المراجعات بقلم الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي30
21 مايو,2018
بحوث اسلامية, صوتي ومرئي متنوع
744 زيارة
ش
المراجعة 41 رقم : 3 المحرم سنة 1330
لفظ الذين آمنوا للجمع فكيف أطلق على المفرد ؟
قد يقال في معارضتكم أن لفظ الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة
ويؤتون الزكاة وهم راكعون ، حقيقة في الجمع ، فكيف أطلق على
الإمام كرم الله وجهه وهو مفرد ، ولو قيل لكم ذلك فما الجواب ؟
س
المراجعة 42 رقم : 4 المحرم سنة 1330
1 – العرب يعبرون عن المفرد بلفظ الجمع
2 – الشواهد على ذلك
3 – ما ذكره الإمام الطبرسي
4 – ما ذكره الزمخشري
5 – ما ذكرته
1 – الجواب : إن العرب يعبرون عن المفرد بلفظ الجمع ، لنكتة
تستوجب ذلك .
2 – والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران * ( الذين
قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا
حسبنا الله ونعم الوكيل ) * وإنما كان القائل نعيم بن مسعود الأشجعي
وحده ، بإجماع المفسرين والمحدثين وأهل الأخبار ( 538 ) ، فأطلق الله
سبحانه عليه وهو مفرد لفظ الناس ، وهي للجماعة تعظيما لشأن الذين
لم يصغوا إلى قوله ، ولم يعبأوا بإرجافه ، وكان أبو سفيان أعطاه عشرا
من الإبل على أن يثبط المسلمين ويخوفهم من المشركين ، ففعل ، وكان
مما قال لهم يومئذ : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ، فكره أكثر
المسلمين الخروج بسبب إرجافه ، لكن النبي صلى الله عليه وآله ،
خرج في سبعين فارسا ، ورجعوا سالمين ، فنزلت الآية ثناء على السبعين
الذين خرجوا معه صلى الله عليه وآله ، غير مبالين بإرجاف من
أرجف ، وفي إطلاق لفظ الناس هنا على المفرد نكتة شريفة ، لأن الثناء
على السبعين الذين خرجوا مع النبي يكون بسببها أبلغ مما لو قال الذين
قال لهم رجل إن الناس قد جمعوا لكم كما لا يخفى . ولهذه الآية نظائر
في الكتاب والسنة وكلام العرب ، قال الله تعالى : * ( يا أيها الذين آمنوا
اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف
أيديهم عنكم ) * وإنما كان الذي بسط يده إليهم رجل واحد من بني
محارب يقال له غورث ، وقيل إنما هو عمرو بن جحاش من بني
النضير ، استل السيف فهزه وهم أن يضرب به رسول الله ، فمنعه الله
عز وجل عن ذلك ، في قضية أخرجها المحدثون وأهل الأخبار
والمفسرون ، وأوردها ابن هشام في غزوة ذات الرقاع من الجزء الثالث
من سيرته ( 539 ) وقد أطلق الله سبحانه على ذلك الرجل ، وهو مفرد
لفظ قوم ، وهي للجماعة تعظيما لنعمة الله عز وجل عليهم في سلامة
نبيهم صلى الله عليه وآله ، وأطلق في آية المباهلة ( 540 ) لفظ
الأبناء والنساء والأنفس – وهي حقيقة في العموم – على الحسنين وفاطمة
وعلي بالخصوص إجماعا وقولا واحدا تعظيما لشأنهم عليهم السلام ،
ونظائر ذلك لا تحصى ولا تستقصى ، وهذا من الأدلة على جواز إطلاق
لفظ الجماعة على المفرد إذا اقتضته نكتة بيانية .
3 – وقد ذكر الإمام الطبرسي في تفسير الآية من مجمع البيان : أن
النكتة في إطلاق لفظ الجمع على أمير المؤمنين تفخيمه وتعظيمه ، وذلك
أن أهل اللغة يعبرون بلفظ الجمع عن الواحد على سبيل التعظيم
( قال ) : وذلك أشهر في كلامهم من أن يحتاج إلى الاستدلال عليه
( 541 ) .
4 – وذكر الزمخشري في كشافه نكتة أخرى حيث قال : فإن قلت
كيف صح أن يكون لعلي رضي الله عنه واللفظ لفظ جماعة ، قلت :
جئ به على لفظ الجمع ، وإن كان السبب فيه رجلا واحدا ليرغب
الناس في مثل فعله ، فينالوا مثل نواله ، ولينبه على أن سجية المؤمنين
يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البر والاحسان ، وتفقد
الفقراء حتى إن لزمهم أمر لا يقبل التأخير ، وهم في الصلاة ، لم يؤخروه
إلى الفراغ منها . ا ه ( 542 ) .
