الرئيسية / من / طرائف الحكم / الكلمات القصار – الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين

الكلمات القصار – الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين

الإنسان

 

* ثمّ أنشأ كلّاً منهم خلقاً سويّاً1 قويّاً، في أحسن تقويم2، سميعاً بصيراً3، ناطقاً، عاقلاً، مفكّراً، مدبّراً، عالماً، عاملاً، كاملاً، ذا حواسَّ ومشاعرَ وأعضاء أدهشت الحكماء، وذا مواهب عظيمة وبصائر نيّرة تميّز بين الصحيح والفاسد، والحسن والقبيح، وتفرّق بين الحقّ والباطل, فيدرك بها آلاء الله في ملكوته، وآيات صنعه جلّ وعلا في خلق السماوات والأرض، واختلاف الليل والنهار، وفي نُظُمه المستقيمة الجارية في سمائه وأرضه على مناهجه الحكيمة4.

 

1- إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ سورة المؤمنون، الآيات: 12 – 13 – 14.

2- إشارة إلى قوله تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ سورة التين، الآية: 4.

3- إشارة إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ سورة الإنسان، الآية: 2.

4- الموسوعة، ج4، فلسفة الميثاق والولاية، تسلسل ص 1569.

تزكية النفس

 

* ولا ينبغي لمن أسرف على نفسه وأولع فيما يوبقها أن يقوده القنوط إلى الإعراض عن مجاهدتها، فإنّ الله تعالى يقول: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا1 ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا2. 3

 

* فالعاقل من اجتهد في تزكية نفسه قبل العطب في مفازة الشقاء، أو التردّي في هوّة العمى والضلالة4.

 

* ألا وإنّ للنفس الأمّارة لصوصاً تختلس مكنون الإيمان وتقطع سابلة التوبة، فأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة قبل أن يقحموكم شفا جرف الهلكات، أو يولجوكم نيران الشهوات5.

1- سورة العنكبوت، الآية: 69.

2- سورة الزمر، الآية: 53.

3- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2548.

4- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2551.

5- الموسوعة، ج6،مقالات، تسلسل ص 2551.
* الأخلاق السيّئة أعظمُ صارفٍ عن المعارف الإلهيّة، والفيوضات الربّانيّة6.

 

* إنّ الأنوار العلميّة، والنفحات القدسيّة لا تحتجب عن الشخص لبخلٍ في المنعم جلّ وعلا، أو القصور في قدرته تعالى الله عن ذلك، وإنّما يحجبها عنه سوء أخلاقه، وما ران على قلبه من سوء عمله7.

 

* إنّ “العلم نورٌ يقذفه الله في قلب من يشاء”8 ممّن هذّب أخلاقه وطهّر قلبه9.

 

* ولا بدّ في تحصيل هذه المراتب أو بعضها من المجاهدة العظيمة، والمراقبة الدائمة، والمحاسبة بكلّ دقّة حتّى ينقى قلبه وتزكو أخلاقه10.

 

* أخلصوا لله في أعمالكم وطهّروا قلوبكم من مضمرات السوء، ولا تذكروا إساءة واحدٍ ممّن أساء إليكم، وإن استطعتم أن لا تخطر لكم في بال فافعلوا11.

 

 

6- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2003.

7- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2003.

8- مصباح الشريعة: 16، الباب 6، حكاه عن الإمام الصادق عليه السلام.

9- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2553.

10- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2554.
* اجعلوا العقل رقيباً على كلّ ما تخطّونه بأيمانكم، أو تلفظونه من أفواهكم12.

 

* ولتكن أفعالكم كلّها وأقوالكم بأجمعها مطابقة للشريعة المقدّسة لتكونوا عدولاً، فإنّ أهل العلم إذا فقدوا العدالة كانوا من السقوط بما لا يمكن بيانه، أعاذكم الله من ذلك13.

 

* عليكم أنفسكم فهذّبوها بالتقوى والاستقامة، والعزّة والشهامة، ومكارم الأخلاق، ومحامد الصفات، ولا يسبقنّكم الأقران إلى الجدّ في الطلب، والبحث عن غوامض المسائل، والفوز برهان السبق في مضمار العلم14.

 

* نعم, إنّ هاهنا للفتنة الكبرى الّتي ستظلّ لغزاً يمتحن البشر بإنسانيّتهم، فتنة المُلك، وفتنة المال15.

