قواعد التعبير العربي.. قواعد الكتابة – التلخيص
24 ديسمبر,2016
الشعر والادب
5,960 زيارة
الدرس الثامن: ماذا نكتب؟ (2) التلخيص
أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرف أهمّيّة التلخيص وخطواته وضوابطه ومستوياته.
2- يتمرّس على تطبيق تقنيّات التلخيص على مقاطع كتبيّة ومسموعة.
3- يوظّف هذه المهارة في مجال القراءة والكتابة لتعزيز الفهم وإيصال الأفكار بنحو جليّ.
تعريف التلخيص
هو إعادة صياغةٍ للنصّ من خلال التعبير عن أفكاره الأساسيّة بشكل موجز وغير مخلّ بالمعنى.
فالتلخيص هو تحويل نصّ أصلي طويل إلى نصّ مختصر قليل الكلمات.
أهمّيّة التلخيص
تكمن أهمّيّة التلخيص في أنّه:
– يساعد في توفير الوقت المطلوب للاطّلاع على الكتابات المطولة، مثل: التقارير، والمقالات، والبحوث.
– يوفّر الجهد اللازم لمتابعة الأعمال المكتوبة، مثل: الرسائل، والطلبات الإداريّة، ومحاضر الجلسات.
– يُعدّ تدريباً عمليّاً على الكتابة، وتطويراً لمهارات الكاتب، من خلال تنمية قدرته على: الاستيعاب، والاسترجاع المنظّم للمعلومات، والقدرة على التركيز، ودقّة الملاحظة، لالتقاط العناصر الأساسيّة، والوصول للكلمات المفتاحيّة.
– يساعد القارئ على الإمساك بأطراف المادّة والإحاطة بجزئياتها.
– يمكّن الكاتب من الإفادة من كلّما جمعه من معلومات، وما لديه من آراء، وما توصّل إليه من استنتاجات، وما يقترحه من تصويبات، لعرضه بشكلٍ مركّز، ومنسّق، ومبوّب، ومنظّم،
ومتسلسل منطقيّاً.
– ضروريّ لنشر أعمال معيّنة، منها: البحوث، والتقارير المطوّلة، حيث يحتاج أصحابها إلى تلخيصها لبيان عناصرها الأساسيّة بكلمات مركّزة.
خطوات عمليّة التلخيص
تمرّ عمليّة التلخيص بالخطوات الآتية:
أ- القراءة الاستكشافية للموضوع الأصليّ، أو الاستماع العامّ الشامل للموضوع، لمعرفة الأفكار الأساسيّة فيه. وإذا كان التلخيص لنصّ مقروء، فيُنصَح بوضع خطوط بالمرسّم تحت العبارة المهمّة. أمّا إذا كان لنصّ مسموع، فيُنصَح بتسجيل الأفكار العامّة في مسوّدة يمكن الرجوع إليها والاستعانة بها عند التلخيص.
ب- القراءة المتأنّية: يعود القارئ مرّة أخرى إلى الموضوع، ويراجع ما قرأه بطريقة أكثر تركيزاً، ويسجّل المضامين الأساسيّة، على شكل نقاط في ورقة جانبيّة، وإذا كان التلخيص للمسموع، يُراجِع المستمع ما سبق أن سجّله من أفكار بطريقة متأنّية ومتعمّقة.
ج- إعادة الصياغة لما كتب في المسوّدة، أو الورقة الجانبيّة في شكل فقرات بأسلوب الكاتب الخاصّ، مع المحافظة على التسلسل الطبيعيّ لأفكار الموضوع الأصليّ وترابطه من دون إخلال بالمعنى.
ضوابط التلخيص
أ- البعد عن التعديل أو التحريف في المادّة الملخّصة، بما يشوّه الأصل، أو يغيّر معناه أو يحمّله دلالات وتأويلات لا يحتملها.
ب- القدرة على التمييز بين الأفكار الرئيسة، والأفكار الفرعيّة، بحيث يقدّم الأهمّ على المهمّ.
ج- التخلّص من الهوامش والاستطرادات والأمثلة الزائدة، بحيث لا يخلّ حذفها بالمعنى.
د- الإشارة إلى المراجع والأصول التي استعان بها النصّ الأصليّ، ولكن في حدود ضيّقة.
خطوات تلخيص مقالة
أ- قراءة المقالة قراءة سريعة.
ب- وضع خطوط تحت العبارات المهمّة.
ج- حذف الفقرات التي لا تتضمّن أفكاراً ذات قيمة.
د- تلخيص الفقرات الباقية، بكتابة الجملة المهمّة.
هـ- دمج بعض الفقرات المهمّة مع بعضها الآخر، إذا أمكن ذلك.
و- إعادة صياغة الفقرات بأسلوب الملخِّص، وفقاً للصور الجديدة، مع المحافظة على التسلسل الأصليّ.
مستويات التلخيص
للتخليص مستويان، هما:
أ- التخليص العاديّ:
ويصل فيه حجم المادّة الملخّصة إلى نصف حجم المادّة الأصليّة أو أزيد، وهوما يقدَّر بـ 50 – 60%.
وفي هذا المستوى:
– يركِّز الملَخِّص على:
-
الأفكار الأساسيّة.
-
الجُمل الرئيسة.
-
العبارات المهمّة.
– يحذف الملَخِّص:
-
ما يبدأ بمثل:…………………. (الأمثلة)
-
البديهيّات، والعموميّات.
-
المرادفات، والجمل الشرطيّة.
-
الاحتمالات والمستقبل غير المتأكّد منه.
– ويقوم الملَخِّص بـ:
-
إحلال كلمة محلّ كلمات، مثل: قام بتوقيع اتّفاق = اتّفق.
-
إحلال جملة محلّ عدّة جمل منفصلة.
-
إحلال أرقام محلّ كلمات: 53324 بدلاً من ثلاثة وخمسون ألفاً وثلاثمئة وأربع وعشرون.
وفي النهاية يتأكّد أنّ عدد كلمات النصّ الملخَّص نصف عدد كلمات النصّ الأصليّ أو أزيد بنسبة قليلة.
ب- التلخيص المركّز:
ويصل فيه حجم المادّة الملخّصة إلى ربع حجم المادّة الأصليّة أو أقلّ، وهوما يُقدّر بـ2025-%.
ومن المهمّ في هذا المستوى:
– أن يأتي الملخَّص – رغم صغر حجمه – واضح المعنى.
– أن يتماشى المعنى الملخَّص مع المعنى الأصلي.
– السلامة اللغويّة.
وفي النهاية لا يزيد عدد كلمات النصّ الملخَّص عن ربع عدد كلمات الأصل، والأفضل أن تقلّ عن ذلك، مثال: إذا كان عدد كلمات التقرير 450 كلمة، فينبغي ألا يتجاوز ملخصه المركّز الـ 110 كلمات. ويُفَضَّل أن يكون في حدود 90– 100 كلمة.
خطوات تدريبيّة
نصّ من خطاب الإمام الخامنئي دام ظله
في المؤتمر العالميّ لعلماء الأمّة والصحوة الإسلاميّة، بتاريخ: 29/4/2013م
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمّد المصطفى، وآله الأطيبين وصحبه المنتجبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أرحّب بكم أيّها الضيوف الأعزّاء، وأسأل الله العزيز الرحيم أن يبارك في هذا الجهد الجماعيّ، وأن يجعله شوطاً فاعلاً على طريق حياة فُضلى للمسلمين، إنّه سميعٌ مجيب.
موضوع الصحوة الإسلاميّة الذي ستتناولونه في هذا المؤتمر هو اليوم في رأس قائمة قضايا العالم الإسلاميّ والأمّة الإسلاميّة… إنّه ظاهرة عظيمة لو بقيت سليمة واستمرّت بإذن الله لاستطاعت أن تقيم الحضارة الإسلاميّة في أفق ليس ببعيد للعالم الإسلاميّ، ومن ثَمّ للبشريّة جمعاء.
