عالم الأجنّة «كيث مور» يعلن إسلامه بعد معاينته للإعجاز القرآني القرآني في خلق الإنسان تعمق في دراسة أيات القرآن خاصة التي تتمحور حول تكوين الإنسان.
«عددهم بالعشرات، رجالا ونساء، صبية وشبابا، وصل بعضهم إلى القمة.. تأملوا الإسلام فوجدوا فيه الانشراح والاطمئنان.. تقربوا منه فوجدوا فيه القوة والعزيمة والعدل والحرية والأمان.
انفرجت أساريرهم بعد أن اهتدوا إلى الطريق الأقوم انطلاقا من قوله تعالى: «قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم».
اجتازوا مسافات الشك واليقين والخير والشر حتى وصلوا إلى بر الأمان بعد اعتناقهم الإسلام فأخرجوا أنفسهم من الظلمات إلى النور. إنها قصة إسلام هؤلاء.
«تميّز عن غيره بالكثير من المزايا والخصال حيث وصوله إلى أعلى مراتب العلم والعطاء، اهتم بدراسة الإنسان ومراحل تكوّنه في حضارات الأممالسابقة وطرق لهذه الغاية أبواب الديانات المختلفة حيث الإنجيل والتوراة، استلم الجائزة الأكثر بروزا في حقل الطب والتشريح في كندا (جي.سي.بي) ومنحته موضع الريادة لرئاسة عدد من المؤسسات والجمعيات الطبية العالمية التي كان على رأسها الجمعية الكندية الأمريكية لاختصاصي التشريح ومجلس اتحاد العلوم الحيوية بكندا.
ذهل بمراتب علمه النافع التي وصل إليها لكنه أصيب في مقتل عندما قرأ القرآن وعلم سِبْقه لكل العلوم الحيوية في تناوله لتكوّن الإنسان حيث تخصّصه ودراسته، ورأى أن ما تعلمه في عصر التقدم العلمي والتكنولوجي قد فاجأه به رجل أميّ قال ما تعلمه وأوحى إليه به ربه قبل أكثر من أربعة عشر قرنا مضت حيث لا علم ولا معرفة ولا مختبرات ولا تكنولوجيا ومعامل ولا بحوث على الإطلاق، حيث لا وجود سوى لكتاب الله عزّ وجل، أشهر إسلامه بعد لمسه لمظاهر الإعجاز العلمي واعترافه بأن هذا القرآن ليس بكلام البشر وإنما هو كلام القادر المقتدر منطلقا من قوله تعالى «وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ».
هذا الذي أريده
هو عالم التشريح والأجنة ذو الأصول الكندية البروفيسور كيث مور صاحب الكتاب الشهير الذي ترجم إلى أكثر من 25 لغة في العالم «التطور الإنساني: «The Developing Human»، الذي أعلن إسلامه في العام 1980 بمجرد اكتشافه لآيات القرآن الكريم التي تتناول تكوين الجنين والإنسان التي سبقت كل العلم والتكنولوجيا منذ قرون مضت.
يروي الدكتور زغلول النجار قصة إسلام كيث مور في كتابه (الذين هدى الله) بالقول على لسان كيث مور «دعيت في إحدى المرات إلى حضور أيام المؤتمر الدولي للإعجاز العلمي الذي عقد في موسكوأواخر السبعينيات فكرهت في بداية الأمر أن أحضره لأنه يعقد في بلد كانت عاصمته مركزا للكفر والإلحاد لأكثر من سبعين سنة، وقلت حينها في نفسي ماذا يعلم هؤلاء الناس عن الله حتى ندعوهم إلى ما نادى به القرآن الكريم لكنهم أصرّوا على حضوري هناك بعد أن تم توجيه دعوة رسمية لي من قبل الأكاديمية الطبية الروسية واضطررت بالتالي للذهاب إلى موسكو.
