السيناريوهات المستقبلية للموصل بعد داعش
8 ديسمبر,2016
تقاريـــر
1,012 زيارة
الوقت – بدأت عمليات تحرير الموصل في 17 اكتوبر عام 2016 بأمر من رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي وبمشاركة قوات أمنية من مختلف التيارات السياسية العراقية.
وتعتبر مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق ويسكنها قرابة 2 مليون شخص من مختلف الأقوام والمذاهب. وتسكن محافظة نينوى ومركزها الموصل فرق ومذاهب وقوميات متنوعة منها العرب السنة والشيعة، المسيحيين، الأكراد السنة والشيعة، الآشوريين، اليهود، الاكراد الشبك والايزديين. وحاليا يبدو هذا الموضوع على أنه لا يهدد وحدة العراق وامنه تهديدا حقيقيا، حيث أن تنظيم داعش باعتباره عدوا مشتركا قد ساهم في توحيد هذه الفرق المختلفة وتعاضدها. ولكن الامر الذي يجب الالتفات إليه هو: ما المستقبل الذي ينتظر الموصل؟ أو بعبارة أخرى: هل ستتوصل الفرق والتيارات السياسية العراقية المختلفة الى عقد اتفاق ينال رضا جميع هذه الاطراف؟
إن الاجابة على هذا السؤال تحتاج إلی رسم سيناريوهات والالتفات الى الاحتمالات المختلفة التي تقودنا للوصول الى صورة لمستقبل الأحداث في مدينة الموصل والعراق بصورة عامة.
ويمكن اعتبار أن مستقبل الموصل سيكون ذاته مستقبل العراق. أي إذا ما حصل اتفاق حول الموصل فيمكن التوصل الى اتفاق وتنسيق بين التيارات السياسية العراقية في جميع أنحاء البلاد، والعكس صحيح أيضا، فإذا حصل خلاف ودخلت التيارات السياسية العراقية في مواجهة حول مستقبل الموصل، فيمكننا توقع الاختلافات والخلافات على مستوى العراق ككل. نظرا الى الملاحظات المذكورة أعلاه، يمكننا توقع 3 سيناريوهات لمستقبل العراق وهي:
1-السيناريو الذي تطمح إليه الحكومة المركزية
يمكن اعتبار سيناريو الحكومة المركزية العراقية لموصل ما بعد هزيمة داعش، هو السيناريو الاكثر احتمالا. ويقوم هذا السيناريو على اعادة الموصل إلى حالها السابق، أي الاوضاع التي سبقت ظهور تنظيم داعش في العراق؛ وبذلك تبقى الموصل تابعة للحكومة المركزية العراقية في بغداد وخاضعة للسيادة العراقية. ويرفض الاكراد والسنة العرب هذا السيناريو بشدة ويعتبرون أن عودة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل ظهور داعش أمر غير ممكن من الناحية العملية، خاصة أن الأكراد يرون أن تنفيذ هذا السيناريو يعني استمرار الأزمة حول المناطق المتنازع عليها. وعلى الرغم من وجود الرفض، إلا أن الحكومة المركزية لها اليد الطولى وسلطة كبيرة، وعلى الأغلب سيتم تنفيذ هذا السيناريو مع بعض التغييرات البسيطة.
2-سيناريو أهل السنة، السعودية وتركيا:
وفقا للمشروع الذي يسعى السعوديون، الاتراك والعرب السنة العراقيون الى تحقيقه، فإن نينوى بعد تحريرها من تنظيم داعش الإرهابي ستتحول الى ولاية فدرالية تشمل أقليم كردستان. وستكون نينوى مركز هذا الاقليم، وسيشمل محافظات مخمور، سنجار، تلعفر والحضر. أي أن كل منطقة من هذه المناطق ستتحول الى محافظة جديدة ذات هوية مذهبية وقومية خاصة بها تميزها عن المحافظات الأخرى. وبالتالي سيؤدي ذلك الى تشكيل منطقة فدرالية خاضعة لحكم العرب السنة تسمى بالموصل. وقد تم طرح هذا السيناريو من قبل تركيا والسعودية أساسا، ولكن بالنظر الى مواجهة المشروع رفضا من قبل التيارات المحلية العراقية والقوى الاقليمية (إيران) والدولية (أمريكا) فإن احتمال تحقيق هذا السيناريو ضعيف جدا.
3- السيناريو الكردي الأمريكي:
يشبه هذا السيناريو السيناريو السني الى حد كبير، ويقوم على أساس تقسيم محافظة نينوى الى عدد من المحافظات، ومن ثم تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي للتوصل الى حل حول المناطق المتنازع عليها. وبالنتيجة تتحول نينوى الى محافظات عديدة عن طريق الاقتراع، ويحظى هذا السيناريو بالدعم الأمريكي، حيث أن الكونغرس الأمريكي قد وضع خططه الخاصة لصحراء نينوى التي يسكنها عدد كبير من المسيحيين؛ ويرمي الكونغرس الى تقسيم نينوى لتصبح صحراء نينوى محافظة مستقلة تلتحق باقليم كردستان العراقي عن طريق الاقتراع. وربما يحصل هذا السيناريو على دعم من تركيا والسعودية أيضا. ولكن كما هو حال السيناريو السابق، فإن احتمال تنفيذ هذا السيناريو ضئيل بالنظر الى رفض الحكومة المركزية العراقية لهذا التقسيم.
بالنظر الى السيناريوهات المذكورة يمكننا توقع مشاركة مجموعة من اللاعبين المحليين، الاقليميين والعالميين في التفاوض حول مستقبل الموصل؛ وبناء على ذلك يمكننا توقع مواجهات وخلافات شديدة في مواقف التيارات المختلفة.
ولكن الأمر الذي تغير عما كان في السابق هو أن مستقبل الموصل، مهما كان، فإنه لن يخضع لتأثيرات وقرارات القوات الأجنبية وأن العراقيين سيتخذون القرار حول الموصل بانفسهم.
2016-12-08