إنّ البارز أمام أعيننا اليوم، ولا يستطيع أيّ إنسان مطّلع وذي بصيرة أن ينكره هو أنّ الإسلام اليوم قد خرج من هامش المعادلات الاجتماعيّة والسياسيّة في العالم، واتّخذ موقعاً بارزاً وماثلاً في قلب العناصر المشكّلة لحوادث العالم، ليقدّم رؤية جديدة على ساحة الحياة والسياسة والحكم والتطوّرات الاجتماعيّة. ويشكّل ذلك، في عالمنا المعاصر الذي يعاني بعد هزيمة الشيوعيّة والليبراليّة من فراغ فكريّ ونظريّ عميق، ظاهرةً ذات مغزى وأهميّة بالغة.
وهذا أوّل أثر تركته الحوادث السياسيّة والثوريّة في شمال أفريقيا والمنطقة العربيّة على الصعيد العالميّ، وهو بدوره يبشّر بظهور حقائق كبرى في المستقبل.
إنّ الصّحوة الإسلاميّة التي يتجنّب المتحدّثون باسم جبهة الاستكبار والرجعيّة ذكرها، بل يخافون أن يجري اسمها على ألسنتهم، هي حقيقةٌ نرى معالمها اليوم في أرجاء العالم
الإسلاميّ كافّة. وأبرز معالمها تطلّع الرأي العامّ، وخاصّة جيل الشّباب، إلى إحياء مجد الإسلام وعظمته، ووعيهم لحقيقة نظام الهيمنة العالميّة، وانكشاف الوجه الخبيث والظالم والمستكبر لحكومات ودوائر أنشبت أظفارها الدامية لأكثر من قرنين في المشرق الإسلاميّ وغير الإسلاميّ، وجعلت مقدّرات الشعوب عرضة لنزعتها الشّرسة والعدوانيّة نحو الهيمنة، وذلك بقناع المدنيّة والثقافة.
أبعاد هذه الصحوة المباركة واسعة غاية السّعة وذات امتداد رمزيّ، ولكن ما حقّقته من نتائج ناجزة في بعض بلدان شمال أفريقيا من شأنه أن يجعل القلوب واثقة بنتائج مستقبليّة كبرى وهائلة. إنّ تحقّق معاجز الوعود الإلهيّة يحمل دائماً معه دلالات أمل يبشّر بتحقّق وعود أكبر. وما يحكيه القرآن الكريم عن الوعدين الإلهيّين لأمّ موسى هو نموذج من هذه السنّة الربانيّة.
إذ في تلك اللحظات العسيرة، حيث صدر الأمر بإلقاء الصندوق، حامل الرضيع في اليمّ، جاء الخطاب الإلهيّ بالوعد: ﴿وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾[1] إنّ تحقّق الوعد الأوّل، وهو الوعد الأصغر الذي شدّ (ربط) على قلب الأمّ، أصبح منطلقاً لتحقّق وعد الرسالة، وهو أكبر بكثير، ويستلزم طبعاً تحمّل المشاقّ والمجاهدة والصبر الطويل: ﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ …﴾[2] هذا الوعد الحقّ هو تلك الرسالة الكبرى التي تحققت بعد سنين وغيّرت مسيرة التاريخ.
ومن النماذج الأخرى، التذكير بالقدرة الإلهيّة الفائقة في قمع مهاجمي الكعبة، والذي ورد في القرآن بلسان الرسول الأعظم: ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾[3] وذلك لتشجيع المخاطبين علي امتثال الأمر الإلهيّ: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾[4].
وفي موضع آخر يذكّر سبحانه رسوله بما أغدقه عليه من نعم تشبه المعجزة: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾[5]، ليكون ذلك وسيلة لتقوية معنويات نبيّه الحبيب
وإيمانه بالوعد الإلهيّ في قوله: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾[6]، ومثل هذه الأمثلة كثيرة في القرآن الكريم.
حين انتصر الإسلام في إيران، واستطاع أن يفتح قلاع أميركا والصهيونيّة في أحد أكثر البلدان حساسية بامتياز من هذه المنطقة المهمّة، عَلِم أهل العبرة والحكمة أنّهم إذا انتهجوا طريق الصبر والبصيرة فإنّ فتوحات أخرى ستتوالى عليهم، وقد توالت فعلاً.
إنّ الحقائق الساطعة في الجمهوريّة الإسلاميّة والتي يعترف بها الأعداء قد تحقّقت بأجمعها في ظلّ الثقة بالوعد الإلهيّ والصبر والمقاومة والاستمداد من ربّ العالمين. دائماً كان شعبنا يرفع صوته بالقول: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾[7] أمام وساوس الضعفاء الذين كانوا يردّدون في الفترات الحرجة: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾[8].
هذه التجربة الثّمينة هي اليوم في متناول الشعوب التي نهضت بوجه الاستكبار والاستبداد، واستطاعت أن تسقط أو تزلزل عروش الحكومات الفاسدة الخاضعة والتابعة لأميركا. بإمكان الثبات والصبر والبصيرة والثقة بالوعد الإلهيّ في قوله سبحانه: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾[9] أن تمهّد طريق العزّ هذا أمام الأمّة الإسلاميّة حتى تصل إلى قمّة الحضارة الإسلاميّة.
إنّني في هذا الاجتماع المهمّ لعلماء الأمّة بمختلف أقطارهم ومذاهبهم أرى من المناسب أن أبيّن بضع نقاط ضروريّة حول قضايا الصحوة الإسلاميّة:
إنّ الأمواج الأولى للصحوة في بلدان هذه المنطقة، والتي اقترنت ببدايات دخول الغزو الاستعماريّ، قد انطلقت غالباً على يد علماء الدين والمصلحين الدينيين. لقد خلّدت صفحات التاريخ وللأبد أسماء قادة وشخصيات بارزة من أمثال السيّد جمال الدين الأسد آبادي (الأفغاني)، ومحمّد عبده، والميرزا الشيرازيّ، والآخوند الخراسانيّ، ومحمود الحسن، ومحمّد علي، والشيخ فضل الله النوريّ، والحاجّ آقا نور الله، وأبي الأعلى المودوديّ،
وعشرات من كبار علماء الدين المعروفين والمجاهدين وذوي النفوذ، من إيران ومصر والهند والعراق.
ويبرز في عصرنا الراهن اسم الإمام الخميني العظيم مثل كوكب ساطع على جبين الثورة الإسلاميّة في إيران. وكان لمئات العلماء المعروفين وآلاف العلماء غير المعروفين في الحاضر والماضي دورٌ في المشاريع الإصلاحيّة الكبيرة والصغيرة في ساحات مختلف البلدان. وقائمة المصلحين الدينيّين من غير علماء الدين كحسن البنّا وإقبال اللّاهوريّ هي طويلة أيضاً ومثيرة للإعجاب.
وقد كانت المرجعيّة الفكريّة لعلماء الدين ورجال الفكر الدينيّ بدرجة وأخرى، وفي كلّ مكان. لقد كانوا سنداً روحيّاً قويّاً للجماهير، وحيثما قامت قيامة التحوّلات الكبرى ظهروا في دور المرشد والهادي، وتقدّموا لمواجهة الخطر في مقدّمة صفوف الحراك الشعبيّ، وازداد الارتباط الفكريّ بينهم وبين الناس، وغدوا أكثر تأثيراً في دفع الناس نحو الطريق الصحيح. وهذا له من الفائدة والبركة لنهضة الصحوة الإسلاميّة بمقدار ما يجرّ من انزعاج وامتعاض على أعداء الأمة والحاقدين على الإسلام والمعارضين لسيادة القيم الإسلاميّة ما يدفعهم إلى محاولة إلغاء هذه المرجعية الفكرية للمؤسّسات الدينيّة واستحداث أقطاب جديدة عرفوا بالتجربة أنّه بالإمكان المساومة معها بسهولة على حساب المبادئ والقيم الدينيّة. وهذا ما لا يحدث إطلاقاً مع العلماء الأتقياء ورجال الدين الملتزمين.
