مواعظ قرآنية

الدرس الاول: العفة والحياء

 

يقول الله تعالى في محكم كتابه:

 

﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾3

 

 

3- سورة القصص، الآية: 23.

 

قوى النفس وأهميّة تهذيبها

 

كلُّ إنسان إذا رجع إلى نفسه ووجدانه وتأمّل سيجد أنّ فيه عدّة قوى: قوّة الغضب، وقوّة الشهوة، وقوّة الوهم، وقوّة العقل.

 

هذه القوى في الواقع هي الّتي من شأنها التحكُّم بقرارات الإنسان وبالتالي بمصيره في الدنيا والآخرة، وهي متصارعة فيما بينها، أيّها يكون الآمر المطاع والمسيطر، لأنّ كلّ قوّة تريد إثبات مقتضاها دون أن تأبه بما يقتضيه غيرها ولذا يقع التصادم في مقتضياتها.

 

والإنسان مأمور أن يُحكِّم القوّة العاقلة لتكون هي السلطان، وهي الآمر والناهي، وتخضع لها القوى الأخرى، فتُقدم عندما تأمرها القوّة العاقلة، وتنزجر عندما تزجرها، فتكون القوى الأخرى بمثابة الجنود المطيعة لسلطة واحدة هي سلطة العقل.

 

وحيث إنّ هذه القوى قد تجمح إلى الإفراط، وقد تميل إلى التفريط، وقد تعتدل، فلا بُدّ من بذل الجهد لردّها إلى الاعتدال، وهو أمر في غاية الصعوبة ويستلزم جهداً عظيماً في طريق تحقيقه والوصول إليه، إلا أنّه في غاية القداسة أيضاً بل هو غاية بعثات جميع الأنبياء عليهم السلام، وهو هدف الأوصياء عليهم السلام ومبتغى الحكماء، بل هو غاية الخلقة.

 

وقد صرّح خاتم الأنبياء المصطفى محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بذلك بقوله: “إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق”4.

 

 

4- بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّ، ج 16، ص 210.

 

 والاعتدال يتمثّل بالأخذ بالأواسط من الأمور، وهو ما يأمر به العقل السليم ويُرشد إليه الشرع المبين، وكلّ سير باتّجاه أحد الطرفين مذموم، والوصول إلى أحدهما هو الوقوع في الرذيلة.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...