بسم الله الرحمن الرحيم
(إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)
سألنى سائل قائلاَ : من هم الشيعة بإختصار وبطريقة مباشرة ؟ فقلت له : الشيعة هم أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام .
فقال لي :
وماهى مدرسة أهل البيت عليهم السلام ؟
ولماذا مدرسة أهل البيت عليهم السلام ؟
وما هى أهم خصائصها التى تميزها عن بقية المدارس الدينية ؟
للإجابة على هذه الأسئلة وبإختصار شديد جدا فيما يشبه العنواين ، وبعيدا عن التفريعات الكثيرة ، وبطريقة يستفيد منها الذين يريدون معرفة هذه المدرسة من أصحاب المدارس الأخرى من عامة الناس ، وربما من المثقفين الذين لا يملكون الوقت للإطلاع المتعمق ، ونحن سوف نجيب على الأسئلة المذكورة وبإختصار شديد أيضاَ ولكن فى صورة سؤال وجواب موضحين :
أولاَ : أئمة وقادة هذه المدرسة
ثانياَ : خصائص المنهج العلمى والعملى فيها .
.
السؤال الأول : أين تم ذكر هذه المدرسة و الإعلان عنها؟
لقد تم ذكر هذه المدرسة و الإعلان عنها فى القرأن الكريم وفى الأحاديث النبوية الشريفة صراحة :
1 ـ ففى القرأن الكريم :
وردت فيما يسمى ( بأية التطهير )
وهى قوله تعالى :
((إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)
أى أنها مدرسة أهلها معصومون ، لأن التطهير من الرجس هو تطهير من الذنوب ، اى التطهير المعنوى وليس المادى .
2 ـ وفى السنة النبوية المطهرة ( حديث الثقلين )
ورد ذكر العديد من الأحاديث النبوية الشريفة عن ضرورة التمسك بالقرأن وأهل البيت عليهم السلام فيما يسمى بحديث ( الثقلين ) فى معظم صحاح أهل السنة بألفاظ مختلفة ولكن المعنى واحد وهو أن مصادر الهداية التى تركها لنا الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله هما الكتاب وأهل البيت عليهم السلام ، وهذا ثابت وبوضوح فى الكتب الصحيحة والمعتمدة عند أهل السنة ، ونبدأ بذكر هذه الرواية من مصادرهم المعتبرة :
ففي صحيح الترمذي بسنده عن جابر بن عبدالله الانصاري، قال رسول الله (صلى الله عليه وأله وسلم):
«يا أيّهاالناس إنّي تركت فيكم ما إنْ أخذتم به لن تضلّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي.
وفي صحيح الترمذي أيضاً بإسناده عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
«إنّي تارك فيكم ما إنْ تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي، أحدهما أعظم من الاخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتّى يردا عَلَيّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ) ….
ونلاحظ فى هذا الحديث الشريف الأتى :
1 ـ أن الكتاب وأهل البيت عليهم السلام هما وصية الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله للأمة ، وهذا معنى قوله صلوات الله عليه وأله ( إنى تارك فيكم ) أى مستخلف فيكم ،
2 ـ أن التمسك بهما هداية وبالتالى عدم التمسك بهما ضلال ، وهذا معنى قوله صلوات الله عليه وأله ( لن تضلوا بعدى )
3 ـ تساوى القرأن وأهل البيت عليهم السلام فى العظمة ، وهذا معنى قوله صلوات الله عليه وأله ( أحدهما أعظم من الأخر )
4 ـ أن القرأن وأهل البيت عليهم السلام هما الحبل الذى يصل الأرض بالسماء ، وهذا هو قوله صلوات الله عليه وأله ( حبل ممدود من السماء إلى الأرض ) وهذا يفسر لنا أيضا َ قوله تعالى : ( وإعتصموا بحبل الله جميعاَ ولا تفرقوا ) … ويفسر لنا أيضاّ لماذا تفرقت الأمة بعد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ، بسبب تركها لأهل البيت صلوات الله عليهم ونسيانهم وصية الرسول صلوات الله عليه وأله بهم ، بل وتشريدهم وقتلهم كما حدث فى فاجعة كربلاء مع الإمام الحسين عليه السلام ، ومن هنا نفهم أن السبيل الوحيد لوحدة الأمة ، ولإنقاذها من التشتت والفرقة هو التمسك بأهل بيت النبى صلوات الله عليه وأله ، بصفتهم هم الذين يحملون علم القرأن وعلم السنة النبوية المطهرة ، ولانهم أيضاَ مطهرون من الذنوب والأثام ، والأهم أنهم وصية الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله الذى لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحيُ يُوحى .
ولكن لماذا القرأن وأهل البيت عليهم السلام ؟ ألم يكن فى القرأن والسنة النبوية المطهرة عصمة للأمة من الإختلاف والتنازع ؟
وللإجابة على هذا السؤال نقول :
أن التمسك بالثقل الثانى وهم أهل البيت عليهم السلام ليس بديلاَ عن التمسك بالسنة النبوية المطهرة ، بل هو أخذ السنة من نبعها الصافى ، ممن طهرهم الله وإصطفاهم ، وتم تعليمهم الكتاب والحكمة وتزكيتهم على يد النبوة الخاتمة للرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ، وأهل البيت أدرى بما فيه
كما أن الأمة كلها تدًعى التمسك بالقرأن والسنة ، ومع ذلك كلها مختلفة مع بعضها منذ صدر الإسلام حتى الأن ، لأن المشكلة ليست فى ( المنهج ) وهو القرأن والسنة ، ولكن المشكلة هى فى ( المرجعية المعصومة ) التى نرجع إليها فى فهم القرأن والسنة ، وهم أهل البيت عليهم السلام ، فوجود ( إمام ) من أهل البيت المطهرين فى كل عصر هو علم واضح تلتف حوله الأمة ، ويقودها بشرع الله إلى سعادتها فى الدنيا والأخرة ، ومُعين من قبل الله وبإبلاغ من الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله هو الطريق الوحيد لوحدة الأمة وعدم تفرقها لو إتبعه الناس .