هذا ما يضاعف ثقل مسؤوليّة علماء الدين. فعليهم أن يسدّوا الطريق أمام الاختراق بفطنة ودقّة متناهية وبمعرفة أساليب العدوّ الخادعة وحيله، وأن يحبطوا مكائده. إنّ الجلوس على الموائد الملوّنة بمتاع الدنيا هو من أكبر الآفات، وإنّ التلوّث بهبات أصحاب المال والسلطة وعطاياهم، والارتباط المادي بطواغيت الشّهوة والقوّة من أخطر عوامل الانفصال عن الناس والتفريط بثقتهم ومحبّتهم. فالأنانيّة وحبّ الجاه الذي يجرّ الضعفاء إلى أقطاب القوّة يشكّلان أرضيّة خصبة للتلوّث بالفساد والانحراف. لا بدّ أن نضع نصب أعيننا قوله سبحانه: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾[10].
إنّنا اليوم، في عصر حراك الصحوة الإسلاميّة وما تبعثه في النفوس من أمل، نشاهد أحيانًا مساعيَ خَدَمِ أميركا والصهيونيّة لاصطناع مرجعيّات فكريّة مشبوهة من ناحية، ومساعي الغارقين في المال ومستنقع الشهوات لجرّ أهل الدين والتقوى إلى موائدهم المسمومة الملوّثة من ناحية أخرى.
فعلى علماء الدين والرجال المتديّنين والمحافظين على الدين أن يراقبوا هذه الأمور بشدّة ودقّة.
التأكيد على ضرورة رسم هدف بعيد المدى للصحوة الإسلاميّة في البلدان المسلمة يوضع أمام الجماهير ليكون البوصلة في حركتها للوصول إليه. وبمعرفة هذا الهدف يمكن رسم خريطة الطريق وتحديد الأهداف القريبة والمتوسّطة. هذا الهدف النهائيّ لا يمكن أن يكون أقلّ من إقامة “الحضارة الإسلاميّة المجيدة”. فالأمّة الإسلاميّة، بكلّ أجزائها في إطار الشعوب والبلدان، يجب أن تعتلي مكانتها الحضاريّة التي يدعو إليها القرآن الكريم.
إنّ من الخصائص الأصليّة والعامّة لهذه الحضارة استثمار أبناء البشر لجميع ما أودعه الله في عالم الطبيعة وفي وجودهم من مواهب وطاقات ماديّة ومعنويّة لتحقيق سعادتهم وسموّهم.
ويمكن، بل وينبغي مشاهدة مظاهر هذه الحضارة في إقامة حكومة شعبيّة، وفي قوانين مستلهمة من القرآن، وفي الاجتهاد وتلبية الاحتياجات المستحدثة للبشر، وفي رفض الجمود الفكريّ والرجعيّة، ناهيك عن البدعة والالتقاط، وفي إنتاج الرفاه والثروة العامّة، وفي استتباب العدل، وفي التخلّص من الاقتصاد القائم على الاستئثار والربا والتكاثر، وفي إشاعة الأخلاق الإنسانيّة، وفي الدفاع عن المظلومين في العالم، وفي السعي والعمل والإبداع.
ومن مستلزمات هذا البناء الحضاريّ النظرة الاجتهاديّة والعلميّة للساحات المختلفة بدءاً من العلوم الإنسانية ونظام التربية والتعليم الرسميّ، ومروراً بالاقتصاد والنظام المصرفيّ، وانتهاء بالإنتاج الصناعيّ والتقنيّ ووسائل الإعلام الحديثة والفنّ والسينما، بالإضافة إلى العلاقات الدوليّة وغيرها من الساحات.
وتدلّ التّجربة علي أنّ كلّ ذلك ممكن وفي متناول مجتمعاتنا بطاقاتها المتوفّرة. لا يجوز أن ننظر إلى هذا الأفق بنظرة متسرّعة أو متشائمة. التشاؤم في تقويم قدراتنا كفران بنعم
الله، والغفلة عن الإمداد الإلهيّ ودعم سنن الخلق انزلاق في ورطة: ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ﴾[11].
نحن قادرون على أن نكسر حلقة الاحتكارات العلميّة والاقتصاديّة والسياسيّة لقوى الهيمنة، وأن نجعل الأمّة الإسلاميّة سبّاقة لإحقاق حقوق أكثريّة شعوب العالم التي هي اليوم مقهورة أمام أقليّة مستكبرة.
الحضارة الإسلاميّة بمقوّماتها الإيمانيّة والعلميّة والأخلاقيّة، ومن خلال الجهاد الدائم، قادرة علي أن تقدّم للأمّة الإسلاميّة وللبشريّة المشاريع الفكريّة المتطوّرة والأخلاق السامية، وأن تكون منطلق الخلاص من مظالم الرؤية الماديّة للكون ومن الأخلاق الغارقة في مستنقع الرّذيلة التي تشكّل أركان الحضارة الغربيّة القائمة.
ينبغي في إطار حركات الصحوة الإسلاميّة الالتفات دائماً إلى التجربة المرّة والفظيعة التي تركتها التبعيّة للغرب على السياسة والأخلاق والسلوك ونمط الحياة.
لقد مُنيت البلدان الإسلاميّة، خلال أكثر من قرن من التبعيّة لثقافة الدول المستكبرة وسياستها، بآفات مهلكة مثل: الذّيلية (التبعيّة) والذّلة السياسيّة والفقر الاقتصاديّ وتهاوي الأخلاق والفضيلة، والتخلّف العلميّ المُخجِل، بينما الأمّة الإسلاميّة تمتلك تاريخاً مشرقاً من التقدّم في جميع هذه المجالات.
لا ينبغي اعتبار هذا الكلام مناصبة العداء للغرب، نحن لا نكنّ العداء لأيّة مجموعة إنسانيّة بسبب تمايزها الجغرافيّ. نحن تعلّمنا من الإمام عليّ عليه السلام ما قاله عن الإنسان أنّه: “إمّا أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق“. اعتراضنا إنّما هو على الظلم والاستكبار والتحكّم والعدوان والفساد والانحطاط الأخلاقيّ والعمليّ الذي تمارسه القوى الاستعماريّة والاستكباريّة ضدّ شعوبنا. ونحن الآن أيضاً نشاهد تحكّم وتدخّل وتعنّت أميركا وبعض ذيولها في المنطقة داخل البلدان التي تَحوّلَ فيها نسيم الصحوة إلى نُهوض عاصف وإلى ثورة. وإنّ وعود هؤلاء وتهديداتهم ينبغي أن لا تؤثّر في قرارات النّخب السياسيّة ومبادراتها وفي الحركة الجماهيريّة العظيمة.
وهنا أيضاً يجب أن نتلقّى الدروس من التجارب. أولئك الذين تعلّقت قلوبهم لسنوات طويلة بوعود أميركا وجعلوا الركون إلى الظالم أساساً لنهجهم وسياستهم لم يستطيعوا أن يحلّوا مشكلة من مشاكل شعوبهم، أو أن يبعدوا ظلماً عنهم أو عن غيرهم، بل إنّ هؤلاء باستسلامهم لأميركا لم يستطيعوا أن يحولوا دون هدم بيت فلسطينيّ واحد على الأقلّ في أرضٍ هي ملك للفلسطيّنيين.
