الرئيسية / تقاريـــر / العلاقات بين تركيا والسعودية تشهد منعطفاً خطيراً.. فهل ستنتهي بالتصالح أم بالمواجهة؟

العلاقات بين تركيا والسعودية تشهد منعطفاً خطيراً.. فهل ستنتهي بالتصالح أم بالمواجهة؟

الوقت- أعلن وزير الخارجية التركي ” مولود تشاووش أوغلو” بأن “أنقرة” لن تلتزم الصمت بشأن الحصار الجائر الذي تفرضه السعودية على اليمن والذي تسبب بحدوث أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم حالياً، وقال “أوغلو” في كلمته التي ألقاها يوم الأربعاء الماضي أمام البرلمان التركي: “لا أعتقد بأن سياسات السعودية والإمارات وحصارهما للشعب اليمني أمر سليم وعلى حق وذلك لأن الكثير من اليمنيين يموتون بسبب الجوع والمرض، ولهذا فإننا لن نلتزم الصمت حيال ذلك”، وأضاف: “ندعم جهود الأمم المتحدة في اليمن، ونحن من أكثر الداعمين للوساطة العُمانية، وأشار الوزير التركي إلى أن بلاده قدّمت الكثير من الدعم من أجل التوصل إلى حل سياسي، واستمرار تقديم المساعدات الإنسانية لليمنيين، وأوضح أن تركيا أرسلت مستشفيين ميدانيين إلى اليمن، لكنه أضاف: “مع الأسف هناك صعوبات كثيرة في مسألة إيصال المساعدات الإنسانية”، ولفت قائلاً: “يتعيّن علينا مواصلة إرسال مئات الأطنان من المساعدات الغذائية والأدوية، وتأتي تصريحات “أوغلو” في ظل تحركات وضغوط غربية لوقف القتال في اليمن والتوصل إلى حل سياسي هناك

يذكر أن السعودية بدأت حربها العبثية على اليمن منذ شهر مارس 2015، وكانت تعتقد بأنها سوف تتمكن في غضون ثلاثة أسابيع من تحقيق أهدافها العسكرية في اليمن، ولا سيما القضاء كلياً على حركة “أنصار الله”، وإعادة الرئيس المستقيل والفار “عبد ربة منصور هادي” إلى السلطة، ولهذا فلقد قامت بغزو هذا البلد الفقير بمساعدة العديد من الدول العربية وعلى رأسها دولة الإمارات وشكلت تحالفاً أطلق عليه “التحالف العربي” وقامت بتسمية حربها على اليمن باسم “عاصفة الحزم”، لكن فشل هذا التحالف الذي تقوده السعودية في حربه العبثية هذه، قاده إلى فرض حصار جوي وبحري جائر على هذا البلد ومنع دخول الأدوية والأغذية والمساعدات الإنسانية ما تسبب في حدوث أكبر مجاعة إنسانية في هذا البلد الفقير، أدّت إلى موت الكثير من الأطفال والنساء وكبار السن.

ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن الحصار المفروض على الشعب اليمني، تسبب أيضاً في انتشار العديد من الأمراض والأوبئة القاتلة والتي تهدد حياة 14 مليون مواطن يمني، ووفقاً لمنظمة “اليونيسف” العالمية، فإن كل عشر دقائق يموت طفل يمني وهذا الأمر كله يرجع إلى الحصار الجائر الذي فرضته السعودية والإمارات على هذا البلد المظلوم.

وفي وقتنا الحالي وبعد التوترات التي شهدتها العلاقات السياسية بين “أنقرة” و”الرياض” حول قضية مقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” داخل القنصلية السعودية في “اسطنبول”، فإن وزير الخارجية التركي أكد بأن تركيا لن تلتزم الصمت بشأن الحصار الذي يفرضه السعوديون على الشعب اليمني، وهنا فمن المتوقع أن يقوم الجانب التركي بفتح ملف لمساءلة الجانب السعودي فيما يخص قضية “خاشقجي” والجرائم الوحشية التي يقوم بها في اليمن ويبدو أن فتح الجانب التركي لهاتين القضيتين في الوقت الذي زاد فيه اهتمام المجتمع الدولي بشأن الجرائم السعودية التي تقوم بها في اليمن، سوف يزيد من توتر العلاقات بين “أنقرة” و”الرياض” وأنها خلال الأيام والأسابيع القادمة سوف تبلغ ذروتها وسوف تتفاقم هذه التوترات بين هذين البلدين اللذين لديهما الكثير من الخلافات القديمة.

وفي وقتنا الحالي، تشير العديد من المصادر الإخبارية إلى أن صورة وسمعة السعودية قد شوهت عند المجتمع الدولي بسبب سياسات ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” المتهورة والخاطئة، خاصة عقب قيامه بقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي”، ونظراً لتزايد الخلافات داخل الأسرة الحاكمة في السعودية، فإنه من المحتمل دخول البلاد عقب وفاة الملك “سلمان” في صراعات كبيرة بين الأمراء الذين يدّعون أحقيتهم بالعرش وهذا الأمر سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار التسلّط السعودي على المنطقة وهنا يمكن القول بأن الأوضاع الحالية المتأزمة التي تعيش فيها السعودية، تعتبر فرصة للجانب التركي لتسييس جريمة قتل الصحفي “خاشقجي” والجرائم التي تحدث في اليمن، لسحب البساط من تحت أقدام السعودية وتعزيز موقفها ومكانتها لقيادة العالم السني، خاصة وأن تركيا تدافع عن الإسلام المعتدل المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين، في حين أن السعودية تروّج للأفكار المتشددة للإسلام، المسماة الوهابية التي هي الآن تعتبر المرادف الأمثل للإرهاب.

وفي حين أن تركيا تمتلك تاريخاً عظيماً تشهده الإمبراطورية العثمانية التي جابت العالم شرقاً وغرباً، فإنها في وقتنا الحالي تدّعي بأنها الواجهة للحضارة الإسلامية الجديدة، وذلك لأنها ترى بأن السعودية لم تمتلك أي حضارة وأنها تقوم فقط بنشر الفكر الوهابي الإرهابي في العالم، إن التطورات السياسية التي وقعت بعد عام 2011 والتي تلاها سقوط الرئيس “مبارك” في مصر، والدور الذي لعبته السعودية في الإطاحة بالرئيس المصري الإخواني “محمد مرسي، وكذلك دعم تركيا لقطر بعد فرض السعودية والإمارات حصاراً اقتصادياً عليها، والدور الذي لعبته السعودية والإمارات في الانقلاب الذي وقع عام 2016 للإطاحة بـ”أردوغان”، قد زادت من الخلافات بين أنقرة والرياض ولربما في المستقبل سنشهد حدوث مواجهة عسكرية بين هذين البلدين.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...