تعود نشاطات الموساد في العراق، خاصة في مناطق أربيل وكردستان إلى أوائل ستينيات القرن الماضي، والتي استُعملت طيلة عقود كمركز أساسي للقيام بعمليات أمنية ضد إيران. حيث استغل الموساد العديد من النقاط لتحقيق ذلك وعلى رأسها قرب هذه المناطق للحدود مع “الدولة المستهدَفة” أي إيران، إضافة للنزعة الانفصالية لدى الأكراد.
في بيان له، أعلن حرس الثورة انه قد استهدف “مركزاً استراتيجياً للمؤامرات الصهيونية” في أربيل، مؤكداً ان “القصف جاء رداً على الجرائم الأخيرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني المزيف”، نتج عنه مقتل عدد من ضباط الموساد، حسب ما أكدت مصادر مطلعة. حيث أن اللافت ان المقر نفسه كان قد استخدم مرات عدة لشن “عمليات استخباراتية وعدوانية ضد إيران في الآونة الأخيرة”. وهو الأمر الذي أعاد فتح ملف نشاطات الموساد في تلك المنطقة.
الموساد في العراق: الهدف منشآت إيران النووية
في 6 تموز/ يوليو عام 2018 دشنّت الولايات المتحدة قنصليتها في أربيل (التي استهدفها حرس الثورة) على مساحة 200 ألف متر مربع وبكلفة تقدر بـ 600 مليون دولار، والتي تعتبر أكبر ممثلية لها في البلاد بعد السفارة في بغداد (التي تعد الأكبر في العالم وبكلفة تقدر بـ 750 مليون دولار). وأكدت سفارتها حينها، بأن المشروع سينجز خلال 4 أعوام. ويذكر بأن القنصلية كانت قد افتتحت عام 2007 كأول مكتب تمثيل دبلوماسي أميركي في أربيل.
وككل المراكز الأميركية في العالم، فإن واشنطن تستفيد من الغطاء الدبلوماسي للقنصليات والسفارات للقيام بأعمال التجسس والاستخبارات، إضافة لحماية المقرات التابعة للموساد والواقعة ضمن نطاق حرَمها، وهذا ما يفسّر استهداف حرس الثورة للقنصلية الأميركية ولمقرات الموساد القريبة منها.
-في شباط/ فبراير الماضي، انطلقت من كردستان العراق، 6 مسيرات إسرائيلية ونفذت عملية في كرمنشاه الإيرانية.
-في 11 كانون الثاني/ يناير 2012 نقلت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عن صحيفة لوفيغارو الفرنسية تأكيدها “أن الموساد تمكن من التسلل إلى منطقة الحكم الذاتي الكردية في شمال العراق من أجل توظيف أكراد إيرانيين للتجسس على إيران”. ونقلت عن مصدر أمني رفيع قوله ان “إسرائيل وظفت أكراد لجمع معلومات حول برنامج إيران النووي، واستهداف خبراء نوويين في الجمهورية الإسلامية”.
-في تقريره السنوي الصادر عام 2006، أكد الموساد أن النواة الأولى لعملائه في كردستان العراق، كانت مؤلفة من 14 عنصراً، إلا انه تم العمل على التجنيد، حتى بلغ عددهم ما يقارب الـ 100، فيما يتم إعداد 100 آخرين. يكون هدفها الأساسي بناء “حرس كردي”، إضافة لعدد من المواقع العسكرية ومطار “صغير” في أربيل. كما أوصى بزيادة الميزانية للمحطة التجسسية في العراق خلال العام المقبل.
-في 31 أيار/ مايو عام 2010، أكد مسؤول ملف المعتقلين في المنظمة العربية لحقوق الانسان في الأردن عبد الكريم الشريدة “ان أشخاصاً يحملون الجنسية الأردنية معتقلين في سجن سوسة في إقليم كردستان العراق أبلغوه في اتصال معه، أن عدداً من ضباط الموساد، حاولوا تجنيد المعتقلين الإسلاميين العرب في السجن”. مشيراً إلى أن “ضباط الموساد قد قابلوهم أكثر من مرة، ودخلوا معهم في نقاشات ترتكز على أن إسرائيل ليست عدواً كما يتصور العرب والمسلمون، وأنهم يسعون للإفراج عنهم”.
-في كتاب بعنوان “الأمل الذي تحطم”، يذكر المؤرخ الإسرائيلي شلومو نكديمون أن “الإنجاز الكردي الحقيقي يعود إلى3 من كبار الزعماء الإسرائيليين الذين قدموا مساعدات جمة لهم، وهم رئيس الحكومة ووزير الحرب الأسبق ليفي أشكول، ورئيس هيئة الأركان الأسبق إسحق رابين، ورئيس الموساد الأسبق مائير عميت. في حين أشارت صحيفة معاريف التي ذكرت في مقال لها عن تاريخ العلاقات بين الأكراد والموساد ان “الجنرال الإسرائيلي تسوري ساغيه أنهى مهامه في كردستان وتلقى دورات تدريبية في الولايات المتحدة لدى سلاح البحرية، وشارك في حربي 1967 و1973، ثم أرسل ضباط آخرين إلى كردستان، ومنهم أريك ريغيف وميخا كافوستا وأهارون ديفيدي ويورام زموش”.
أشكال التواجد الإسرائيلي في العراق
يمكن تحديد إطار الوجود الإسرائيلي في العراق بما يلي:
-لعب دور استخباراتي بطابع وقائي بغية توفير الحماية للجنود الإسرائيليين أو حتى المدنيين منهم والذين غالباً ما يتواجدون بطرق غير علنية.
-حماية المصالح الاقتصادية الإسرائيلية، وهو ما كشفت عنه صحيفة معاريف عام 2007 في مقال لها تحت عنوان “هكذا يتحول الإسرائيليون إلى أغنياء على حساب العراق” والتي أكدت خلالها ان هناك أكثر من 70 شركة إسرائيلية ذات طابع تجاري وصناعي والتي تعمل في العراق بصورة غير علنية، ومن بينها شركة “دان” للحافلات، ربينتكس المتخصصة ببيع الأقنعة الواقية، شركة سونول وهي أكبر الشركات الإسرائيلية لبيع الوقود.
-دور بطابع عسكري يكمن في تقديم الاستشارة والامكانيات للجيش الأميركي المتواجد في البلاد.
-القيام بتدريب قوات كردية، وهو ما كشفته صحيفة يديعوت في 3 تشرين الأول/أكتوبر عام 2007، حيث أشارت إلى ان 1200 عنصر استخبارات عسكرية إسرائيلية تدرب عناصر من البشمركة في أربيل والسليمانية في “معسكر Z” يديروه ضباط إسرائيليون في منطقة صحراوية شمال البلاد. كما أكدت صحيفة الغارديان البريطانية في مقال لها نشر في 12 حزيران/ يونيو 2004 للكاتب سايمور هيرش ان “الأهداف من التواجد الإسرائيلي في المنطقة الشمالية هو بناء قاعدة للتجسس على المنشآت النووية الإيرانية”. وجاء في نص المقال “ينشط عملاء الجيش والمخابرات الإسرائيليين في المناطق الكردية في إيران وسوريا والعراق، ويقدمون التدريب لوحدات الكوماندوز ويديرون عمليات سرية يمكن أن تزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة بأكملها…تتمثل أهداف إسرائيل، في بناء القوة العسكرية الكردية من أجل موازنة قوة الميليشيات الشيعية وإنشاء قاعدة في إيران يمكنهم من خلالها التجسس على منشآت إيران النووية المشتبه بها”.