قصيدة أبي فراس الحمداني ابن عم سيف الدولة الحمداني …
وهي القصيدة الميميّة في مظلوميّة أهل البيت (ع) المعروفة بالشافية
وذلك بمناسبة وفاته في الثامن من ربيع الثاني سنة 357 هـ :
الدِّينُ مُخْتَرَمٌ، وَالحَقّ مُهْتَضَمُ ** وفيءُ آلِ ” رسولِ اللهِ ” مقتسمُ
والناسُ عندكَ لا ناسُ ، فيحفظهمْ ** سومُ الرعاة ِ ، ولا شاءٌ ، ولا نعمُ
إنّي أبِيتُ قَلِيلُ النّوْمِ، أرّقَني ** قلبٌ ، تصارعُ فيهِ الهمُّ والهمم !
و عزمة ٌ ، لا ينامُ الليلَ صاحبها ** إلاّ على ظَفَرٍ، في طَيّهِ كَرَمُ
يُصَانُ مُهرِي لأِمرٍ لا أبُوحُ بِهِ، ** والدرعُ ،والرمحُ ، والصمصامة ُ الخذمُ
وَكُلُّ مَائِرَة ِ الضّبْعَينِ، مَسْرَحُها ** رمثُ الجزيرة ِ ، والخذرافُ والغنمُ
و فتية ٌ ، قلبهمْ قلبٌ إذا ركبوا ** يوماً ؛ ورأيهمُ رأيٌ إذا عزموا
يا للرجالِ! أماللهِ منتصفٌ ** من الطّغاة ِ؟ أمَا للدّينِ مُنتَقِمُ؟!
” بنو عليٍّ ” رعايا في ديارهمُ ** وَالأمرُ تَملِكُهُ النّسوَانُ، وَالخدَمُ!
محلؤونَ ، فأصفى شربهمْ وشلٌ ** عندَ الورودِ ؛ وأوفى ودهمْ لممُ
فَالأرْضُ، إلاّ عَلى مُلاّكِها، سَعَة ٌ ** والمالُ ، إلاَّ أربابهِ ، ديمُ
وَمَا السّعِيدُ بِهَا إلاّ الّذي ظَلَمُوا ** وما الغنيُّ بها إلاَّ الذي حرموا
للمتقينَ ، منَ الدنيا ، عواقبها ** وإنْ تعجلَ منها الظالمُ الأثمُ
لا يطغينَّ ” بني العباسِ” ملكهمُ! ** بنو عليٍّ مواليهم وإنْ زعموا
أتفخرونَ عليهمْ ؟ – لا أبا لكمُ – ** حتى كأنَّ ” رسولَ اللهِ ” جدكمُ
وَمَا تَوَازَنَ، يَوْماً، بَينَكُمْ شَرَفٌ، ** وَلا تَسَاوَتْ بكُمْ، في مَوْطِنٍ، قَدَمُ
ولا لكمْ مثلهمْ ، في المجدِ ، متصلٌ ** وَلا لِجَدّكُمُ مَسْعَاة ُ جَدّهِمُ
ولا لعرقكمُ منْ عرقهمْ شبهٌ ** ولا ” نفيلتكمْ ” منْ أمهمْ أممُ
قامَ النبيُّ بها ” يومَ الغديرِ ” لهمْ ** واللهُ يشهدُ ،والأملاكُ ، والأممُ
حَتى إذا أصْبَحَتْ في غَيرِ صَاحِبها ** باتتْ تنازعها الذؤبانُ والرخمُ
وَصُيّرَتْ بَيْنَهُنْ شُورَى كَأنّهُمُ ** لا يعرفونَ ولاة َ الحقِّ أيهم !
تاللهِ ، ماجهلَ الأقوامُ موضعها ** لكِنّهُمْ سَتَرُوا وَجْهَ الذي عَلِمُوا
ثُمّ ادّعَاهَا بَنُو العَبّاسِ إرْثَهُمُ، ** و مالهمْ قدمٌ ، فيها ، ولا قِدمُ
لا يذكرونَ ، إذا ما معشرٌ ذكروا ** ولا يحكمُ ، في أمرٍ ، لهمْ حكمُ
ولا رآهمْ ” أبو بكرٍ “وصاحبهُ ** أهْلاً لِمَا طَلَبُوا مِنها، وَما زَعموا
فَهَلْ هُمُ مُدّعُوها غَيرَ وَاجِبَة ** أمْ هل أئمتهمْ في أخذها ظلموا ؟
أمَّـا ” عليَّ ” فقدْ أدنى قرابتكم ** عندَ الولاية ِ ، إنْ لمْ تكفرِ النعمُ !
