اكثر من 183 سنة مفقودة من تاريخ الإسلام .. أين اختفت ؟
15 يناير,2020
صوتي ومرئي متنوع, طرائف الحكم
971 زيارة
تدوين السنة الشريفة
بدايته المبكرة في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
ومصيره في عهود الخلفاء إلى نهاية القرن الأول
– السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
اكثر من 183 سنة مفقودة من تاريخ الإسلام .. أين اختفت ؟
هذا البحث جدير بالقراءة والتمعن .
ص 185
للنباطي: أنه تصنيف الإمام العسكري عليه السلام. وحكى ذلك السيد الميرزا محمد هاشم الأصفهاني في آخر رسالته في تحقيق حال الكتاب المعروف بفقه الرضا، وجعل الاحتمال الخامس في الرسالة: اتحاد فقه الرضا مع كتاب المنقبة هذا (1). 2 – نسخة: رواها عبد الله بن محمد أبو معاد الحويمي (2). 3 – مسائل: رواها محمد بن سليمان أبو طاهر الزراري جد أبي غالب (3). 4 – مسائل: رواها محمد بن الريان بن الصلت الأشعري القمي (4). 5 – مسائل: رواها محمد بن علي بن عيسى القمي (5). 6 – تفسير العسكري عليه السلام: نسبت نسخة كتاب بهذا العنوان إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام، وقد طبعت أخيرا اعتمادا على نسخ أقدمها المؤرخة بسنة (886 ه). وليس هناك ما يدل على وجودها أسبق من ذلك إلا ما تناقله بعض
(هامش)
(1) رسالة في تحقيق فقه الرضا (ص 30) الذريعة (23 / 149). (2) الذريعة (24 / 152) رقم (777). (3) رجال النجاشي (ص 347) رقم (937) ولاحظ رسالة أبي غالب الزراري (ص 126 و148 و226) (4) رجال النجاشي (ص 370) رقم (1009). (5) أيضا (ص 371) رقم (1010). (*)
ص 186
من أحاديث مفردة بسند يتفق مع ما جاء في أول هذه النسخة كالصدوق وصاحب الاحتجاج والمحقق الكركي في إجازة له. ولم يثبت استنادهم إلى مثل هذه النسخة، فمن الممكن اعتمادهم على النقل الشفوي، أو إلى كتاب آخر يحتوي على مثل هذا السند. ثم إن القدماء مع ذلك نسبوا بنفس السند تفسيرا إلى الإمام الهادي عليه السلام، ذكرناه في مؤلفاته عليه السلام. ومن المستبعد تعدد الكتابين من الراويين المذكورين في السند، تارة عن الهادي عليه السلام، وأخرى عن العسكري عليه السلام! ثم إن في النسخة المطبوعة اضطرابا في سندها وخلطا في متنها، لا يناسبان – مطلقا – نسبتها إلى الإمام عليه السلام. وقد ألف الحجة الشيخ محمد جواد البلاغي (ت 1352 ه) رسالة في نسبة هذا الكتاب فصل أوجه الاضطراب والخلط فيه، كما جمع الشيخ رضا الأستادي أقوال الأعلام نفيا وإثباتا حول الكتاب ونسبته، وقد نشر العملان في مجلة (نور علم) القمية في العدد الأول للسنة الثانية ص 118 – 151. فليراجع. ما ورد عن الإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر عليه السلام فقد خرجت من ناحيته المقدسة أجوبة المسائل مكتوبة باسم (التوقيعات) على الأسئلة الموجهة إلى ناحيته المقدسة. وقد جمعها عدة من الأعلام، منهم: أبو العباس الحميري عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع القمي، من أصحاب الإمام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام (ت 299 ه) (1).
(هامش)
(1) رجال النجاشي (ص 220) رقم (573). (*)
ص 187
تعليق على الفصل الثالث: وبهذا ينتهي الفصل الثالث من القسم الأول، وقد عرفنا من خلال عرضنا لروايات أئمة أهل البيت عليهم السلام ومؤلفاتهم: أنهم – كلهم وبلا استثناء – وقفوا مع جواز التدوين قولا وعملا. بل، رأيهم جميعهم على ذلك وإذا كان كبار أهل البيت عليهم السلام كذلك نستكشف موافقة سائر علمائهم والمخالف شاذ وخارج عن إجماعهم، والعبرة بما انعقد عليه إجماع أهل الحل والعقد منهم، ولا حكم للشاذ النادر. مع أنه لم ينقل عن أي واحد منهم خلاف ذلك، على سعة تتبعنا في الموضوع. لكن ينبغي – ونحن في نهاية هذا الفصل – التنبيه على أمرين: الأمر الأول: أن ما عددناه في هذا الفصل من المؤلفات والكتب المأثورة عن الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، لا يعني – إطلاقا – تحديد نشاطاتهم العلمية بذلك، أو حصر آثارهم العملية في ذلك فقط، بل، إن تلك المؤلفات والكتب لا تمثل إلا جزءا ضئيلا من جهودهم المسجلة، فإن أصحابهم – الذين تربوا على أيديهم وحصلوا في مدارسهم – من
ص 188
المؤلفين للكتب، في عصرهم وبمرأى منهم – كانوا كثيرون جدا. قال المحدث المتضلع في تاريخ الحديث عند الشيعة الإمامية المولى محمد تقي المجلسي الأول (ت 1070 ه): إن أصحاب الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام المصنفين للكتب كانوا أربعة آلاف رجل، فاختاروا – من جملة كتبهم وجملة ما نقله أصحاب سائر أئمتنا عليهم السلام – أربعمائة كتاب وسموها (الأصول الأربعمائة) وكانت هذه الأصول عند أصحابنا، يعملون عليها، مع تقرير الأئمة الذين في أزمنتهم عليهم السلام على العمل بها، وكانت هذه الأصول عند الكليني والصدوق والطوسي، فجمعوا منها هذه الكتب الأربعة: الكافي، ومن لا يحضره الفقيه، والتهذيب، والاستبصار. لكن لما كانت هذه الكتب الأربعة موافقة لتلك الأصول الأربعمائة، وكانت هذه مرتبة بترتيب أحسن من تلك، لم يهتموا غاية الاهتمام بنقل تلك الأصول، ولما أحرقت كتب المفيد والطوسي، ضاعت أكثر الأصول، وبقي بعضها حتى عصر ابن إدريس الحلي، فقد كان عنده طرف منها، وبقي القليل منها إلى الآن (1).
