[1]
سنن النبي (صلى الله عليه وآله) تأليف الاستاذ العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي قدس سره مع ملحقات لسماحة حجة السلام والمسلمين الشيخ محمد هادي الفقهي مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
[2]
شابك – 3 – 047 – 470 – 964 3 – 047 – 470 – 964 ISBN سنن النبي (صلى الله عليه وآله) تأليف: الاستاذ العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي قدس سره تحقيق وإلحاق: حجة السلام والمسلمين الحاج الشيخ محمد هادي الفقهي الموضوع: السنن والآداب عدد الصفحات: 416 طبع ونشر: مؤسسة النشر الاسلامي المطبوع: 1000 نسخة التاريخ: شهر رمضان / 1416 ه. ق مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
[3]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي من علينا إذ بعث فينا رسوله الصفي وأمينه الرضي، إمام من اتقى وبصيرة من اهتدى، سيرته القصد وسنته الرشد، وقال – عز من قائل -: * (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة) * اللهم اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك على محمد عبدك ورسولك الخاتم لما سبق والفاتح لما انغلق، وصل على آله المعصومين شجرة النبوة ومحط الرسالة ومختلف الملائكة، ومعادن العلم وينابيع الحكم، وأعنا على الاستنان بسنتهم ونيل الشفاعة لديهم. وبعد، فإن الكتاب الماثل بين يديكم من تآليف العالم النحرير والمفسر الكبير والفيلسوف المتأله آية الله العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي قدس الله روحه وحشره مع أوليائه المكرمين وأجداده الطاهرين. وقد جمع فيه شطر مما اثر عن النبي الكريم في السنن والآداب في مختلف المجالات التي كان (صلى الله عليه وآله) يدأب عليها ويديم العمل بها، وبإذن منه (رحمه الله) قد ألحق به وأضاف إليه تلميذه النبيل العالم الجليل سماحة حجة الاسلام والمسلمين الحاج الشيخ محمد هادي الفقهي مد ظله مجموعة اخرى من السنن المأثورة مستدركا لما فات من المؤلف (قدس سره) وبذلك صار كتابا جامعا في موضوعه وافيا بالمقصود منه، جزاهما الله عن النبي وعترته والعاملين بسنته خير الجزاء.
[4]
ولقد صدر هذا السفر القيم من قبل في زمن حياة العلامة (قدس سره) مذيلا بترجمة فارسية للأحاديث، وطبع مكررا. ولما كانت مؤسستنا تهدف إلى نشر الكتب النافعة – سيما ما كان منها في طريق إحياء السنة وإماتة البدعة – فقد اقترحنا على سماحة الحجة الحاج الشيخ محمد هادي الفقهي – دامت إفاضاته – أن يمنحنا الإذن في إصدار هذا السفر القيم في ثوب جديد وبحذف الترجمة الفارسية ليقل حجمه، نظرا إلى استغناء أكثر القراء الكرام – في أنحاء الدول الإسلامية العربية وغيرها – عنها، وقد ساعدنا سماحته في إنجاح هذا المأمول، ثم بذل مجهودا آخر بإجالة البصر وتدقيق النظر في المتن وكتابة مقدمة نافعة ثانية، فلا يسعنا إلا أن نشكره شكرا جزيلا سائلين الله تعالى له أجرا جميلا. ونشكر أيضا الإخوة الكرام الفضلاء الذين بذلوا جهودا في المقابلة والتصحيح وتخريج نصوص الكتاب مرة اخرى من مصادرها المطبوعة بالطباعة الحديثة، وعنوا بترصيفه وتنميقه، إلى أن خرج الكتاب بهذه الصورة الجميلة والحلة القشيبة، ولله الحمد وله المن. مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
[5]
مقدمة: بسم الله الرحمن الرحيم نبدأ باسم الله الذي منه وإليه جميع الامور، وإياه نستعين وهو الفياض على الإطلاق، ومنه جميع الألطاف. والحمد لله الأول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده، الذي قصرت الأبصار عن رؤيته، وعجزت الأفكار عن إدراك صفته، الذي ابتدع العالمين بإرادته، ثم سيرهم على مشيئته، وبعثهم على محبته. اللهم صل على محمد أمين وحيك وخير خلقك وأفضل بريتك ورائد الخير ومفتاح البركة وخاتم أنبيائك ورسلك. اللهم صل على آل محمد وعترته الأطهار، وأولهم منك بأفضل صلواتك وبركاتك، وارحمهم رحمة أوسع وأجمع، رحمة لا نهاية لأمدها ولا انقطاع لعددها. آمين رب العالمين. وبعد، فإن هناك علوما ومعارف يختص بها أولياء الله، واولئك هم الذين يدعون الأنبياء، وآخر نبي جاء من الله تعالى لهداية الناس هو الرسول الأكرم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله). وما بلغنا به من دروس وتعاليم، قسم منها ما حواه القرآن الكريم ويعرف
