لا يفوز الاِنسان بالمعرفة إلا بإذن الله تعالى
ـ أمالي المرتضى ج 1 ص 30
إن قال قائل ما تأويل قوله تعالى : وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون .
. . . فأما ظن السائل دخول الاِرادة في محتمل اللفظ فباطل ، لاَن الاِذن لا يحتمل الاِرادة في اللغة ، ولو احتملها أيضاً لم يجب ما توهمه لاَنه إذا قال إن الاِيمان لا يقع إلا وأنا مريد له لم ينف أن يكون مريداً لما لم يقع ، وليس في صريح الكلام ولا دلالته شيء من ذلك .
وأما قوله تعالى : ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون ، فلم يعن بذلك الناقصي العقول ، وإنما أراد الذين لم يعقلوا ولم يعلموا ما وجب عليهم علمه من معرفة الله خالقهم ، والاِعتراف بنبوة رسله والاِنقياد إلى طاعتهم . ووصفهم تعالى بأنهم لا يعقلون تشبيهاً ، كما قال تعالى صمٌٌّ بكمٌ عميٌ ، وكما يصف أحدنا من لم يفطن لبعض الاَمور أو لم يعلم ما هو مأمور بعمله بالجنون وفقد العقل .
الهداية والاِضلال من الله تعالى لكن الاِضلال باستحقاق العبد
ـ الكافي ج 1 ص 162
محمد بن يحيى وغيره ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن حكيم قال : قلت لاَبي عبدالله عليه السلام : المعرفة من صنع من هي ؟ قال : من صنع الله ، ليس للعباد فيها صنع .
ـ محمد بن أبي عبدالله ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن إسباط ، عن الحسين بن زيد ، عن درست بن أبي منصور ، عمن حدثه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع : المعرفة والجهل والرضا والغضب والنوم واليقظة .
( 157 )
ـ الكافي ج 1 ص 165
باب الهداية أنها من الله عز وجل : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل ، عن إسماعيل السراج ، عن ابن مسكان ، عن ثابت بن سعيد قال : قال أبوعبدالله : يا ثابت ما لكم وللناس ، كفوا عن الناس ولا تدعوا أحداً إلى أمركم ، فوالله لو أن أهل السماوات وأهل الاَرضين اجتمعوا على أن يهدوا عبداً يريد الله ضلالته ما استطاعوا أن يهدوه ، ولو أن أهل السماوات وأهل الاَرضين اجتمعوا على أن يضلوا عبداً يريد الله هدايته ما استطاعوا أن يضلوه ، كفوا عن الناس ولا يقول أحد : عمي وأخي وابن عمي وجاري ، فإن الله إذا أراد بعبد خيراً طيب روحه فلا يسمع معروفاً إلا عرفه ولا منكراً إلا أنكره ، ثم يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره .
ـ علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن حمران ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال : إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيراً نكت في قلبه نكتة من نور وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكاً يسدده ، وإذا أراد بعبد سوءاً نكت في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه ووكل به شيطاناً يضله ، ثم تلا هذه الآية : فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاِسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء .
ـ دعائم الاِسلام ج 1 ص 13
وروينا عن أمير المؤمنين علي بن أبى طالب صلوات الله عليه أنه سئل ما الاِيمان وما الاِسلام ؟
فقال : الاِسلام الاِقرار والاِيمان الاِقرار والمعرفة فمن عرفه الله نفسه ونبيه وإمامه ثم أقر بذلك فهو مؤمن .
قيل له : فالمعرفة من الله والاِقرار من العبد ؟
( 158 )
قال : المعرفة من الله حجة ومنة ونعمة والاِقرار من يمن الله به على من يشاء ، والمعرفة صنع الله في القلب والاِقرار فعل القلب بمن من الله وعصمه ورحمه ، فمن لم يجعله الله عارفاً فلا حجة عليه وعليه أن يقف ويكف عما لا يعلم ، ولا يعذبه الله على جهله ويثيبه على عمله بالطاعة ويعذبه على عمله بالمعصية ، ولا يكون شيء من ذلك إلا بقضاء الله وقدره وبعلمه وبكتابه بغير جبر ، لاَنهم لو كانوا مجبورين لكانوا معذورين وغير محمودين ، ومن جهل فعليه أن يرد إلينا ما أشكل عليه ، قال الله عز وجل : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون . انتهى .
وقد عقد البخاري باباً في ج 1 ص 10 تحت عنوان ( باب قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا أعلمكم بالله وإن المعرفة فعل القلب لقول الله تعالى ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ) ولكنه لم يرو حديثاً على أن المعرفة فعل القلب ، ومثل هذه الظاهرة متكررة في البخاري ، حيث تجد عنواناً ولا معنون له .