(هامش)
(1) أنظر روضة المتقين شرح من لا يحضره الفقيه (1 / 6 – 87) وعن الأصول الأربعمائة الذريعة (2 / 125 – 167) ودائرة المعارف الإسلامية الشيعية للأمين (5 / 32) بقلم محمد حسين الحسيني الجلالي، وتأسيس الشيعة (ص 287) وعن الكتب الأربعة انظر دليل القضاء الشرعي (3 / 110 – 252). (*)
ص 189
وأما مجموع ما ألفه أصحاب الأئمة عليهم السلام فقد بلغ الآلاف، وعددها المحدث المذكور بثمانين ألف كتاب (1). ولا غرو، فقد كان الأئمة عليهم السلام يحثون أصحابهم على التدوين، قولا وعملا، ويبعثون على جمع الحديث وكتابته، وتخليد الكتب والاحتفاظ بها بشتى الوسائل والأساليب، فلا عجب من أتباعهم الذين يقتدون بهم ويتأسون بعلمهم وعملهم ويتبعون أثارهم: أن يعمدوا إلى تأليف الكتب، وبشكل واسع، ويسبقوا غيرهم في مجال التدوين في مختلف العلوم الإسلامية والحديث الشريف خاصة، صونا له من الضياع والتلف، ولأحكام الدين وآدابه من التغيير والتبديل، وقطعا لدابر أعداء الدين الذين يكيدون له بكل وسائل الإبادة والتخريب، بما في ذلك منع تدوين الحديث وتحريم تخليده في الكتب. والمنقول عن الأئمة عليهم السلام من الكتب والمؤلفات قليل بالنسبة إلى ما حدثوا به من الروايات المنقولة عنهم شفهيا، فقد ملأت أحاديثهم التي تناقلها الرواة عنهم مجلدات كثيرة، وحوتها موسوعات كبيرة، مثل: بحار الأنوار تأليف المحدث المجلسي في أكثر من مائة جزء، ومثل وسائل الشيعة للمحدث الحر العاملي في ثلاثين جزءا، ومثل مستدرك الوسائل النوري، في أكثر من خمسة وعشرين جزء، وعوالم العلوم والمعارف للبحراني في أكثر من مائة جزء، وجامع المعارف والأحكام للسيد عبد الله الشبر في أكثر من أربعين جزءا.
(هامش)
(1) روضة المتقين (1 / 87) ولاحظ الفوائد الطوسية (ص 5 – 246). (*)
ص 190
الأمر الثاني: قد ظهر من مجموع ما أوردناه في هذا الفصل تحقق إجماع أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم على إ باحة التدوين لجميع العلوم، وخاصة الحديث الشريف منذ عهد أمير المؤمنين عليه السلام وحتى اليوم، ولم يعهد عن أي واحد منهم سواء الأئمة الاثنا عشر، أو أصحابهم، أو سائر علماء الشيعة الأبرار نقل – ولو ضعيف – بالقول بمنع التدوين. ومن ذلك يعلم بالقطع واليقين بطلان نسبة حديث النهي عن الاحتفاظ بالكتب إلى الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام، والاستدلال بذلك على منعه لتدوين الحديث. فإنه: مضافا إلى منافاته لما اشتهر من النقل عن الإمام عليه السلام من كونه من القائلين بإباحة التدوين، بل هو مذكور في مقدمة المبيحين، وقد نقلنا عنه ذلك قولا وعملا، بما لا يبقى معه ريب في بطلان نسبة الخلاف إليه. فإن ذلك باطل من جهات: 1 – أن ذلك الخبر – الذي رواه القرطبي في جامعه (1) – إنما هو خبر واحد، غير معروف الطريق، ولا مشهور الرواية، فلا يعارض الأخبار الكثيرة الناقلة لإباحته عليه السلام التدوين والكتابة، وروايته ذلك، وفعله وكتابته للكتب، كما فصلناه سابقا. 2 – إن نص هذا الخبر هو:
(هامش)
(1) جامع بيان العلم (1 / 63) وانظر السنة قبل التدوين (ص 313). (*)
2020-01-15