أساليب الغزو الفكري للعالم الاسلامي 13
6 مايو,2019
صوتي ومرئي متنوع, طرائف الحكم
713 زيارة
الأسلوب الجديد :
وفي منتصف القرن العشرين ، في الخمسينيات على وجه التحديد ،
قررت الولايات المتحدة أن ترث النفوذين البريطاني والفرنسي
في المنطقة لتحقق نفس الأهداف التي كان يحققها هذان النفوذان ( 1 ) .
لكن إن اتفقت الولايات المتحدة مع بريطانيا وفرنسا في الاستراتيجية
والأهداف فلقد اختلفت معهما في التكتيك والأسلوب ومارست الولايات
المتحدة في مهارة ما يسمى بلعبة الأمم تحقيقا لأهدافها وكان أهم
أساليبها في ذلك الانقلابات العسكرية التي تصنع عن طريقها البطل أو
أو الزعيم الذي تتعلق به آمال الأمة ، فيمتص بذلك ما يمور في باطنها ،
وما كان يمكن أن يؤدي إلى ثورة في غير صالحها وينحرف بهذه القوة
المواردة داخل الشعوب عن أهدافها التي تتحقق فيها مصالح الغرب ،
القوة العسكرية المحلية تقوم بالدور الجديد
بم تعد الشعوب تحتمل أن ترى السترة الصفراء الأجنبية تحكمها
مهما حاولت أن تدعي الصداقة أو حتى أن ترفع راية الاسلام ( 1 ) .
وكان لا بد من أن ترحل السترة الصفراء الأجنبية لكن الباطل
لا يستغني عن القوة وإلا تهاوى وسقط ! ومن ثم كان لا بد من أن
يبحث عن مصدر آخر للقوة حتى يمضي في تنفيذ مخططه الأثيم لإبعاد
شعوب الاسلام عن الاسلام وهداه شيطانه إلى ما نجح فيه إلى
حد ما
استبدال السترة الصفراء الأجنبية .
بالسترة المحلية .
وصرح بعض كتابه أن هؤلاء أقدر على التغيير الاجتماعي
المطلوب ( 2 ) وعرفت المنطقة الانقلابات العسكرية ( 3 ) بديلا عن جيوش
الاحتلال الأجنبية ومن أمثلة ذلك كما صرح أحد الكتاب الأمريكيين :
سوريا سنة 1368 ه 1949 م
مصر سنة 1371 ه 1952 م
ومن قبل هؤلاء إيران سنة 1338 ه 1920 م
تركيا سنة 1326 ه 1908 م
وفي كل مرة يستفيدون من تجارب المرة السابقة
فمثلا الخطأ الذي وقع فيه كمال أتاتورك في محاولة فرض التغيير
الاجتماعي بالقوة
استبدلت القدوة بالقوة
مع وسائل الإعلام المختلفة وما يصحبها من وسائل أخرى
للتبشير أشرنا إليها .
فقد كان أتانورك غبيا حين فرض خلع الطربوش بالقوة .
فقد خلعه الناس في مصر لما رأوا رجال الانقلاب الجديد الأبطال
لا يلبسونه بدون الحاجة إلى قانون ! وهكذا !
لكن القوة بقيت لازمة تؤدي أمرين :
أولهما : قمع المعارضة والمعارضين خاصة إن كانوا من
أصحاب العقائد .
ثانيهما : مساندة الباطل والمبطلين فيما يمضون فيه من تخطيط
أثيم لإبعاد الناس عن الاسلام .
ولبيان هذين الخطين نقدم وثيقة جاءت في حيثيات حكم صدر
في بلد إسلامي نسقط منها أسماء الضحايا وأسماء
المجرمين لنصل بها إلى الموضوعية الكاملة ( 1 ) .
تبدأ الوثيقة بالإشارة إلى أسماء أعضاء اللجنة التي قدمت معلوماتها
واقتراحاتها وأكثرهم من رجال المخابرات والمباحث والأمن .