هلْ جاحدٌ ، يا” بني العباسِ” نعمتهُ ! ** أبُوكُمُ، أمْ عُبَيْدُ الله، أمْ قُثَمُ؟
بئسَ الجزاءُ جزيتمْ في بني ” حسنٍ ” ! ** أباهم العَلَمُ الهَادِي وَأُمَّهُمُ
لا بيعة ٌ ردعتكمْ عنْ دمائهمُ ، ** ولا يمينٌ، ولا قربى ، ولا ذممُ
هَلاَّ صَفَحْتُمْ عَنِ الأسْرَى بلا سَبَبٍ، ** للصَافِحينَ ببَدْرٍ عَنْ أسِيرِكُمُ؟
هلا كففتمْ عنِ ” الديباجِ ” سوطكمُ ؟** وَعَنْ بَناتِ رَسولِ الله شَتمَكُمُ؟
مَا نُزّهَتْ لِرَسُولِ الله مُهْجَتُهُ ** عَنِ السّيَاطِ! فَهَلاّ نُزّهَ الحَرَمُ؟
ما نَالَ منهم بَنو حَرْبٍ، وَإن عظُمَتْ ** تِلكَ الجَرَائِرُ، إلاّ دُونَ نَيْلِكُمُ
كَمْ غَدْرَة ٍ لكُمُ في الدّينِ وَاضِحَة ٍ! ** وكمْ دمٍ لـ “رسولِ اللهِ ” عندكمُ ؟ !
أأنتمُ آلهُ فيما ترونَ ، وفي أظفاركمْ ، ** منْ بنيهِ الطاهرينَ ، دمُ ؟
هيهاتَ! لاقربت قربى ، ولا رحمُ ، ** يَوْماً، إذا أقصَتِ الأخلاقُ وَالشّيَمُ!
كَانَتْ مَوَدّة ُ سَلْمَانٍ لَهُ رَحِماً، ** وَلمْ يَكُنْ بَينَ نُوحٍ وَابنِهِ رَحِمُ!
ياجاهداً في مساويهمْ يكتمها ! ** غدرُ الرشيدِ بـ ” يحيى ” كيفَ ينكتمُ ؟
لَيسَ الرّشيدُ كمُوسَى في القِيَاسِ وَلا ** “مأمونكمْ كـ”الرضا” إنْ أنصف الحكم
ذاقَ الزّبِيرِيّ غِبّ الحِنثِ وَانكشَفتْ ** عنِ “ابن ِفاطمة َ “الأقوالُ والتهمُ
باؤوا بقتلِ ” الرضا ” منْ بعدِ بيعتهِ ** وَأبصَرُوا بَعضَ يوْمٍ رُشدَهم وَعَموا
يا عصبة ً شقيتْ ،من بعدما سعدتْ ، ** ومعشراً هلكوا منْ بعدما سلموا !
لِبِئسَ ما لَقَيَتْ مِنهمْ، وَإنْ بليَتْ ** بجانبِ “الطفِّ ” تلكَ الأعظمُ الرممُ !
لاعنْ ” أبي مسلمٍ” في نصحهِ صفحوا، ** وَلا الهُبَيرِيَّ نَجّى الحِلفُ وَالقَسَمُ
ولا الأمانُ لأزدِ ” الموصل” اعتمدوا ** فيهِ الوفاءَ، ولاعنْ عمهمْ حلموا
أَبْلِغْ لَدَيْكَ بَني العَبّاسِ مألُكة ً: ** لاتدَّعوا ملكها ! ملاَّكها العجمُ !
أيّ المَفَاخِرِ أمْسَتْ في مَنَابِرِكُمْ، ** وَغَيْرُكُمْ آمِرٌ فِيهِنّ، مُحتكِمُ؟
وَهَلْ يَزِيدُكُمْ مِنْ مَفْخَرٍ عَلَمٌ، ** وفي الخلافِ ، عليكمْ يخفقُ العلمُ ؟
خَلّوا الفَخَارَ لعلاّمِينَ، إنْ سُئلوا ** يَوْمَ السّؤالِ، وَعَمّالِينَ إن علِموا
لايغضبونَ لغيرِاللهِ، إنْ غضبوا، ** وَلا يُضِيعُونَ حُكْمَ الله إنْ حكموا
تَبدوا التّلاوَة ُ من أبْياتِهِمْ، أبَداً، ** وفي بيوتكمْ الأوتارُ ، والنغمُ
مافي ديارهمُ للخمرِ معتصرٌ ؛ ** وَلا بُيُوتُهُمُ للسّوءِ مُعْتَصَمُ
و لا تبيتُ لهمْ خنثى ، تنادمهمْ ؛ ** و لا يرى لهمُ قردٌ ، لهُ حشمُ
الرّكنُ، وَالبيتُ، وَالأستارُ مَنزِلُهُمْ، ** وَزَمزَمٌ، وَالصَّفَا، والحِجرُ، والحَرَمُ
صَلَّى الإلهُ عَلَيهمْ، أينَما ذُكرُوا، ** لأنهمْ للورى كهفٌ ، ومعتصمُ
الولاية الاخبارية