على السّاسة والنخب المخدوعة بالتطميع أو المرعوبة بتهديد جبهة الاستكبار والذين يخسرون فرصة الصحوة الإسلاميّة أن يخشوا ما وجّهه الله سبحانه إليهم من تهديد إذ قال: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾[12].
إنّ أخطر ما يواجه حركة الصحوة الإسلاميّة اليوم هو إثارة الخلافات ودفع هذا الحراك نحو صدامات دمويّة طائفيّة ومذهبيّة وقوميّة ومحليّة. تتابع تنفيذ هذه المؤامرة اليوم أجهزة الجاسوسيّة الغربيّة والصهيونيّة بجدٍّ واهتمام في منطقة تمتدّ من شرق آسيا حتّى شمال أفريقيا، وخاصّة في المنطقة العربيّة، بدعم من دولارات النفط والسّاسة المأجورين. وإنّ الأموال التي يمكن استخدامها في تحقيق رفاه خلق الله، تُنفق في التهديد والتكفير والاغتيال والتفجير وإراقة دماء المسلمين وإضرام نيران الأحقاد لفترات طويلة. أولئك الذين يرون في قوّة اتّحاد المسلمين مانعاً لتطبيق أهدافهم الخبيثة رأوا في إثارة الخلافات داخل الأمّة الإسلاميّة أيسر طريق لتنفيذ أهدافهم الشّيطانيّة، وجعلوا من اختلاف وجهات النظر في الفقه والكلام والتاريخ والحديث، وهو اختلاف طبيعيّ لا مفرّ منه، ذريعة للتكفير وسفك الدماء والفتنة والفساد.
إنّ نظرة فاحصة إلى ساحة النزاعات الداخليّة تكشف بوضوح يد العدوّ وراء هذه المآسي. هذه اليد الغادرة تستثمر دون شك الجهل والعصبيّة والسطحيّة في مجتمعاتنا، وتصبّ الزيت على النار. إنّ مسؤوليّة المصلحين والنخب الدينيّة والسياسيّة في هذا الخضمّ ثقيلة جدّاً. فليبيا اليوم بشكل، ومصر وتونس بشكل آخر، وسوريا بشكل، وباكستان
بشكل آخر، والعراق ولبنان بشكل، تعاني أو أنّها عرضة لهذه النيران الخطرة. لا بدّ من المراقبة الشديدة والبحث عن العلاج.
من السذاجة أن نعزو كلّ ذلك إلى عوامل ودوافع عقائديّة أو قوميّة. فالدعاية الغربيّة والإعلام الإقليميّ التابع والمأجور يصوّران الحرب المدمّرة في سوريا بأنّها نزاع سنّيّ ــ شيعيّ، ويوفّران بذلك مساحة آمنة للصهاينة وأعداء المقاومة في سوريا ولبنان. بينما النزاع في سوريا ليس بين طرفين سنّيّ وشيعيّ، بل بين أنصار المقاومة ضد الصهيونيّة وبين معارضي هذه المقاومة. ليست حكومة سوريا حكومة شيعيّة، ولا المعارضة العلمانية المعادية للإسلام مجموعة سنيّة، إنّما المنفّذون لهذا السيناريو المأساويّ كانوا بارعين في قدرتهم على استغلال المشاعر الدينيّة للسذّج في هذا الحريق المهلك. وإن نظرة إلى الساحة والفاعلين فيها على المستويات المختلفة توضّح هذه المسألة لكلّ إنسان منصف.
هذه الموجة الإعلاميّة تؤدّي دورها بشكل آخر، في البحرين، في اختلاق الكذب والخداع. توجد في البحرين أكثرية مظلومة محرومة لسنوات طويلة من حقّ التصويت وسائر الحقوق الأساسيّة للشعب، وقد نهضت للمطالبة بحقّها. ترى هل يصحّ أن نعتبر الصراع شيعيّاً سنيّاً لأنّ هذه الأكثريّة المظلومة هي من الشّيعة، والحكومة المتجبّرة العلمانيّة تتظاهر بالتسنّن؟!
المستعمرون الأوربيّون والأميركيّون ومن لفّ لفهم في المنطقة يريدون طبعاً أن يصوّروا الأمر بهذا الشكل، ولكن أهذه هي الحقيقة؟!
هذا ما يدعو جميع علماء الدين المصلحين والمنصفين إلى الوقوف أمامه بتأمّل ودقّة وشعور بالمسؤوليّة، ويحتّم عليهم أن يعرفوا أهداف العدوّ في إثارة الخلافات الطائفيّة والقوميّة والحزبيّة.
إنّ سلامة مسيرة حركات الصحوة الإسلاميّة يجب أن نبحث عنها، فيما نبحث، في موقفها تجاه قضيّة فلسطين. فمنذ ستين عاماً حتّى الآن لم تنزل على قلب الأمّة الإسلاميّة كارثةٌ أكبر من اغتصاب فلسطين.
كانت مأساة فلسطين منذ اليوم الأوّل وحتّى الآن مزيجاً من القتل والإرهاب والهدم والغصب والإساءة للمقدّسات الإسلاميّة. وإنّ وُجوب الصمود والنّضال أمام هذا العدوّ
المحارب هو موضع اتفاق جميع المذاهب الإسلاميّة ومحلّ إجماع كلّ التيّارات الوطنيّة الصّادقة والسليمة.
إنّ أيّ تيار في البلدان الإسلاميّة يتناسى هذا الواجب الدينيّ والوطنيّ انصياعاً للإرادة الأميركيّة المتعنّتة أو بمسوِّغات غير منطقيّة يجب أن لا يتوقّع غير التشكيك في وفائه للإسلام وفي صدق ادعاءاته الوطنيّة.
إنّ هذا هو المحكّ. كلّ من يرفض شعار تحرير القدس الشريف وإنقاذ الشعب الفلسطينيّ وأرض فلسطين، أو يجعلها مسألة ثانويّة، ويدير ظهره لجبهة المقاومة، فهو متّهم.
يجب أن تضع الأمّة الإسلاميّة نصب عينيها هذا المؤشّر والمعيار الواضح الأساسيّ في كلّ مكان وزمان.
أيّها الضيوف الأعزّاء، أيّها الإخوة والأخوات، لا تبعدوا عن أنظاركم كيد العدوّ، فإنّ غفلتنا توفّر الفرصة للعدوّ. “من نامَ لم يُنَم عنه“[13]… إنّ درس الإمام عليّ عليه السلام لنا هو أنّه: “من نام لم يُنَم عنه“. وإن تجربتنا في الجمهوريّة الإسلاميّة مليئة بدروس العبرة في هذا المجال. إذ بعد انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران، بدأت الحكومات الغربيّة والأميركيّة المستكبرة التي كانت منذ أمد بعيد تسيطر على طواغيت إيران وتتحكّم في المصير السياسيّ والاقتصاديّ والثقافيّ لبلدنا، وتستهين بالقوّة الضّخمة للإيمان الإسلاميّ في داخل المجتمع، وكانت غافلة عن قوّة الإسلام والقرآن في التعبئة والتوجيه، بدأت تفهم فجأة ما وقعت فيه من غفلة، فتحرّكت دوائرها الحكوميّة وأجهزتها الاستخباريّة ومراكز صنع القرار فيها لِتَجبُرَ ما مُنيت به من هزيمة فاقت الحدود.
رأينا خلال هذه الأعوام الثلاثين ونيّف أنواع المؤامرات والمخطّطات، والذي بدّد مكرهم أساساً عاملان: الثبات على المبادئ الإسلاميّة، والحضور الجماهيريّ في الساحة.
