1 ـ في الكافي: مسنداً عن بحر السقا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا بحر حسن الخلق يسر ـ ثُمَّ ذكر حديثاً معناه ـ : إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان حسن الخلق1.
2 ـ وعن الصدوق في العلل: عن الحسين بن موسى عن أبيه عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله مكفَّراً لا يُشكر معروفه، ولقد كان معروفه على القرشيّ والعربيّ والعجميّ، ومن كان أعظم معروفاً من رسول الله صلى الله عليه وآله على هذا الخلق! وكذلك نحن أهل البيت مكفَّرونَ لا يُشكر معروفُنا وكذلك خيار المؤمنين لا يُشكر معروفُهم2.
3 ـ وعن الديلميّ في الإرشاد: قال: كان النبيّ صلى الله عليه وآله يرقع ثوبه ويخصف نعله، ويحلب شاته، ويأكل مع العبد، ويجلس على الأرض، ويركب الحمار، ويردف، ولا يمنعه الحياء أن يحمل حاجته من السوق إلى أهله، ويصافح الغنيّ والفقير، ولا ينزع يده من يد أحد حتّى ينزعها هو، ويسلّم على من استقبله من غنيّ وفقير، وكبير وصغير. ولا يحقّر ما دعي إليه ولو إلى حشف التمر. وكان خفيف المؤونة، كريم الطبيعة، جميل المعاشرة، طلق الوجه، بسّاماً من غير ضحك، محزوناً من غير عبوس، متواضعاً من غير مذلّة، جواداً من غير سرف، رقيق القلب، رحيماً بكلّ مسلم. ولم يتجشأ3 من شبع قطّ، ولم يمدّ يده إلى طمع قطّ4.
4 ـ وفي مكارم الأخلاق: عن النبيّ صلى الله عليه وآله كان ينظر في المرآة ويرجّل جمّته 5 ويمتشط، وربّما نظر في الماء وسوّى جمّته فيه. ولقد كان يتجمّل لأصحابه، فضلا على تجمّله لأهله. وقال: إنَّ الله يحبّ من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيّأ لهم ويتجمّل6.
5 ـ وعن الصدوق في العلل وعيون الأخبار: مسنداً عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خمس لا أدعهنَّ حتّى الممات: الأكل على الأرض مع العبيد، وركوبي مؤكّفاً7 وحلبي العنز بيدي، ولبس الصوف، والتسليم على الصبيان، ليكون سنّة من بعدي.
أقول: وروي هذا المعنى في المجالس أيضاً8.
6 ـ وعن القطب في لبّ اللّباب: عن النبيّ صلى الله عليه وآله أ نّه كان يسلّم على الصغير والكبير9.
7 ـ وعن الصدوق في الفقيه: عن أمير المؤمنين عليه السلام أ نّه قال لرجل من بني سعد: ألا اُحدِّثك عنّي وعن فاطمة ـ إلى أن قال: فغدا علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن في لحافنا. فقال: السلام عليكم. فسكتنا واستحيينا لمكاننا. ثُمَّ قال: السلام عليكم. فسكتنا، ثُمَّ قال: السلام عليكم.فخشينا إن لم نردّ عليه أن ينصرف، وقد كان يفعل ذلك، فيسلّم ثلاثاً، فإن اُذن له وإلاّ انصرف. فقلن: وعليك السلام يا رسول الله ادخل، فدخل10 الخبر.
8 ـ وفي الكافي: مسنداً عن ربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يسلّم على النساء ويردّون عليه السلام. وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسلّم على النساء، وكان يكره أن يسلّم على الشابّة منهنّ ويقول: أتخوّف أن يعجبني صوتها فيدخل عليَّ أكثر ممّا أطلب من الأجر11.
أقول: ورواه الصدوق مرسلا12 وكذا سبط الطبرسي في المشكاة نقلا عن المحاسن13.
9 ـ وفيه: مسنداً عن عبد العظيم بن عبد الله بن الحسن العلويّ رحمه الله رفعه قال: كان النبيّ صلى الله عليه وآله يجلس ثلاث: القرفصاء، وهو أن يقيم ساقيه ويستقبلهما بيده، ويشدّ يده في ذراعه. وكان يجثو على ركبتيه، وكان يثني رجلا واحداً ويبسط عليها الاُخرى. ولم ير متربّعاً قطّ14.
10 ـ وفي المكارم، نقلا من كتاب النبوَّة: عن عليّ عليه السلام قال: ما صافح رسول الله صلى الله عليه وآله أحداً قطّ فنزع يده من يده حتّى يكون هو الذي ينزع يده، وما فاوضه أحد قطّ في حاجة أو حديث فانصرف حتّى يكون الرجل هو الذي ينصرف، وما نازعه أحد الحديث فيسكت حتّى يكون هو الذي يسكت، وما رُئي مقدِّماً رجله بين يدي جليس له قطّ، ولا خيّر بين أمرين إلاّ أخذ بأشدّهما.