5 ـ أن القرأن وأهل البيت عليهما السلام سوف يظلان موجودان فى الأمة كمصادر للهداية لا يفترقان حتى يوم القيامة ، وهذا معنى ( لن يفترقا حتى يردا على الحوض ) …
6 ـ أن التشابه التام بين القرأن وأهل البيت عليهم السلام فى الحديث الشريف دليل على عصمة أهل البيت عليهم السلام ، فكما أن القرأن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه كذلك أهل بيت النبى صلوات الله عليهم لأنهما لن يفترقا ، ولو جاز على أهل البيت عليهم السلام المعصية لإفترقوا عن الكتاب .
الخلاصة :
أن قضية ( أهل البيت ) عليهم السلام هى قضية قرأنية ، أكدتها الأحاديث النبوية الشريفة ، وليست قضية سنية أو شيعية ، وأنها السبيل الوحيد لوحدة الأمة الإسلامية وعدم تفرقها وتنازعها .
السؤال الثانى :
من هم أصحاب هذه المدرسة ومعلميها …؟
لقد حددت النصوص القرأنية والأحاديث النبوية الشريفة ، من هم القادة الهداة فى هذه المدرسة والذين جعلهم الله عز وجل الثقل الثانى بعد القرأن الكريم ؟
والذين سيقومون بتزكية الأمة بتعليمها الكتاب والحكمة ، كما قام بذلك الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ، مع فرق أن الرسول صلوات الله عليه وأله قد جاء بشريعة جديدة ، أما هؤلاء القادة الأبرار من أهل بيت النبوة فدورهم هو هداية الأمة لأحكام هذه الشريعة ، وتزكية الأمة وتعليمها ، بل والأشراف بأنفسهم على هذا التطبيق العملى
، ففى الروايات الشريفة عن النبى صلوات الله عليه وأله تحديد واضح لهؤلاء القادة الهداه فى أن عددهم أربعة عشر معصوماَ ، الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ، وإبنته فاطمة الزهراء عليها السلام ، وإثنا عشر إماماَ معصوماَ من أهل البيت عليهم السلام ، ويمكن تقسيمهم كالتالى :
الخمسة أصحاب الكساء وهم :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله
2ـ الإمام على بن أبى طالب عليه السلام
3 ـ السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام
4 ـ الإمام الحسن بن على عليه السلام
5 ـ الإمام الحسين بن على عليه السلام
باقى الأئمة :
ـــــــــــــــــــــ
6 ـ الإمام على بن الحسين ( زين العابدين ) عليه السلام
7 ـ الإمام محمد بن على ( الباقر ) عليه السلام
8 ـ الإمام جعفر بن محمد ( الصادق ) عليه السلام
9 ـ الإمام موسى بن جعفر ( الكاظم ) عليه السلام
10 ـ الإمام على بن موسى (الرضا) عليه السلام
11 ـ الإمام محمد بن على ( الجواد ) عليه السلام
12 ـ الإمام على بن محمد ( الهادى) عليه السلام
13 ـ الإمام الحسن بن على ( العسكرى ) عليه السلام
14 ـ الإمام محمد بن الحسن ( المهدى المنتظر ) عليه السلام)
هذه هى أسماء الأربعة عشر معصوما قادة هذه المدرسة الإلهية
السؤال الثالث
ولكن ماهو الدليل من القرأن الكريم والسنة النبوية المطهرة التى تثبت خصوصية هذه الإسماء الأربعة عشر ، كقيادات معصومة فى مدرسة أهل البيت عليهم السلام ؟
1 ـ بالنسبة لأصحاب الكساء الخمسة ، فلقد وردت أسماؤهم فى معظم كتب أهل السنة الصحيحة ، وإتفقت الأمة كلها على صحة هذه الأحاديث ، بل قال البعض بتواترها :
وهذا هو نص واحدا من هذه الأحاديث :
(في صحيح مسلم بالإسناد إلى صفية بنت شيبة قالت : خرج النبي ( صلَّى الله عليه و سلم ) غداة و عليه مِرْط مرحّل من شعر أسود ،
فجاء الحسن بن علي فأدخله ،
ثم جاء الحسين فدخل معه ،
ثم جاءت فاطمة فأدخلها ،
ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال :
{ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا( .