[6]
ب ” الكتاب ” والقسم الآخر هو أفعاله وأقواله وتقريراته، ويعرف باسم ” السنة “، ومن السنة ما كان من أفعاله صلى الله عليه وآله وسلم التي يدأب ويداوم عليها. وهذا الكتاب – الذي نقدمه اليوم بين يدي هواة البحث والتحقيق – يحتوي على ذلك الشطر من الأخبار التي تتحدث، عن تلك الأفعال التي كان (صلى الله عليه وآله) يدأب عليها ويديم العمل بها، والتي تتحدث عن سيرة حياته وآدابه وسننه. وفي هذه المقدمة نقدم امورا توضح موضوع البحث في الكتاب، بصورة إجمالية وهي كما يلي: اطلقت كلمة ” الأدب ” في اللغة والمحاورات على معان مختلفة كالتالي: – الظرافة، واللطافة، والدقة في الامور. – جمع قوم على أمر، والاقتداء والتبعية للغير. – العلوم والمعارف، والسيرة المحمودة، والأخلاق الحسنة. – قوة تقي صاحبها عن اقتراف السيئات. ويطلق ” الأدب ” أيضا على بعض مقدمات العلوم: كعلم اللغة والصرف والنحو والاشتقاق والمعاني والبيان والبديع والعروض والقافية، ونحوها. ويطلق على الأخلاق الفاضلة وصفاء الروح وكمال النفس أيضا. أما ” الأديب ” فيطلق على المعلم والكاتب والخطيب، وهكذا على كل من له إلمام بالشعر واللغة وضرب الأمثال والأقوال المأثورة والكلام الجميل. وأما ” السنة ” فقد وردت في اللغة والمحاورات بمعان كثيرة منها: الرشد والنماء، والبيان والوضوح، وحسن مشية الفرس، والسواك، والبكاء، والسيلان. و ” سنة الله ” يعني الأمر والنهي الإلهي، وكذلك قضاؤه وقدره، وعذابه وعقابه. وقد تضمنت مادة ” السنة ” أيضا معاني: السيرة، والطبيعة، والفطرة، والشريعة، واتخاذ طريقة خاصة، وتبعية الأهواء والآراء… هذه هي المعاني التي استعملت فيها مادتا ” الأدب ” و ” السنة “. إلا أن ما يناسب منها موضوع البحث هنا هو أن يقال: كل عمل مقبول لدى
[7]
العقل والشرع إذا اتي به على أفضل الوجوه وأحسنها وأجملها، هذا هو الأدب، والإنسان ذو الأدب هو من تقع أفعاله وحركاته على أجمل الوجوه وألطفها. أما الصفات التي تتعلق بصفاء الروح وكمال النفس وباطن الإنسان – كالسخاء، والشجاعة، والعدالة، والعفو، والرحم، وسائر الصفات الإنسانية – فإنما هي ” الأخلاق “. وبعبارة اخرى: الأدب من صفات ما يصدر من الإنسان من فعل في الواقع الخارجي، بينما ” الأخلاق ” من صفات النفس الباطنة، وهذان المعنيان مع ذلك متلازمان. وعلى هذا فلا يصح إطلاق ” الآداب ” على الأفعال غير المحمودة في العقل والدين مثل: الظلم، والخيانة، والكذب، والبخل، والحسد، ونحوها، وكذلك ما خرج عن اختيار الإنسان من الأفعال. و ” السنة ” كذلك من صفات فعل الإنسان، مع ملاحظة أن ” السنة ” أعم في المعنى من ” الأدب ” أي تطلق السنة على السنن الصالحة والطالحة، بينما ليس ” الأدب ” إلا الجميل من الفعال، فالأدب ممدوح عند الخاص والعام. وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” حسن الأدب زينة العقل ” (1). ويقول الإمام علي (عليه السلام): ” الآداب حلل مجددة ” (2). وقال الإمام المجتبى الحسن بن علي (عليهما السلام): ” لا أدب لمن لا عقل له ” (3). والأحاديث في الثناء على الأدب كثيرة. كان الإنسان – حسب معلوماته وعقائده الخاصة وكذلك الأفكار والعواطف المحيطة به – متقيدا طبعا بسلسلة من الآداب والسنن، يبدأ معها حياته وبها يختم. كما أن الآداب والسنن تمثل روحيات ومعنويات المجتمع البشري، وفي آداب الامم وسننها تتجلى ما لها من تصورات وأفكار وعقائد، وبآدابها وسننها
(1) البحار 77: 131. (2) نهج البلاغة: 469، الحكمة 5. (3) كشف الغمة 1: 571.