الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / آداب عصر الغيبة – الشيخ حسين كوراني 10

آداب عصر الغيبة – الشيخ حسين كوراني 10

10 – أحياء أمره بين الناس . . .
هل نقوم الآن بواجبنا في المجال الإعلامي تجاه الإمام المهدي أرواحنا فداه . . .
وما مدى تشرفنا بالحديث عنه في وسائل إعلامنا . . .
ومدى حضوره في مؤسساتنا على اختلافها . . .
هل نلتزم بعد افتتاح أعمالنا بكتاب الله تعالى بالدعاء له . . .
وحتى في مساجدنا هل نلهج بذكره في التعقيبات وغيرها كما ينبغي . . .
لا شك أن وضعنا الآن أحسن بكثير مما مضى . . .
إلا أنه يبقى من واجبنا أن نبذل مزيداً من الجهد لنصبح جميعاً نشعر بالارتباط الحقيقي بقائدنا بقية الله . . .
ولا يصح أن تبقى العلاقة في إطارها الفعلي . . .
قال الإمام الصادق عليه السلام لفضيل :
تجلسون وتتحدثون ؟
قال فضيل : نعم جعلت فداك .
قال عليه السلام : إن تلك المجالس أحبها أحيوا أمرنا
فرحم الله من أحيا أمرنا ( 1 ) .
وعنه عليه السلام :
رحم الله عبداً حببنا إلى الناس ( 2 ) .
إن أحياء أمر وحي الله وكتابه وسنة المصطفى وآل بيته عليهم السلام يتوقف على مدى علاقتنا بالدليل إلى الله وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . . . وقد عرفت فيما تقدم جانباً من اهتمام المصطفى وأهل بيته عليهم السلام بأمر الإمام المهدي مما يدل على أن قضية الإسلام المركزية الآن هي غيبته وبمقدار حضوره عليه السلام في حياتنا تكون علاقتنا بالإسلام وبآبائه وأجداده الطاهرين عليهم جميعاً صلوات الله . . .
من هنا كان لا بد من العمل لتعريف الناس بالإمام المهدي وإحياء أمره بينهم وذلك عن طريق :
1 – زيارة المجاهدين في مواقعهم الجهادية وغيرها وعيادة الجرحى منهم باعتبارهم جنوده عليه السلام وقد ورد عنهم عليهم السلام : « من لم يقدر على زيارتنا فليزر صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا » .
2 – إقامة مجالس الدعاء والزيارة له عليه السلام خصوصاً دعاء الندبة .
3 – إقامة الندوات والاحتفالات أو المشاركة بالحضور فيها .
4 – نظم الشعر .
5 – تأليف الكتب وكتابة المقالات .
6 – الاهتمام باحياء ليلة النصف من الشعبان .
7 – تعميم مظاهر الزينة والابتهاج في يوم مولده المبارك في الخامس عشر من شعبان .
8 – الاهتمام بشؤون الفقراء والمحتاجين دائماً باسمه عليه السلام .
إلى غير ذلك من الأساليب التي تشترك جميعها في تحقيق هذا الهدف . . .
11 – التبرؤ من أعدائه . . .
يتوقف الالتزام بولايته عليه السلام على التبرؤ من أعدائه . . .
وأعداؤه هم كل أعداء الله تعالى وأعداء رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من الكافرين والمشركين والمنافقين . . .
جاء في الحديث المروي عن جده صلى الله عليه وآله وسلم :
طوبي لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه يأتم به وبأئمة الهدى من قبله ويبرأ إلى الله عز وجل من عدوهم أولئك رفقائي وأكرم أمتي علي ( 1 ) .
إن من شأن هذا التبرؤ أن يحصن المسلم من الخضوع للطواغيت فيصون بذلك دينه . . .
كما أن من شأنه أن يرفد الأمة بروح جهادية معطاءة تحملها على المحافظة على شخصيتها وثقافتها وعقيدتها .
إن شعور المسلم بارتباطه بقائد إلهي من جهة ووجوب « التبري » من الطواغيت من جهة أخرى يحول بينه وبين الانحراف الذي يبدأ عندما يفقد الإنسان هويته ويشعر بالضعف أمام التيارات السياسية الجارية فيدفعه ذلك إلى الانتماء الضال الذي يقذف به في لهوات شباك إبليس ويخرجه من ولاية الله تعالى . . .
وذلك هو الخسران المبين . . .
ثم إن للتبري على مستوى الأمة مستلزمات كثيرة لا يمكن اهمالها .
فالأمة الرافضة للكفر والشرك وإمتداداتهما المنافقة ستشن عليه حرب ضروس لا هوادة فيها الأمر الذي يستدعي تواصياً بالحق وتواصياً بالصبر . . . ووحدة إسلامية وأخوة إيمانية لتتمكن الأمة من مواصلة مسيرة الرفض والتبرؤ ولا تسقط أمام الضغوط والتحديات .
وقد ورد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام ما يوضح واجب المسلم في مثل هذه الحال في زمن الغيبة :
عن جابر قال :
دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي ( الباقر ) عليهما السلام ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودعناه وقلنا له أوصنا يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال :
1 – ليعن قويكم ضعيفكم .
2 – وليعطف غنيكم على فقيركم .
3 – ولينصح الرجل أخاه النصيحة لنفسه .
4 – واكتموا أسرارنا ولا تحملوا الناس على أعناقنا .