5 – قلت عندي في ذلك نكتة ألطف وأدق ، وهي أنه إنما أتى
بعبارة الجمع دون عبارة المفرد بقيا منه تعالى على كثير من الناس ، فإن
شانئي علي وأعداء بني هاشم وسائر المنافقين وأهل الحسد والتنافس ، لا
يطيقون أن يسمعوها بصيغة المفرد ، إذ لا يبقى لهم حينئذ مطمع في
تمويه ، ولا ملتمس في التضليل فيكون منهم – بسبب يأسهم – حينئذ ما
تخشى عواقبه على الاسلام ، فجاءت الآية بصيغة الجمع مع كونها
للمفرد اتقاء من معرتهم ، ثم كانت النصوص بعدها تترى بعبارات
مختلفة ومقامات متعددة ، وبث فيهم أمر الولاية تدريجا تدريجا حتى
أكمل الله الدين وأتم النعمة ، جريا منه صلى الله عليه وآله ،
على عادة الحكماء في تبليغ الناس ما يشق عليهم ، ولو كانت الآية
بالعبارة المختصة بالمفرد ، لجعلوا أصابعهم في آذانهم ، واستغشوا
ثيابهم ، وأصروا واستكبروا استكبارا ، وهذه الحكمة مطردة في كل ما
جاء في القرآن الحكيم من آيات فضل أمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين
كما لا يخفى ، وقد أوضحنا هذه الجمل وأقمنا عليها الشواهد القاطعة ،
والبراهين الساطعة في كتابينا – سبيل المؤمنين – وتنزيل الآيات ( 543 ) –
والحمد لله على الهداية والتوفيق ، والسلام .
ش
المراجعة 43 رقم : 4 المحرم سنة 1330
السياق دال على إرادة المحب أو نحوه
لله أبوك ، نفيت معتلج الريب ، فاندرأت الشبهة ، وصرح الحق
عن محضه ، ولم يبق إلا ما يقال من أن الآية جاءت في سياق النهي عن
اتخاذ الكفار أولياء ، يشهد بذلك ما قبلها وما بعدها من الآيات ، وهذا
قرينة على أن المراد من الولي في الآية إنما هو النصير أو المحب أو
الصديق أو نحو ذلك ، فما الجواب ؟ تفضلوا به ، والسلام
س
المراجعة 44 رقم : 5 المحرم سنة 1330
1 – السياق غير دال على إرادة النصير أو نحوه
2 – السياق لا يكافئ الأدلة
1 – الجواب : أن الآية بحكم المشاهدة مفصولة عما قبلها من
الآيات الناهية عن اتخاذ الكفار أولياء ، خارجة عن نظمها إلى سياق
الثناء على أمير المؤمنين وترشيحه – للزعامة والإمامة – بتهديد المرتدين
ببأسه ، ووعيدهم بسطوته ، وذلك لأن الآية التي قبلها بلا فصل إنما
هي قوله تعالى * ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي
الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون
في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله
واسع عليم ) * . ( 544 ) وهذه الآية مختصة بأمير المؤمنين ، ومنذرة
ببأسه ( 1 ) وبأس أصحابه ، كما نص عليه أمير المؤمنين يوم الجمل ،
وصرح به الباقر والصادق ، وذكره الثعلبي في تفسيره ، ورواه صاحب
مجمع البيان عن عمار ، وحذيفة ، وابن عباس ، وعليه إجماع الشيعة
وقد رووا فيه صحاحا متواترة عن أئمة العترة الطاهرة ، فتكون آية
الولاية على هذا واردة بعد الايماء إلى ولايته ، والإشارة إلى وجوب
إمامته ، ويكون النص فيها توضيحا لتلك الإشارة ، وشرحا لما سبق من
الايماء إليه بالأمارة ، فكيف يقال بعد هذا أن الآية واردة في سياق النهي
عن اتخاذ الكفار أولياء ؟ !
2 – على أن رسول الله صلى الله عليه وآله ، جعل أئمة
عترته بمنزلة القرآن ، وأخبر أنهما لا يفترقان ، فهم عدل الكتاب ، وبهم
يعرف الصواب ، وقد تواتر احتجاجهم بالآية ( 545 ) ، وثبت عنهم
تفسير الولي فيها بما قلناه ( 546 ) فلا وزن للسياق لو سلم كونه معارضا
لنصوصهم ( 1 ) ، فإن المسلمين كافة متفقون على ترجيح الأدلة على
السياق ، فإذا حصل التعارض بين السياق والدليل ، تركوا مدلول
السياق واستسلموا لحكم الدليل ( 547 ) ، والسر في ذلك عدم الوثوق
حينئذ بنزول الآية في ذلك السياق ، إذ لم يكن ترتيب الكتاب العزيز في
الجمع موافقا لترتيبه في النزول بإجماع الأمة ( 548 ) ، وفي التنزيل كثير
من الآيات الواردة على خلاف ما يعطيه سياقها كآية التطهير المنتظمة في
سياق النساء مع ثبوت النص على اختصاصها بالخمسة أهل الكساء
( 549 ) ، وبالجملة ، فإن حمل الآية على ما يخالف سياقها غير مخل
بالإعجاز ، ولا مضر بالبلاغة ، فلا جناح بالمصير إليه ، إذا قامت
قواطع الأدلة عليه ، والسلام .
2018-05-21