حکايات الهداية الاولی تحمل عبرة جليلة في أدب العبودية لله عزوجل
15 مارس,2017
قصص وعبر
1,097 زيارة
حكايات وهدايات الحلقة (٢) – أدب العبودية لله عزوجل
أعددنا لکم حکايتين من غرر حکايات الهداية الاولی تحمل عبرة جليلة في أدب العبودية لله عزوجل.
روی الشيخ الصدوق في کتاب الأمالي بسنده عن الزهري، قال کنت عند علي بن الحسين (عليه السلام) فجاءه رجل من أصحابه، فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): ما خبرك، أيها الرجل؟
فقال الرجل: خبري – يابن رسول الله – أني أصبحت وعلي أربعمائة دينار دين لا قضاء عندي لها، ولي عيال ثقال ليس لي ما أعود عليهم به.
قال الزهري: فبکی علي بن الحسين (عليهما السلام) بکاء شديداً.
فقلت له: ما يبکيك، يا بن رسول الله؟
فقال: وهل يعد البکاء إلا للمصائب والمحن الکبار؟!
قال الحاضرون: الأمر وکذلك، يابن رسول الله، وقال (عليه السلام): فأية محنة ومصيبة أعظم علی مؤمن من أن يری بأخيه المؤمن خلة فلا يمکنه سدها، ويشاهده علی فاقة فلا يطيق رفعها!
قال الراوي: فتفرق الحاضرون عن مجلسهم ذلك.
فقال بعضهم المخالفين وهو يطعن علی علي بن الحسين (عليهما السلام): عجبا لهؤلاء يدعون مرة أن السماء والأرض وکل شيء يطيعهم، وأن الله لا يردهم عن شيء من طلباتهم، ثم يعترفون أخری بالعجز عن إصلاح حال خواص إخوانهم!! فاتصل هذا القول بالرجل صاحب القصة فجاء إلی علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال له: يابن رسول الله، بلغني عن فلان کذا وکذا، وکان ذلک أغلظ علي من محنتي!
فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): فقد أذن الله في فرجك، ثم قال لجاريته يا فلانة احملي سحوري وفطوري.
فحملت قرصتين، فقال علي بن الحسين (عليهما السلام) للرجل: خذهما فليس عندنا غير هما، فإن الله يکشف عنك بهما، وينيلك خيراً واسعاً منهما.
أخذ الرجل القرصين، ودخل السوق وهو لا يدري ما يصنع بهما، يتفکر في ثقل دينه وسوء حال عياله، ويوسوس إليه الشيطان قائلاً: أين موقع هاذين الرغيفين من حاجتك؟
ثم مر الرجل بسماك قد بارت عليه سمکة فقال له: سمکتك هذه بائرة عليك، وإحد رغيفي هاذين بائر علي، فهل لك أن تعطيني سمکتك البائرة، وتأخذ رغيفي هذا البائر عليّ؟
فقال: نعم.
فأعطاه السمکة وأخذ الرغيف ثم مر برجل معه ملح قليل مزهود فيه، فقال له: هل لك أن تعطيني ملحك هذا المزهود فيه برغيفي هذا المزهود فيه؟
قال: نعم. ففعل.
ورجع الرجل بالسمکة والملح الی داره فقال: أصلح هذه بهذا، فلما شق بطن السمکة وجد فيها لؤلؤتين فاخرتين، فحمد الله عليهما، فبينما هو في سروره ذلك إذ قرع بابه، فخرج ينظر من بالباب، فإذا صاحب السمکة وصاحب الملح قد جاءا، يقول کل واحد منهما له: يا عبد الله، جهدنا أن نأکل نحن أو أحد من عيالنا هذا الرغيف، فلم تعمل فيه أسناننا، وما نظنك إلا وقد تناهيت في سوء الحال، ومرنت علی الشقاء، قد رددنا إليك هذا الخبز، وطيبنا لك ما أخذته منا.
فلما استقر بعد انصرافهما عنه قرع بابه، فإذا رسول علي بن الحسين (عليهما السلام)، فدخل فقال: إنه يقول لك: إن الله قد أتاك بالفرج، فأردد إلينا طعامنا، فإنه لا يأکله غيرنا، وباع الرجل اللؤلؤتين بمال عظيم قضی منه دينه، وحسنت بعد ذلك حاله.
فقال بعض المخالفين: ما أشد هذا التفاوت! بينا علي بن الحسين (عليه السلام) لا يقدر أن يسد منه فاقة، إذ أغناه هذا الغناء العظيم، کيف يکون هذا؟!
وکيف يعجز عن سد الفاقة من يقدر علی هذا الغناء العظيم؟!
فلما سمع هذا الرجل المؤمن بکلامهم جاء مهموماً الی الإمام (عليه السلام) وأخبره بقولهم فقال: هکذا قالت قريش للنبي (صلی الله عليه وآله): کيف يمضي إلی بيت المقدس ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مکة، ويرجع إليها في ليلة واحدة من لا يقدر أن يبلغ من مکة إلی المدينة إلا في اثني عشر يوماً؟ وذلك حين هاجر منها.
ثم قال (عليه السلام): جهلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه، إن المراتب الرفيعة لا تنال إلا بالتسليم لله جل ثناؤه، وترك الاقتراح عليه، والرضا بما يدبرهم به، إن أولياء الله صبروا علی المحن والمکاره صبراً لم يساوهم فيه غيرهم، فجازاهم الله عزوجل عن ذلك بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم، لکنهم مع ذلك لا يريدون منه إلا ما يريده لهم.
ومن هذه الحکاية الجليلة في أدب التعامل مع الله جل جلاله ننقلکم الی الحکاية القصيرة التالية في أثر إعطاء الزکاة لغير مستحقيها، فقد روی القاضي النعمان المغربي في کتاب دعائم الإسلام عن الوليد بن صبيح وهو من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) قال:
قال لي شهاب: إني أری بالليل أهوالا عظيمة، وأری امرأة تفزعني، فأسأل لي أبا عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه عن ذلك، فسألته له فقال: هذا رجل لا يؤدي زکاة ماله، فأعلمته.
فقال: بلی والله، إني لأعطيها، فأخبرته بما قال.
فقال (عليه السلام): إن کان ذلك فليس يضعها في موضعها، فقلت ذلك لشهاب.
فقال: صدق ابن رسول الله (صلی الله عليه وآله).
2017-03-15