أي هجوم عسكري أمريكي على سوريا سيترك آثاراً مدمرة على المنطقة والعالم
20 مارس,2018
تقاريـــر
835 زيارة
فضيحة جديدة لترامب بخصوص هجوم خان شيخون الكيماوي
الخبير الاستراتيجي زارعي: الحكومة والمعارضة قد تأخذان بعين الاعتبار مسودة الدستور السوري
مصطفى مقداد لـ “الوقت”: هناك تطورات دراماتيكية ستشهدها سوريا في الفترة القريبة
الوقت – بعد مرور سبعة أعوام على اندلاع الأزمة في سوريا مازالت الأوضاع في هذا البلد حرجة وعلى درجة عالية من التعقيد. وعلى الرغم من تمكّن الجيش السوري والقوى الداعمة له من إلحاق هزائم منكرة بتنظيم “داعش” والجماعات الإرهابية الأخرى، مازالت الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا تثير ومنذ نحو شهرين مزاعم بأن القوات السورية استخدمت أسلحة كيميائية في الغوطة الشرقية، ما أدى إلى تشديد التوتر في الملف السوري إلى درجة أن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” تحدثت عن إمكانية شنّ هجوم عسكري من قبل قواتها على هذا البلد.
حول هذه التطورات أجرى موقع “الوقت” التحليلي – الإخباري حواراً خاصاً مع الخبير الإيراني والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط “الدكتور سعد الله زارعي” إليكم نصّه:
الوقت: بعد التهديدات الأخيرة التي أطلقتها أمريكا بشأن احتمال شنّ هجوم عسكري من قبل قواتها على سوريا تحت ذريعة استخدام الأخيرة للأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية، ما هو رأيكم بشأن إمكانية شنّ مثل هذا الهجوم في ظل الظروف المعقدة التي تمر بها سوريا والمنطقة؟
زارعي: قبل الإجابة عن هذا السؤال لابدّ من الإشارة إلى أن القوات الأمريكية أقامت حوالي عشر قواعد عسكرية صغيرة وكبيرة في مناطق مختلفة من سوريا معظمها في الأجزاء الشرقية من هذا البلد، ومازالت هذه القوات تسعى لإقامة المزيد من القواعد بالتنسيق مع الجماعات الإرهابية، إلّا أن القوات السورية تمكّنت من إحباط هذه المحاولات حتى الآن، وهذا الأمر يجعلنا نشكّ في قدرة القوات الأمريكية شنّ هجوم عسكري على سوريا خصوصاً على العاصمة دمشق، ويمكننا في الوقت ذاته القول بأن مثل هذا الهجوم في حال حصوله سيصبّ في مصلحة الحكومة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد سياسياً وعسكرياً، ومن ناحية أخرى سيثیر هذا الهجوم سلسلة من المخاطر في وجه القوات الأمريكية إلى درجة أنه لا يمكن أن تضمن ألّا يتم الهجوم عليها من قبل الجيش السوري والقوى الداعمة له، فالجيش السوري يمتلك القدرة على القيام بالهجوم المضاد ضد القوات الأمريكية، كما أن القوات الروسية الموجودة على الأراضي السورية ستتدخل لدعم الجيش السوري خصوصاً في حال تعرّضت مواقعها إلى تهديد أو هجوم من قبل القوات الأمريكية، وهذا ما أكده وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” عندما قال إن أيّ هجوم عسكري أمريكي على سوريا سيعقّد الأوضاع في هذا البلد ومن الممكن أن تحصل أمور ليست في الحسبان، في إشارة إلى إمكانية تدخل القوات الروسية في هذا النزاع.
الوقت: هل لكم أن تبيّنوا لنا طبيعة الردّ العسكري الروسي في حال شنّت القوات الأمريكية هجوماً على سوريا؟
زارعي: حتى الآن التزمت روسيا جانب الحكمة وتحلّت بضبط النفس طوال السنتين الماضيتين رغم قيام القوات الأمريكية باحتلال أجزاء من أراضي شرق سوريا، إلّا أنه وبعد تهديد واشنطن باحتمال شنّ هجوم عسكري من قبل قواتها على الغوطة الشرقية ودمشق والذي من الممكن أن يهدد مواقع القوات الروسية الموجودة على الأراضي السورية أكدت موسكو أنها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذا التهديد، ومن المرجح جداً أن تتخذ الإجراءات اللازمة لردعه، وتعتمد طبيعة هذا الردّ على مستوى ونوع الهجوم العسكري الأمريكي المحتمل في سوريا، لكن لیس هناك أدنى شك في أن القوات الروسية ستدخل في مواجهة مباشرة مع القوات الأمريكية في حال قامت الأخيرة بمهاجمة دمشق، وسيكون الردّ بمستوى يضمن لموسكو التغلب على واشنطن.