هذان العاملان هما مفتاح الفتح والفَرَج في كلّ مكان. العامل الأوّل يضمنه الإيمان الصادق بالوعد الإلهيّ، والعامل الثاني سيبقى ببركة الجهود المخلصة والبيان الصادق. الشعب الذي يؤمن بصدقِ قادته وإخلاصهم يجعل الساحة فاعلة بحضوره المبارك. وأينما
حضر الشعب بعزم راسخ، في أيّ ساحة، فستعجز أيّ قدرة عن إنزال الهزيمة به. هذه تجربة ناجحة لكلّ الشعوب التي صنعت بحضورها الصحوة الإسلاميّة.
أسأل الله تعالى لكم ولكلّ الشعوب أن يسدّدكم ويأخذ بأيديكم ويعينكم ويغدق عليكم شآبيب رحمته، إنّه تعالى سميع مجيب! والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الخطوات العمليّة للتلخيص
أ- اقرأ النصّ (المادّة) المطلوب منك تلخيصه، اقرأ بتركيز. تأكّد أنّك استوعبت المحتوى، وأنّك أحطت بكلّ جزئيّاته، إذا احتاج الأمر أعد القراءة، أسأل نفسك: هل تستطيع الآن أن تحدّد الأفكار الرئيسة لهذا النصّ، الصريحة والضمنية؟
ب- ضع خطوطاً بقلم رصاص تحت ما ترى أنّه أساسيّ. تغاضى عن كلّ ما هو غير ضروريّ. اكتفِ بعبارة واحدة تصف فكرة ما. استبعد (لا تضع خطّاً) العبارات المرادفة التي تكرّر المعنى، ولا داعي للإحصاءات. تجنّب كلّ ما لا يضيف جديداً. اكتفِ بمثال واحد مؤيّد لكلّ فكرة.
ج- راجع خطوطك. تأكّد أنّك لم تترك عبارة أساسيّة من دون وضع خطّ تحتها، وأنّ كلّ ما وضعته من خطوط تحت جمل تمثّل جوهر النصّ. امسح الخطوط الموجودة تحت الأمثلة أوالعبارات التي يمكن تجاهلها في ملخّص النصّمن دون أن تؤثّر على فهمه واستيعابه.
د- ابدأ بالكتابة (المبدئيّة) للملخّص المطلوب (ضع النصّ الأصلي جانباً، واعتمد على مهاراتك وأسلوبك الخاصّ) اكتب فقرة قصيرة تمثّل مقدّمة النصّ وتعكس هدفه، ثمّ فقرة ثانية في صلب موضوع النصّ، بحيث تتضمّن أفكاره الأساسيّة، وجزئيّاته المهمّة، وفقرة ثالثة تُعدّ خاتمة، وتعرض نتائج النصّ وخلاصته.
هـ- قد تحتاج لكتابة ملخّص الجوهر (الصلب) إلى فقرتين بدلاً من فقرة. لا مانع، وإنْ كان من الأفضل أن تكون كتابتك أكثر إيجازاً.
و- اسأل نفسك: هل حافظت في ملخّصك على جوهر النصّ؟ وهل احتوى الملخّص على الأفكار الأساسيّة؟ وهل يخلو الملخَّص من أيّ زيادات لا داعي لها؟ احرص على أن تكون الإجابات بالإيجاب.
ز- راجع الملخّص مراجعة دقيقة. تأكّد من الصحّة اللغويّة للكتابة، وسلامة صياغة الفقرات، والاستخدام السليم لعلامات الترقيم، لا مانع أن تضع النصّ الأصلي أمامك، لتثق من مطابقة التلخيص للنصّ الأصليّ.
ح- والآن ضع في المستطيل الآتي ملخص النصّ السابق: اتّبع الخطوات السابق ذِكْرها.
الملخَّص
تبصرة: تجدر الإشارة إلى أنّ ما قمت به هو التلخيص، وهو لا يتضمّن اقتباسات: التلخيص يخلق لديك مهارات كتبيّة، وتنعكس فيه شخصيّتك، فلك حرّيّة التعبير عن الفكرة بجمل من إبداعك، وبأسلوبك، وهذا لا يتضمّن أخذ جمل، وعبارات بعينها من النصّ، لأنّ أخذ جمُل من النص يسمّى “اقتباساً“.
تبصرة: قارن بين التلخيص والخلاصة. فالتلخيص: إبراز للموضوع بعدد قليل من الجمل في فقرات، مع المحافظة على جوهر النصّ. وأما الخلاصة فهي تتّجه لعرض الحركة أو الطريقة التي قام بها الباحث في بحثه، من دون التعرّض لأي تفصيل. وبهذا المعنى فإنّ التلخيص يقصد الموضوع بشكل مباشر، بينما الخلاصة تعبّر عنه بصورة غير مباشرة.
ي- المطلوب الآن: تلخيص النصّ السابق: تلخيصاً عادياً وتلخيصاً مركَّزاً.
– التلخيص العادي:
—————————————————————-
—————————————————————-
– التلخيص المركَّز:
—————————————————————-
—————————————————————-
الأفكار الرئيسة
1- التلخيص هو تعبير عن الأفكار الأساسيّة للموضوع في عبارات قليلة لا تخلّ بالموضوع، ولا تُبْهِم المعنى.
2- تكمن أهمّيّة التلخيص في أنّه: يساعد على توفير الوقت/ يوفّر الجهد اللازم لمتابعة الأعمال المكتوبة/ يُعدّ تدريباً عمليّاً على الكتابة/ يساعد القارىء/ يمكّن الكاتب من الإفادة من كلّ
ما جمعه من معلومات/…
3- تمرّ عمليّة التلخيص بالخطوات الآتية: القراءة الاستكشافية للموضوع الأصليّ/ القراءة المتأنّية/ إعادة الصياغة لما كتب.
4- من ضوابط التلخيص: البعد عن التعديل أو التحريف في المادّة الملخّصة/ القدرة على التمييز بين الأفكار الرئيسة والفرعيّة/ التخلّص من الزيادات/ الإشارة إلى المراجع والأصول…
5- خطوات تلخيص مقالة: قراءة المقالة قراءة سريعة/ وضع خطوط تحت العبارات المهمّة/ حذف الفقرات التي لا تتضمّن أفكاراً ذات قيمة/ تلخيص الفقرات الباقية/ دمج بعض الفقرات المهمّة/ إعادة صياغة الفقرات بأسلوب الملخِّص.
6- للتخليص مستويان، هما: التخليص العاديّ والتلخيص المركّز.
فكّر وأجِب
1- تكلّم على التلخيص، مبيّناً أهمّيّته وخطواته وضوابطه ومستوياته؟
2- لخصّ النص الآتي وفق المستويين العادي والمركَّز، معتمداً على خطوات التلخيص وضوابطه:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أرحّب بكم أولاً أيّها الضيوف الأعزاء من مختلف البلدان، وكذلك الأساتذة الأعزاء المحترمين من جامعات بلادنا.
أقيمت – منذ نحو عام وإلى الآن – لقاءاتٌ ومؤتمراتٌ وملتقياتٌ عديدةٌ حول الصحوة الإسلاميّة في طهران، ولكن يظهر لي أنّ مؤتمر أو ملتقى الأساتذة يتمتّع بأهميّةٍ خاصّة, إذ إنّ إيجاد
الأفكار والخطابات والتيّارات الفكريّة في المجتمع يحصل على أيدي خواصّ المجتمع ومفكّريه، هم الذين يستطيعون توجيه وإرشاد أفكار الشعوب نحو جهةٍ معيّنة تنقذ تلك الشعوب، كما يمكنهم – لا سمح الله – أن يوجّهوا الأفكار نحو جهةٍ تتسبّب في تعاسة الشعوب وبؤسها ووقوعها في الأسر. وهذه الثانية حصلت طوال الأعوام السبعين أو الثمانين الأخيرة في بعض البلدان، ومنها بلدنا.