5 – وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به وإن لم تجدوه موافقاً فردوه وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا . . .
« وإذا كنتم كما أوصيناكم لم تعدوا إلى غيره ( فمن ) مات منكم قبل أن يخرج قائمناً كان شهيداً ومن أدرك منكم قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين ومن قتل بين يديه عدواً كان له أجر عشرين شهيداً » ( 2 ) .
إن التبرؤ من أعداء ولي الله معلم من معالم الولاء الحقيقي . . . وهو لا ينفك عن التواصي بالصبر الذي يحدد هذا الحديث الشريف أسسه . . .
12 – الاستغاثة به . . .
لا يوجد أي مانع شرعي يمنع من التوسل إلى الله تعالى بنبيه المصطفى وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم . . . والاستغاثة بهم . . .
فالغارق في بحار الذنوب لا يمكنه إلا أن يلجأ إلى من أمر الله تعالى بالرجوع إليهم . . .
وهذا مبدأ قرآني واضح . . .
قال تعالى :
« ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما »
النساء – 64
وقد وردت عدة روايات في التوسل إلى الله عز وجل بوليه المهدي وآبائه عليهم السلام . . . . وتعميماً للفائدة أذكر هنا نص إحداها :
قال المحدث القمي رحمه الله :
روى في تحفة الزائر للمجلسي ومفاتيح النجاة
للسبزواري أن من كانت له حاجة فليكتب في رسالة ما سيأتي نصه ثم يلقيها في ضريح أحد الأئمة عليهم السلام أو يعلقها على الضريح . . . أو يطوي الرسالة ويغلفها بالطين طاهر ويرمي بها في نهر أو بئر عميق أو غدير فإنها تصل إلى صاحب الزمان صلوات الله وسلامه عليه ويتولى هو بنفسه قضاء تلك الحاجة .
النص الذي يكتب :
« بسم الله الرحمن الرحيم كتبت يا مولاي صلوات الله عليك مستغيثاً وشكوت ما نزل بي مستجيراً بالله عز وجل ثم بك من أمر قد دهمني وأشغل قلبي وأطار فكري وسلبني بعض لبي وغير خطير نعمة الله عندي أسلمني عند تخيل وروده الخليل وتبرأ مني عند ثرائي إقباله إلى الحميم وعجزت عن دفاعه حيلتي وخانني في تحمله صبري وقوتي فلجأت فيه إليك وتوكلت في المسألة لله جل ثناؤه عليه وعليك في دفاعه عني علماً بمكانك من الله رب العالمين ولي التدبير ومالك الأمور واثقاً بك في المسارعة في الشفاعة إليه جل ثناؤه في أمري متيقناً لإجابته تبارك وتعالى إياك بإعطائي سؤلي وأنت يا مولاي جدير بتحقيق ظني وتصديق أملي فيك في أمر كذا – ( وتذكر هنا حاجتك ) فيما لا طاقة لي بحمله ولا صبر لي عليه وإن كنت متسحقاً له ولإضعافه بقبيح أفعالي وتفريطي في الواجبات التي لله عز وجل فأغثني يا مولاي صلوات الله عليك عند اللهف وقدم المسألة لله عز وجل في أمري قبل حلول التلف
وشماتة الأعداء فبك بسطت النعمة علي واسأل الله جل جلاله لي نصراً عزيزاً وفتحاً قريباً فيه بلوغ الآمال وخير المبادي وخواتيم الأعمال والأمن من المخاوف كلها في كل حال إنه جل ثناؤه لما يشاء فعال وهو حسبي ونعم الوكيل في المبدأ والمآل » ،
ثم نقف على الماء الذي تريد إلقاء الرسالة فيه وتنادي أحد الوكلاء الأربعة باسمه وهم :
1 – عثمان بن سعيد .
2 – محمد بن عثمان .
3 – الحسين بن روح .
4 – علي بن محمد السمري .
وتقول : يا فلان بن فلان – تذكر اسم أحدهم – سلام عليك أشهد أن وفاتك في سبيل الله وأنك حي عند الله مرزوق وقد خاطبتك في حياتك التي لك عند الله عز وجل وهذه رقعتي وحاجتي إلى مولانا عليه السلام فسلمها إليه وأنت الثقة الأمين .
ثم تلقي الرسالة في الماء ( 1 ) . . .
وقد تقدم في الزيارات أن زيارة ( سلام الله الكامل ) هي أيضاً استغاثة فلاحظ . . .
وبعد :
هذه جولة سريعة في آداب عصر الغيبة ولا شك في أن الموضوع جدير بالتوفر على دراسته وتحقيق وتأن . . . عسى أن يوفق الله تعالى له من هو أهله .
وقد اتضح من خلال ما تقدم مدى أهمية هذه الآداب في إقامة العلاقة المتينة بين الأمة وإمامها . . . وما أحوجنا إلى ذلك خصوصاً في عصرنا هذا الذي يشهد هجمة الكفر العالمي وامتداداته المنافقة على الصحوة الإسلامية التي فجرها نائب الله الإمام الخميني رضوان الله عليه . . .
ويقودها بكل جدارة نائب بقية الله آية الله السيد علي خامنئي دام ظله .
إن على الأمة أن تواجه هذه الهجمة من منطلق أن القائد الأصلي عليه السلام ما يزال موجوداً وسينسف الله على يديه أركان الجور ، ومن هنا فإن الصراع بيننا وبين الكفر ما زال في بداياته ونحن واثقون بأن الله تعالى سوف يقضي على أمريكا والكيان الصهيوني وكل مراكز الكفر والطغيان . . .
فذلك وعد الله تعالى ولا يخلف الله وعده . . . ولتعلمن نبأه بعد حين . . .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
بيروت – 12 شعبان / 1410 ه‍
حسين كوراني

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...