الرئيسية / شخصيات اسلامية / مكانة ابن عساكر ومنزلتهُ العلمية وماقيل فيهِ

مكانة ابن عساكر ومنزلتهُ العلمية وماقيل فيهِ

 


مقدّمة المحقّق
مكانة ابن عساكر ومنزلتهُ العلمية وماقيل فيهِ:
شعره:
أسفارهُ في طلبِ الحديث:
وفاته:
آثارُه ومؤلّفاته:
وأمَّا الكُتُبُ التي وصلت إلينا مِن مؤلّفاتهِ فهيَ:
كتاب تأريخ مدينة دمشق:
ذيول هذا الكتاب:
ضرورة التهذيب والانتقاء من تأريخ مدينة دمشق:
هذا الانتقاء، ولمحة عن حياة المُنتقي:
في طريق التحقيق:
خصائص ومواصفات النسخ المطبوعة التي استعنّا بها في إخراج هذا الكتاب:
عملنا في الكتاب:
وفي الختام:


الحمدُ للّهِ ربِ العالمين والصّلاة والسّلام على‏ أشرفِ الأنبياء والمُرسلين حبيبِ إلهِ العالمين أبي‏القاسم مُحَمَّد صلى اللَّه عليهِ وسلَّم وعلى آلهِ الطيبين الطاهرين.
وبعد، فالكتاب الّذي بين يديك هو تلخيص من موسوعة كبيرة، من سبعين مجلداً، تحتوي على موضوعات مختلفة من حديث، وأدب، وسياسة، وحكمة، ولغة، وفقه، وفضائل، وأمثال، وتأريخ وغير ذلك.
ولقد عمد اُستاذنا سماحة العلاّمة إلى اختصار هذه الموسوعة القيّمة، واجتناء الثّمار اليانعة من هذا الروض الزاهر، ليُقدِّم في باقة عطرةٍ ما يرتبط بتأريخ أهل البيت من هذا الكتاب الكبير، وقدأمضى في ذلك مدّة طويلة من وقتهِ الثمين لترتيب وتنظيم هذه المجموعة القيّمة، معتمداً في الأساس على‏ النسخ الخطية و المطبوعة منها و بالأخص ما طبعته دار النشر في بيروت باشراف الطرهوني في 19 مجلداً بالاوفسيت وقدَّم للكتاب مقدمة ضافية عن الكتاب والمؤلف.
وسيقف القارئ بمطالعة مقدّمة السيد العلاّمة على جوانب هامّة بما يرتبط بالمؤلف والكتاب، وهناك جوانب أُخرى رأيت من المُناسب التعرّض لها بإيجاز(1) ليكون القارئ على إلمام بجميع مايتعلق بالمؤلف والكتاب.
ونُلخّص مانريد بيانهُ في النقاط التالية:
1 – مكانة ابن عساكر، ومنزلتهُ العلميّة، وماقيلَ فيه.
2 – نماذج ومقتطفات من شعرِه.
3 – أسفارُه في طلبِ الحديث.
4 – وفاتُه.
5 – آثارُه ومؤلفاتُه، وماوصل إلينا منها.
6 – كتاب تأريخ مدينة دمشق.
7 – ذيول هذا الكتاب.
8 – ضرورة تهذيبه والانتقاء منه.
9 – مختصراته.
10 – هذا الانتقاء ولمحة من حياة المنتقي.
11 – التعريف بمصادر التحقيق .
12 – عملنا في الكتاب.

مكانة ابن عساكر ومنزلتهُ العلمية وماقيل فيهِ:

قال السبكي: «هو الشيخ الإمام، ناصر السُنَّة وخادمها، وقامع جند الشيطان بعساكر اِجتهادهِ وهادمها، إمام أهل الحديث في زمانه، وختام الجهابذة الحفَّاظ، ولا ينكر أحد منهُ مكانة مكانه، محطّ رحال الطالبين، وموئل ذوي الهمم من الراغبين، الواحد الذي أجمعت عليهِ الأُمَّة، والبحر الّذي لاساحلَ له»(2).
وقال ابن خلكان: «كانَ محدّثَ الشّام في وقتِه، ومن أعيان الفقهاء، غلب عليهِ الحديث فاشتهربهِ، وبالغ في طلبهِ إلى أنْ جَمعَ مِنهُ مالَم يتفق لغيره»(3).
وقال سعد الخير: «مارأيتُ في سنّ ابن عساكر مثله»(4).
وقال القاسم بن عساكر: «سمعتُ التاج المسعودي يقول: سمعتُ أبا العلاء الهمداني يقول لرجل استأذنهُ في الرحلة: إن عرفتَ أحداً أفضل منّي حينئذٍ آذَنُ لك أن تُسافر إليهِ إلّا أنْ تُسافر إلى ابن‏عساكر، فإنّهُ حافظ كما يجب»(5).
وقال شيخهُ الخطيب أبُوالفضل الطوسي: «مانعرفُ من يستحقُ هذا اللقب سواهُ»(6) – يعني «الحافظ» -.
ومن ألقابه: ثقة الدولة، وصدر الحفَّاظ، وناصر السُنَّة، وجمال السُنَّة، والثقة. وجميعها تؤكِّد مكانتهُ، وعلمهُ، وثقة العلماء، والنّاس بحديثهِ وروايتهِ.
أمَّا لقبهُ: «ابن عساكر» فيقول السبكي: «ولا نعلمُ أحداً مِن جدودهِ يُسمّى عساكر، وإنّما هو اشتهر بذلك»(7) يقول الذّهبي في السّيَر: «فعساكر لا أدري لقب مَن هو من أجدادهُ، أو لعلّهُ اسم لأحدهم»(8).
وأوَّل مَنْ أثبتَ هذا اللّقب ابن الجوزي قال: «عليُّ بن الحَسَن بن هبةِ اللَّه أَبُوالقاسم الدمشقي، المعروف بابن عساكر»(9).
هذا، وقد تعرّضَ السيد الاُستاذ دام ظلّه في مقدمتهِ لهذا اللّقب والأسباب الدّاعية إليهِ، فليراجع.
وقال فيهِ الشيخ النوَوي: «هو حافظ الشّام، بل هو حافظ الدُنيا، الإمام مطلقاً، الثّقة الثّبت»(10).
وقال ابن الدبيثي: «أحدُ مَن اشتهر ذكرهُ وشاع عِلْمُهُ وعُرِفَ حِفْظُهُ وإتقانُهُ. وقال: أَبُو القاسم خُتم‏بهِ هذا الشّأن، ولم يخلف بعدهُ في الحديثِ مثلهُ، ولا أرى مثل نفسه في معرفةِ الحديثِ، ومعرفة رجالهِ»(11).
وقال الذّهبي في سِير أعلام‏النُبلاء: «وبلغنا أنَّ الحافظ عَبْدالغني المقدسي بعد موت ابن‏عساكر، نفذ مَنْ استعار لهُ شيئاً مِن تأريخِ دمشق، فلمّا طالعهُ، اِنبَهرَ لِسَعَة حفظ ابن‏عساكر، ويُقال: نَدَمَ على تفويت السماع منهُ، فقد كان بين ابن عساكر وبين المقادِسة واقع، رحِمَ اللَّه الجميع»(12).

شعره:

وللحافظ أبي القاسم ابن عساكر شعر كثير، فإنّه قلّما أملى مجلساً إلَّا وختمهُ بشي‏ء من شعره.
ولقد أورد السيد العلامة في مقدمته مانظمه عن نفسه في آخر كتابه «تبيين كذب المفتري».
كان بينه وبين حافظ خراسان أبي سعد بن سعيد السمعاني مودّة أكيدة، كتب إليه أبو سعد كتاباً سمّاه «فرط الغرام إلى ساكني الشام»، وكتب هو إلى أبي سعد يعاتبهُ:

ماكنتُ أحسبُ أنَّ حاجاتي إلي
-كَ وإنْ نأت داري مُضاعه

 

أَنَسيْتَ ثَدْيَ مودّتي
بيني وبينكَ وارتضاعه

 

ولقد عَهدْتكَ في الوفا
ءِ أخا تميمٍ لا قُضاعه‏(13)

ومن شعرهِ:

ألا إنَّ الحديثَ أجلُّ علمٍ
وأشرفهُ الأحاديث العواليِ

 

وأنفَعُ كلّ نوعٍ مِنْهُ عندي
وأحسنهُ الفوائدُ والأماليِ

 

فإنَّكَ لَنْ ترى للعلمِ شيئاً
تُحَقِّقُهُ كأفواهِ الرّجالِ

 

فَكُنْ ياصاحِ ذا حرصٍ عليهِ
وَخذهُ عَن الشيوخِ بلا ملالِ

 

ولا تأخذهُ مِنْ صُحفٍ فتُرمى
مِنَ التصحيفِ بالداءِ العُضالِ‏(14)

ومن شعر الحافظ أبي القاسم ابن عساكر أيضاً:

أيا نفسُ وَيحَكِ جاءَ المشيبُ
فماذا التّصابي وماذا الغزلِ؟!

 

تولى شبابي كأنَّ لَمْ يَكُنْ
وَجاءَ مَشْيبي كأنَّ لَمْ يزلِ

 

كأنّي بنفسي على‏ غِرَّة
وَخَطبُ المَنونِ بِها قَدْ نَزلِ

 

فياليتَ شعري مِمّنْ أَكونُ
وما قَدَّرَ اللَّهُ لي بالأزلِ‏(15)

قال السّمعاني: وأنشدني لنفسه ببغداد:

وصاحبٍ خان ما استودعتهُ وأتى‏
مالا يَليقُ بأربابِ الدياناتِ

 

وأظهرَ السرَّ مُختاراً بِلا سببٍ
وذاكَ واللَّهِ منْ أوفى الجناياتِ

 

أما أتاهُ عَنِ المُختارِ في خَبَرٍ
أنَّ المجالسَ تُغشى بالأماناتِ‏(16)

قال السمعاني: و أنشد لنفسه بنيشابور:

لاقدّس اللّه نيشابورَ من بلدٍ
ما فيهِ من صاحبٍ يُسلي ولاسَكنِ

 

لولا الجحيم الذي في القلبِ من حرق
لفُرقةِ الأهلِ و الأحبابِ و الوطنِ

 

لَمُتُّ مِنْ شِدّة البردِ الذي ظَهرت
آثار شِدّتهِ في ظاهرِ البدنِ

 

يا قومِ دوموا على عهدِ الهوى و ثقوا
إنّي على العهدِ لَمْ أغدِر و لَمْ أَخُنِ

 

ولا تدبّرتَ عَيشي بَعدَ بُعدكمُ
الا تَمثّلتُ بَيتاً قيلَ مِنْ زمنِ

 

فإنْ أَعشْ فَلَعلّ اللّهَ يجمعنا
و إنْ أَمُتْ فَقَتيِلُ الهمِّ و الحزَنِ (17)

أسفارهُ في طلبِ الحديث:

أشار السيد العلاّمة إلى أنّ رحلات المؤلف سنة 521 ه إلى بغداد و 529 ه إلى خراسان كانت في طلب الحديث وأنّ صلته بالدولة أيضاً لم تكن إلاّ لتحقيق هذا الهدف.
هذا، وذكر المؤرخون أنَّ ابنَ عساكر سافر في تحصيلِ العلمِ، وسَماعِ الحَديثِ مَرَّتين:
الأُولى: سَنة 521 ه قاصداً حجَّ بيت اللَّه الحرام، فعرجَ على بغداد طلباً للحديث، ومنها غادرَ إلى المدينةِ فمكة والطائف.
قال ياقوت: «وارتحلَ إلى العراقِ سنةَ 520 ه، وأقامَ خَمْسَ سنينَ، وحجَّ سنة إحدى‏ وعشرينَ، وسمعَ بمكةَ ومِنى»(18).
وقال الحافظ الذّهبي: «وارتحلَ إلى العراق في سنةِ عشرينَ، وحَجَّ سَنة إحدى وعشرين… وأقام ببغداد خمسة أعوام في تحصيل العلم فسمع من هبة اللَّه بن الحصين وعلي بن عبد الواحد الدينوري وقراتكين بن أسعد وأبي غالب بن البنّاء وهبة اللَّه بن أحمدبن الطبر وأبي الحسن البارع وأحمد بن ملوك الوراق والقاضي أبي بكر وخلق كثير.
وبمكة من عبداللَّه بن محمدالمصري الملقّب بالغزال، وبالمدينة من عبد الخلاق بن عبدالواسع الهروي.
وقال الذهبي أيضاً: وعدد شيوخه الذي في «معجمه» ألف وثلاث مئة شيخ بالسماع و ستة