هناك حديث عن رسول الإسلام المكرّم سيّدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيه: “لا تصلح عوامّ هذه الأمة إلا بخواصّها” قيل: يا رسول الله، ومن خواصّها؟ قال: “العلماء“. ذكر العلماء أوّلاً، ثمّ ذكر عدّة فئاتٍ أخرى، وعليه فإنّ أساتذة الجامعات وأصحاب الوعي والفكر والنخب العلميّة في أيّ بلدٍ بإمكانهم الإمساك بزمام تحرّك الشعب وقيادته، شريطة الإخلاص والشجاعة وعدم الخوف من الأعداء, إذا كان ثمّة خوفٌ أو طمعٌ أو غفلةٌ أو كسلٌ فإنّ الأمور سوف تفسد وتتعرقل، أمّا إذا اتخذت هذه الأشياء وتوفّرت عناصر الوعي واليقظة فإنّ الأمور سوف تصلح وتتقدّم إلى الأمام.
في بدايات الثورة، أي قبل نحو إحدى وثلاثين سنة، توجّهت أنا وشخصان آخران – كنّا يومها أعضاء في شورى الثورة – من طهران إلى قم للقاء الإمام الخمينيّ، وكان الإمام الخمينيّ حينها لا يزال في قم، ولم يأتِ للسكن في طهران – لنسأله عن رأيه حول قضيّةٍ وخطوة مهمّتين، وحين شرحنا له القضيّة التفت إلينا وقال: هل تخافون من أمريكا؟ فقلنا له: لا، فقال: إذاً، اذهبوا وافعلوا كذا وكذا، فعدنا وفعلنا كما أوصانا ونجحنا. إذا كان ثمّة خوفٌ وهلع، وإذا كان هناك طمعٌ أو غفلةٌ أو توجّهاتٌ منحرفةٌ فإنّ الأمور والأعمال سوف تتعقّد وتفسد.
يواجه العالم اليوم حدثاً عظيماً، ألا وهو الصحوة الإسلاميّة، وهذه حقيقة. لقد استيقظت
الشعوب والأمّة الإسلاميّة تدريجياً، ولم يعد التسلّط على الشعوب المسلمة بالسهولة التي كان الأمر عليها بعد الحرب العالميّة الأولى أو في فترة القرنين التاسع عشر والعشرين. إذا أراد مستكبرو العالم في الوقت الحاضر السيطرة على الشعوب المسلمة فسيكونون أمام مهمّة عسيرة, لقد تغلغلت الصحوة في الأمّة الإسلاميّة ونفذت وترسّخت فيها، وفي بعض البلدان تحوّلت هذه الصحوة إلى ثورةٍ غيّرت الأنظمة الفاسدة العميلة، لكن هذا جزء من الصحوة الإسلاميّة وليس كلّها, الصحوة الإسلاميّة واسعةٌ وعميقة.
بالطبع، الأعداء يخافون من كلمة “الصحوة الإسلاميّة“، ويحاولون أن لا تُسْتَخدم عبارة “الصحوة الإسلامية” لهذه الحركة العظيمة، لماذا؟ لأنّ الإسلام حينما يظهر في هيئته الحقيقيّة وأبعاده الواقعيّة فإنّ فرائصهم ترتعد. إنّهم لا يخافون الإسلام المستعبَد للدولار، ولا يخافون من الإسلام الغارق في المفاسد والارستقراطيّة، ولا يخافون من الإسلام الذي ليس له امتداداتٌ ونهاياتٌ في ممارسات الجماهير وأعمالهم، لكنّهم يخافون إسلام العمل والفعل، إسلام المبادرة، إسلام كتل الجماهير، إسلام التوكّل على الله، إسلام حسن الظنّ بالوعود الإلهيّة، حيث قال تعالى: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾[14]. حينما يذكر اسم هذا الإسلام، وتظهر له علاماتٌ ومؤشراتٌ فإنّ مستكبري العالم يرتعدون ﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ﴾[15]، لذلك لا يريدون عنوان “الصحوة الإسلاميّة” أن يكون. أمّا نحن فنعتقد أنّها صحوةٌ إسلاميةٌ ويقظةٌ حقيقّيةٌ قد ترسّخت وامتدّت، ولا يستطيع الأعداء تحريفها عن طريقها بسهولة.
طبعاً، ينبغي دراسة الآفات والأخطار التي تهدّد هذه الصحوة، وهذه هي النقطة الأولي التي أروم ذكرها لكم. ادرسوا الآفات والأخطار التي تهدّد هذه التحركات التي عمّت العالم الإسلاميّ، وهذه الثورات التي حدثت في مصر وتونس وليبيا وأمثالها وانتصرت، ما هي الأخطار التي تهدّدها؟ وما هي المشكلات التي تواجهها؟ لماذا نقول إنّ ما حدث هو إسلاميٌّ بلا شكّ؟ لاحظوا شعارات الجماهير ودور المؤمنين بالإسلام في إسقاط الأنظمة الفاسدة طوال هذه الفترة، لولا المؤمنون بالإسلام والمجموعات والحشود الهائلة ذات المكانة الممتازة بين الناس والمعتقدة بالإسلام اعتقاداً راسخاً وعميقاً لما تكوّنت هذه التجمّعات
العظيمة في مصر وتونس. الضغوط التي أعملتها تحرّكَات الجماهير، ومشاركتها في الساحة هدمّت الصروح المتهرئة لأمثال حسني مبارك وابن علي. الجماهير الإسلاميّة هي التي وُجدت في الساحة بشعارات إسلاميّة. دور الإسلامييّن في عمليّات إسقاط الأنظمة هو بحدّ ذاته أقوى شاهدٍ على أنّ هذه الحركة حركةٌ إسلاميّة. وبعد ذلك ما إن حان دور التصويت حتى قامت الجماهير بالتصويت للإسلاميّين وعزّزوهم ورجّحوهم. وأقولها لكم: إذا أقيمت انتخاباتٌ جيّدةٌ حرّةٌ في أيّ مكانٍ من العالم الإسلاميّ – وقد تكون لذلك بعض الاستثناءات القليلة – ويشارك القادة والسياسيّون الإسلاميون فيها فإنّ الشعوب ستمنحهم أصواتها. هكذا هو الحال في كلّ مكان. إذاً، التحرّك هو تحرّكٌ إسلاميٌّ بلا ريب.
قلنا ينبغي أن تدرسوا الآفات والمخاطر. وإلى جانب ذلك لا بدّ من تبيين الأهداف وشرحها, إذا لم تتّضح الأهداف فستكون هناك حيرة واضطراب، ينبغي تبيين الأهداف. من أهمّ أهداف هذه الصحوة التحرّر من شرور هيمنة الاستكبار العالمي، ينبغي ذكر ذلك بصراحة. من الخطأ التصوّر أنّ الاستكبار العالمي بزعامة أمريكا يمكن أن يتصالح مع الحركات الإسلاميّة, إذا كان ثمّة إسلامٌ وإسلاميّةٌ وإسلاميّون فإن أمريكا ستحاول بكلّ ما أوتيت من قوّة أن تقضي عليهم، بالطبع، ستبدي لهم ابتساماتها في ظاهر الأمر. ليس أمام الحركات الإسلاميّة من طريقٍ سوى رسم حدودها الفاصلة. لا نقول يجب أن يسيروا لمحاربة أمريكا، بل نقول ينبغي أن يعلموا ما هي مواقف أمريكا والاستكبار الغربيّ منهم، يجب أن يشخّصوا ذلك بدقّة، وإذا لم يحصل هذا التشخيص فسوف يقعون في شرك خداعهم وحيلهم بالتأكيد.
