الصراعات تزداد حدة وعنفا بين أطراف العملية السياسية فلابد من وقفة تأمل طويلة وتحليل أسبابها ونتائجها لنبني مجتمعًا متحابًّا لا متنابذًا؛ فهي من أهم دعائم الفرد والمجتمع، إذ إنها تنشئ الفرد على أعلى مستويات الإنسانية، وتربي المجتمع على التراحم والتواصل والود والمحبة والرأفة، فيتخلص من أدرانه وأمراضه، ويصبح مجتمعًا صحيحًا قادرًا على البناء والنهوض والحضارة، بعيدًا عن تلك الدعوات التحريضية التي تحض على الاقتتال والتناحر والتي تشذ عن السلوك السليم .
المرحلة الماضية اظهرت بطء تحركات القوى الفاعلة في العملية السياسية وحدت الخلافات فيما بينها وتبين عجز أطرافها في إيجاد حلول للمعضلات التي تصادفها في ترجمة مهامها بالتصدي لما إستنهضت قواها بمعالجة التدهور السياسي والامني وسوء ادارة الخدمات الضرورية ومواجهة مظاهر الفساد المالي والإداري وإقتلاع جذوره وتوفير فرص العمل للعاطلين وبخاصة الخريجين ومعالجة الثغرات الكبيرة في واقع المدن العراقية وما تعانيه من تخلف وتدهور في معظم مرافقها الحيوية. ان مايشهد العراق اليوم من واقع يحتاج الى وقفة بعد ان طوى حقبة سوداء من الحكم الشمولي وهو يتطلع نحو مستقبل زاهر تسوده الحرية الحقيقية وفق الاطر الديمقراطية ويكون للقانون سيادة بعيداً عن المزايدات السياسية التي نشاهدها ومع الاسف لبعض الاصدقاء قبل الاعداء ومايقوم به البعض اليوم الغاية منها تغفيل ابناء شعبنا وخاصةً للاستعداد المبكر للانتخابات, وعجزهم في وضع اسس للوصول الى البدء في وضع اللبنة الاولى في بناء هذا الصرح الحضاري الذي يعتمد ويُعبر عن تراث العراق العريق وتاريخه المجيد, ويحقق تطلعات الشعب العراقي .ولكي يحد من تصرفات بعض الدخلاء على العملية السياسية وجهال السياسة.
حالة الشلل والضعف والوهن التي تعيشها الشراكة الوطنية ،جعلتها عاجزة عن التعاطي مع ابسط إحتياجات المواطنين من منطلق القوة والوحدة وعبور الأزمات التي تعترض مسيرتها ويفترض أن تكون طبيعية واعتيادية ولكن ما نراه يدلل على أن الأزمة التي تعيشها العملية السياسية متجذرة و أزمة بنيوية رافقتها منذ اوائل تشكيلها ولم تعتمد في بدايتهاعلى قواعد اصولية وركائز تهيئ الأرضية الصلبة والسوية لإقامتها بما يجعلها قادرة على تحمل الصدمات والإهتزازات التي تتعرض لها العملية السياسية من حين لآخر دون وضع علاجات لحل الخناق وتزداد الفوارق كلما اجتمعت من اجل ايجاد الحلول .
ان بنيان العملية السياسية متعثرة وراكدة بسبب ضعف الارادة التي اسست عليها من المحاصصة المذهبية والاثنية وكثرة الثغرات والنواقص في الدستور التي تبلغ اكثر من خمسين مادة مطروحة للصياغة من جديد تعيق العمل ولاتفي بالغرض المطلوب من اجل استكمال بناء الدولة والعملية السياسية وعزائنا ان تبقى سبباً في بناء اساس للديمقراطية الهشة وسيبقى الحال هكذا الى ان يتطور الحراك والاتجاهات تتغيرلتبرز في الانتخابات القادمة وجوه تتحمل المسؤولية بكل صدق اذا ماكان الاختيار صحيحاً وبعد تغيير قانون الانتخابات ولعل صعود الوجوه الجديدة التي تمثل باكورة ثقل القوى الجديدة المؤمنة بمسار الدولة العصرية وتكون سبباً في انحسار نفوذ القوى الفاشلة للوصول الى شاطئ الامان الذي يرنو اليه المواطن .
وفي أجواء كهذه وانعكاساتها المباشرة على الناس، وتعمق مظاهر الأزمة العامة في البلد بجوانبها المتعددة سوء الأوضاع السياسية والامنية والاقتصادية كيف نستطيع من ان نتأمل من المرحلة التي نعيشها الان والقادمة كي تكون نجادة الغريق من وحل الارادات البائسة بغير التأسيس للمرحلة وتقويم المساربشكل صحيح ،وبالعكس اذن فإننا لا نرى إمكانية للخروج من عنق الزجاجة وفتح فضاءات أمام حلول جذرية للازمة المتفاقمة المفتوحة على كافة الاحتمالات والصعد إلا بالصبر والحكمة حتى يأتي الفرج وتزول هذه الغمة عن هذه الامة .
