السعودية بالذات لايحق لها التعليق .. فلتصمت -حسن رستمي
2 يناير,2018
تقاريـــر
825 زيارة
شهدت بعض المدن الايرانية خلال الايام الاخيرة تجمعات احتجاجا على “المشاكل الاقتصادية” ومطالبة بتحسين الوضع المعيشي ومحاربة “الفساد الاقتصادي” داخل البلاد.
كانت المطالب الاقتصادية التي رافقها عدم رضى واحتجاجات شعبية “مطالب مشروعة ومحقة” تستدعي المسؤولين العمل على حلها؛ لكن المؤكد هنا هو ان حل هذه القضايا لن يتحقق في ظل جو من الفوضى.
من البديهي ان القضايا الاقتصادية ومعيشة الشعب لم تكن بالامر الذي قد بقي بعيداً عن اهتمام كبار مسؤولي الجمهورية الاسلامية، ولاسيما قائد الثورة الاسلامية الذي أكد مراراً في خطاباته ضرورة تسوية المشاكل الاقتصادية والاهتمام بالفئات المحرومة؛ منوها الى المسؤولين باهمية هذه القضية، وعليه فقد قرر سماحته تسمية العديد من الاعوام الايرانية في خطاباته بمناسبة راس السنة الشمية، تحت عنوان اقتصادية تحث الجميع على المبادرة لحل المعضلات التي يمر بها البلاد في هذا الخصوص.
وهنا من الضروري التمييز بين المطالب الشعبية وبين مطالب بعض الانتهازيين الذين يتربصون أية فرص للانتقام من الشعب ونظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ايضاَ؛ الامر الذي تجسد مؤخرا حيث استغلت هذه المجموعة المطالب المحقة للشعب وبدأت بتخريب الممتلكات العامة متسترة بالمطالب الشعبية واطلاق شعارات غير معهودة ضد النظام الاسلامي ترمي الى بث الفوضى وافتعال أزمة في البلاد في اطار مزاعم واحلام العدو “للاطاحة بنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية”.
والأمر الذي ضاع في هذه الفوضى هي مطالب الشعب من مسؤولي الجمهورية الاسلامية في المجال الاقتصادي حيث قد همش جزء من هذه المطالب المشروعة عبر تلك تصرفات، وعملياً لايمكن تلبية هذه المطالب في ظل أجواء الفوضى وعدم الاستقرار، بل العكس هو الصحيح حيث انه يمكن تحقيق هذه المطالب في ظل جو يسوده الهدوء وتظافر الجهود بين الاجهزة الحكومية والشعب.
من جهة أخرى، قد اقرت الجمهورية الاسلامية الايرانية حق الاحتجاجات الشعبية في اطارها القانوني، وترى بأن الشعب ينبغي أن يعبر عن رايه في جو هادىء وآمن وفي إطار قانوني وقواعد الديمقراطية المتعارف عليها لكي لايستغل هذا الأمر من قبل الحاقدين على الثورة؛ القضية التي أكد عليها رئيس الجمهوريةيوم أمس في خطابه بمجلس الوزراء.
وفي خضم هذه الاحداث، لم يتمكن أعداء الجمهورية الاسلامية الايرانية وبعض الانظمة العربية في المنطقة من إخفاء سعادتهم لوقوع تلك الاحداث وبدأوا في وسائل اعلامهم بدعم مثيري الشغب والفوضى.
واتضح هذا الامر بشكل جلي في وسائل اعلام السعودية المقروءة والمسموعة خلال الايام الاخيرة، وخصصت وسائل الاعلام هذه نشاطاتها لتغطية اخبار ايران لحظة بلحظة؛ اذ كشّر الاعلام السعودي عن انيابه ليعلن وبشكل علني أن “وعد ولي العهد السعودي قد تحقق بشأن نقل المعركة الى الداخل الايراني”.
وتأتي ردود الفعل السعودية هذه، في الوقت الذي يقبع هذا البلد لنظام قبَلي فريد من نوعه في المنطقة؛ والذي ينتهك حقوق شعبه ويحرمه من اكثر الحقوق الاجتماعية بدائية ومن أبسط حقوق المواطنة ألا وهو حق الاقتراع؛ وهو ما يفسر محاولات التمويه من جانب الاسرة الحاكمة على هذه التخلفات والذي تجسد في اخر محاولة في السماح مؤخرا للسعوديات بقيادة السيارات، واقامة حفلات طرب صاخبة بمشاركة كلا الجنسين.
السعودية التي لا تملك برلمانا حقيقيا يلعب دورا في التعبير عن المطالب الرئيسية للشعب، يدأب حكامها على استخدام كافة الاليات وتوظيف كل ما يرونه نافعاً للحفاظ على مصالحهم دون الاكتراث الى مطالب الشعب السعودي!!
كما ان الفساد مستشري في هذا البلد والفقر وعدم العدالة الاجتماعية والتمييز العنصري؛ فهية سمات واضحة على صعيد الشرائح المجتمعية لهذا البلد، فيمكن رؤية التمييز العنصري في منطقة القطيف بوضوح، ولأن غالبية سكان هذه المنطقة من الشيعة ومليئة بمصادر الطاقة يحرص حكام السعودية على حرمان سكانها من جميع اساسيات المواطنة وحق العيش السليم، كما أن الطوائف والمذاهب الاخرى في هذا البلد لايحق لها اتباع مراسمها الخاصة؛ فما بدر من القضاء السعودي في تنفيذ حكم الاعدام بحق المعارض الشيعي الشيخ نمر باقر النمر لمجرد تعبيره عن رأيه، خير دليل على كل هذه الحقائق.
كيف يمكن لبلد لاتجرى فيه أي انتخابات وتثقل سمعه كلمة “انتخابات” و “صندوق اقتراع”، بأن يسمح لنفسه التدخل بشؤون بلد عظيم متحضر كإيران التي يتم فيها شغل اعلى منصب عبر تصويت الشعب بشكل مباشر أو غير مباشر؟!
حكام السعودية الذين تلقوا هزائم كبيرة في المنطقة ولم يتمكنوا من النجاح في اي ملف من الملفات الاقليمية، يعتبرون ايران السبب الرئيس في تلك الهزائم، وعليه يحاولون مستميتين الانتقام من نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية لتعويض هزائمهم؛ لكن التجارب أثبتت بأن ايران قادرة على تحويل اي تهديد الى فرصة وقد اجتازت الصعاب في ظروف اكثر قساوة بكثير مما عليه هي الان.
2018-01-02