الاستكبار العالمي يحكم في العالم اليوم بأدوات المال والسلاح والعلم، لكنّه يعاني من فراغ فكريٍّ وتوجيهيّ، يعاني الاستكبار العالمي اليوم من هذه المشكلة الكبرى, إذ ليست لديه أفكارٌ للبشرية، ليست لديه أيّة فكرة لعرضها على عموم الشعوب وإرشادهم إليها، كما ليست لديه أفكارٌ للخواصّ والمثقّفين منهم. أمّا أنتم فلديكم أفكارٌ, لأنّ لديكم الإسلام. حينما يكون لنا فكرنا وخارطة طريقنا،
نستطيع أن نرسم أهدافنا ونصمد، وفي هذه الحالة فإنّ أسلحتهم وعلومهم وأموالهم لن يعود لها التأثيرات نفسها التي كانت في الماضي. وهي طبعاً ليست عديمة التأثير، إنما ينبغي لنا أن نفكر بما يحبطها – وسوف نتناول هذا الجانب إن كان ثمة وقتٌ – لكن المهم بالدرجة الأولى هو أن تكون لنا أفكارنا وخارطة طريقنا وإيديولوجيتنا، ونعلم ما الذي نريد أن نفعله, يتعيّن رسم الأهداف.
من الأهداف المهمّة التي يتوجّب الاهتمام بها في هذه الثورات هو عدم خروج الإسلام عن المحوريّة، يجب أن يكون المحور هو الإسلام، الفكر الإسلاميّ والشريعة الإسلاميّة يجب أن يكونا محوراً. هم حاولوا أن يوحوا بأنّ الشريعة الإسلاميّة لا تتناغم مع التقدّم والتطوّر والتحضّر، وما إلى ذلك، هذا كلام العدو. كلا، الإسلام ينسجم تماماً مع التقدّم، ليسوا قلائل في العالم الإسلاميّ أولئك الذين استطاعوا بروح التحجّر والرجعيّة والجمود وعدم القدرة على الاجتهاد أن يكرّسوا ويثبّتوا كلام العدو هذا بشكل من الأشكال، إنّهم مسلمون، ولكن في خدمة الأعداء. لدينا من هذا القبيل في أطرافنا في بعض البلدان الإسلاميّة، واسمهم مسلمون، لكنّ المرء لا يشاهد فيهم ذرّةً من الفكر الجديد والفهم الجديد للمعارف الإسلاميّة. الإسلام للعالم وللدنيا إلى الأبد ولكلّ القرون، ولكلّ فترات التقدمّ البشري، إنّه يلبّي احتياجات البشر في كلّ هذه العصور. ينبغي أن نجد الفكر الذي يكوّن ردّ الإسلام وجوابه على هذه الاحتياجات. بعض الأفراد لا يحملون هذا الفكر، ولا يحسنون سوى تكفير هذا وتفسيق ذاك، ويسمّون أنفسهم مسلمين، وفي النهاية يلاحظ المرء أحياناً أنّهم يتحالفون مع مرتزقة العدو! لنجعل الشريعة الإسلاميّة والفكر الإسلاميّ محور نشاطاتنا، هذا أحد الأهداف.
ومن الأهداف الأخرى بناء النظام. إذا لم يَجرِ بناء نظامٍ في هذه البلدان التي ثارت، فإنّ الأخطار ستحدق بها. ثمّة تجربةٌ في بلدان شمال أفريقيا تعود إلى ما قبل ستيّن أو سبعين عاماً، أي في أواسط القرن العشرين. حصلت ثورةٌ ونهضةٌ في تونس نفسها، وتولّى الأمور بعض الأشخاص، وحصلت في مصر ثورةٌ وانقلابٌ ونهضة، وتولّى الأمور أشخاص – وكذا الحال في أماكن أخرى – لكنّهم لم يستطيعوا بناء أنظمة، وحين لم يبنوا أنظمةً فقد أدّى هذا لا إلى زوال تلك الثورات وحسب، بل وحتى الذين تولّوا الأمور باسم الثورات تبدّلوا وتغيّروا رأساً على عقب، حدث هذا في تونس وحدث في مصر وحدث في السودان يومذاك في حدود عام 1343 أو 1344 أو 1345هـ.ش. (1964 أو 1965 أو 1966م ) كنت مع بعض الأصدقاء في مدينة مشهد نستمع لإذاعة صوت العرب – و صوت العرب إذاعةٌ مصريّة تبثّ من القاهرة – وكانت تبثّ خطابات جمال عبد الناصر ومعمّر القذافي وجعفر النميري الذين اجتمعوا في مكانٍ واحد، كنّا نُسحق في مدينة مشهد تحت ضغوط الاستبداد والدكتاتورّية، ويتملّكنا الحماس
والغبطة والهياج من هذه الكلمات الملتهبة الشديدة، وحينما فارق عبد الناصر الحياة رأيتم ماذا فعل خلفاؤه، وشاهدتم ما الذي آل إليه القذّافي، والنميري أيضاً واضح ما آل إليه. وقد تغيّرت هذه الثورات نفسها، إذ كان يعوزها الفكر ولم تستطع بناء أنظمة. يجب بناء أنظمةٍ في هذه البلدان التي ثارت، يتحتّم تشييد أرضيّةٍ قويّة، هذه من المسائل والقضايا المهمّة.
من القضايا المهمّة الأخرى الحفاظ على دعم الجماهير ومساندتهم، يجب عدم الانقطاع عن الناس. لدى الناس توقّعاتهم ومطالبهم واحتياجاتهم. والقوّة الحقيقّية هي بيد الجماهير والشعوب، حيث يجتمع الناس ويتآلفون، ويكونون قلباً وتوجّهاً واحداً خلف المسؤولين وقادة البلد، هناك لن تستطيع أمريكا ولا الأكبر من أمريكا أن ترتكب أيّة حماقة. يجب الحفاظ على الشعب وحضوره ومساندته، وهذا ما تستطيعونه أنتم.. ما يستطيعه المثقّفون والكتّاب والشعراء وعلماء الدين. والأكثر تأثيراً هم علماء الدين الذين يتحمّلون واجباتٍ جسيمة. ينبغي أن يبيّنوا للناس ويشرحوا لهم ويوضّحوا ما الذي يريدون، وفي أيّة مرحلةٍ في هذا الطريق يسيرون، وما هي الموانع والعقبات، ومن هو العدوّ، ويجب أن يحافظوا على وعي الجماهير وبصيرتهم، وعندها لن تنزل أيّة نازلةٍ ولن تصاب المسيرة بأية أضرار.