ان النزعة الطائفية والعنصرية التي تحاول تحقيق اهدافها على حساب المكونات العراقية والتي لازالت تمثل عائقاً امام تحقيق الاهداف المطلوبة السامية التي يطلع اليها العراق حيث تقف حجر عثرة في طريق اي تطور سياسي و اقتصادي او اي مجال من مجالات الحياة بسبب الشذوذ والافق الضيقة لدى هذه الشلة الفارغة من كل القيم والتي تحاول تحقيق السلبيات وتطبيق نظريات التهميش والفوضى على ارض المقدسات …
ولاتمثل فيها اي طموحات واقعية للمجتمع لوجود معطيات هشة لاتمتلك نضج سياسي ولا ادبي ولاتحمل اي مشروع للبناء والتنمية ولاتعرف إلا الفوضى والاضطراب المستمرواعادة عقارب الساعة الى الوراء وليس فيهم من له علاقة بالوطن ابداً انما يمثلون اجندات سخرتهم للوصول الى تطلعاتهم الرخيصة وخلقت مجاميع للقتل الطائفي وهي حقيقة تستهدف العراقيين بجميع فئاتهم وطوائفهم ومكوناتهم وليس من شيم تمثل العراق قطعاً فيهم .
تاريخ العراق مليئ بالمواقف الانسانية الرائعة وقدم الكثير منهم حياته قرباناً من اجل الدفاع عن بلدنا ارضاً وشعباً ولايمكن لنا ان تسطر تلك الملاحم من خلال مقالة او كتاب فأن تاريخ العراق هو يعني الانسانية والعزة وهذه ظاهرة لاتخص طائفة او فئة ولا قومية ولادين انما تمثل النموذج الواقعي المشرف لافراده مجتمعا بكل اطيافه الرائعة والإنسان موجود إجتماعيّ يتفاعل تلقائياً مع بني نوعه إلى أقصى الحدود… والارهاب اليوم ايضاً يستهدف جميع مفاصل البنية للعراقيين والاطياف على مختلف انتماءاتهم لابل يستهدف العملية السياسية ويعمل من اجل اعادة النظام السابق بروح اكثر طائفية ,ان انتماءات العراقيين ومذاهبهم روافد سمحة يتقوى بها المجتمع في مواجهة عدوه المشترك ويتسلح بغزارة ايمانه في محاربة الظلم الاجتماعي والطغيان والتمييز الطبقي الغظ وضد السلطات الاستبدادية .
ان التنوع القومي والاثني والمذهبي يعزز مناعة الوحدة الوطنية العراقية من الحاقدين وقد خاض بها الشعب غمار كفاحه ضد الاستعمار اولاً وضد الحكومات المستبدة التي مرت بالعراق وحقق بوحدته انتصارات مجيدة في معارك الحرية والعدالة والاستقلال واستطاع الحفاظ على سيادة بلده وهي حقبة مضيئة في ذاكرة التاريخ المتوهج.
ان الاوضاع السيئة التي يمر بها البلد يتطلب من الجميع الحيطة والحذر خاصة القوى الوطنية التي يؤمل منها العمل انقاذ الشعب من المنزلق الخطير الذي يتجه اليه الوطن الحفاظ على التوازن السياسي ولايأتي ذلك إلا من خلال انتخابات نزيهة بعيدةً عن الطائفية والقومية تعتمد في مسيرتها على نهضة قوية لبناء الوطن بجد بعد ان تتكاتف الجهود والابتعاد عن الذات والمحسوبيات والمنسوبيات ..الكل يؤمن ا ن العراقيين بكل اطيافهم يكتوون من الاوضاع الحالية وان الجميع لديهم الرغبة والعزيمة والحماس للقيام بما يعزز مكانة العراق بين الامم ويرفض كل وطني شريف ان يكون مغيباً اومقصياً اومهمشاً وهذه حقيقة ليس هناك من ينكرها…ان غلق منافذ الترويج للتسقيط التي تمارس اليوم عن طريق وسائل الاعلام المختلفة يجب التنبه لها ودراستها دراسة واقعية معمقة ناضجة وكشف منابعها وتجفيف مواردها بشكل دقيق وبمعالجة حكيمة بأتخاذ التدابير الاستراتيجية التي تحفظ وحدة الشعب وتضع اسس قوية لمستقبل سليم معافى عرقياً ومدنياً حراً تحفظ فيه حب المواطنة وحقوق الانسان .
والعراق في الوقت الحاضر يسعى الى مخرج لحل الازمات التي تعصف به وضرورة ايجاد الافكار والاطروحات السليمة والواقعية من اجل ازالة ترسبات التخندق والتعصب المستشري في بعض زوايا المجتمع الى التعاون المشترك لصنع اسس المبادرات الصحيحة عبر توفير الاطمئنان واليات تحقيق صيغ سلمية لاتتعارض مع الدستور ابداً وارادة قوية تدفع للمشاركة فيها و تستوجب من الكتل العريقة والتيارات صاحبة التاريخ النضالي والجهادي العمل بمصداقية وفق الشعارات التي رفعتها خلال المرحلة الماضية والابتعاد عن الازدواجية والمواقف المتزلزلة واتخاذ موقف اكثر حكمة وعدم التنقل بين الاطراف من التعصب الى التطرف والرجوع الى المشروع الوطني المبني على المشتركات والثوابت .لا الى ثقافة التقاتل الطائفي والنعرات المتطرفة والتخندق خلف متاريس الفئوية .
بالوحدة نخلق بيئة آمنة نعيش فيها ٬وليس هناك من مناص إلا بالوحدة حتى تحفظ دمائنا وأموالنا وأنفسنا وإلا فإن شعوب العالم لم تتقّدم ولم تصل الى الرفاهية التي تعيشها إلا عندما وعت بأنه يجب أن تحب الآخر مهما كان ٬ونحترم الحرية في أن يمارس الاخرون الطقوس فينا بحرية كما نمارس نحن بحرية دون المساس بعقائدنا بعيداً عن الخرافات التي تخرب و تسئ الى معتقداتنا وتشويهها ٬ وعند ذلك نستطيع أن نبني البلد والمجتمع ونطّوره نحو التقدم والنهضة على قوام متين