أساليب الغزو الفكري للعالم الاسلامي 30
26 أكتوبر,2019
صوتي ومرئي متنوع, طرائف الحكم
762 زيارة
ثانيا : الجدل :
الجدل الذي يمزج ماكس بينه وبين المادة هو ما أشار إليه
هيجل من احتواء الشئ على النقيضين
وغير ماركس ذلك النسج
وغره أن كان العلم – على قرنه التاسع عشر يعتبر الطبيعة قائمة
على عنصرين – الطاقة والمادة
ومن ثم أخذ الجدل وبنى عليه فلسفته المادية الجدلية .
وأثبت العلم بعده وحدة الطاقة والمادة .
وأن المادة ليست إلا طاقة مركزة .
والطاقة مادة لا نقول عنها أنها طاقة إلا أن تسير بسرعة الضوء
وكان تفجير الذرة تكذيبا لما قال به ماركس من قيام التناقض
داخل المادة فقد توهم من وجود السالب ( الالكترون ) والموجب
( النيترون ) أنهما متناقضان وفات ماركس أن الاختلاف لا يعني
التناقض أن وجود السالب والموجب : داخل الذرة .
وداخل الكهرباء
وداخل المغناطيس
بل وفي النبات
وفي الحيوان
وفي الانسان
لا يعني أبدا التناقض .
أنه يعني شيئا أخر فات ماركس هو التكامل والتزواج مم
فمن العنصرين تقوم الحياة وصدق الله ( ومن كل شئ خلقنا زوجين
لعلكم تذكرون ) ( 1 ) .
ومظاهر الطبيعة الأخرى التي قد تعطي ظلا من الاختلاف .
كالليل والنهار مثلا إنما تعطي في الحقيقة التكامل الذي أشرنا إليه
وهو ما يشير إليه القرآن الكريم . ( وجعلنا الليل لباسا ، وجعلنا
النهار معاشا ) ( 1 ) .
من ثم فلا تناقض متى وجد التكامل
بل إنها كلها تسير وفق نظام رسمه لها خالقها ( لا الشمس ينبغي
لها أن تدرك القمر ، ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) ( 2 ) .
ولا يقع التناقض ولا الصراع إلا أن تخرج المادة عن نظامها الذي خلقها
عليه خالقها فالذرة لا تنفجر حتى يختل ترتيب الالكترونات
والبروتونات ومثل الذرة كل مظاهر الكون والطبيعة لا تختل
حتى تخرج عن نظامها المفطور أو مدارها المرسوم .
ومثل الطبيعة الانسان لا تناقض فيه بين الذكر والأنثى
بل تكامل وتزاوج ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا
لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ( 3 ) ” والتناقض والتنافر
لا يتأتى . إلا أن يخرج الرجل عن طبيعته أو تخرج المرأة عن طبيعتها
ولا تناقض داخل الانسان نفسه لا تناقض بين روحه وجسده بل
كذلك تكامل وتزاوج ولا يأتي التناقض والتنافر حتى تطغى إحدى
القوتين على الأخرى .
فيتوهم الانسان أن يمكن أن يعيش جسدا بغير روح يلبي
رغائب الجسد وشهواته وفي مقدمتها شهوتي البطن والفرج . وينسى
أن له روحا لها غذاء ولها أشواق ولا بد معها من الظوابط
للقوة الأولى قوة الجسد .
أو يتوهم الانسان أن يمكن أن يعيش روحا بلا جسد فيعرض
عن مطالب الجسد أو يكاد فيرهق نفسه بالصيام دهرا ، وبقيام الليل
كله وينسى سنة الرسول صلوات الله وسلامه عليه و ( آله ) ( إن لربك عليك
حقا ، ولبدنك عليك حقا فاعط كل ذي حق حقه ) . وبذا ينهار جدل ” ماركس ” ومن قبله جدل ” هيجل ” وتعيش
الحقيقة الخالدة ( ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ( 1 ) .
المبحث الثاني
الماركسية والدين
كان لا بد من هذا المبحث وإن استغنينا عن كثير من مباحث
الماركسية
أولا : لأن كثيرا من المتمركسين يزعمون أن لا كفر في الشيوعية
ولا إلحاد .
ثانيا : لأن النغمة الجديدة التي صاروا إليها أو ساروا بها هي
كان الجمع بين الماركسية والدين فلا تعارض بينهما . ونحاول أن نبين موقف الماركسية من الدين .
ثم نبين بعد ذلك موقف الدين من الماركسية وهل يمكن أن
يرقع بها الدين أو يكمل بها ” نقصه ” .
أولا – موقف الماركسية من الدين :
لم يخف ماركس رأيه في الدين .
بل إن الدين – على قرنه التاسع عشر في أوروبا – كان تمهيدا
طبيعيا للماركسية كما قلنا بما آل إليه أمره من تعقيد في
العقيدة ثم بما آل إليه أمر أهله أو رجاله من تنفير وتشويه
بعد التحريف والتأويل
وماركس وأتباعه يردد في أكثر من مكان أن الدين ” أفيون ”
الشعوب ومخدر الفقراء وأنه انعكاس لشقاء فعلي واحتجاج على
هذا الشقاء ( 1 ) .
وظلت الماركسية تعتز موقفها من الدين طوال صدامها مع
الكنيسة حتى إذا قيض للماركسية أن تجد لها أتباعا في شرقنا الاسلامي .
فإنها بدأت تراجع موقفها من الدين لتتخذ إزاءه ” خطة مرحلية ”
بعد ما وجدت من عقيدة الاسلام صخرة صلبة تقف في طريقها وكان
أن قرر بعض المؤتمرات الشيوعية ضرورة الابتعاد عن الهجوم على
الدين وتلا ذلك نصائح بعض مفكريهم بعدم إنكار أثر الدين وبمحاولة
الاستفادة منه وهكذا يقول أحدهم : ” وإن هناك لأملا كبيرا مشتركا
بين ملايين المسيحية في العالم وبين ملايين الشيوعيين وهو أن نبني
المستقبل دون أن نضيع شيئا من ميراث القيم الانسانية التي جاءت بها
المسيحية منذ ألفي عام ويضيف أن تكذيب صيغة ” أفيون الشعوب ”
التي لخص بها ماركس ولينين تجربة لا سبيل إلى نكرانها ، ليس قضية
فحسب بل هو أيضا أمر ممارسة سياسية واجتماعية ( 1 ) .
2019-10-26