 

* ليس لفتنة الملك والمال من نهاية ما دام الناس يعيشون من الفلسفة الاقتصاديّة في دائرة متّصلة الأوّل بالآخر، وما دامت الفلسفات الإنسانيّة المثاليّة

 

11- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4127.

12- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4127.

13- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، ص 4127 – 4128.

14- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4128.

15- الموسوعة، ج7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3481.
تبني سلالمها الارتقائيّة في الأذهان، دون أن يستطيع العالم الخارجيّ العامل أن يتأثّر بها أو يرقاها إلّا في لحظات قصيرات جدّاً في التأريخ, لأنّه متأثّر بهذه الفتنة تأثّراً يضعفه عن مقاومة غرائزه المبهورة بهذا الوهج الساحر الأخّاذ16.

 

* وما نحن وهذه المفاتن فحسبنا منها الآن هذه المتعة البريئة الّتي ترينا الله في هذا الكون الجميل، وفي هذه الطبيعة الشاعرة، وفي هذا الوجود الرائع17.

 

* اجعل همّك في الواقعيّات ودع الأمور الاعتباريّة, فإنّ قليلاً من الفضل الحقيقيّ يزينك, ولا يشينك شيء كالتحلّي بالأمور الاعتباريّة18.

16- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3481.

17- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3482.

18- الموسوعة،ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4131.

 

مكارم الأخلاق

* فالمستنّ بسنن نبيّه والمقتفي لأثره إنّما هو الكريم في خلقه، المهذّب في أفعاله. أمّا من فسدت أخلاقه أو ساءت نعوته، فإنّه مخالف لسننه المقدّسة، صادِفٌ عن شريعته الغرّاء، رجيمٌ بشهب الخذلان، طريد عن موارد الإحسان، مشوّه بمساوئ الخزي، مشهّر على مطيّة العار، يستشعر الدناءة، ويُدثّر النقص والفضيحة، يرد مذموماً ويصدر مدحوراً. 1

 

* أمّا من حاز مكارم الأخلاق فإنّه الأمثل بالصدّيقين، والأولى بسنن النبيّين والخلفاء الراشدين سلام الله عليهم أجمعين2.

 

* فإنّ مكارم الأخلاق من أعظم المنجيات الموصلة إلى السعادة الأبديّة، ورذائلَها من أكبر المهلكات الموجبة للشقاء السرمديّ3.

1- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2546.

2- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2546.

3- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2549.

 

* ألا وإنّ الإنسان روحٌ وبدن، ولكلٍّ منهما صحّة ومرض، والمتكفّل لبيان صحّة البدن ومرضه وأنواع معالجته إنّما هو علم الطبّ، والمتكفّل لبيان صحّة الروح بمكارم الأخلاق، ومرضِها برذائل الصفات، وتفصيلِ أدوائها وأقسام علاجها إنّما هو علم الأخلاق4.

 

* يجب على طلبة العلم خصوصاً أن يبدؤوا بتزكية أخلاقهم، وتطهير قلوبهم وأعراقهم. فإذا أحرزوا المكارم، شرعوا في الفنون العربيّة، والعلوم الدينيّة، أو اللغات الأجنبيّة، والفنون الرياضيّة، أو غيرها من المعارف العصريّة, فإنّك لا تنتفع بعلم ما لم يهذّبك صالح العمل5.

 

* ومن أعجب ما في الإنسان مبالغته في حفظ حياته الجسمانيّة، وعدم التفاته إلى حياته الروحانيّة, يُطيع الطبيب اليهوديّ في شرب ما تَعافه الطبيعة، وتَنفرُ منه النفس, لاحتمال تحصيل صحّة بائدة، ويعصي الحكيمَ الربّانيَّ في تحصيل السعادة الدائمة. ولعلّ ذلك من عدم اليقين وضعف الإيمان، نسأل الله العصمة برحمته6.

 

* وحياة الأبد إنّما تكون بمكارم الأخلاق، والشقاء بارتكاب شيء من الفواحش7.

4- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2549.
5- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2550 – 2551.

6- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2551.

7- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2555.

 

* كونوا إخوة بررة متناصحين رحماء بينكم، وعليكم بمكارم الأخلاق، وصدق اللسان والسكينة، ومعاشرة الناس بالمعروف، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تبدرنّ منكم بادرة سوء إلى أحد أبداً وإن ظلمكم واهتضمكم، واستعينوا بالصبر والصلاة، واتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون. والسلام8.