وأثناء استعراض بعض العلماء المسلمين للآيات الكونية وبالتحديد قوله تعالى «يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ» بدت دهشتي واضحة للجميع وأخذت العيون تترقب حديث شفتاي التي حتما ستنطق بشيء ما بخصوص هذه الآية الكريمة التي تدخل في محور اهتماماتي العلمية حيث تكوين الإنسان وعلم الأجنّة والوراثة، لكنني رغم داخلي الذي أخذ يجبرني على الحديث إلا أنني لم أتحدث إطلاقا واستمر أحد العلماء المسلمين بسرد آيات أخرى من القرآن تتحدث عن تكوين الجنين والإنسان، وفضلت بذلك الاستماع نظرا لشغفي الشديد لمعرفة آيات أخرى من القرآن وبشكل أوسع، واستمر ذلك العالم بالقول:
إذا كانت ألف سنة تساوي قدرين من الزمان غير متكافئين دلّ ذلك على اختلاف السرعة، ثم بدا يحسب هذه السرعة كعالم فيزيائي وأخذ يردّد: ألف سنة …!!لا بد وأن تكون سنة قمرية لأن العرب لم يكونوا يعرفون بعد السنة الشمسية، والسنة القمرية هي اثنا عشر شهرا ومدة الشهر هي مدار القمر حول الأرض وهذا المدار محسوب بدقة بالغة وهو 2.4 بليون كم، و2.4 بليون كم مضروب في 12 شهرا (عدد شهور السنة) ثم في ألف سنة ثم يقسم الناتج على 24 (عدد ساعات اليوم) ثم على ستين (عدد الدقائق) ثم على ستين أخرى (عدد الثواني)، وتوّصل في نهاية المطاف إلى سرعة أعلى من سرعة الضوء حينها وقف أستاذ روسي في الفيزياء وعضو الأكاديمية الروسية وأخذ يقول:
لقد كنت أظن نفسي قبل هذا المؤتمر أنني من البارزين في علم الفيزياء وفي علم الضوء بالذات وإذا بي بعلم أكبر من علمي بكثير وبالتالي لا أستطيع أن اعتذر عن تقصيري في معرفة هذا العلم إلا أن أعلن أمامكم جميعا أنني اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
إسلام جماعي
ويضيف كيث مور كما أورده زغلول النجار في كتابه بالقول «كان وقع تلك الكلمات قويا على الجميع ممن يحضرون ذلك المؤتمر وكان لها وقع خاص على نفسي، حيث بدأت أشعر بأن هذا هو الذي أريده وأبحث عنه منذ سنوات طويلة من خلال المعامل والأبحاث وباستعمال التكنولوجيا العصرية، لكن الذي جاء به القرآن كان شاملا وكاملا قبل عصر التكنولوجيا والعلم الحديث، بدا الموقف مؤثرا لدرجة أنني رأيت الدموع تنهمر من عينيّ أحد العلماء المسلمين فرحا بما حدث وفرحا بإعلان الفيزيائي الروسي لإسلامه، وكم كانت الفرحة عارمة للجميع (بل كانت صدمة للجميع) حينما خرج من خلف الغرفة الزجاجية أربعة مترجمين (لم نرهم ولم نحادثهم على الإطلاق بقدر ما كانوا يقومون بعملية الترجمة من العربية إلى الروسية والعكس) وأخذوا يرددون بصوت واحد نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
، بل إنني علمت بعد ذلك بأن 37 عالما روسيا أعلنوا إسلامهم بمجرد رؤيتهم لحلقات المؤتمر التي كان يبثها التلفزيون الروسي على الهواء مباشرة ذلك اليوم.
ويستطرد مور بالقول «كان الجميع قد وقف مشدوها أمام تلك الشهادة الجماعية للمترجمين والتي جاءت بمحض الصدفة بعد أن دخل الإيمان قلوبهم واستوطن القلوب وأحسست حينها أن قلبي أنا الآخر قد بات قاب قوسين أو أدنى من أن يخرج بكلماته التي سأسلم فيها مباشرة، لكنني لم أكن في تلك الفترة (نظرا لضغوطات اجتماعية) مستعدا لإعلان إسلامي وفضلت انتظار الوقت الملائم لذلك، لم أستطع تمالك نفسي حتى بدأت أقول للجميع :إن التعبيرات التي تفضلتم بها وأوجزتم فيها تكوّن الإنسان لتبلغ من الدقة ما لم يبلغه العلم الحديث، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أن هذا القرآن لا يمكن أن يكون إلا كلام الله وأن محمدا رسول الله، وقبل أن أختم حديثي التفت إليّ ذلك العالم المسلم وقال لي:إذا فأنت مسلم!! فقلت له ليس بعد لكنني أشهد أن هذا القرآن هو كلام الله، فردّ عليّ بالقول إذاً أنت مسلم لكنك لا تعلم ولا تدري، فأجبته على الفور أنا لست بمسلم الآن لكنكم لا تتعجبوا إذا ما سمعتم يوما ما أن كيث مور أعلن إسلامه ودخل في دين الله.