فهؤلاء هم الخمسة أصحاب الكساء ، والذين وردت أسماؤهم صراحة فى السنة النبوية ، وأنهم مطهرون ، وورد فى حقهم أية التطهير المذكورة وأيضاَ كثير من الأيات القرأنية والأحاديث النبوية الشريفة
أما بالنسبة لباقي المعصومين الأثنا عشر فسوف نتحدث عنهم فيما يأتى من البحث
السؤال الرابع
ماهى مصادر الهداية فى هذه المدرسة ؟ أو ماهو المنهج الذى يدرس فيه ؟
إن مصادر الهداية والإرشاد والتعليم فى هذه المدرسة تتلخص فيما سبق ذكره فى حديث التمسك بالثقلين :
الثقل الأول :
وهو القرأن الكريم
ويسمى بالكتاب الصامت ، ويعتبر هو المنهج العلمى أو النظرى ، ولقد تم الإشارة إليه فى قوله تعالى :
( مافرطنا فى الكتاب من شئ )
الثقل الثانى :
هم أهل البيت عليهم السلام :
وهم القادة والخلفاء الهداه المهديين الذين سيتولون قيادة الأمة والمحافظة على المنهج الإلهى وتبيينه للناس عن طريق بث الروايات والعلوم التى إختص الله عز وجل بها أهل البيت عليهم السلام
ويسموا الكتاب الناطق ، أى المبين والشارح للكتاب الأول ، فهم أئمة الأمة ، وعندهم علم الكتاب ، يقول تعالى :
( وكل شئ أحصيناه فى إمام مبين )
أى أن فلسفة الهداية فى مدرسة أهل البيت عليهم السلام لاتعتمد على منهج نظرى فقط وهو القرأن الكريم ، ولكن تعتمد أيضا على إمام ( هاد ) يهدى لأحكام وعلوم وأخلاق وأداب هذا القرأن ، ويراقب ويشرف على تطبيقه بنفسه فى الأمة الإسلامية
إن القرأن الكريم مع أهل البيت عليهم السلام فى هذه المدرسة هما مصادر الهداية الإلهية للخلق ، ولا يفترقان حتى قيام الساعة ، وتم الإعلان عن هذين المصدرين فيما يسمى :
بحديث الثقلين الذى سبق ذكره فى رواية من كتاب صحيح الترمذى ، وهذه رواية أخرى من صحيح مسلم ، نصها كالتالى :
أخرج مسلم بإسناده عن زيد بن أرقم قال :
قام رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ـ يوماً فينا خطيباً بماءٍ يدعى خماً بين مكّة والمدينة ، فمحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر ثم قال : أما بعد ألا يا أيّها الناس فإنما أنا بشر يوشك أنْ يأتي رسول ربي فاُجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين
أوّلهما كتاب الله :
فيه الهُدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به . فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال :
وأهل بيتي ،
أذكّركم الله في أهل بيتي ،
أذكّركم الله في أهل بيتي ،
أذكّركم الله في أهل بيتي … » (
ونلاحظ فى هذا الحديث الشريف أن الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ، ذكر كتاب الله مرةَ واحدة ، وذكر أهل البيت عليهم السلام ثلاث مرات ، وذلك لعلمه صلوات الله عليه وأله أن الأمة ستهتم بالقرأن ، كتابةَ وحفظاَ وترتيلاَ وزخرفة ، أما مع أهل البيت عليهم السلام ، فسوف تتعامل معهم الأمة قتلاَ وتشريداَ وتطريدا ، ولذلك ذكر بهم ثلاث مرات ، ومع ذلك نسيت الأمة ماذُكرت به ، يقول تعالى :
( فلما نسوا ماذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شي )
ويجب ألا نعجب من أن يكون جزاء نسيان الأمة لوصية نبيها هو أن تفتح عليها الدنيا ، فهذا نوع من الإبتلاء ( بالإستدراج ) ، يقول تعالى :
( سنستدرجهم من حيث لايعلمون وأملى لهم إن كيدى متين )
والخلاصة :
( أن مصادر الهداية فى هذه المدرسة هى القرأن الكريم والسنة النبوية المطهرة المأخوذة من أهل البيت عليهم السلام )
السؤال الخامس :
ولكن ماهو الدليل على حصر عدد الأئمة الهداة فى 12 إماماَ ؟
فلسفة الخلافة والإمامة فى مدرسة أهل البيت عليهم السلام :
1 ـ إن فلسفة الإمامة فى مدرسة أهل البيت عليهم السلام تقوم على أن الأمة لاتستطيع الإختيار لنفسها خليفة أو إماما ، وذلك لأن دور الخليفة هو قيادة الأمة طبقاَ للمنهج الألهى ، ولذلك فيجب أن تتوافر فيه صفة العلم الكامل بكل شئ فى الكتاب ، بالإضافة إلى التقوى وهى صفة باطنية لايمكن الإطلاع عليها ، كما أن ترك الأختيار للأمة سيفتح عليها باب الصراعات والحروب
2 ـ وهذا ماحدث فعلاَ فى الأمة الأسلامية بعد وفاة الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ، إبتداءاَ من ( حروب مانعى الزكاة ) إلى حروب ( الجمل وصفين والنهروان ) … وكانت هذه الحروب تدور بين الصحابة الكبار وهم من رأى الرسول صلوات الله عليه وأله بعينه ، وسمعه منه بإذ نه ،
فما بالك كيف هو الحال بعد مرور القرون الطويلة ؟ !! والواقع العملى على مدار التاريخ يشهد بذلك ، حيث عاشت الأمة وما زالت تعيش صراعات مريرة بسبب الحكم ..
3 ـ وحيث أن الخليفة أو الإمام لابد أن يكون واحداَ فى كل زمان ، ويجب معرفته ، بل وبيعته ،
فإنه من الناحية الواقعية لا يمكن للأمة كلها أن تتفق على إختيار شخص واحد ليكون خليفة للمسلمين فى العالم كله ، وخاصة فى هذا العصر الذى أصبحت فيه لكل دولة من دول العالم بما فيها الدول الإسلامية ، حدودا جغرافية ، وقوانين سياسية ، ومعاهدات دولية ، تمنع التدخل فى شئونها الداخلية ، فكيف يمكن الأختيار ،، ولذلك قال الخليفة الثانى عمر بن الخطاب :
(إن بيعة أبى بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها ) صحيح البخارى
وقال على عليه السلام للخليفتين الأول والثانى عندما سُأل عن عدم بيعته لأبى بكر :
( أنى كنت أرى أن لى حقاَ أستبد به علينا ) ….. صحيح البخارى
4 ـ فإذا كان إختيار الإمام بالشورى أو بالمصطلح الحديث بالإنتخاب ، كان أمراَ صعباَ فى عصور الإسلامية الاولى حتى قامت الحروب من أجله وعليه ،، فإن إختيار إماماَ للأمة الإسلامية كلها فى هذا العصر مستحيل
ويكون البديل هو ان يكون الإمام بأمر من الله ، وبلاغ من الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ، وهذا هو مفهوم مدرسة أهل البيت عليهم السلام للخلافة والإمامة
5 ـ ولذلك يلاحظ أن إنتخاب الخليفة بالشورى لم يحدث حقيقة إلا مرة واحدة ، وكانت فلته ، ولم يشارك فيها على عليه السلام وهو من هو من التقوى والورع والعلم والشجاعة ، والسابقة فى الأيمان ، والهجرة ، والجهاد ، فضلا عن النصوص على خلافته ، وأخذ الرسول صلوات الله عليه وأله البيعة له فى غدير خم قبل وفاته ، وكانت الخلافة بعد ذلك ( ملكية ) ( وراثية ) فى الدولة الأموية والدولة العباسية والدولة الفاطمية والدولة العثمانية ، حتى فى العصر الحديث :
فى السعودية ودول الخليج ….!!
حتى فى دول النظام الجمهورى أنتهى الأمر بها إلى محاولة توريث الأباء لإبنائهم الحكم ،،،، فى مصر وليبيا واليمن وسوريا … وكلها دول جمهورية ينص دستورها على أن الرئاسة بالإنتخاب …. مما دعى شعوب هذه الدول تثور عليها بسبب مشروع الوراثة هذا فيما يسمى ( بالربيع العربى )
6 ـ فإن كان إختيار إمام وخليفة للأمة عن طريق الناس صعباَ بل مستحيلا ، كان الخيار الأخر هو ان يكون الإمام بالنص الألهى والبلاغ النبوى ، كما هو عليه الحال فى مدرسة أهل البيت عليهم السلام .
نعود لموضوعنا وهو : ماهو عدد الأئمة المنصوص عليهم من الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ؟
إن عدد الأئمة الهداة فى هذه المدرسة قد تم تعيينهم بالنص من الله عز وجل وبتبليغ من الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ، وعددهم :
إثنا عشر إماماَ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
وهم معصومون مطهرون ، بنص أية التطهير وبنص حديث الثقلين ،
ومن هذه الأحاديث التى حددت العدد ، ماورد فى صحيح البخارى ومسلم :
1 ـ عن جابر بن سمرة أنه سمع رسول الله (ص) يقول: «لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش» مسند أحمد: 86/5. و صحيح بخاري، كتاب الأحكام.
2 ـ وأخرج مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع أبي على النبي (ص) فسمعته يقول: «إنّ هذا الامر لا ينقضي حتّى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة»، ثمّ تكلّم بكلام خفي عَلَيّ، فقلت لابي: ما قال ؟ قال: قال: «كلّهم من قريش» صحيح مسلم 1452/3 رقم 5.
السؤال السادس :
ماهو الدليل على أن على بن أبى طالب ( عليه السلام ) هو أول الأئمة ؟
نعم وهو الخليفة بعد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله مباشرتاَ ودون فاصل بالنص وليس بالشورى ،ونجد ذلك فى أيات وروايات عديدة ، نذكر منها مايلى :
أ ــ أية وحديث الغدير :
فى حجة الوداع ، وفى أخر سورة نزلت من القرأن وهى سورة المائدة ، نزل قوله تعالى :
( ياأيها الرسول بلغ ماأنزل إليك من ربك وإلم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )
والواضح من الأية الكريمة أن هذا الأمر المطلوب من الرسول الأعظم صلوات الله عليه وألهة أن يبلغه للناس كان يخشى الرسول صلوات الله عليه وأله من إبلاغه لإصحابه ، حتى طمأنه الله بقوله ( والله يعصمك من الناس ) وهذا لا يتأتى إلا إذا كان هذا الأمر متعلقاَ بخلافته فى قيادة الأمة ، كذلك فى قوله تعالى : ( وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) أى أنه بدون هذا الأمر كأنما قد ذهبت كل جهود الرسول صلوات الله عليه وأله هدراَ خلال ثلاثة وعشرين عاماَ هى عمر الرسالة ، وهذا مايتطابق مع حديث الرسول صلوات الله عليه وأله عن الإمامة والخلافة ، فى صحيح مسلم وغيره من الصحاح :
( من مات وليس فى عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) … أى عادت الأمة إلى الجاهلية ، وهذا مايتطابق مع الأية الكريمة ويدل فى نفس الوقت على أن المقصود ( ببلاغ ما أنزل إليك هو ( إمامة أمير المؤمنين على وأهل البيت عليهم كما ورد فى روايات عديدة ، وهذه إحدى الروايات الشريفة :
عندما أخذ البيعة الرسول صلوات الله عليه وأله لعلى عليه السلام ، فى غدير خم قبل وفاة الرسول صلوات الله عليه وأله بعدة شهور ، وفيما يلى نص الحديث :
نص الحديث :
عن احمد بن حنبل : أبو عبد الله احمد بن حنبل بن هلال الشيباني ، المتوفى سنة : 241 هجرية ، عن البراء بن عازب :
قال : كنا مع رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) في سفر فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا الصلاة جامعة ، وكُسح لرسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) تحت شجرتين فصلى الظهر و اخذ بيد علي ( رضي الله عنه ) فقال : ” ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ” ؟
قالوا : بلى .
قال : ” ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه ” ؟
قالوا بلى .
فاخذ بيد علي فقال : ” من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه ” .
فلقيه عمر بعد ذلك فقال له : هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت و أمسيت مولى كل مؤمن و مؤمنة
ب ــ أية و حديث المنزلة :
وهذا حديث أخر فى خلافة على ( عليه السلام ) فيما يُعرف بحديث المنزلة ، وهو قوله صلوات الله عليه وأله :
( على منى بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبى بعدى ) …ولقد ورد هذا الحديث فى صحيح البخارى ومسلم وغيرها من الصحاح والمسانيد
وهذه المنزلة كما جاء فى القرأن الكريم هى خلافة هارون لموسي عليهما السلام ، كما ذكر القرأن فى قوله تعالى لهارون عليه السلام على لسان موسى عليه السلام :
(أخلفنى فى قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين )
وكذلك ( الوزارة ) وذلك فى قوله تعالى :
( وزيراَ من أهلى ، هارون أخى )
ومن القرأن الكريم أيات أخرى كثيرة تتحدث عن خلافة وإمامة وولاية على بن أبى طالب عليه السلام ، نذكر منها على سبيل المثال :
أ ـ أية الولاية
( إِنَّمَا وَلِيّكُمْ اللَّه وَرَسُوله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة وَهُمْ رَاكِعُونَ ( سورة المائدة
فلقد نزلت فى ولاية على ( عليه السلام ) حين تصدق بخاتمه حال السجود
ب ـ أية كمال الدين
﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا ﴾ سورة المائدة …. فلقد نزلت بعد أخذ البيعة للإمام على عليه السلام فى ( غدير خم )
( يمكن مراجعة المصادر فى كتاب ( المراجعات ) للسيد شرف الدين ، أو فى كتب أسباب النزول
الخلاصة
ـــــــــــ
أن الأدلة على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام من القرأن والسنة أكثر من أن تحصى ، بل تم أخذ البيعة له (عند غدير خم ) … وهذا يمكن الرجوع إليه فى كثير من المصادر ، ومنها كتاب المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين .
السؤال السابع :
مالدليل على أن الإمام المهدى ( عليه السلام ) وهو أخر الأئمة ؟
لقد أجمعت الأمة الإسلامية بجميع مذاهبها على أنه لابد من ظهور منقذ عالمى من أهل بيت النبى صلوات الله عليه وأله ، ليملأ الأرض عدلاَ بعد أن ملئت ظلماَ وجوراَ ووردت فى ذلك ألاف الأحاديث وتم تأليف الموسوعات فى ذلك ، وأنه من أهل بيت النبى صلوات الله عليه وأله من ذرية على وفاطمة صلوات الله عليهما ، وأنه أخر الأئمة الإثنا عشر ،ومن هذه الأحاديث :
حديث : ( المهدى منا أهل البيت
لمستدرك على الصحيحين للحاكم – كتاب الفتن والملاحم
، عن أبي سعيد رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” المهدي منا أهل البيت أشم الأنف أقنى أجلى ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، يعيش هكذا ” وبسط يساره وإصبعين من يمينه المسبحة ، والإبهام وعقد ثلاثة ” هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجا”
السؤال الثامن
وما هو الدليل على أن الحسن والحسين عليهما السلام إمامان ؟
لقد ورد فى السنة النبوية الشريفة عشرات الأحاديث فى فضائل الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام ، بالإضافة إلى ماورد فى أهل البيت عليهم السلام من أيات كريمة ، مما يجعل إمامتهم هى من ألأمور البديهية ، فهم سادة أهل الجنة أفلا يكونوا سادة فى الدنيا ؟!!
ففى الروايات الشريفة عن طريق مدرسة أهل البيت عليهم السلام :
أ ـ ( الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ) ..
اى قاموا بتقلد الإمامة أو قعدوا عنها ، وهذا الحديث مما ورد فى مرويات أهل البيت عليهم السلام ، ويعززه الحديث التالى من كتب أهل السنة :
ب ـ (الحسن والحسين سيدا شباب الجنة )
فقد أخرج الترمذي بسنده عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلم :
« الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة » (
وأخرج ابن ماجة بسنده عن عبدالله بن عمر ، قال :
« قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما » (
والمعروف أن الجنة كلها شباب ، فهذا يعنى أنهما سيدا أهل الجنة كلهم ، فيما عدا جدهما وأبيهما صلوات الله عليهما ، فإذا كانا هما سيدا أهل الجنة فى الأخرة ، فهل يحسن عقلاَ أن يقدم عليهما أحدا فى الدنيا ، يأمر فيهم وينهى ، وخاصة بعد ماورد فيهما من الأيات القرأنية بصفتهما من أهل بيت النبوة ، وماورد فيهما من روايات تتحدث عن أنهما والرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله حقيقة واحدة .
ج ـ ( حسين منى وأنا من حسين ) …
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرجه الترمذي عن يعلى بن مرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
:حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط قال الترمذي: هذا حديث حسن
أى أنهما حقيقة واحدة فهل يجوز تقديم أحدا عليهما …. ؟ !! فالمتقدم عليهم كأنه متقدم على الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله
كما أن قتل الإمام الحسين عليه السلام فى يوم عاشوراء وفى ساحة كربلاء ، وقتل ذرية رسول الله صلوات الله عليه وأله ، وأسر زينب العقيلة حفيدة الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ماهو فى أحد جوانبه إلا شهادة وفاة لنظام الخلافة بالشورى أو بالتغلب والملك …!!!
السؤال التاسع
ماهو الدليل على إمامة باقى الإئمة الإثنا عشر ؟
إن تحديد عدد الأئمة بإثنى عشر إماما ، دليل على أن الإمامة هى بالتعيين من الله والتبليغ من رسول الله صلوات الله عليه وأله وإلا فما معنى تحديد العدد بإثنى عشر إماماَ فقط ، مع أن الخلفاء فى واقع الدولة الإسلامية على مدار التاريخ الإسلامى يزيد على مئات الخلفاء والحكام
إذن فالخلفاء الإثنا عشر فى النص النبوى الشريف هم غير هؤلاء الذين تولوا فعلاَ الحكم ،فهم مختارون ومصطفون ، وهذا ماقالت به مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، فى أن الأئمة الإثنا عشر هم من أهل البيت النبوى .
فتحديد العدد يعنى الإختيار الألهى وليس الشورى ،
لأنه لامعنى من تحديد العدد إلا أنه نص عليهم و أنهم مختارون من الله عز وجل ، ولقد أجمع علماء الحديث من أهل الجرح والتعديل ومن باقى علماء الأمة على أفضليت الأئمة من أهل البيت عليهم السلام ، وعلمهم ، وأنهم خير أهل زمانهم.
وطالماَ أن النصوص قد حددت من هو أول هؤلاء الأئمة وهو على (عليه السلام ) هو من أهل البيت عليهم السلام .
وأن المهدى عليه السلام وهو أخر الأئمة الإثنا عشر هو أيضاَ من أهل البيت عليهم السلام ،
وأن الحسن والحسين عليهما السلام سيدا شباب الجنة و هما إمامان قاما أو قعدا وهما من أهل البيت عليهم السلام ،
فبالنتيجة أن باقى الإئمة الإثنا عشر هم أيضا من أهل البيت عليهم السلام ، فعندما قال الرسول صلوات الله عليه وأله عن الأئمة الإثنا عشر أن كلهم من قريش ، فإن بنى هاشم هم صفوة قريش ، ولقد ورد فى نهج البلاغة لأمير المؤمنين على عليه السلام :
(الأئمة من قريش ، غرسوا فى هذا البطن من هاشم )
وحيث أنه لم توجد مدرسة أخرى من مدارس المسلمين عرفت من هم هؤلاء الأئمة الإثنا عشر إلا مدرسة أهل البيت عليهم السلام ،، بل لقد تم تسمية مذهبهم (بالشيعة الإمامية الإتنا عشرية ) ، فلا مفر من أن يكونوا هم المقصودون بحديث الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله
وبذلك يكون أئمة هذه الأمة ، وعلماء هذه المدرسة ، والذين أختارهم الله ، وبلغ الرسول بهم الأمة هم الأئمة الإثنا عشر الأتية أسمائهم :
1 ـ على بن أبى طالب
2 ـ الحسن بن على
3 ـ الحسين بن على
4 ـ على بن الحسين ( زين العابدين )
5 ـ محمد بن على ( الباقر )
6 ـ جغفر بن محمد ( الصادق )
7 ـ موسى بن جعفر ( الكاظم )
8 ـ على بن موسى ( الرضا )
9 ـ محمد بن على ( الجواد )
10 ـ على بن محمد ( الهادى )
11 ـ الحسن بن على ( العسكرى )
12 ـ محمد بن الحسن ( العسكرى )
عليهم جميعاَ أفضل الصلاة والسلام ….
وقد ذكر بعض علماء أهل السنة هذه الأسماء منهم القندوزى الحنفى فى كتابه ينابيع المودة ، وإن كان أهل السنة لم يعترفوا به لأنه يتناقض من نظرتهم لقضية الخلافة وأنها بالشورى ، إلا أن تطابق هذه الرواية مع ماذكرناه من أدلة يؤكد صحتها ،
نص الرواية
ــــــــــــــــ
(1) القندوزي الحنفي، ينابيع المودة، الباب: 76، ص: 440-441.
(دخل جندل بن جنادة بن جبير اليهودي على رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ) فقال:
ـ يا محمد أخبرني يا رسول الله عن أوصيائك من بعدك، لأتمسك بهم، فقال (صَلّى اللهُ عليهِ ( وأله ) وسَلَّمَ :
ـ أوصيائي الإثنا عشر، قال جندل:
ـ هكذا وجدناهم في التوراة، وقال:
ـ يا رسول الله سمهم لي، فقال (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ):
ـ أولُهم سيد الأوصياء أبو الأئمة علي،
ثم ابناه الحسن والحسين،
فاستمسك بهم، ولا يغرنَّك جهل الجاهلين، فإذا ولد علي بن الحسين زين العابدين يقضي الله عليك ويكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه.
فقال جندل:
ـ وجدنا في التوراة وفي كتب الأنبياء إيليا وشبراً وشبيراً، فهذه أسماء علي والحسن والحسين، فمن بعد الحسين ما أساميهم؟ قال (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ):
ـ إذا انقضت مدة الحسين،
فالإمام إبنه علي ويلقب بزين العابدين،
فبعده إبنه محمد يلقب بالباقر،
فبعده إبنه جعفر يدعى بالصادق،
فبعده إبنه موسى يدعى بالكاظم،
فبعده إبنه علي ويدعى بالرضا،
فبعده إبنه محمد يدعى بالتقي والزكي،
فبعده إبنه علي ويدعى بالنقي والهادي،
فبعده إبنه الحسن ويدعى بالعسكري،
فبعده إبنه محمد يدعى بالمهدي والقائم
والحجة،
فيغيب ثمَّ يخرج، فإذا خرج يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبتهم(
………………
السؤال العاشر :
وماذا ورد فى شأن السيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها من دلائل ؟
من معالم ومعلمى هذه المدرسة هى السيدة العظيمة الشأن فاطمة الزهراء بنت الرسول الأعظم صلوات الله عليه ، وزوجة أول الأئمة (على ) عليه السلام ، وأم باقى الأئمة عليهم السلام ، هى سيدة نساء أهل الجنة ، ففى الحديث الشريف أنها سيدة نساء أهل الجنة ، فلقد قال لها النبى صلوات الله عليه وأله :
(أما ترضين أن تكونى سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين )
صحيح البخاري – المناقب – علامات النبوة – رقم الحديث
: ( 3353 ) :
وهى بضع من الرسول صلوات الله عليه :
( فاطمة بضع منى يرضينى مايرضيها ويغضبنى ما يغضبها )
ومن مقاماتها العظيمة ،
قوله صلوات الله عليه وأله :
( يافاطمة إن الله يرضى لرضاك ويغضب لغضبك )
أما لو تحدثنا عن فضلها فى مرويات أهل البيت عليهم السلام فلها شأن أخر تماماَ
السؤال الحادى عشر :
ولكن ماهى المقامات المعنوية لهؤلاء القادة الهداة ؟
أن الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله والسيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها ، والأئمة الإثنا عشر ، لهم مقامات معنوية فوق مقامات الخلائق جميعا ، فهم :
1 ـ معصومون مطهرون :
بنص أية التطهير فعلمهم علم يقينى ، وليس إجتهاد يحتمل الصواب والخطأ ، ولذلك فمذهب أهل البيت عليهم السلام هو المذهب الوحيد الموافق للإحكام الإلهية تماماَ ، وليس كالمذاهب الأخرى يحتمل الخطأ والصواب ، وهو المذهب الوحيد الذى يوجد نص على ضرورة الإلتزام به وهو حديث الثقلين :
( تركت فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتى أهل بيتى …………………………..)
2 ـ أنهم الشهداء على هذه الأمة
لقدد ذكر القرأن الكريم أن فى كل أمة شهيدا واحدا على أعمالها ، والرسول صلوات الله عليه شهيداَ على هؤلاء الشهداء ،،
يقول تعالى :
( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ، وجئنا بك على هؤلاء شهيدا )
وذلك بدلالة الأية الكريمة فى أخر سورة الحج :
(وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ)
فالخطاب للمسلمين من ذرية إبراهيم عليه السلام بدلالة قوله تعالى :
( ملة أبيكم إبراهيم )
فهم أبناء إبراهيم عليه السلام ، الذين سماهم المسلمين من قبل ، وهم الشهداء على الأمة ، والرسول صلوات الله عليهم هو الشهيد عليهم )
وما أعظم مقام الشهادة على أعمال العباد فهو مقام الرسول صلوات الله عليه وأله ومقام أهل بيته عليهم السلام ، ومقام الأنبياء فى الأمم السابقة ، والشاهد على كل أمة واحد فقط ، يقول تعالى :
(فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد )
فهل يكون لأحد من الناس بعد ذلك أن يتسيد عليهم ، ويأمر وينهى فيهم ….!!!
3 ـ أن عندهم علم الكتاب كله :
ورد فى القرأن الكريم الحديث عن ( كتاب ) لم يفرط الله فيه من شئ ، وعن ( إمام ) أحصى الله فيه كل شئ
هذا الكتاب الذى لم يفرط الله فيه من شي ورد فى قوله تعالى :
( ما فرطنا فى الكتاب من شيئ ) …
هذا الكتاب الذى هو الذى أحصاه الله فى إمام مبين وذلك فى قوله تعالى :
( وكل شئ أحصيناه فى إمام مبين ) ..
والدليل على ذلك هو قوله تعالى :
( قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) ..
ففى مرويات أهل البيت عليهم السلام هو ( على ) عليه السلام . وكذلك باقى الأئمة عليهم السلام …
وبعد هذا المقام العالى ، مقام علم الكتاب ، يمكن أن تكون مدرسة من المدارس أولى بالعلم والتعليم من مدرسة أهل البيت عليهم السلام ؟
حيث أن الله عز وجل ذكر ( أصف بن برخيا ) وزير سليمان الذى أتى بعرش بلقيس من اليمن على القدس فى أقل من طرفة عين ، فقال إن علة ذلك أنه كان عند أصف بعض العلم ( من ) الكتاب ،،، وليس علم الكتاب كله كما هو حال أهل البيت عليهم السلام ،
يقول تعالى عن وزير سليمان عليه السلام :
( قال الذى عنده علم من الكتاب ) … فمن تفيد التبعيض
ويقول عن ( على ) عليه السلام كما ورد فى تفسيرات أهل البيت عليهم السلام وغيرهم :
(قل كفى بالله شهيداَ بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب )
السؤال الثانى عشر
ما هو الدليل على أن الإمام المهدى عليه السلام هو الإمام الثانى عشر و القائد الألهى الأخير فى هذه المدرسة ؟
وهو الإمام محمد بن الحسن العسكرى الثانى عشر من الأئمة ، وهو المولود فى ليلة النصف من شعبان عام 255 هجرية ، ومازال حياَ إلى الأن فهو طويل العمر وقد أقتضت الحكمة الإلهية أن يغيب عن الأنظار ، حتى لا يقتل كما قتل باقى الأئمة من أبائه ، حيث ماتوا كلهم إما قتلاَ بالسيف ، ( كعلى والحسين ) عليهما السلام ، أو سُماَ كباقى المعصومين عليهم السلام ، وهو يمارس دوره فى الهداية التكوينية فى زمن غيبته .
ويمكن أن نستنج طول العمر هذا من النص النبوى الذى حدد عدد الأئمة بإثنى عشر إماماَ ، طبقاَ للتحليل الأتى :
1 ـ حيث أن عدد الإمة ( 12 ) إماماّ طبقاَ لنص الحديث
2 ـ وحيث أنه يجب ألا تخلوا الأرض من إمام ، حتى لايموت أهلها ميتة جاهلية ، ولقوله تعالى :
( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) … ونحن قوم من الأقوام فلابد لنا من هاد
3 ـ إذن لابد أن يكون من الإثنى عشر إماما من عمره طويل .
4 ـ وحيث أنه لم يدعى إمامة الإثنى عشر خليفة إلا اتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام ( الإمامية الإثنى عشرية ) ،
5 ـ وحيث أنه قد تمت البيعة لهم فعلاَ ، وثبت إنتقال الأحد عشر إماماَ إلى جوار الله ، فبقى الإمام الثانى عشر فلابد أن يكون حياَ إلى أن يقيم دولة وحكومة العدل الألهى على الأرض ، وقد ورد فى ذلك فى مرويات أهل السنة فى الرواية الأتية :
( لولم يبقى من الدنيا إلا يوم واحد لأطال الله ذلك اليوم حتى يلى هذا الأمر رجل منى )
فليس المقصود هو أن يطيل الله عدد ساعات اليوم الزمنى ، فهذا مخالف لقوانين الطبيعة ولحركة الأفلاك ، ولكن المقصود هو أن يطيل الله عز وجل عمر أخر الأئمة حتى يقيم دولة العدل الألهى على الأرض ، وهذا ما أجمعت عليه الشيعة الإمامية الإثنا عشرية ، وليس طول العمرببدعة فى هذه الأمة ، فنوح عليه السلام عاش ألف سنة إلا خمسين يدعوا قومه ، والمسيح عليه السلام هو يعيش حياَ الأن منذ الاف السنين فى السماء ، وسوف ينزل فى أخر الزمان ليكون مع الإمام المهدى عليه السلام فى معركتهما لإقامة حكومة العدل الألهى .
السؤال الثالث عشر
من الذى يتولى شئون مدرسة أهل البيت عليهم السلام فى هذا العصر الغائب فيه الإمام عليه السلام ؟
فى زمن الغيبة يتولى الفقهاء العدول العلماء المخلصون الحافظون لدينهم ، المتبعون لأمر الله ورسوله والأئمة ، يتولون القيام بدور الإمام فى حفظ الشريعة وتطبيقها فيما يعرف بولاية الفقيه ، حتى عصر الظهور المقدس للإمام عليه السلام ، فيسلمون له الراية ، حتى يقيم حكومة العدل الإلهى على الأرض ، ويملأها عدلاَ كما ملئت ظلماَ وجورا . ففى الرواية الشريفة عن طريق مدرسة أهل البيت عليهم السلام :
( من كان من الفقهاء حافظاَ لدينه ، صائناَ لعرضه فللعوام أن يقلدوه )
وفى رواية أخرى :
فهم حجتى عليكم وأنا حجة الله عليهم )
أو بمعنى أخر لتتحقق حاكمية الله فى الناس
إن السبب الذى من أجله جعل الله فى الأرض إماماَ وهو اللطف الألهى بالخلق ، وإنتظام أمر الأمة ،جعل من الضرورى أن يكون فى زمن الغيبة من العلماء من يقوم مقام الإمام المعصوم فى قيادة الامة ، ويكون متمتعاَ بصفات معينة اهمها ( العلم ) و ( العدالة ) .. وصفات أخرى حددها العلماء فى رسائلهم العلمية …
وعلى ذلك فمدرسة أهل البيت عليهم السلام فى هذا العصر يتزعمها الولى الفقيه العادل العالم ، الذى هو إمتداد للإمامة فى عصر غيبة الإمام الثانى عشر ، وهذا الولى الفقيه هو إمتداد للطف الألهى بهذه الأمة . فالأسباب التى من أجلها جعل الله الإمامة العامة للمسلمين لطفاَ إلهيا ، هى نفسها الأسباب التى تجعل وجود ولياَ فقيها فى زمن الغيبة هو إمتدادا للطف الألهى .
وفى الختام
ــــــــــــــــ
هؤلاء هم القادة الأبرار من مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، هذه المدرسة التى حاول أعداء أهل البيت عليهم السلام إخفائها عن الناس ، وكتمان شأنها إلا إن الله أبى إلا ان يظهر نوره ، وهاهى عشرات الفضائيات فى هذا العصر ، تعلم الناس ماخفى عنهم من الكتاب والحكمة وتزكيهم ، وتحيى ذكرى هؤلاء القادة الهداة المهديين عليهم السلام .
باقى أن نتكلم عن خصائص هذا المنهج الذى تعتمده هذه المدرسة الألهية ؟ ، وكيف يساهم فى حل مشكلات هذا العصر السياسية والإجتماعية والإقتصادية ،، ؟ وكيف يكون هو السبيل الوحيد الباقى لوحدة الأمة وعدم تنازعها ، ويجعلها الأمة المؤهلة لإنقاذ البشرية … ؟
وهذا سوف يكون موضوع الجزء الثانى من المقال إن وفقنا بإذن الله
المقال هو عبارة عن المقدمة والمدخل لكتابنا ( مدرسة أهل البيت / قادة أبرار ومنهج إلهي )