 

* ولا أوصيكم بعد تقوى الله بشيء كمداراة الناس، ولين العريكة، أدّب إخوتك بأفعالك لا بمجرّد أقوالك، فإنّي أعلم يقيناً أنّك لو تركت التدخين – مثلاً – لسلم من مضارّه جميع أخوتك، وباستعماله كنت وإيّاهم عرضة لعيشه9.

 

* أوصيكم بتقوى الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، واتّقوا الناس، وكونوا منهم على حذر، واجعلوهم في أمنٍ من ألسنتكم وأيديكم، واكظموا الغيظ، واصبروا على الأذى10.

 

* صِلوا من قطعكم، فإنّه لا يحلّ لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيّام، وما اختلفا فسبق أحدهما إلى الصلح

8- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4122.

9- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4132.

10- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4133.
* إلّا كان أولاهما بالفضل وأسبقهما إلى الجنّة، فإن عاد الخصم فعودوا إلى ما يرضيه، وأعطوه العتبى حتّى يرضى11.

 

* الوصيّة لك بتقوى الله تعالى ولزوم طاعته، والمواظبة على دروسك، والإخلاص فيها وفي سائر أعمالك وأقوالك لله عزّ وجلّ. واجتهد في أن تكون في مصافّ أهل الكمال، حائزاً لصفاتهم من الصدق والأمانة، والوفاء والصبر، وكظم الغيظ، والصلة لمن قطعك، والعفو عمّن ظلمك، والإحسان إلى من أساء إليك12.

11- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4132.

12- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4196.

 

 

الأحكام الشرعيّة

* إنّ تعبّدنا في الأصول بغير المذهب الأشعريّ، وفي الفروع بغير المذاهب الأربعة لم يكن لتحزّبٍ أو تعصّبٍ، ولا للريب في اجتهاد أئمّة تلك المذاهب، ولا لعدم عدالتهم وأمانتهم ونزاهتهم وجلالتهم علماً وعملاً. لكنّ الأدلّة الشرعيّة أخذت بأعناقنا إلى الأخذ بمذهب الأئمّة من أهل بيت النبوّة1.

 

* نحن الإماميّة إجماعاً وقولاً واحداً لا نعتبر المصلحة في تخصيص عامٍّ، ولا في تقييد مطلق إلّا إذا كان لها في الشريعة نصّ خاصّ يشهد لها بالاعتبار، فإذا لم يكن لها في الشريعة أصل شاهد باعتبارها إيجاباً أو سلباً، كانت عندنا ممّا لا أثر له، فوجود المصالح المرسلة وعدمها عندنا على حدّ سواء2. 3

 

1- الموسوعة، ج1، المراجعات، تسلسل ص 14.

2- راجع: معارج الأصول: 81 وما بعدها, مبادئ الوصول: 120 وما بعدها.

3- الموسوعة، ج2، النصّ والاجتهاد، تسلسل ص 535.

 

* وقد أجمع أهل القبلة كافّةً على أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يختصّ بسهم من الخمس، ويخصّ أقاربه بسهم آخر منه، وأنّه لم يعهد بتغيير ذلك إلى أحد حتّى دعاه الله إليه واختاره الله إلى الرفيق الأعلى4.

 

* كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتألّف أصحابه بمشورتهم في أمور الدنيا، كلقاء العدوّ ومكائد الحرب ونحوه, عملاً بقوله تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ5. وفي مثل ذلك يجوز عليه أن يتألّفهم بمشاورتهم فيها مع استغنائه بالوحي عن آرائهم، لكنّ شرائع الدّين لا يجوز فيها عليه إلّا اتّباع الوحي المبين6.

 

* إنّ الأذان والإقامة من معدن الفرائض اليوميّة نفسه، فمنشؤها هو منشأ الفرائض نفسه، بحكم كلّ نسّابة للألفاظ والمعاني، خبير بأساليب العظماء وأهدافهم، وإنّهما لمن أعظم شعائر الله – عزّ وجلّ – امتازت بهما الملّة الإسلاميّة على سائر الملل والأديان, إذ جاءت آخراً ففاقت مفاخراً7.

 

4- الموسوعة، ج2، النصّ والاجتهاد، تسلسل ص 539.

5- سورة آل عمران، الآية: 159.

6- الموسوعة، ج2، النصّ والاجتهاد، تسلسل ص 687.

7- الموسوعة، ج2، النصّ والاجتهاد، تسلسل ص 692.

