الوقت– يوم بعد يوم، وفي ظل تهالك قوى العدوان وتفكك تحالفاتها الداخلية، وتعمّق خلافاتها مع قواعدها وقياداتها، يفاجئ اليمنيون العالم بخطوات تصعيدية، من شأنها خلط الأوراق وقلب المعادلات، فإلى جانب الانتصارات اليومية التي يحققونها في مختلف الجبهات الداخلية والخارجية، يرصدون أهدافاً خارج المعركة، ويوصلون رسائل مفادها أنهم جاهزون لمعركة نفس طويل لا تخطر على بال العدوان، وأن هناك الكثير من الخيارات لم تطرح بعد، لم تكن أولها الصواريخ الباليستية المطورة، ولن تكن نهايتها الطائرات المسيّرة.
استهداف قيادة العدوان في عدن
قصف الطيران اليمني المسيّر مقرّ قيادة تحالف العدوان في المعاشيق بمدينة عدن، وتحدثت مصادر محلية لـ “الوقت” أن انفجارات عدة شهدتها المعاشيق، تلاها فرض طوق أمني، وتَوُجه سيارات الإسعاف إلى مقر القيادة، واكتفى إعلام العدوان بالحديث عن إسقاط طائرة درون حاولت شن هجمات على مقر القيادة، وهو نفس الحديث المستمر عن اعتراض وإسقاط صواريخ باليستية يمنية في سماء المدن السعودية.
دلالات الاستهداف
الكاتب والمحلل السياسي زيد البعوة تحدث لـ “الوقت” عن دلالات الاستهداف بالقول: إن هناك رسالة كان يجب أن تصل، ووصلت، ويتساءل: لماذا تم قصف عدن رغم أن المعركة الكبرى في الحديدة؟، وما الذي تريده القيادة والجيش واللجان الشعبية من وراء قصفهم لمقرات قيادات التحالف في عدن؟، ولماذا الخروج عن الإطار الجغرافي للمعركة الذي تعوّد عليه الناس؟، ولماذا لم يكن القصف في التحيتا أو الدريهمي؟، ويضيف: كثير من الأسئلة أثيرت بعد استهداف الطيران المسير التابع للجيش واللجان الشعبية لمقر قيادات التحالف بعدن، ومن وجهة نظري إن هناك العديد من الرسائل يريد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، والقيادتان السياسية والعسكرية إيصالها للعالم وبالأخص دول العدوان والأمم المتحدة منها:
أولاً: أن المعركة مع العدوان معركة شاملة وليست محددة في جغرافيا معينة، ولن ننسى عدن ولن ننسى سقطرى، صحيح أننا نخوض اليوم معركة هي الأقوى في العالم في الحديدة، لكن نريد أن نقول للعدوان: لن تدخل الحديدة ولن تسيطر عليها، ولا يغرّك تقلبك في الجنوب، لأن الجنوب لا يزال أيضاً يمنيّاً، وإن كنتم قد سيطرتم عليه فإن علينا تحريره عاجلاً أم أجلاً.
ثانياً: في الحديدة أمر العدو محسوم، فهو لن يدخل الحديدة مهما كلف الثمن بإذن الله، وفي عدن ولحج وسقطرى وميون، ويجب ألّا يفرح العدو كثيراً، فمن اليوم وصاعداً لن يكون في مأمن من غارات طائراتنا المسيّرة.
ثالثاً: نحن قادرون أن نصل إليكم في عدن وفي كل شبر من تراب الجنوب، فصواريخنا التي وصلت إلى الرياض ليست في حالة غفلة عن قواعدكم ومقراتكم ومعسكراتكم في الجنوب، وعليكم أن تترقبوا وصولها في أي لحظة.
رابعاً: على المجتمع الدولي والأمم المتحدة أن يفهموا من خلال هذه العملية لوحدها، أن اليمن واحد ولا يمكن أن يتقسم، ولا يمكن أن يتم تجزئة القضية إلى جنوب وشمال، ولن يحصل أي حوار أو مفاوضات حول منطقة أو محافظة ونسيان الأخرى، وما دام هناك احتلال في الجنوب فهناك استعداد في الشمال للتحرير.
خامساً: على مرتزقة العدوان أن يعلموا أن الجنوب الذي جعله العدوان حديقة خلفية، ومعسكراً للتجنيد والحشد على المحافظات اليمنية، لن يكون في مأمن بعد اليوم، وأن قصف الطيران المسيّر لمقرّ قيادة تحالف العدوان هو رسالة للجميع بأن العدوان الخارجي مصيره الموت والهلاك والرحيل من اليمن، والمرتزق اليمني ليس أمامه خيار إلا الموت مع أسياده، أو مراجعة نفسه والعودة إلى حضن الوطن والمحاكمة العادلة.
بداية؛ ليس إلا
وتعليقاً على العملية بشكل عام، تأتي هذه العملية في إطار المعركة الشاملة التي يخوضها الشعب اليمني في مواجهة العدوان، وهي كذلك في إطار معركة الحديدة لتقطيع أوصال العدوان واستهداف مكامن قوته وتجمعاته، وهي عملية استخباراتية ناجحة بكل المقاييس، حيث جاءت في وقتها المناسب ومع اجتماع القيادات العسكرية في الجنوب، وهذا يدل على قوة الجانب الاستخباراتي لـ”أنصار الله”، ثم هي عملية عسكرية تذكر اليمنيين بضرورة تحرير الجنوب، وتنذر العدوان أن وجوده في الجنوب احتلال، وأن اليمنيين لن ينسوا ذلك، والأيام المقبلة ستكون جحيماً ووبالاً عليه.
ويعتبر “البعوة” هذه العملية نقطة البداية، ويخاطب تحالف العدوان: “احسبوها عسكرياً وسياسياً كيفما تريدون، لكن إياكم وألف إياكم أن تفكروا أن اليمن يمكن أن ينقسم، أو أن المحتل يمكن أن يبقى على تراب اليمن.