تعيش أوروبا اليوم واقعاً جديداً، أخرجها من معادلة الأمن والسلام، الى أزمة الإرهاب المتنقل والتهديدات الدائمة. أزمة غيَّرت مسار أوروبا، لا سيما بعد أن أدخلت شعبها في نفقٍ من المعاناة، لم يعتادوا عليه. ومن بين كل الأمور، تأتي مسألة الأطراف التي تقف خلف الإرهاب المتنقل، ليتبيَّن أن الكيان الإسرائيلي، هو أحدها. بل يجري الحديث اليوم، عن أن الأيادي الإسرائيلية، هي التي خطت واقع الخطر الذي تعيشه أوروبا، بكافة أبعاده. فماذا في الإرهاب الذي يضرب أوروبا؟ وأين مصلحة الكيان الإسرائيلي في ذلك؟
أبرز العمليات الإرهابية واستهداف ليهود!
عددٌ من العمليات التي حصلت، كانت تستهدف يهوداً أو تتزامن مع هجومٍ على يهود. وهو ما يجعلنا نقف عند ذلك. فيما يمكن توثيق أبرز العمليات التي استهدفت يهوداً خلال العامين الماضيين بالتالي:
– في 15 شباط 2015، تمت مهاجمة كنيس يهودي في كوبنهاغن، وقتل أحد الحراس اليهود.
– في 7 و 9 كانون الثاني 2015، حصل هجوم شارلي ايبدو، حيث هاجم مسلحون مكتب مجلة “شارلي إيبدو” في باريس، وتزامن ذلك مع هجوم على متجر بقالة يهودي، ما أسفر عن مقتل 17 شخصاً.
– في 24 أيار 2014، حصل هجوم على متحف يهودي في بروكسل، أدى الى مقتل 4 أشخاص في المتحف على يد مسلح يحمل بندقية كلاشينكوف.
كيف طبخت أوروبا السم الذي عاد إليها
لا شك أن الواقع الذي تعيشه اليوم أوروبا، هو وليد عددٍ من الأحداث والسياسات التي تمت ممارستها من قبل أطراف سياسية مؤثرة، على الصعيد الأوروبي والعالمي. فالحديث عن نتائج السياسات الأوروبية اليوم، حديث يبدأ بالدور الذي صاغه الأوروبيون فيما سُمي بالربيع العربي. حيث تم نشر سياسات الخراب والتفتيت، والتي ظنَّ الأوروبيون حينها بأنها ستنحصر ضمن جغرافيا الشرق الأوسط، فيما طالتهم أياديهم الخبيثة من جديد. ولعل أبرز مثالٍ على ذلك، كان العالم الفرنسي والمنظر السياسي، وصاحب الرأي المُطاع في أوروبا، اليهودي الفرنسي “برنار هنري ليفي”، والذي أدار مباشرة العديد من حالات الحراك في العالم العربي وبتمويلٍ من الدول الأوروبية، الأمر الذي أدى بالنتيجة لتفشي الإرهاب في المنطقة، فيما تنال أوروبا حصتها اليوم.
وضعت صحيفة “جيروزاليم بوست” مؤخراً ليفي في المرتبة 45، ضمن لائحة الأكثر 50 يهودياً مؤثراً في العالم. يوصف بأنه “عراب الثورات”، وأينما حلَّ يحلُّ معه الخراب. فيما يُعرف بأنه المنظر الأوروبي للصهيونية في العالم المعاصر. لم يخف يوماً افتخاره بدعمه للكيان الإسرائيلي، وهو صاحب نظرية الحرب من أجل التغيير. فيما كانت أهم دعواته التي ساهمت في خلق جوٍ من التطرف في أوروبا، في العام 2005، عندما نشر مع الكاتب البريطاني “سلمان رشدي” مقالاً تحت عنوان “ضد التوتاليتاريا الجديدة معاً”، هاجم فيه المسلمين الذين انتقدوا الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول الأكرم، ممتعضاً من محاولات المسلمين التأقلم مع الحياة في أوروبا!
الموساد وبناء الخطر الإسلامي في أوروبا
تَعتَبر الأجهزة الإستخبارية الإسرائيلية نفسها، تحديداً “الموساد” وجهاز الإستخبارات الداخلية، المسؤولة عن تأمين المصالح الإسرائيلية واليهودية في خارج الكيان الإسرائيلي. وهو الأمر الذي جعل صحيفة “ميغور ريشون” المقربة من دوائر صنع القرار في تل أبيب، تعترف في شهر كانون الثاني من العام 2015، بأن المؤسسات الإستخبارية الإسرائيلية قامت وبعد هجمات باريس خلال العام الماضي، بوضع مخطط للحصول على المعلومات الإستخبارية اللازمة حول المسلمين في أوروبا، تحت ذريعة العمل من أجل إحباط أي سيناريو لاستهداف المصالح اليهودية والإسرائيلية. وهو ما جعل الكثير من الخبراء، يخرجون للحديث عن محاولة الكيان الإسرائيلي، بناء أرضية لإرهابٍ مدروس، يستهدف الجالية اليهودية. فعلى الرغم من أن مزاعم تل أبيب تتحدث عن هدف حماية الجالية اليهودية، فإن سلوكها في التحريض على المسلمين وإعتبارهم خطراً، يهدف لجلب يهود أوروبا الى الأراضي المحتلة، وإقناعهم بأن ذلك هو ملاذهم الوحيد!
المخطط الإسرائيلي في أوروبا: على كل الأصعدة
إن المنظمات الإسرائيلية أو اليهودية الموالية لتل أبيب، عملت منذ سنوات على اختراق الأنسجة الإجتماعية في أوروبا، من أجل الترويج لفكرة أن الأراضي المحتلة في فلسطين، هي ملاذ اليهود في العالم، خصوصاً مما يُسمى “الإرهاب الإسلامي”. وهو الأمر الذي يبدو حتى الآن أن الكيان الإسرائيلي نجح في تسويقه، وإقناع الكثيرين به. كما نجح في تأمين أرضية لمشروعه الهادف لجذب كافة اليهود الى الأراضي المحتلة، وذلك من خلال قيام هذه المنظمات، بإعتماد السياسات التالية:
أولاً: الدفع بإتجاه حصار المسلمين إجتماعياً، وتقويض سبل العيش لهم، على الرغم من إظهار التطور الحضاري والتنوع في أوروبا.
ثانياً: الترويج للإسلام في الإعلام على أنه دين مُتطرِّف وبأن المسلم لا يحب إلا أبناء ملَّته.
ثالثاً: دعم الزواج المثلي والشذوذ الجنسي من أجل تفكيك الروابط الإجتماعية مما يُساهم في السيطرة على المجتمع الأوروبي.
رابعاً: تقوية شعور الإحساس بالذنب تجاه الجالية اليهودية وإظهارها بأنها الهدف من التطرف والإرهاب.
اليوم، خرج الكثير من المحللين ليتحدثوا عن أن أوروبا تقع على مفترق خطير، وتعيش مرحلة مفصلية في تاريخها. خصوصاً بعد تنامي ما يُسمى بالراديكالية الأوروبية المتطرفة. الأمر الذي يعني بالنتيجة أن المستقبل ينتظر خروج سياسيين يحملون فكراً متطرفاً لا سيما ضد الأديان وتحديداً الإسلام، ويتمتعون بشعبية أمَّنتها خطة الكيان الإسرائيلي وأدواتها من منظماتٍ أوروبية. مما سيؤدي حتماً لصراعاتٍ إجتماعية أوروبية، خصوصاً في ظل قياداتٍ يجدون في السياسة الأمريكية ملاذهم، ويخضعون لمصالح الكيان الإسرائيلي العالمية. فيما يبدو واضحاً، بأن الكيان الإسرائيلي يهدف من كل تلك السياسات، لجعل الأراضي المحتلة في فلسطين، وجهة وخيار يهود العالم الوحيد. فيما الوسيلة هي نشر الإرهاب.