ما قبل الميكروسكوب
بعد انتهاء ذلك المؤتمر (يستطرد مور في سرد قصة إسلامه) عدت إلى موطني من جديد وانزويت إلى دراسة معمقة للقرآن الكريم خاصة فيما يتعلق بالآيات التي تتمحور حول دراسة تكوين الإنسان حسب ما جاءت به الآية 12-14 من سورة المؤمنين وبقيت على قراءتي ومطالعتي في علم الأجنة وتكوّن الإنسان حتى دعيت من جديد لحضور المؤتمر العلمي للإعجاز القرآني الذي عقد بالقاهرة عام 1986، وهناك أخذ الجميع في مناقشتي حول دراساتي الخاصة بالأجنّة وأهم النتائج العلمية التي توصلت إليها، وأذكر جيدا أن الشيخ عبد المجيد الزنداني قام بطرح العديد من الاستفسارات العلمية حيث قال في أحدها:
دكتور مور نحن نعلم مقدار تخصّصك في علم الأجنّة والوراثة لكننا نبحث في تاريخ العلم أي قبل اكتشاف الميكروسكوب وما بعده وأثر ذلك على علم الأجنّة، فما قبل اكتشاف الميكروسكوب هي الأسئلة البسيطة وما بعده هي الصعبة والمعقدة؟
واخذوا بمناقشتي مفسّرين ذلك بالآية الكريمة من سورة المؤمنين التي يقول فيها الله جل وعلا «: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» حينها فقط انتصبْتُ وأخذّت أقول :
إنني اشهد بإعجاز القرآن الكريم وإعجاز الله تعالى في خلق كل طور من أطوار الإنسان، ولست اعتقد بأن محمد صلى الله عليه وسلم أو أي شخص آخر يستطيع معرفة ما يحدث في تطور الجنين، لأن هذه التطورات لم تكتشف إلا في الجزء الأخير من القرن العشرين وأريد أن اذكر على أن كل شيء قرأته في القرآن عن نشأة الجنين وتطوره داخل الرحم ينطبق على كل ما اعرفه كعالم من علماء الأجنّة البارزين، خاصة وأن المراحل السبع التي ذكرها القرآن في الآية السابقة هي ذاتها المراحل التي أثبتها علم الأجنّة والتي تنطلق حتما من القرآن الكريم وبالتالي أعلن أمامكم أنني اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
إنه من عند الله
يقول الشيخ الزنداني في وصف إسلام كيث مور «كنا قد التقينا به وعرضنا عليه الكثير من الأحاديث المتعلقة بمجال تخصصه في علم الأجنّة فاقتنع بما عرضنا عليه وقلنا له حينها: لقد ذكرت في كتابك «التطور الإنساني» القرون الوسطى وقلت إن هذه القرون لم يكن فيها تقدم لعلم الأجنّة بل لم يعلم فيها إلا الشيء القليل، وفي هذه العصور كان القرآن قد نزل عليكم وكان محمدا صلى الله عليه وسلم يعلم الناس الهدى الذي جاء به من عند الله سبحانه وتعالى وفيه الوصف الدقيق لخلق الإنسان ولأطوار خلقه وبما انك رجل علمي فلماذا لم تنصف وتضع في كتابك هذه الحقائق، فأجابنا بالقول حينها:
الحجّة عندكم وليست عندي فقدموها لي لأوجزها في الطبعة الثالثة للكتاب، وهذا ما فعله بالتحديد حيث كتب فيه:كان تقدم العلوم الوسطى بطيئا ولم نعلم عن علم الأجنة إلا الشيء القليل، لكن القرآن وهو الكتاب المقدس لدى المسلمين أورد بأن الإنسان يخلق من مزيج من الإفرازات من الذكر والأنثى وقد وردت بذلك عدة إشارات فيه تورد بان الإنسان يخلق من نطفة من المِنْيّ، وبيّن أيضا أن النطفة الناتجة تستقر في المرأة كبذرة بعد ستة أيام والمعروف أن البيضة الملقحة بعد أن تكون قد بدأت في الانقسام تبدأ في النمو بعد ستة أيام من الإخصاب ويقول القرآن أيضا أن النطفة تتطوّر لتصبح قطعة من دم جامد (علقة) وأن البيضة الملحقة بعد أن تكون قد بدأت في الانقسام أو الحمل المجهض تلقائيا يمكن أن تشبه العلقة، ويمكن رؤية مظهر الجنين في تلك المرحلة يشبه العلقة، ويبدأ بالتالي الجنين البشري باكتساب مميزات الإنسان في هذه الرحلة انطلاقا من قوله تعالى «يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ في ظلمات ثلاث» حيث الجنين الذي يتطور داخل ثلاثة حجب مظلمة وهي جدار البطن الخارجي للمرأة وجدار الرحم والغشاء الداخلي الذي يحيط بالجنين مباشرة، وانهي حديثه بالآية الكريمة: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ».