شرح دعاء السحر للإمام الخمينى الأنسان الكامل بقلم سالم الصباغ
شرح دعاء السحر للإمام الخمينى الأنسان الكامل بقلم سالم الصباغ
المقالة الثانية
يتحدث الأمام الخمينى عن الأنسان الكامل الذى جعله الله عز وجل المثل الأعلى والقدوة للعالمين ، يقول الأمام عن هذا الإنسان الكامل :
( فهو خليفة الله على خلقه ، مخلوق على صورته ، متصرف فى بلاده ، مخلع بخلع أسمائه وصفاته ، نافذ فى خزائن ملكه وملكوته ، منفوخ فيه الروح من الحضرة الألهية ، ظاهره نسخة الملك و الملكوت ، وباطنه خزانة الحى الذى لا يموت ، ولما كان جامعا” لجميع الصور الكونيه والألهية ، كان مربى بالأسم الأعظم المحيط بجميع الأسماء والصفات الحاكم على جميع الرسوم والتعينات )
محاولة لفهم معاني العبارة المذكورة :
1 ـ أما عبارة فهو خليفة الله على خلقه ـ
فهي تفسيراً لقوله تعالى : ( إنى جاعل فى الأرض خليفة )
أي أن خلافة الإنسان الكامل هي على الخلق ، أي هي خلافة الله تسري إلى العوالم المخلوقة من خلال الإنسان الكامل الذي هو خليفة الله وقلب هذا العالم …
2 ـ أما عبارة ـ مخلوق على صورته ـ
فى صحيح مسلم : ( إن الله خلق أدم على صورته ) …
أى أنه حى ..مريد .. قادر ..عالم …
وليس كما يقولون أن الصورة هي الشكل الخارجي …
ستون زراعا” فى السماء !!! تعالى الله عما يقولون علواَ كبيراَ
3 ـ أما عبارة ـ مخلع بخلع أسمائه وصفاته ـ
وهذا ما أشارت إليه الأية الشريفة :
( وعلم أدم الأسماء كلها )
والتعليم هنا ليس تعليم حروف وكلمات ، ولكنه تخلق وتعلق وتحقق بأسماء الله الحسنى .. ومن هنا نفهم معنى الرواية الشريفة عن أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم :
( نحن أسماء الله الحسني )
فالله هو الرحمن الرحيم …
والرسول الأكرم تتجلى فيه هذه الرحمة :
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ..
فهذه ظل لتلك ..
4 ـ أما العبارة ـ نافذ فى خزائن ملكه وملكوته ـ
وذلك بصفته خليفة لله ، وهذا التصرف
ليس على سبيل ( الأستقلال ) ولكن على سبيل ( الأستظلال ) ..
أى ظل للتدبير والتصرف الألهى أى بإذن من الله.
وكمثال على ذلك :
الله يتوفي الأنفس … قل يتوفاكم ملك الموت .. الذين تتوفاهم الملائكة ..
فمن الذي يتوفى الأنفس ؟
هل هو الله …؟
أم ملك الموت ..؟
أم الملائكة ….؟
الذي يتوفى الأنفس هو الله بواسطة ملك الموت ، وبواسطة الملائكة الموكلة بقبض الأرواح ..
فالعالم يسير ضمن سنن الأسباب والمسببات …
5 ـ أما العبارة ـ منفوخ الروح من الحضرة الألهية ـ
فهي مصداق لقوله تعالى :
ونفخت فيه من روحى
6 ـ أما عبارة ـ وباطنه خزانة الحى الذى لا يموت ـ
المقصود بباطنه أى عالم غيبه أو أخرته ،
فالأخرة هى محل كشف باطن الأنسان ( يوم تبلى السرائر ) …
وفى الرواية الشريفة :
أن الله يرسل للمؤمن يوم القيامة برسالة
فيها : من الحى الذى لا يموت إلى الحى الذى لا يموت
7 ـ أما قوله : كان مربى بالأسم الأعظم المحيط بجميع الأسماء والصفات :
فالمقصود الأسم الجامع لكل الأسماء وهو ( الله ) ..وهذا معنى تصدر الدعاء بكلمة ( اللهم … )
والله هو الأسم الجامع لكل الأسماء والمحيط بكل الأسماء ، وكذلك أسم الرحمن هو محيط أيضاَ بالأسماء ،
يقول تعالى :
ـ قل إدعوا الله أو أدعوا الرحمن ـ
نختم هذا التوضيح ببعض الأيات التى تثبت هذا المقام للرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله :
قوله تعالى :
( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)…
أى من أراد الوصول إلى الله فالسبيل هو الإقتداء بالرسول الأعظم محمد صلوات الله عليه وأله .
كذلك قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)
وهذه الأية تدل على أن الخليفة الذي يجب له البيعة هو خليفة لله عز وجل ، وبيعته هي بيعة لله ، وأن هذا المقام ليس باختيار الناس ولكنه اصطفاء إلهي
وكذلك قوله تعالى : (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا)
وقوله تعالى : ( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ )
وهكذا فالأنسان الكامل هو مظهرا” لأسماء الله الحسنى ، ومظهرا لها ” …
ونختم المقال بهذه الفقرة من دعاء البهاء ( السحر ) :
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ أَسْمائِكَ بِأَكْبَرِها، وَكُلُّ أَسْمائِكَ كَبِيرَةٌ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَسْمائِكَ كُلِّها،
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عِزَّتِكَ بِأَعَزِّها، وَكُلُّ عِزَّتكَ عَزِيزَةٌ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ كُلِّها،
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ مَشِيَّتِكَ بِأَمْضاها، وَكُلٌ مَشِيَّتِكَ ماضِيَةٌ، اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَشِيَّتِكَ كُلِّها،
وللحديث بقية إن أذن الله تعالى بذلك …