌ * أقرّ به المـوالي والمعـادي
تصوب يداه بالجدوى فتُغني * عن الاَنواء في السنة الجمادِ
يبخـل جـود كفّيه إذا مـا * جرى في الجود منهلّ الغوادِ
فـواضله وأنعمـه غـزار * عـهدن أبرّ من سحّ العِهـادِ
فمن يرجو اللحاق به إذا ما * أتـى بطريق فخـر أو تلادِ

____________
1) طلحة بن عبيدالله بن محمد بن أبي عون ، أبو محمد العوني الغسّاني : شاعر شهير ، أكثر نظمه في أهل البيت عليهم السلام . توفي حوالي سنة ( 350 هـ ) بمصر . ترجم له السيد الأمين في أعيانه 7 : 401 . والعلاّمة الأميني في الغدير 4 : 175 الطبعة المحققة .
2) مناقب آل أبي طالب 4 : 388 .
(142)
مـن القـوم الـذين أقرّ طـوعاً * بفضلهـم الاَصـادق والاَعـادي
بهـم عرف الورى سبل المعالي * وهـم دلّوا الاَنـام سُبل الـرشادِ
وهـم مـن غيـر شـك وخلف * إذا أنـصفت سـادات العبــادِ
أيــا مـولاي دعـوة ذي ولاء * إليكـم ينتمـي وبكـم ينــادي
وقــد قـدمتكـم زاداً لسيـري * إلـى الاُخرى ونـعم الزاد زادي
فـأنتم عـدتي إن نـاب دهـر * وأنتم إن عرى خطب عتادي (1)

5 ـ وللشيخ الحر العاملي محمد بن الحسن بن علي المنتهي نسبه إلى الشهيد الحر الرياحي رضي الله عنه والمتوفي سنة « 1104 هـ » ، أُرجوزة طويلة في تاريخ الاِمام الجواد عليه السلام وبيان معجزاته وفضائله ، منها قوله:

نصوصه كثيـرة تـواترت * معجـزاته كـذاك اشتهرت
ومـا جرى له مع المأمون * مـن موطئات العلم واليقين
إن كان طفلاً وبدا ما قد بدا * من فضله وعلمه لذي الهدى
وامتحنوه وأجـاب العلمـا * جواب عالم درس وعُلِّما (2)

6 ـ وثمة ميمية للسيد صالح النجفي القزويني المتوفّى سنة « 1306 هـ » في تاريخ الاِمام عليه السلام أبان فيها فضائله ومعجزاته ، ومطلعها:

سل الدار عـن ساكنها أين يمّموا * فهل أنجدوا يـوم استقلوا واتهموا

____________
1) كشف الغمة 3 : 164 .
2) نزهة الجليس ومنية الأنيس 2 : 111 .
(143)

ومنها قوله في رثائه عليه السلام :

فيا لقصير العمـر طـال لموته * على الدين والدنيـا البكا والتألمُ
بفقدك قـد أثكلت شـرعة أحمد * فشـرعته الغـرّاء بعـدك أيِّمُ
عفا بعدك الاِسلام حزناً وأُطفئت * مصابيح دين الله فـالكون مظلمُ
فيـالك مفقوداً ذوت بهجة الهدى * لـه وهوت من هالة المجد أنجمُ
يمينـاً فمــا لله إلاّك حجــة * يعاقب فيه مـن يشاءُ ويرحـمُ
ولـيس لآخذ الثأر إلاّ مـحجَّبٌ * بـه كلّ ركـنٍ للظلالِ يُهدَّمُ (1)

7 ـ ونظم الشيخ جعفر الشرقي النجفي المتوفّى سنة « 1309 هـ » رائية في مدح الاِمامين الكاظمين بابي الحوائج بمناسبة إتمام عمارة الصحن ومرقدهما الشريف عام « 1301 هـ » يقول فيها:

جـواد يميـر السحب جـود يمينه * على أنّ فيض البحر راحته اليسرى
إمام يمدّ الشمس نـوراً فـإن تغب * كسـا بسنـا أنواره الاَنجم الـزهرا
فحق إذا أزهرت فـي صحن داره * ودرن على مـا حـول مرقده دورا
ومـذ زيّـن الاَفلاك أحسن زينـة * خضعن له لا بل سجدن لـه شكـرا
ومن يك موصولاً بأحمد فـي العُلى * تهيب غير الذكر فـي نعتـه الذكرا
مـدينة قـدس قـدّس الله سرّهـا * وشرّفها حتـى على عـرشه قـدرا

____________
1) الدمعة الساكبة 8 : 87 .
(144)
لقـد حُشـرت فيها الملائك والملا * جميعاً ولمـا تدرك البعث والحشرا
أحاطت بـموسى والجواد فقل لمن * بهـم غيـر علم الله لم يُحط خُبرا
أبوهم علـيّ الطهر من بعد أحمد * نبيّ الهدى والاُم فاطمة الزهرا (1)