 

* وقد علم الباحثون أن لا حركة ولا سكون من حركات البشر وسكناته في جميع الأعصار والأمصار إلّا وله حكم في دين الإسلام، تقتضيه المصلحة البشريّة، وتشهد بصحّته الفلسفة العقليّة ﴿وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ8 فإنّ حدود الله تعالى يخفض العالم لها جناح الذلّ، وتخشع أمامها جوارح أولي الأفئدة، ويتصاغر عندها كلّ عظيم9.

 

* وإنّما كلّفنا بتكاليف حيويّة صاغها الله، مبنيّة على حكم خلقيّة واجتماعيّة وسياسيّة وطبّيّة، تتمشّى بمنطقها الحكيم، فتتناول جميع مناحي الحياة بمعناها الصحيح، في حدود الطاقة والرفق، فشريعة القرآن شريعة رحمة وخير، امتزتم بها، وبها ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ10. 11

 

* نحن نؤمن بأنّ الشارع المقدّس لاحظ عباده في كلّ ما كلّفهم به من أحكامه الشرعيّة, فلم يأمرهم إلّا بما فيه مصلحتهم, ولم ينههم إلّا عمّا فيه مفسدة لهم12.

8- سورة الطلاق، الآية: 1.

9- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4564.

10- سورة آل عمران، الآية: 110.

11- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4629.

12- الموسوعة،ج4، مسائل فقهيّة، تسلسل ص 1898.

 

* ولم يجعل تلك الأحكام منوطة من حيث المصالح والمفاسد بآراء العباد, بل تعبّدهم بأدلّة قويمة عيّنها لهم, فلم يجعل لهم مندوحة عنها إلى ما سواها, وأوّل تلك الأدلّة الحكميّة كتاب الله عزَّ وجلَّ.13.

 

13- الموسوعة،ج4، مسائل فقهيّة، تسلسل ص 1898.

 

صلاة الجماعة

* وحسبنا في عدم تشريع الجماعة في سنن شهر رمضان وغيرها انفراد مؤدّيها جوف الليل في بيته بربّه – عزّ وعلا – يشكو إليه بثّه وحزنه، ويناجيه بمهمّاته مهمّةً مهمّةً حتّى يأتي على آخرها ملحّاً عليه، متوسّلاً بسعة رحمته إليه، راجياً لاجئاً راغباً منيباً تائباً معترفاً لائذاً عائذاً، لا يجد ملجأ من الله تعالى إلّا إليه، ولا منجى منه إلّا به1.

 

* ترك الله السنن حُرّةً من قيد الجماعة, ليتزوّدوا فيها من الانفراد بالله ما أقبلت قلوبهم عليه، ونشطت أعضاؤهم له، يستقلّ منهم من يستقلّ، ويستكثر من يستكثر, فإنّها خير موضوع، كما جاء في الأثر عن سيّد البشر2. 3

 

1- الموسوعة، ج2، النصّ والاجتهاد، تسلسل ص 708.

2- راجع: معاني الأخبار: 332 – 333، باب معنى تحيّة المسجد و…، ح 1؛ بحار الأنوار 79: 307، كتاب الصلاة، الباب 4، ح 3؛ كنز العمّال 16: 131، ح 44158.

3- الموسوعة، ج2، النصّ والاجتهاد، تسلسل ص 708.

 

* إنّ إعفاء النافلة من الجماعة يمسك على البيوت حظّها من البركة والشرف بالصلاة فيها، ويُمسك عليها حظّها من تربية الناشئة على حبّها والنشاط لها, ذلك لمكان القدوة في عمل الآباء والأمّهات والأجداد والجدّات، وتأثيره في شدّ الأبناء إليها شدّاً يرسّخها في عقولهم وقلوبهم4.

4- الموسوعة، ج2، النصّ والاجتهاد، تسلسل ص 708.

 

الحجّ

* ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ1 باجتماعهم على الوفود إلى الله والخضوع لعزّته، وللتعارف وتبادل الآراء فيما بينهم، واكتساب الجاهل من العالم، والسفيه من الحكيم، بوقوف كلّ من أهل الأقطار المتشاسعة على أطوار غيره، فيذر المتوحّش طوره, ويستبدل به غيره2.

 

* وفي الحجّ من التنبيه على المساواة ما لا يبلغه الواصف وإن أطنب، ولا يصفه البليغ وإن أسهب، وذلك أنّ السلطان وأقلَّ رعيّته وسيّدَ الرسل وسائر أُمّته فيه شرعٌ سواءٌ، يهزّون مناكبهم ذللاً، ويسيرون على أقدامهم شعثاً غُبراً، قد نبذوا السرابيل وراء ظهورهم، وشوّهوا بإعفاء الشعور محاسن خلقهم، إخراجاً للتكبّر

 

1- سورة الحجّ، الآيتان: 27 – 28.

2- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2421 – 2422.

 

من قلوب المتكبّرين، وإدخالاً للتذلّل في نفوس المتعزّزين3.

 

* وفيه تعظيم الله سبحانه، والتذلّل لعزّته، والاستكانة لعظمته، والاتّعاظ بذكر المحشر، ما ليس في غيره من سائر العبادات4.

 

* أمّا المظهر النوعيّ في حفاوته فيعرف وصفه من كان في الموسم5 تلك السنة من سائر الحجّاج، وقد كان الشيعة كلّهم ذوي احترام ملحوظ على نحو لم يعهدوه قبل تلك السنة ولا بعدها، وكان من هذا الاحترام أنّه لم يُعلن ثبوت الهلال حتّى ثبت لدينا بشهادة التواتر من أصحابنا6.

 

* ومنه أنّنا كنّا نصلّي الفرائض الخمس جماعةً في المسجد الحرام وفي مسجد الخيف وفي مسجد جدّة في جماعة لم يعهد ثَمّة نظيرها للشيعة في تأريخهم7.

 

* وكنّا نعمل في مواقفنا كلّها عمرةً وحجّاً حسبما يقتضيه مذهب أهل البيت في غير حرج ولا ضيق8.

3- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2422.

4- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2422.

5- حيث شارك السيّد قدس سره في موسم حجّ 1922م أيّام الملك الحسين.

6- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3433.

7- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3433.

8- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3433.

 

الجهاد

* ألا ومن مات دون حفنة من تراب وطنه مات شهيداً1.

* الهدف يقوم على دعامتين اثنتين: تطهير أرضنا الطيّبة من رجس الاحتلال، وجمع شتاتها تحت لواء وحدة وحرّيّة واستقلال2.

* وشهدت – موسى جار الله – يوم دارت رحى الحرب العالميّة بأنّ علماء الإماميّة كانوا في ساحتها من أرسخ المجاهدين قدَماً, وأعلاهم همماً, وأمضاهم عزيمة, وأشدّهم شكيمة, قد لبسوا “يوم القرنة” في العراق للحرب لامتها, وادّرعوا لها بدرعها. وكان في مقدّمتهم الإمامان المجاهدان: الشيخ فتح الله المدعو شيخ الشريعة الإصفهانيّ, والشريف الوحيد السيّد محمّد سعيد الحبّوبي الحسينيّ, وهما يومئذ

 

1- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4561.

2- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4504.

 

من أجلّ مجتهدي الشيعة في العراق, ومن أكبر شيوخ الإسلام على الإطلاق, وكان الشيخ قد أربى على الثمانين, والسيّد قد ذرف عليها, فلم يمنعهما ضعف الشيخوخة, ودقّة عظمهما, ورقّة جلدهما, عن قيادة ذلك الجيش اللهام3, المحتشد من العلماء الأعلام, والفضلاء الكرام, والأبرار الأخيار من أهل السوابق في نصرة الإسلام4.

 

* قد أبلوا في الجهاد بلاء حسناً لم يكن له نظير, حتّى جاءهم من العدوّ ما لا قِبل لهم به, فتحرّفوا للقتال, وتحيّزوا إلى فئتهم يستنفرونها للكفاح, فكان ما كان من سقوط العثمانيّين وانجلائهم عن العراق, فقضى الشيخ والسيّد نحبهما أسفاً ولهفا, وماتا وجداً وكمدا, فلحقا بالشهداء, وكانا من السعداء في دار البقاء, رفع الله درجتهما كما شرّف خاتمتهما5.

 

3- أي العظيم.

4- الموسوعة،ج4، أجوبة مسائل موسى جار الله ، تسلسل ص1648.

5- الموسوعة،ج4، أجوبة مسائل موسى جار الله ، تسلسل ص1648.

 

شاهد أيضاً

على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

على المنبر، وكتب بالخبر إلى الأجناد، وثاب إليه الناس، وبكوا سنة وهو على المنبر والأصابع ...