الرئيسية / بحوث اسلامية / شرح رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين13

شرح رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين13

وهنا ، ابتسم الداعية وقال : يكفي أن تقرأوا القرآن مرة واحدة ،
وتنعموا أنظاركم في آياته ، آية آية لتفهموا ذلك ، وها أنا أسمعكم جانبا من
الآيات البينات .

قال الله تعالى : ( ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ) ( له مقاليد
السماوات والأرض ) ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ
عليم ) ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة ، والسماوات
مطويات بيمينه ، سبحانه وتعالى عما يشركون ) ( يا أيها الناس ضرب مثل
فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله ، لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له
وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ، ضعف الطالب والمطلوب ) ( والله
خالق كل شئ )

( بديع السماوات والأرض ، وإذا قضى أمرا فإنما يقول له
كن فيكون ) ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط )
ولما أنهى تلاوة الآيات هتفوا قائلين : ( نشهد أن الله هو الصانع الأعظم
لكل شئ ، وأنه واحد أزلي قديم ، ليس هو الروح أو المادة ، بل هو وحده
خالق الروح والمادة معا ، وخالق كل شئ ، وخالق الأزمنة والأمكنة ،
وهو وحده كان قبل خلقه ، كان ولا يزال متفردا بالوجود الأبدي القادر وحده ،
لا تحيط به مخلوقاته من زمان أو مكان أو سواهما ، ولا يماثل شيئا منها ولا
تماثله ، بيد أن جميع مخلوقاته في قبضته وقهره وسلطانه ، هو يحيط بها جميعا
وأن محمدا عبده ورسوله ، ختم به الرسالات السماوية والوحي ، وأن الله لم يحرم
أمة من الأمم من الرسالات الآلهية في زمن من الأزمان ، وأن كل جمال وخير
وهدى وإنسانية وسمو واجتماع ، جاءت على ألسنة الرسل السابقين ، هي
مذخورة في خاتم الوحي الآلهي ، والقرآن المجيد ، وأن كل جمال وخير
وهدى وإنسانية وسمو واجتماع جاءت بعده ، إنما هو مصدرها وينبوعها الخالد
الحي . وقد أرسل الله أنبياءه للدعوة إلى الإيمان به ، إيمانا خاليا من كل شائبة
من شوائب الوثنية والشرك والتشبيه والتمثيل والحلول والانتقال ، سائلين المولى
الكريم ، أن يعفو عنا ما مضى من عبادة سواه .

الداعية : قد عفا الله عنكم منذ الساعة التي آمنتم به وحده لأن الإسلام
إليه ، يقطع جراثم عبادة مخلوقاته المادية أو الروحية المبتدأة بالعدم والمنتهية
إلى العدم . ( 1 )
( حقيقة العبادة )
هذا هو الطرف الآخر لحقيقة العبادة ، المفجرة لينابيع الخير المرهفة للضمير والتي
تربط القلوب بالله وتقترب منه وتتصل به ، ومتى اتصل الإنسان بربه بعدت خطواته
عن خطوات ، الشيطان ، واستحيا أن يغضب الله بعمل وهو يلقاه ، واستقام على
الطريقة ، ووجد فيها هداه .

* * *
العبادة ضرب من الشكر وغاية فيه ، لأنها الخضوع والتذلل ، تدل على
أعلا مراتب التعظيم . ولا يستحقها أحد إلا بإعطاء أصول النعم ، من خلق
الحياة والقدرة ، والحس والشهوة ، ولا يقدر عليه أحد إلا الله ، فلذلك
اختص سبحانه بأن يعبد . ولا تجوز العبادة لغيره ، بخلاف الطاعة ، فإنها قد
تحسن لغيره ، كطاعة الأب والمولى والسلطان والزوج . فمن قال إن العبادة
هي الطاعة ، فقد أخطأ ، لأنها غاية التذلل ، دون الطاعة فإنها مجرد موافقة
الأمر . ألا ترى أن العبد يطيع مولاه ولا يكون عابدا ، والكفار يعبدون
الأصنام ولا يكونون مطيعين ، إذ لا يتصور من جهتهم الأمر . فمستحق العبادة
هو الله جلت عظمته ، منحصرة فيه ومختصة به ، وحق من حقوقه .

قال رسول الله ( ص ) : ( يا معاذ تدري ما حق الله على العباد ؟ قلت :
الله ورسوله أعلم ، قال : فإن حق الله على العباد أن يعبدوا الله ولا يشركوا
به شيئا . وحق العباد على الله عز وجل أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا ) .
وهذا الحق باق ما بقي في الإنسان نفس يتردد .
( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم ) .

( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ،
هناك سؤال يتبادر إلى الإنسان في ساعة صفاء ذهنه ، وفي حالة
التفكر في نفسه : لماذا خلقت ، وما هي الغاية من خلقي ؟ .
هذا السؤال الذي كان مدار البحث والتفكير عند الفلاسفة ، والذي لم
يهتدوا إلى رأي ثابت في حل أسراره .

 

https://t.me/wilayahinfo

شاهد أيضاً

في رحاب الولي الخامنئي – الإمام علي عليه السلام 04 \ 17

الفصل الرابع:   الحكم عند أمير المؤمنين عليه السلام مزايا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ...