الوقت- عادت قصة العالم النووي الإيراني شهرام أميري إلى دائرة الضوء من جديد، حيث أعلن المتحدث باسم القضاء الايراني غلام حسين محسني ايجائي إعدام “أمير شنقاً” بسبب إدانته بالخيانة لبيعه معلومات سرية بالغة الخطورة عن الملف النووي إلى أمريكا.
بدأت قضيّة العالم الإيراني المتخصّص في النظائر المشعّة عندماإختفى في حزيران/يونيو 2009 اثناء تأديته مناسك الحج في السعودية، ليظهر من جديد في السفارة الباكستانية في واشنطن في 13 حزيران/ يونيو 2010، قائلاً إنه يريد العودة إلى طهران.
إتهامات متبادلة
سارعت إيران إلى إتهام أمريكا بالتعاون مع الإستخبارات السعودية في إختطافه، بإعتبار أن العمليلة تمّت على الأراضي السعودية، لتنفي بعدها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري أن تكون لبلادها يد في عملية إختطافه، موضحةً أنّه جاء طوعاً وهو حر إن شاء أن يذهب الى بلده، إلا أنه بعد اشهر من نفي وزارة الخارجية الأمريكية، قال فيليب كراولي المتحدث باسم الوزارة “إن أميري جاء أمريكا لبعض الوقت، وإن الحكومة كانت على اتصال به”.
أصرّت طهران على مواقفها بالمطالبة بـ”العالم المختطف” رغم العديد من تصريحاته المتناقضة حيث نشر فيديو مثير للجدل في 2010 حول اختطافه وتعذيبه، لكن ظهر فيديو آخر ينفي ذلك، ويقول فيه إنه حر الإرادة داخل أمريكا، وظهر فيديو آخر لأميري يتضمن إعترافاً بأنه لجأ إلى واشنطن لإتمام دراسته وتقديم طلب اللجوء. وقع أميري في الفخ وكان له ما يريد حيث عاد إلى البلاد واستقبله مسؤولون ايرانيون في مطار الإمام الخميني الدولي في 15 تموز/ يوليو 2010، إلا أن وزير لخارجية الإيراني الأسبق منوشهر متكي الذي كان في استقباله في المطار قال حينها “لنرَ إن كان بطلاً” وذلك في معرض ردّه على وصف البعض لأميري بأ”البطل”، ليتوارى بعدها عن الأنظار وتبدأ التحقيقات معه منذ المغادرة وإلى الوصول.
لم تغب أخبار أميري خلال فترة الإعتقال، وقد قام بعض الأفراد من عائلته بإشاعة أنّه حكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات أو نفيه، وقد أوضح المتحدّث باسم السلطة القضائية أن “هذه التسريبات غير صحيحة وأن الحكم كان من بداية النطق به كان هو الإعدام ، لكن بما أنّ أميري كان قد إعترض على الحكم والإتهام ، تم إحالة الموضوع الى الديوان العالي من اجل إزالة الشكوك والوساوس التي ألقاها أميري حول حكمه، وبعد التحقيق في الموضوع ومدى صحته تم تأييد حكم الإعدام”، لاسيّما أن إختلاف رواياته وفيديوهاته الأربعة من أمريكا، إضافةً إلى وجود 5 مليون دولار في حساباته الشخصية أجبرته على الإعتراف بالعمالة.
متى بدأت العلاقة مع أمريكا؟
بعد ستّة أشهر على إختفاء أميري، وفي حين غابت كل الأخبار التي تتعلّق بالعالم الإيراني، نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصدر أمني خبراً عن علاقة أميري مع الإستخبارات الأمريكية. وأوضحت أن قبل سنة من ذلك التاريخ تم تجنيد أميري أثناء توجّهه في رحلة بحثية إلى مدينة فرانكفورت الألمانية، وقد لعب تاجر إيراني دور الوسيط. بعدها بفترة توجّه أميري إلى فيينا لمواكبة الوفد الإيراني في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لينتهي الأمر بالتذرع بالحج ومن هناك إلى أمريكا.
وزير الخارجية السابق, والرئيس الحالي لمنظمة الطالقة الذرية على أكبر صالحي نفى أي علاقة لأميري بالملف النووي الإيراني، موضحاً أنه لا يعرف في الأساس من هو أميري. أميري يعد باحثاً في جامعة مالك الأشتر العسكرية التابعة لوزراة الدفاع الإيرانية، والموضوعة على لائحة العقوبات الأمريكية منذ العام 2008، ولكن لا علاقة له بالملف النووي، وفق علي أكبر صالحي.
إختلاف الروايات والأهداف
بدا غريباً إختلاف الرويات بين إيران وأمريكا، ففي حين أصرّت طهران على أن شهرام أميري قد سيق بالقوّة، قالت أمريكا أن أميري قد جاء بملئ إرادته. الإختلاف في الروايتين يعود لسبب رئيسي وهو الإختلاف في الأهداف، ففي حين تسعى واشنطن للإبقاء عليه وجلب المزيد من أمثاله في إطار مشروع هجرة الأدمغة لدى وكالة الإستخبارات المركزية(CIA)، وكالة الامن القومي (NSA)، تهدف إيران لإعادة أميري إلى البلاد، لمحاكمته بسبب الخيانة، وبالتالي جعله عبرةً لكل من تسوّل له نفسه هذا الأمر.
النتيجة
لم يكن أميري بعيداً عن الشبهات لدى الإسخبارات الإيرانية منذ اليوم الأول لإختفائه في السعودية، وقد تم طرح كل الفرضيات بما فيها تورّط أميري مع الإستخبارات الأمريكية، وبعد تتبع هاتفه والإتصالات التي أجرها وسفره إلى فرانكفوت توصّلت الإستخبارات إلى خيوط تؤكد علاقته مع الإستخبارات الأمريكية، إلا أنها أصرت على حادثة الخطف لغاية في نفس يعقوب، إتضحت قبل أيام.
في المحصّلة، كان لطهران ما تريد، إلا أنه من أهم النقاط التي يجب تسليط الضوء عليها أن واشنطن قد غدرت بهذا العميل حتى قبل عودته إلى إيران. هذا هي تجربة أمريكا مع حلفائها فكيف مع العملاء، هذه هي سنن التاريخ،فالعملاء يقبعون في أسفل مزابله.