ثم تلخص معلوماتها بالإشارة إلى أن ” تدريس التاريخ الاسلامي
في المدارس للنشء بحالته القديمة يربط الدين بالسياسة في لا شعور
كثير من التلاميذ منذ الصغر ثم الإشارة إلى صعوبة التمييز بين
معتنقي الأفكار ( . ) وبين غيرهم من المتدينين الخ .
ليصل إلى المطالبة :
1 – بمحو فكرة ارتباط السياسة بالدين .
2 – إبادة تدريجية بطيئة مادية ومعنوية وفكرية للجيل القائم
بحمل الدعوة الاسلامية ، ولا يقتصر الأمر على هذه الفئة ، لا يمتد
إلى ” كل المتدينين ” باعتبارهم يمثلون الاحتياطي الذي يصب في هذه
الفئة !
ومن وسائل الإبادة : الإعدام والسجن والاعتقال ويبلغ
الأمر غاية خسته حين تصرح ” بالنسبة لنسائهم سواء كن زوجات أو
بنات فسوف يتحررن ويتعرضن مع غياب عائلهم وحاجتهم المادية
إلى انزلاقهن ” .
وهكذا تفقد الأنظمة العسكرية حتى الشرف والكرامة ! !
بقي السؤال – لماذا يفضلونها وطنية ؟
نسمع إجابتين :
إجابة من الكاتب الأمريكي مايلز كوبلاند .
فكان الحكام من ” طراز . ” يعطون الأولوية على غيرهم
لأن استيلاءهم على السلطة يوفر أفضل الفرص – أو أقلها سوءا –
لنجاح ” لعبتنا ” ( 1 ) .
وفي مكان آخر ” إن نموذجا ( ) كان من الأهمية بمكان
بخصوص اللعبة وإنا كنا ملزمين بالبحث عن مثيل له فيما لو لم يكن على
قيد الحياة ” ( 1 ) .
وإجابة من الكاتب الأمريكي مورو بيرجر .
وكان الجيش من بين كل جماعات النخبة الوطنية أكثرها دنوا من
المشاكل التي تواجهها مصر ، دنوا بالمعنى الحسابي ، والعلماني ،
والواقعي ، وبهذه الصورة كان الجيش أكثر النخبات تغربا ( 1 ) .
والواضح من تقرير ( ) الموجز أن الضباط كانوا علمانيين
يتوقون إلى بث التعاصر في مصر متماشين مع الخط الغربي التكنولوجي ، بل كانوا جماعة علمانية في البناء
السياسي والاجتماعي للحياة المصرية إلا أن قيادتهم كانت تضع نصب
عينيها صورة من مصر العلمانية كما يتصورونها ، ويتحركون صوب هذا
الهدف على خط مستقيم ( 2 ) .
ويعمم الكاتب وعلى ذلك فبينما يترك الحكام الغربيون منطقة
الشرق الأدنى تتحول هذه المنطقة فتصبح أكثر غربية ، ويواجه الزعماء
العرب طريقين : فهم يطردون الغرب سياسيا ويسحبون الكتل
الشعبية إلى الغرب ثقافيا ( 3 ) .
ونجيب بعد هؤلاء فنقول بعون الله :
1 – إن النخبة الوطنية التي حلت محل ” النخبة الأجنبية ” وفرت
على الأخيرة أولا : الدم والمال التي كانت تبذل في الحروب الصليبية
أو في محاولات الاستعمار .
2 – وإنها كذلك منعت إثارة المشاعر الدينية أو الوطنية
التي كانت تتحرك حين يرى الشعب الجيوش الأجنبية قادمة تتحدى
قيمه الدينية أو قيمه الوطنية . . ومن ثم فقد ميعت المقاومة أو
منعتها !
3 – إنها بلباس الوطنية نفذت المطلوب ليس فقط دون
مقاومة بل أحيانا مع استحسان الجماهير وحماستها ! ! ( 4 ) .
4 – أنها استطاعت أن تقضي على كل معارضة من أي فئة دون أن يتحرك أحد لنصرة هذه الفئة بل مع اعتقادهم بما تذيعه
” النخبة الوطنية ” من أن المعارضين خوارج – أو خونة ! !
2019-05-06