دروس منهجية في علوم القرآن
10 فبراير,2019
القرآن الكريم, صوتي ومرئي متنوع
793 زيارة
الدرس الثالث والأربعون (طبقات المفسّرين لدى الجمهور – 1)
الطبقة الأولى من المفسرين: الصحابة
قال السيوطي في الإتقان: “اشتهر من الصحابة عشرة: الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس وابي بن كعب وزيد بن ثابت وابو موسى الاشعري وعبدالله بن الزبير، اما الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم علي بن ابي طالب كرّم الله وجهه، والرواية عن الثلاثة قليلة جداً.. انتهى. قيل: وقد كثرت الروايات ايضاً عن ابن مسعود(1).
اما الإمام علي (عليه السلام) فهو غني عن التعريف حتى عند غير شيعته، وقد رووا عنه قوله: “والله ما نزلت آية إلاّ وعلمت فيمَ أُنزلت وأين أُنزلت، انّ ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً”(2).
واما ابن عباس فهو تلميذ الامام علي فلا غرابة في ضلوعه في التفسير. وقد حكي عنه قوله: “ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب”(3).
إلاّ ان الروايات المروية في مصادر الجمهور عن ابن عباس وعن الإمام علي (عليه السلام) حيث كانت مرسلة أو ضعيفة الاسناد فلا يمكن الاعتماد عليها، وقد حكي عن الشافعي قوله: “لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلاّ شبيه بمائة حديث”(4).
فإذا كان ما وصل عن الإمام علي وتلميذه ابن عباس – على كثرة ما يروى عنهما – بهذه الدرجة من الضعف وعدم الاعتماد، فكيف بباقي الصحابة، لذلك لا يمكن الاعتماد على ما يروى عن الصحابة إلاّ القليل جدّاً الذي وصل بطريق معتبر السالم من الاضطراب، والخالي من شواهد الوضع.
وقد أشرنا الى ذلك عند التعرض للتفسير بالمأثور ونقاط الضعف فيه.
الطبقة الثانية من المفسّرين: التابعون
وقد قسّموهم الى ثلاث طبقات، طبقة أهل مكة، وطبقة أهل المدينة، وطبقة أهل العراق.
1 – طبقة أهل مكة
واشهرهم مجاهد (ت: 100 – 103) قيل: فقد كان اوثق من روى عن ابن عباس، ولذا يعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري وغيرهما من اقطاب العلم وائمة الدين(5).
وسعيد بن جبير (قتله الحجاج، عام: 94) وعكرمة مولى ابن عباس (ت: 105) وطاووس بن كيسان اليماني (ت: 106) وعطاء بن أبي رباح (ت: 114).
2 – طبقة أهل المدينة
ومنهم أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي (ت:90)، روى عن أبي بن كعب. وعطية بن سعيد العوفي (ت: 111). ومحمد بن كعب القرظي (ت: 117) كان من بني قريظة، و زيد بن أسلم (ت: 136) قيل أخذ عنه مالك بن أنس.
3 – طبقة أهل العراق
منهم.. مسروق بن الأجدع كان بالكوفة (قيل توفي سنة 63).والحسن البصري (قيل: توفي: 110) وقتادة بن دعامة (ت: 117) كان بالبصرة وعطاء بن أبي مسلم الخراساني (ت: 133) ومُرّة الهمذاني الكوفي.
وقد اختلفوا في طريقتهم في التفسير، قال السيوطي: وغالب أقوالهم تلقّوها عن الصحابة(6).
بينما خالف البعض في ذلك، قال الزرقاني: يلاحظ على ما روي عن التابعين اعتبارات مهمّة تثير الطعن فيه وتوجه النقد إليه:
منها: انّهم لم يشاهدوا عهد النبوة ولم يتشرفوا بأنوار الرسول، فيغلب على الظن أنّ ما يروى عنهم في تفسير القرآن، إنّما هو من قبيل الرأي فليس له قوّة المرفوع – أي المسند – الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم).
ومنها: انّه يندر فيه الإسناد الصحيح.
ومنها: اشتماله على إسرائيليات(7).
وقد تقدّم البحث عن مدى القيمة العلمية لما يُروى من التفسير عن الصحابة والتابعين عند الحديث عن التفسير بالمأثور.
1– مناهل العرفان: 2 18.
2– تاريخ مدينة دمشق 42398، وسائل الشيعة 161.
3– مناهل العرفان: 2 21.
4– الاتقان: 4 239.
5– مناهل العرفان: 2 22.
6– الإتقان: 4 242.
7– مناهل العرفان: 2 25.
2019-02-10