وقضيّة أخرى هي التربية العلميّة للشباب. يجب على البلدان الإسلاميّة أن تتقدّم من النواحي العلمّية والتقنّية. ذكرت أنّ الغرب وأمريكا استطاعوا بفضل العلم السيطرة على بلدان العالم، وكان العلم من أدواتهم في ذلك، وقد اكتسبوا الثروة عن طريق العلم، وطبعاً فقد اكتسبوا بعض الثروات عن طريق الخداع والخبث والسياسة، لكن العلم كان مؤثراً أيضاً, يجب اكتساب العلم، هناك رواية تقول: “العلم سلطان من وجده صال، ومن لم يجده صيل عليه“[16]، يجب اكتساب العلم. حين تكسبون العلم ستتمتّعون بقبضاتٍ قوّية، وحين تفقدون العلم فإنّ أصحاب القبضات القويّة سيلوون أيديكم. شجّعوا شبابكم على العلم، هذه عمليّة ممكنة، وقد قمنا بها نحن في إيران. كنّا قبل الثورة في المراتب العلمية الأخيرة في العالم، ولا أحد ينظر إلينا لكن في الوقت الحاضر- وببركة الثورة والإسلام والشريعة الإسلاميّة – يقول المختصّون بالتقييمات العلمّية في العالم وينشرون إنّ إيران حالياً تحتلّ المرتبة العلمّية
السادسة عشرة في العالم، هذه إحصائيّات تعود إلى ما قبل أشهرٍ مضت. وقد خمّنت هذه المراكز العلمّية نفسها وقالت إنّ إيران بعد عدّة أعوام – وقد حدّدوا عدد الأعوام فقالوا عشرة أعوام أو اثني عشر عاماً مثلاً – ستصل إيران إلى مرتبةٍ من رقمٍ واحد، قالوا إنّها ستتبّوأ المرتبة الرابعة في العالم، والسبب في ذلك يعود إلى أنّ سرعة التقدّم العلميّ في إيران عاليةٌ جداً. وبالطبع، لا نزال متأخرين عن العالم كثيراً، سرعتنا أكثر من متوسّط السرعة العالميّة بأضعاف، لكنّنا لا نزال متأخرين، ولو واصلنا هذه السرعة فسوف نصل إلى المراتب المتقدّمة. يجب أن تتواصل هذه الحركة في العالم الإسلاميّ, البلدان الإسلاميّة ذات مواهب وقدرات، وهناك شبابٌ صالحون يمّثلون مواهب جيّدة. ذات يومٍ من أيام التاريخ كان العلم في العالم بأيدي المسلمين، فلماذا لا يكون اليوم أيضاً؟ لماذا لا نتوقّع ونرجو أن يكون العالم الإسلاميّ بعد ثلاثين عاماً مرجعاً علمّياً في العالم، يراجعه الجميع لاكتساب العلوم؟ هذا مستقبلٌ ممكنٌ يتطلّب منا الهمم والجهود. هذا كله يحصل ببركة الإسلام والثورة. لقد أثبت النظام الديني أنّ بوسعه أن يحوز على سرعةٍ أكبر.
قضيّة أساسيّة أخرى هي قضيّة الوحدة. أقولها لكم اليوم، أيّها الإخوة والأخوات… الأداة التي يمكنها أن تكون فعّالة بيد أعدائنا فيستغلونها أقصى استغلالٍ هي الاختلافات، اختلافات الشيعة والسنّة، والاختلافات القومّية، والاختلافات الوطنيّة، وحالات التباهي الخاطئة. إنّهم يضخّمون قضّية الشيعة والسنّة، ويحاولون أن يخلقوا الخلافات. تلاحظون أنّهم يبثّون الخلافات في البلدان الإسلاميّة وفي هذه البلدان الثائرة نفسها، ويخلقون الخلافات في مناطق أخرى من العالم الإسلامي. الكلّ يجب أن يتحلى باليقظة والوعي, الغرب وأمريكا أعداء العالم الإسلامي، ويجب النظر لتحركاتهم بهذه العين. إنهم يحرّضون، ومنظّماتهم التجسسيّة تعمل وتنشط، ويمارسون التخريب أينما استطاعوا، مارسوا العرقلة في قضيّة فلسطين ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وقد فشلوا طبعاً. إننّا نتقدّم إلى الأمام، والعالم الإسلامي يتقدّم إلى الأمام… نرجو أن يهدينا الله تعالى جميعاً، وأن يبارك في تحرّكاتكم، ويأخذ تعالى هذه الصحوات العظيمة في العالم الإسلاميّ إلي مستقبلٍ مشرقٍ نيّرٍ مباركٍ للأمّة الإسلاميّة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[17].
مطالعة
من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (8)
أيكون مجتمع من دون كتابة القصّة؟
انطلاقاً من هذا الرأسمال الّذي صنعته لنا الحرب،…تعالوا الآن نعيد إحياء فنّ كتابة القصّة في إيران. وبالنهاية، لقد أوجبت الحرب على من يريد كتابة ذكرياته، أن يذهب – على حدّ تعبيركم – ويقرأ عدّة روايات ليتعلّم كيفيّة كتابة الوقائع والأحداث. لو لم يشهد الحرب لربّما لم يفكّر في الكتابة على الإطلاق، لكن، بما أنّ هذا الاستعداد قد تحقّق الآن، حسناً، فلنستفد منه.
هذا الاستعداد الجيّاش الّذي نراه، يصف الحرب ويصوّرها جيّداً. واقعاً، إنّ الصور الموجودة في كتابات هؤلاء السادة، قد بُيّنت بشكل جيّد جدّاً بحيث يلتذّ الإنسان بها، وهذا يشير إلى أنّ استعداداً يتأجّج هنا. فلنوظّف نحن الآن هذا الاستعداد في خدمة كتابة قصّة مجتمعنا. هذا البلد بحاجة إلى كتابة القصّة. أيمكن أن يكون هناك مجتمع من دون كتابة القصّة؟[18].
القصّة من أجل بيان التاريخ
لا يمكن لأيّ بيان أن يضاهي القصّة في عرض التاريخ. عندما نتكلّم على التاريخ بلغة غير فنّيّة، فكأنّما نلتقط صورةً لمدينة من ارتفاع 10 آلاف قدم. من الطبيعي أن تظهر أبعاد المدينة وشوارعها الرئيسة، لكن ماذا يصنع الناس هناك؟ هل إنّ أوضاعهم جيّدة؟ سيّئة؟ فقراء؟ أغنياء؟ مرتاحون؟ نائمون؟ يتخاصمون؟ لا شيء معلوم على الإطلاق. التاريخ يصوّر مدينةً من ذلك الارتفاع، من عشرة آلاف قدم، ويرينا إيّاها! قد تدخل مدينةً يوماً ما. بالطبع لن تستطيع رؤية جميع طرقات المدينة، لكنّك تقصد زقاقين أو ثلاثة من أزقّتها، تتكلّم مع أهلها، تلتقط صوراً للبيوت، وللغرف، ولألعاب الأطفال، ولأمّ تطبع قبلةً على وجنة ابنها… تصوّر كلّ هذه الأمور وتضعها في صورة أمامنا. بالطبع هو زقاق واحد وشارعان، ليس كلّ المدينة، لكن يمكن التعميم. هذه هي لغة الفنّ حول التاريخ، القصّة هي هذه[19].
[1] سورة القصص، الآية 7.
[2] سورة القصص، الآية 13.
[3] سورة الفيل، الآية 3.
[4] سورة قريش، الآية 3.
[5] سورة الضحى، الآيتان 6 ـ 7.
[6] سورة الضحى، الآية 3.
[7] سورة الشعراء، الآية 62.
[8] سورة الشعراء، الآية 61.
[9] سورة الحج، الآية 40.
[10] سورة القصص، الآية 83.
[11] سورة الفتح، الآية 6.
[12] سورة إبراهيم، الآيتان 28 ـ 29.
[13] السيد الرضي، نهج البلاغة، خطب الإمام علي عليه السلام، ج3، ص121، تحقيق الشيخ محمد عبده، نشر دار الذخائر ـ قم، مطبعة النهضة ـ قم، ط1، 1412هـ.
[14] سورة الحج، الآية 40.
[15] سورة المدثر، الآيتان 50 ـ 51.
[16] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج20، ص319، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، نشر مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر.
[17] من كلام للإمام الخامنئي في لقائه المشاركين في المؤتمر العالميّ لأساتذة الجامعات في العالم الإسلاميّ والصحوة الإسلاميّة، بتاريخ: 11/12/2012م.
[18] من كلام للإمام الخامنئي دام ظله في لقاء له بأعضاء مكتب الأدب والفنّ المقاوم التابع للدائرة الفنّيّة في منظّمة الإعلام الإسلاميّ، بتاريخ: 13/7/1992م.
[19] من كلام للإمام الخامنئي دام ظله في لقاء له بوزير الثقافة والإرشاد الإسلاميّ ومسؤولي الوزارة، بتاريخ: 20/5/1996م.
2016-12-24