وما انتصر لنفسه من مظلمة حتّى ينتهك محارم الله فيكون حينئذ غضبه لله تبارك وتعالى، وما أكل متّكئاً قطّ حتّى فارق الدنيا، وما سئل شيئاً قطّ فقال: لا، وما ردّ سائل حاجة قطّ إلاّ أتى بها أو بميسور من القول، وكان أخفّ الناس صلاة في تمام. وكان أقصر الناس خطبة وأقلّهم هذراً. وكان يعرف بالريح الطيّب إذا أقبل.
وكان إذا أكل مع القوم كان أوَّل من يبدأ وآخر من يرفع يده، وكان إذا أكل أكل ممّا يليه، فإذا كان الرطب والتمر جالت يده، وإذا شرب شرب ثلاثة أنفاس، وكان يمصّ الماء مصّاً، ولا يعبّه عبّاً وكان يمينه لطعامه، وكان شماله لما سوى ذلك من بدنه. وكان يحبّ التيمّن في جميع اُموره، في لبسه وتنعّله وترجّله.
وكان إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا تكلّم تكلّم وفراً، وإذا استأذن استأذن ثلاثاً. وكان كلامه فصلا يتبيّنه كلّ من سمعه، وإذا تكلّم رُئي كالنور يخرج من بين ثناياه، وإذا رأيته قلتَ: أفلج، وليس بأفلج.وكان نظره اللحظ بعينه، وكان لا يكلّم أحداً بشيء يكرهه. وكان إذا مشى كأنّما ينحطّ في صبب. وكان يقول: إنَّ خياركم أحسنكم أخلاقاً. وكان لا يذمّ ذوّاقاً ولا يمدحه، ولا يتنازع أصحابه الحديث عنده. وكان المحدّث عنه يقول: لم أرَ بعينيّ مثله قبله ولا بعده صلى الله عليه وآله15.
11 ـ وفي الكافي: مسنداً عن جميل بن درّاج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسّم لحظاته بين أصحابه فينظر إلى ذا، وينظر إلى ذا بالسوية.قال: ولم يبسط رسول الله رجليه بين أصحابه قطّ.وإن كان ليصافحه الرجل فما يترك رسول الله صلى الله عليه وآله يده حتّى يكون هو التارك. فلمّا فطنوا لذلك كان الرجل إذا صافحه مالَ بيده فنزعها من يده16.
أقول: وروي هذا المعنى بطريقين آخرين.في أحدهم: وما منع سائلا قطّ، إن كان عنده أعطى وإلاّ قال: يأتي الله به17.
12 ـ وعن العيّاشي في تفسيره: عن صفوان عن أبي عبد الله عليه السلام وعن سعد الاسكاف في حديث شريف في حلية رسول الله صلى الله عليه وآله ـ إلى أن قال: ـ وإذا جلس لم يحلّ حبوته حتّى يقوم جليسه18.
13 ـ وفي المكارم: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا حدّث بحديث تبسّم في حديثه19.
14 ـ وفيه: عن يونس الشيبانيّ قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: كيف مداعبة بعضكم بعضاً؟ قلت: قليلا، قال: هلاّ تفعلوا؟ فإنَّ المداعبة من حسن الخلق وإنَّك لتدخل بها السرور على أخيك.ولقد كان النبيّ صلى الله عليه وآله يداعب الرجل يريد به أن يسرّه20.
15 ـ وعن أبي القاسم الكوفيّ في كتاب الأخلاق: عن الصادق عليه السلام قال: ما من مؤمن إلاّ وفيه دعابة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يداعب ولا يقول إلاّ حقّاً21.
16 ـ وفي الكافي مسنداً عن معمّر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام فقلت: جعلت فداك الرجل يكون مع القوم فيمضي بينهم كلام يمزحون ويضحكون، فقال: لا بأس ما لم يكن ـ فظننت أ نّه عنى الفحش ـ ثُمَّ قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأتيه الأعرابي فيأتي إليه الهديّة ثُمَّ يقول مكانه: أعطنا ثمن هديّتنا، فيضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وكان إذا اغتمّ يقول: ما فعل الأعرابي أتانا22.
أقول: والأخبار في هذا المعنى كثيرة جداً23.
17 ـ وفي الكافي: مسنداً عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر ما يجلس تجاه القبلة24.
18 ـ وفي المكارم: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة، فيضعه في حجره تكرمة لأهله. وربّما بال الصبيّ عليه فيصيح بعض من رآه حين يبول، فيقول صلى الله عليه وآله: لا تزرموا25 بالصبيّ حتّى يقضي بوله، ثُمَّ يفرغ له من دعائه أو تسميته ويبلغ سرور أهله فيه، ولا يرون أ نّه يتأذّى ببول صبيّهم، فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعده26.