الوقت: تزامنت التهديدات الأمريكية بشنّ هجوم عسكري على سوريا مع حصول تغييرات ملفتة في التشكيلة الحكومية للرئيس “دونالد ترامب” شملت إقالة وزير الخارجية “ريكس تيلرسون” واستبداله بالمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية “مايك بومبيو”. السؤال المطروح: هل سيكون لهذه التغييرات تأثير على خطط أمريكا تجاه سوريا؟
زارعي: إنّ هذه التغييرات التي حصل الكثير منها خلال العام الأول من تسلم الرئيس الأمريكي مهام عمله أو بعده بقليل تؤكد بما لا يقبل الشك بأن ترامب غير راضٍ عن أداء وزارئه بمن فيهم وزير الخارجية الذي يتمتع بموقع استراتيجي، ما يعني وجود خلافات مستحكمة داخل الإدارة الأمريكية حيال مختلف القضايا الداخلية والخارجية ومن بينها موقف واشنطن من الأزمة السورية، وهذا يشير بدوره إلى هزيمة وفضيحة سياسية مُنيت بها أمريكا خصوصاً فيما يتعلق بالشؤون الخارجية، كما يعني تعيين المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية “مايك بومبيو” مكان تيلرسون بأن أمريكا في وضع لا تحسد عليه من الناحيتين الأمنية والسياسية، ولهذا حصل التغيير بهذا الشكل في منصب وزير الخارجية، والدليل على هذا الكلام هو أن تيلرسون فشل في إدارة ملفات الشرق الأوسط وفق رؤية ترامب ولاسيّما فيما يتعلق بالأزمتين السورية واليمنية. هذا من جانب، ومن جانب آخر يمكن أن يُفهم من التغييرات التي حصلت في الإدارة الأمريكية أن واشنطن بصدد تعزيز إجراءاتها العسكرية في المنطقة، ولا بدّ من التذكير هنا بأن ترامب يواجه تحديات داخلية كثيرة حتى من جانب حزبه “الجمهوري” ولهذا وجد نفسه مضطراً لتصدير هذه الأزمات إلى الخارج من خلال اتخاذ إجراءات سياسية وتكتيكية تهدف إلى حرف الأذهان عن الواقع من أجل التخفيف من حدّة الضغوط التي يواجهها ترامب في الداخل ولو بشكل مؤقت ومحدود، ومن هذه الإجراءات إقالة وزير الخارجية واستبداله بالمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية.
الوقت: من خلال هذه المعطيات، كيف ترون مستقبل الأزمة السورية؟
زارعي: يمكن القول بأن الغموض لايزال يكتنف هذه الأزمة وما ستؤول إليه الأوضاع في المنطقة بشكل عام، ومن المرجح أن نشهد المزيد من التصعيد على المستويات كافّة، وهذا يتطلب من جميع أطراف الصراع الاستعداد لمواجهة السيناريوهات المحتملة في سوريا، لكن يبقى الاعتقاد بأن أمريكا لم تعد قادرة على قلب المعادلات السياسية والأمنية لمصلحتها في هذا البلد هو السائد، وفي حال نفّذت واشنطن تهديداتها بمهاجمة سوريا عسكرياً فستؤول الأمور إلى مزيد من التعقيد، وليس هناك شك بأن الغرب بقيادة أمريكا لن يجني شيئاً من هذا التصعيد، وربّما يؤدي ذلك إلى إطالة أمد الأزمة السورية لسنوات أخرى، ولهذا من الأفضل للغرب أن يعيد حساباته قبل التورط بشنّ هجوم عسكري على سوريا، حيث لا يمكن التكهن بحجم ونوع الخسائر الناجمة عن مثل هذا الإجراء المتهور، وما سيتركه ذلك من آثار مدمرة على مستقبل الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
2018-03-20