الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / الباب السادس ( في نبوّة يعقوب ويوسف عليهما السّلام )

الباب السادس ( في نبوّة يعقوب ويوسف عليهما السّلام )

( في نبوّة يعقوب ويوسف عليهما السّلام )

127 ـ أخبرنا الشيخ أبو سعد الحسن بن علي الآرابادي (1) ، والشيّخ ابو القاسم الحسن بن محمد الحديقي ، عن جعفر بن محمد بن العبس ، عن أبيه عن ابن بابويه ، حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبدالله بن جعفر ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن أبي حمزة الثّمالي ، قال : صلّيت مع علي بن الحسين صلوات الله عليهما الفجر يوم الجمعة ، فنهض إلى منزله وانا معه ، فدعا مولاة له فقال : لا يقف اليوم على بابي سائل إلاّ أطعمتموه ، فانّ اليوم يوم الجمعة قلت : ليس كلّ سائل محقّ . 
فقال : أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقّاً فلا نطعمه ونردّه ، فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله عليهم السلام أطعموهم ، إنّ يعقوب كان يذبح كلّ يوم كبشاً ، فيتصدق منه ويأكل هو وعياله منه ، وأنّ سائلا مؤمناً صواماً قوّاماً محقّاً له عند الله منزلة كان مجتازاً غريباً إعتربباب يعقوب عشيّة الجمعة عند أوان إفطاره ، فهتف على بابه : أطعموا السّائل الغريب الجائع من فضل طعامكم . فلمّا يئس شكا جوعه إلى الله تعالى وبات خاوياً وأصبح صائماً ، وباب يعقوب وآله شباعاً بطاناً ، وأصبحوا عندهم فضلة من طعام ، فأوحى الله تعالى إلى يعقوب صلوات الله عليه : استوجبت بلواي أو ما علمت أنّ البلوى إلى اوليائي أسرع منها إلى أعدائي ، وذلك حسن نظرمنّي لأوليائي ، استعدّ والبلائي . فقلت لعلي بن الحسين صلوات الله عليهما : متى رأى الرّؤيا ؟ قال : في تلك اللّيلة الّتي بات فيها يعقوب صلوات الله عليه وآله شباعاً ، وبات فيها ذلك الغريب جائعاً ، فلمّا قصّها على أبيه اعتمّ يعقوب لما سمع من يوسف مع ما اُوحي إليه : أن استعدّ للبلاء ن وكان اوّل بلوى نزل بآل يعقوب الحسد ليوسف عليه السلام ، فلمّا رآى إخوة يوسف كرامة أبيه إيّاه اشتدّ عليهم فتآمروا حتّى قالوا : ( أرسله معنا غداُ يرتع ويلعب ) (2) فلمّا خرجوا من أتوا به غيضة أشجار ، فقالوا نذبحهه ونلقيه تحت شجرة يأكله الذّئب ، فقال كبيرهم : لا تقتلوه ولكن ألقوه في غيابة الحبّ فألقوه فيه ، وهم يظنّون أنّه يغرق فيه . 
فلمّا أمسوا رجعوا إلى أبيهم « عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنّا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذّئب ) (3) فاسترجع وعبر فصبر وأذعن للبلوى ، وقال : ( بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل ) (4) ما كان الله ليطعم لحم يوسف الذّئب . 
قال أبو حمزة : ثم انقطع حديث علي بن الحسين زين العابدين صلوات الله عليه ، فلما كان من الغدو عدوت إليه ، فقلت : إنّك حدّثت أمس بحديث يعقوب ، فما كان من قصّة إخوة يوسف بعد ذلك ؟ فقال : إنّهم لمّا أصبحوا قالوا : انطلقوا بنا حتّى نظر ما حال يوسف أمات أم هو حيّ ؟ فلمّا انتهوا إلى الجبّ وجدوا سيّارة قد أرسلوا واردهم ، فأدلى دلوه فمّا جذب الدّلو إذا هو بغلام متعلق بدلوه ، فلمّا أخرجه قال إخوة يوسف : هذا عبدنا سقط أمس في هذا الجبّ وجئنا اليوم لنخرجه ، فنتزعوه منه وقالوا له : إمّا أن تقرّ لنا أنّك عبد لنا ، فنبيعك من بعض هذه السّيارة أو نقتلك ، قال : اصنعوا ما شئتم ، فأقبلوا إلى السيّارة وقالوا لهم : آمنكم من يشتري هذا العبد منّا ؟ فاشتراه بعضهم بعشرن درهماُ وسار من اشتراه حتّى أدخله مصر . 
فقلت لعلي بن الحسين عليهما السلام : إبن كم كان يوسف صلوات الله عليه يوم ألقيّ في الجبّ ؟ قال : كان ابن تسع سنين قلت : فكم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر ؟ قال : مسيرة اثنى عشر يوماً . وكان يوسف عليه السلام من أجمل أهل زمانه فاشتراه العزيز وراودته امرأته ، فقال : معاذ الله أنا من أهل بيت لا يزنون ، فأفلت منها هارباً إلى الباب ، فلحقته فجذبت قميصه من خلفه (وألفيا سيّدها لدى الباب قالت ما جزآء من اراد بأهلك سوءاً إلاّ أن يسجن ) (5) فهمّ الملك بعذاب يوسف عليه السلام ، فقال يوسف عليه السلام هي راودتني فاسأل هذا الصّبيّ ، فأنطق الله الصّبيّ بفصل القضاء ، فقال أيّها الملك : انظر إلى قميص يوسف ، فإن كان مقدوداً من قدّامه فهو الّذي راودها ، وإن كان مقدوداً من خلفه فهي الّتي راودته ، فأفزع الملك ذلك ودعى بالقميس ونظر إليه فرآه مقدوداً من خلفه قال : إنّ من كيدكنّ وقال ليوسف : اكتم هذا . 
فلمّا شاع أمر امرأة العزيز والنّسوة الّلآتي قطّعن أيديهنّ ، سجن يوسف عليه السلام ، ودخل معه السّجن فتيان ، وكان من قصّته ما ذكره الله تعالى في كتابه العزيز (6) . 
____________

(1) راجع رياض العلماء ( 2 | 436 ) فانّ اللّقب بهذا النّحو مضبوط فيه فقط . 
(2) سورة يوسف ( 12 ) .
(3) سورة يوسف ( 16 ـ 17 ) .
(4) سورة يوسف : ( 18 ) . 
(5) سورة يوسف : ( 25 ) .
(6) بحارالأنوار ( 12 | 271 ـ 276 ) ، برقم : ( 48 ) عن علل الشرائع مبسوطاص . وما هو المذكور هنا زبدته ومختصره .

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...