19 ـ وفيه: روي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان لا يدع أحداً يمشي معه إذا كان راكباً حتّى يحمله معه، فإن أبى قال: تقدَّم أمامي وأدركني في المكان الذي تريد27.
20 ـ وعن أبي القاسم الكوفيّ في كتاب “الأخلاق”: وجاء في الآثار أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله لم ينتقم لنفسه من أحد قطّ، بل كان يعفو ويصفح28.
21 ـ وفي المكارم: قال: وما قعد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله رجل قطّ فقام حتّى يقوم29.
22 ـ وفيه أيض: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيّام سأل عنه، فإن كان غائباً دعا له، وإن كان شاهداً زاره، وإن كان مريضاً عاده30.
23 ـ وفيه أيض: عن أنس قال: خدمت النبيّ صلى الله عليه وآله تسع سنين، فما أعلم أ نّه قال لي قطّ: هلاّ فعلت كذا، ولا عاب عليَّ شيئاً قطّ31.
24 ـ وعن الغزالي في الإحياء قال: قال أنس: والذي بعثه بالحقّ، ما قال لي في شيء قطّ كرهه: لمَ فعلته؟ ولا لامنّي نساؤه إلاّ قال: دعوه، إنّما كان هذا بكتاب وقدر32.
25 ـ وعنه فيه: كان صلى الله عليه وآله لا يدعوه أحد من أصحابه وغيرهم إلاّ قال: لبّيك33.
26 ـ وعنه فيه: ولقد كان يدعو أصحابه بكناهم إكراماً لهم واستمالة لقلوبهم. ويكنّي من لم يكن له كنية. فكان يدعي بما كنّاه به. ويكنّي أيضاً النساء اللاتي لهنَّ الأولاد، واللاتي لم يلدن، ويكنّي الصبيان، فيستلين به قلوبهم34.
27 ـ وفيه: وكان صلى الله عليه وآله يؤثر الداخل عليه بالوسادة التي تحته، فإن أبى أن يقبلها عزم عليه حتّى يفعل35.
28 ـ وفيه: وكان صلى الله عليه وآله في شهر رمضان كالريح المرسلة، لا يمسك شيئاً36.
29 ـ في الكافي: مسنداً عن عجلان قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فجاء سائل، فقام إلى مكتل فيه تمر فملأ يده فناوله ثُمَّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده فناوله ثُمَّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده فناوله. ثُمَّ جاء آخر فقال: الله رازقنا وإيّاك.ثُمَّ قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئاً إلاّ، أعطاه.فأرسلت إليه امرأة ابناً لها فقالت: انطلق إليه صلى الله عليه وآله فاسأله، فإن قال: ليس عندنا شيء فقل: اعطني قميصك، قال: فأخذ قميصه فرمى به ـ وفي نسخة اُخرى: فأعطاه ـ فأدَّبه الله على القصد فقال: “ولا تَجعل يَدَكَ مغلولة إلى عُنقِكَ ولا تبسُطها كُلَّ البَسطِ فتقعُدَ مَلوماً مَحسوراً”37.
30 ـ وفيه: مسنداً عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يأكل الهديّة ولا يأكل الصدقة38 الحديث.
31 ـ وفيه: عن موسى بن عمران بن بزيع قال: قلت للرضا عليه السلام: جعلت فداك إنّ الناس رووا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أخذ في طريق رجع في غيره، كذا كان؟ قال: فقال: نعم، فأنا أفعله كثيراً، فافعله. ثُمَّ قال لي: أما أ نّه أرزق لك39.
32 ـ وعن السيّد ابن طاووس في الإقبال: مسنداً عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج بعد طلوع الشمس40.
33 ـ وفي الكافي: مسنداً عن عبد الله بن المغيرة عمّن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل منزلا قعد في أدنى المجلس إليه حين يدخل41.
أقول: ورواه سبط الطبرسي في المشكاة نقلا عن المحاسن وغيره42.
34 ـ وفي غوالي اللئالي: ونقل عنه صلى الله عليه وآله أ نّه كان يكره أن يقام له، فكانوا إذا قدم لا يقومون لعلمهم كراهة ذلك، فإذا قام قاموا معه حتّى يدخل منزله43.
35 ـ وفي الكافي: مسنداً عن إسحاق بن عمّار رفعه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهنَّ ثُمَّ خالفهنَّ44.
36 ـ وفي المناقب: كان النبيّ صلى الله عليه وآله يقيل عند اُمَّ سلمة، فكانت تجمع عرقه وتجعله في الطيب45.