8 ـ أما الشاعر المفلق عبدالباقي بن سليمان بن أحمد العمري الفاروقي الموصلي المتوفّى سنة « 1279 هـ | 1862 م » فله في مدح الاِمامين الجوادين هذه الاَبيات:
حظـرة الكاظمين منهـا المرايـا * قد حكت قلب صبّ أهل الطفوفِ
قـد أظلّت شمساً بـغير كسـوفٍ * وأقلّـت بـدراً بغيـر خسـوفِ
وطوت ( كاظماً ) ولفّت ( جواداً ) * فـازدهت بـالمطوي والملفوفِ
شـرُفت فيهما ومـا كل ظـرفٍ * حـاز تشريفه مـن المظـروفِ
وهـي لمّا علـى السمـاء أنافت * بهما قلت يا سما المجـد نـوفي
لا تلمني علـى وقوفـي ببـابٍ * تتمنـى الاَمـلاك فيـه وقـوفي
هـو بـاب مجرّب ذو خـواصٍ * كـان منهـا إغاثـة الملهـوفِ
ملجـأ العـاجزين كهـف اليتامى * مروّة المـرملين مأوى الضيوفِ
فليلمني مـن شـاء إنـي مـوالٍ * رافل مـن ولائهم بشغـوفِ (2)

____________
1) شعراء الغري 2 : 42 .
2) موسوعة العتبات المقدسة 9 : 83 .
(145)
9 ـ وللعلاّمة الاَديب الشيخ محمدرضا المظفر المتوفّى سنة « 1383 هـ » منظومة تائية في رثاء الاِمام الجواد عليه السلام وتاريخ حياته ، منها قوله:

بـالاِمـام الجـواد منكـم تـمسّكت * وحسبــي مـن قدسـه النفحـاتُ
حــدثٌ قُلّـد الاِمـامـة فــانقـا * دت لعليـاء حكمـه الحــادثـاتُ
ابن سبـع ويـا بروحـي قـد قـا * م إمـامـاً تُجلـى بـه الكربـاتُ
لا تخـل ويك وهـو في المهد طفل * هـذّبتـه بـدرِّهـا المـرضعـاتُ
هـو نـور مـن قبـل أن تتجلّـى * بسنـا الحـق هـذه الكــائنـاتُ
طاب فـي شهـر طـاعـة الله مو * لـوداً فنيطـت بحبـه الطاعـاتُ
واصطفـــاه الاِلـه للخلـق قـوا * مـاً فقـامت لفضلـه المعجـزاتُ
يـا أبـا جعفر ومـا أنت إلاّ البحـ * ـر جـوداً لـه الهـدى مـرسـاةُ
كيف تقضـي سماً غـريباً وبـاسم * الله تجـري ولاسمــك الحـادثاتُ
أنـت أدرى بمــا أتـت فيـه أم * الفضل لكن شاءت لك النازلاتُ (1)

10 ـ أما الشيخ جعفر النقدي المولود سنة « 1303 هـ » والمتوفى سنة « 1358 هـ » فله قصيدة دالية في مديح الاِمام الجواد عليه السلام ورثائه ، انتخبنا منها الاَبيات التالية ومطلعها:

نفت عن مقلتي طيبَ الرقادِ * أحاديثُ الصبابة فـي سعادِ

____________
1) شعراء الغري 8 : 474 .
(146)

إلى أن يقول:

لكم غزلي ومـدحي فـي إمامي * أبـي الهـادي محمـدٍ الجـوادِ
هـو البرّ التقـي حمى البـرايا * وغيث المجتدي غوث المنـادي
إمــام أوجــب البـاري ولاهُ * وطـاعتـه علـى كـلِّ العبادِ
إذا مـا سُدَّت الاَبـواب فـاقصد * ( جواد ) بني الهُدى باب المرادِ
تـرى باباً بـه الحاجات تُقضى * ومنتجعـاً خـصيب الـمسترادِ
وكم ظهرت لـه مـن معجزاتٍ * رآهـنّ الحـواضرُ والبـوادي
ودسَّ لقتلـه سُمّـاً زعــافــاً * زنيمٌ ليس يـؤمن بـالمعادِ (1)

____________
1) رياض المدح والرثاء : 753 الطبعة المحققة .

شاهد أيضاً

آية الله أعرافي يشدد على أهمية الدعوة من خلال المساجد والمنابر في تعزيز الفكر والأخلاق

أكد آية الله الشيخ عليرضا أعرافي في لقائه بأعضاء دورة تدريب الخطباء على أهمية الدعوة ...