غرفة العمليات المشتركة: أوَّلُ ردٍ على العدوان الأمريكي وتل أبيب أولى الضحايا!
الوقت- لم تكن الحسابات الأمريكية دقيقة فيما يخص ضرب قاعدة العشيرات الجوية. وبعيداً عن النقاش الساذج في الإصابات والخسائر، ما يزال يتضح حتى اليوم أن نتائج ما بعد الضربة تُفضي لواقعٍ جديدٍ لن يكون في صالح السياسية الأمريكية وذلك بسبب الخطوات التي اتخذها حلفاء الدولة السورية من خلال غرفة العمليات المشتركة التي تم تأسيسها والتي وجَّهت العديد من الرسائل. في حين يمكنإعتبار الكيان الإسرائيلي المُتضرِّر الأول. فماذ في الجديد الذي حملته الأيام الأخيرة؟ وكيف يُعتبر الكيان الإسرائيلي أول ضحايا الضربة الأمريكية؟!
أهم ما حملته الأيام الأخيرة من جديد: غرفة العمليات المشتركة
عدة مسائل يجب الوقوف عندها، تدخل في خانة التطورات التي حصلت خلال اليومين الماضيين نُشير لها في التالي:
أولاً: قرَّر حلفاء الدولة السورية تثبيت عمل لجنة التنسيق التي كانت موجودة وتحويلها الى غرفة عمليات مشتركة مهمتها التنسيق الشامل المباشر بين الأطراف كافة لتحديد الخيارات والسياسات. وهو ما سينتُج عنه خطوات عسكرية وسياسية موحدة ذات تأثير على الصعيد الميداني السوري ومعادلاته المحلية والدولية.
ثانياً: أعلن حلفاء الدولة السورية المضي في الخيار المُتعلق بالحسم العسكري. نتيجة الوصول الى قراءة موحدة للتعاطي مع العدوان الأمريكي. والتي تعتَبر بأن ما قامت به واشنطن هو تخطٍ للمعادلات والتوازنات التي تتعلق بالخطوط الحمراء للصراع الدولي والإقليمي.
ثالثاً: قررت موسكو رسمياً تزويد الدولة السورية بمنظومات ردع عسكري قادرة على مواجهة الصواريخ الجوية أو صواريخ أرض- أرض. وهو ما يعني تعزيز قدرة دمشق الدفاعية، وبالتالي تعزيز قدرة أحد أطراف محور المقاومة الأساسية. وهو ما يمكن أن يؤكده تصريح مسؤول في البنتاغون أمس، والذي أعلن أن الدولة السورية قامت بزيادة دفاعاتها الجوية، غرب سوريا عبر رفع عدد الرادارات. وهو ما يُمكِّن الجيش السوري بحسب المصدر، من مراقبة التحركات الجوية على نطاق واسع وبشكل أكبر.
كيف تضرَّر الكيان الإسرائيلي؟
عدة دلائل تتعلق بالضرر الذي ألحقه العدوان بالكيان الإسرائيلي، نُشير لها في التالي:
أولاً: فقدت أمريكا موقعها كطرف يمكن أن يكون شريكاً مع روسيا فيما يخص أزمات المنطقة على الصعيد الدولي، وهو ما كان وارداً إصلاحه مع تغيُّر الإدارة الأمريكية ومحاولات إعادة الثقة. لكن يبدو أن واشنطن باتت اليوم بالعين الروسية طرف غير قابل للثقة على الإطلاق. مما يعني أن العلاقة بين الطرفين والتي كان من المُتوقع أن تسلك مساراً دبلوماسياً ناجحاً، تأزَّمت وسلكت مساراً عسكرياً متوتراً.
ثانياً: إن الإعلان الروسي باعتبار الخطوة الأمريكية خطوة غير شرعية وتخترق السيادة السورية، يعني انتقال روسيا الى مرحلة التعاطي العسكري مع أمريكا كطرف معادٍ للحليف السوري بعد أن تم حصر ذلك على الصعيد السياسي. وهو ما له حساباته الخاصة، والتي بدأت من خلال إيقاف اتفاقية التنسيق الجوي المشترك في سوريا، وإعادة تسليح الجيش السوري ودعم منظومته الدفاعية المُتعلقة بسلاح الردع.
ثالثاً: كانت تل أبيب جزء من المعادلة الأمريكية في المنطقة على اعتبار أنها الحليف الأول لواشنطن وهو ما كان يتفهمه الطرف الروسي. وهو ما جعل موسكو بعيدة عن التدخل في توازنات الردع بين الكيان الإسرائيلي ومحور المقاومة. لكن يبدو أن هذه المعادلة انكسرت ولو جزئياً، نتيجة الضربة الأمريكية التي لم تُراع الدولة السورية كجزء من المعادلة الأساسية لروسيا في المنطقة وحليف أساسي لها.
رابعاً: من خلال ما ذُكر أعلاه، فمن الواضح أن الضربة الأمريكية جعلت موسكو تخطو خطوات في تعزيز قوة الدولة السورية العسكرية وهو ما تبيّن من خلال الخطوات العملية والتعزيزات التي اتخذتها دمشق في الغرب السوري، بالإضافة الى الدعم الروسي للدفاعات الجوية السورية. وهو ما يعني إفراغ الضربة من هدفها الأساسي، القاضي بكسر قدرة الجيش السوري على فرض أي معادلات عسكرية في الصراع.
خامساً: على عكس الدولة السورية، قوَّضت الضربة قدرة الكيان الإسرائيلي على التحرك والقيام بنسج معادلات عسكرية، كان يستخدم لها خيارات العدوان على الأراضي السورية. ناهيك عن أن تطوير الدولة السورية للمنظومات العسكرية الجوية سيُعيق من مسار السلوك الإسرائيلي المُعتاد تجاه سوريا. وسيجعل تل أبيب أمام حسابات وصعوبات جديدة.
إذن، تتخبط واشنطن في خياراتها المتعلقة بالشرق الأوسط. في حين جاءت نتائج ضربتها في سوريا عكس ما تشتهي. ولعل الهدف الأساسي القاضي بالدفاع عن مصلحة الكيان الإسرائيلي، كان أول من تضرَّر. بل إن المعادلات التي حاكها الصراع الجديد، صبَّت في مصلحة محور المقاومة، والذي استطاع استحواذ روسيا بشكلٍ أكبر. ومكَّن الجيش السوري من تعزيز قدراته. فيما فتح العدوان الخيارات على مصرعيها، وكسر العديد من الخطوط الحمراء التي كانت روسيا تتعاطى معها باحترام كطرفٍ دولي!