نقشه سفر
مخطط توضيحى يبدو فيه المدن التي زارها ابن عساكر في رحلتيه‏
(من كتاب «تراجم النساء من تاريخ مدينة دمشق» ص‏12 و 13)
ادامه نقشه سفر

وأربعون شيخاً أنشدوه وعن مئتين وتسعين شيخاً بالإجازة، الكل في معجمه، وبضع وثمانون امرأة لهنّ معجم صغير سمعناه‏(19).
وما أن عادَ مِنْ سفرهِ إلى مدينةِ دمشقَ حتّى هيّأَ العدّةَ لسفرةٍ أُخرى إلى بلادِ العَجَمِ في سَنَةِ529ه.
قال الحافظ الذهبي: «ارتحل إلى خراسان على طريق آذربايجان في سنة 529 ه»(20).
وقال السبكي: «سمع خلائق، وعدّة شيوخه ألف وثلاث مئة شيخ، ومن النساء بضع وثمانون امرأة، وارتحلَ إلى العراق ومكّة والمدينة، وارتحل إلى بلاد العجم فسمعَ باصبهان، ونيسابور، ومرو، وتبريز، وميهنة، وبيهَق، وخَسروجرد، وبسطام، ودامغان، والري، وزنجان، وهمدان، وأسد آباد، وجي، وهَراة، وبون، وبَغْ، وبوشنج، وسَرَخس، ونوقان،وسِمنان، وأَبهَر، ومَرند، وخُوي، وجُرباذقان، ومُشكان، ورُوذْراور، وحلوان، وأرجيش.
وسمعَ بالأنبارِ، والرافقة، والرحبة، وماردين، وماكسين وغيرها من البلاد الكثيرة والمدن الشاسعة والأقاليم المتفرقة، لا ينفك نائي الديار يعمل مطيته في أقصى القفار، وحيداً لا يصحبه إلّا تقيّ اتّخذه أنيسه، وعزم لا يرى غير بلوغ المآرب درجةً نفيسة، ولا يظلله إلاّ سَمُرة في رباع قفراء، ولا يرد غير إداوة لعلّه يرتشف منها الماء.
وسمع منه جماعة من الحفاظ كأبي العلاء الهمداني، وأبي سعد السمعاني، وروى عنه الجمّ الغفيروالعدد الكثير، ورويت مصنفاته – وهو حي – بالإجازة في مدن خراسان، وغيرها، وانتشر اسمه في الأرض»(21).
وقال عَنْهُ السّمعاني: إنّهُ بدأَ بكتابه قَبل رحلتهِ إلى بلاد العَجم، وقال: «دخلَ نيسابور قبلي بشهرٍ، سمعتُ منهُ وسمع منّي، وسمِعتُ منهُ معجمهُ، وحصلَ لي بدمشقَ نسخة منه، وكان قَدْ شرعَ في التأريخِ الكبيرِ لدمشق»(22).
وبعدَ عودتهِ إلى دمشق في سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة استقرَّ فيها منصرفاً إلى التدريسِ، والتصنيفِ، والتأليفِ. وكانَ نِتاجُ رحلاتهِ المئات من الرسائل، والكتب، والتي سوف نشير إلى جوانب منها عند الحديث عن مؤلفاتهِ فيما يلي.

وفاته:

لم يزل ابن عساكر طول عمرهِ مواظباً على صلاة الجماعة، ملازماً لقراءة القُرآن مُكثراً مِن النوافل والأذكار، والتسبيح آناء اللَّيل وأطراف النهار، وكان يَختمُ كلّ جُمعة، ولم يُرَ إلاَّ في اِشتغالٍ يحاسبُ نفسهُ على ساعةٍ تذهب في غيرِ طاعةٍ(23).
وبقيَ مُنكبّاً على‏ التأليف، والتصنيف، والتدريس، وكان الملِكُ محمود بن زنكي نورالدين قد بَنى‏لهُ دار الحديثِ النووية، فدرّسَ بها إلى حينِ وفاتهِ، غيرَ ملتفتٍ إلى غيرِها، ولا متطلّع إلى زخارف الدُنيا، ولا ناظر إلى‏ محاسنِ دمشق ونزهها، بَلْ لم يزل مواظباً على خدمةِ السُنَّةِ، والتعبّد باختلافِ أنواعهِ: صلاةً، وصيامَاً، واعتكافاً، وصدقةً، ونشرَ علمٍ، وتشييع جنائز، وصِلاتِ رَحِم إلى حين قُبض‏(24).
وتوفّيَ ابنُ عساكر سنةَ إحدى وسبعين وخمسمئة، ليلة الإثنين حادي عشر شهر رجب الفرد، عن عمرٍ يُناهِز اثنين وسبعين عاماً بدمشق، وصلَّى عليهِ القطب النيسابوري، وحضرَهُ صلاح الدّين الأيوبي، ودُفنَ عندَ أبيهِ بمقبرةِ باب الصغيرِ(25).
قال الحُسَين بن عَبْد اللَّه بن رَواحة في رثائهِ:

ذَرَا السّعيَ في نيلِ العُلى والفضائلِ
مَضى مَنْ إليهِ كانَ شَدُّ الرواحلِ

 

وقولا لساري البرق إنّي نَعَيْتهُ
بِنارِ أسى أو دمعِ سحب هواطلِ

 

وماكانَ إلاَّ البحرَ غار ومَنْ يَرد
سواحلهُ لم يَلق غيرَ جداولِ

 

فَقَدْ فاتَكُم نور الهُدى بوفاتِهِ
وَعزَّ التُقى مِنْهُ ونَجحُ الوسائِلِ‏(26)

آثارُه ومؤلّفاته‏(27):

1 – إتحاف الزائر.
2 – أربعون حديثاً مِنْ أربعين شيخاً منْ أربعين مدينة.
3 – الأربعون الطِوال (في ثلاثة أجزاء).
4 – أربعون المساواة.
5 – أربعون المصافحات.
6 – الأحاديث الخُماسيّات، وأخبار ابن أبي الدُنيا.
7 – الأحاديث المتخيّرة في فضائل العشرة (في جزءين).
8 – أخبار أبي عمرو الأوزاعي، وفضائلهُ (مُعجم الأُدباء).
9 – أمالي، في الحديث (وهي مجالس عديدة، سوف نُشير إلى ماوصلنا منها).
10 – تأريخ المزَّة.
11 – التالي لحديث مالك العالي (19 جزءاً).
12 – تبيان الوهم والتخليط الواقع في حديث الأطيط (اُنظر الرقم 67).
13 – ثواب الصَّبر على المصاب بالولدِ.
14 – جزء حديث الهبوط (اُنظر الرقم 72).
15 – جزء كفرسوسية (أحاديث جماعة من كفرسوسية).
16 – الزهادة في بذل الشهادة.
17 – سُباعيّات، في الحديث (اُنظر الرقم 87، والرقم 9 الآتي).
18 – عوالي شعبة، (إجابة السؤال في أحاديث شعبة).
19 – عوالي الثّوري.
20 – عوالي مالك، في الحديث (خمسون جزءاً).
21 – غرائب مالك (عشرة أجزاء).
22 – فضل أصحاب الحديث.
23 – فضل الجَمْرَتَين.
24 – فضل الربوة.
25 – فضل عسقلان.
26 – فضل مقام إِبْرَاهيم.
27 – القول في جملة الأسانيد في حديث المؤيّد.
28 – كتاب الإعتزاز بالهجرة (إعزاز الهجرة عند إعواز النصرة) (سِير الأعلام).
29 – كتاب السُداسيّات.
30 – كتاب طُرق حديث عَبْد اللَّه بن عمر.
31 – كتاب فضل مكَّة.
32 – كتاب فضل المدينة.
33 – كتاب فضل بيت المقدس.
34 – كتاب فضل قريش والأنصار والأشعريين وذمّ الرافضة.
35 – كتاب أحاديث أهل صنعاء الشّام.
36 – كتاب أحاديث أبي الأشعث الصنعاني.
37 – كتاب حنش والمطعم وحفص الصنعانيين.
38 – كتاب يوم المزيد (اُنظر الرقم 84).
39 – كتاب الخِضاب.
40 – كتاب المسلسلات.
41 – فضل الكرام على أهلِ الحَرَم.
42 – كتاب أخبار أبي مُحَمَّد سعيد بن عَبْد العزيز، وعواليه.
43 – كتاب طرق قبض العلم.
44 – كتاب فضائل الصدّيق.
45 – كتاب ماوقعَ للأوزاعي في العوالي.
46 – كتاب الأبدال (لَمْ يَتم) (اُنظر الرقم 2 الآتي).
47 – كتاب العزلة.
48 – كتاب حديث أهل قرية الحميريين وقبيبات.
49 – كتاب حديث أهلِ فذايا وبيت أرانس وبيت قوفا.
50 – حديث أهلِ قرية البلاط.
51 – كتاب حديث سلمة بن علي الحَسَني البلاطي.
52 – كتاب حديث يسرة بن صفوان وابنهُ، وابن ابنَهِ.
53 – كتاب حديث سعد بن عُبَادة.
54 – كتاب حديث أهل رندين وجبرين.
55 – كتاب حديث أهل بيت سواي.
56 – كتاب حديث رومة ومسرابا والقصر.
57 – كتاب حديث جماعة من أهلِ حرستا.
58 – كتاب حديث أهلِ كفربطنا.
59 – كتاب حديث أهلِ دقانيا وحجراء وعين توما وجديا وطرميس.
60 – كتاب حديث جماعة من أهلِ جوبر.
61 – كتاب حديث يَحْيَى‏ بن حمزة البتلهي وعواليه.
62 – كتاب مجموع حديث مُحَمَّد بن يَحْيَى‏ بن حمزة الحضرمي البتلهي.
63 – كتاب حديث أبي بكر بن مُحَمَّد بن رزق اللَّه المنيني.
64 – كتاب مجموع أحاديث جماعة من أهلِ بعلبك.
65 – كتاب تكميل الإنصاف، والعدل بتعجيل الإسعاف بالعزل.
66 – كتاب الملتمس من عوالي مالك بن أنس (31 جزءاً).
67 – كتاب رفع التخليط عن حديث الأطيط (راجع الرقم 12).
68 – كتاب ذكر البيان في فضائل كتابة القرآن.
69 – كتاب دفع التثريب على من فسَّر معنى التثريب.
70 – كتاب حلول المِحنة بحصولِ الاُبنة (اُنظر رقم 18 الآتي).
71 – كتاب الجواهر واللآلي في الأبدال العوالي.
72 – كتاب الجوهر المبسوط لِما ذكر في حديث الهبوط (راجع الرقم 14).
73 – كتاب مسلسل العيدين.
74 – كتاب الإنذار بحدوث الزلازل.
75 – كتاب ترتيب الصحابة في مسند أبي يعلى.
76 – مسند أبي حنيفة.
77 – مسند أهل داريا.
78 – مسند مكحول.
79 – معجم الصحابة.
80 – معجم النسوان (كتاب مَنْ سمعَ منهُ مِنَ النسوان).
81 – مناقب الشبان (خمسة عشر جزءاً).
82 – مَنْ وافقت كنيتهُ كنية زوجته (في مجلّد).
83 – الموافقات على الأئمة الثلاثة الثّقات، في الحديث (في ستَّة مُجلَّدات)
(كتاب الموافقات على شيوخ الأئمة الثّقات (72 جزءاً).
84 – تشريف يوم الجمعة (7 أجزاء) (راجع الرقم 38).
85 – تقوية السُنَّة على إنشاء دور السُنَّة.
86 – الاقتداء بالصّادق في حفر الخندق.
87 – المستفيد في الأحاديث السُباعيّة الأسانيد (اُنظر رقم 9 الآتي).
88 – مجموع الرغائب ممّا وقعَ مِن حديث مالك الغرائب (10 أجزاء).
89 – معجم أسماء القُرى والأمصار.
90 – معنى قول عُثْمَان: «ماتَعَنَّيتُ وَلا تَمَنَّيْتُ».
91 – المقالة الفاضحة للرسالة الواضحة.
92 – من لا يكون مؤتمناً لا يكون مؤذِّناً.

وأمَّا الكُتُبُ التي وصلت إلينا مِن مؤلّفاتهِ‏(28) فهيَ:

1 – أخبار لحفظِ القرآن. مخطوط – م / ظاهريّة / مجموع 76.
2 – الأربعون الأبدال العوالي. مخطوط – م / ظاهريّة / مجموع 17(29).
3 – الأربعون البلدانيّة (أو أربعون البلدان)، قال بروكلمان: رُبما كان في برلين 1466(30).
4 – أربعون حديثاً في الحثِّ على الجهاد (أو الاجتهاد في إقامة فرض الجِهاد). مخطوط – م / ظاهريّة / لغة 54.
5 – الإشراف على معرفة الأطراف في الحديث (أربعة مجلدات) والظاهر أنّها فهارس لكتب الحديث باستثناء البُخاري ومسلم. ذكر بروكلمان نسخة مخطوطة له‏(31).
6 – التأريخ الكبير لمدينةِ دمشق (المُنتقى منهُ هذا الكِتاب) طُبعَ مِنهُ إلى الآن 70 مجلداً.
7 – تبيين الامتنان بالأمر بالاختتان. ذكر بروكلمان نسخة مخطوطة له‏(32).
8 – تبيين كذب المُفتري فيما نسبَ إلى أبي الحَسَن الأشعري. مطبوع‏(33).
9 – تجريد السُباعيّة. مِنْهُ قطعة في م / الظاهريّة / مجموع 10.
10 – ترتيب الصحابة في مسنَدِ أَحْمَد. مِنهُ نسخة في مكتبةِ فاتح باستانبول 1152 (129أ-154أ).
11 – الجزء الحادي والخمسون مِن الأمالي في الصّوم. مخطوط – م / ظاهريّة / مجموع‏20.
12 – حديث أهلِ حردان. مخطوط – م / الظاهرية / مجموع 34.
13 – فضل يوم عرفة. مخطوط – م / الظاهريّة / مجموع 4496.
14 – فضيلة ذكر اللَّه. مخطوط – م / الظاهريّة / مجموع 24.
15 – كشف المُغطّى في فضل الموطّأ. مطبوع، ومنهُ نسخة مخطوطة في م / الظاهريّة.
16 – مجلس في فضل الإمام علي بن أبي طالب(ع). مخطوط – م / الظاهريّة / مجموع 16. وهو الجزء الحادي والعشرين بعد المائتين مِن الأمالي.
17 – المجلس 14 في ذمّ مَن لا يعمل بعلمهِ. مخطوط – م / الظاهريّة/ مجموع 87(34).
18 – المجلس 19 في تحريم الاُبنة.مخطوط – م/الظاهريّة/ مجموع 9.
19 – المجلس 32 في التوبة. مخطوط – م / الظاهريّة / مجموع 7.
20 – المجلس 53 في ذمِّ قُرناء السّوء. مخطوط – م / الظاهريّة / عام 4504.
21 – المجلس 127 في ذمِّ ذي الوجهين واللسانين. مخطوط – م/ الظاهريّة / مجموع 21.
22 – المجلس 137 في سعةِ رحمة اللَّه. مخطوط – م / الظاهريّة / مجموع‏58.
23 – المجلس 138 في نفي التشبيه. مخطوط – م / الظاهريّة / مجموع 58.
24 – المجلس 139 في صفاتِ اللَّه عزَّ وجل. مخطوط – م / الظاهريّة / مجموع 80.
25 – المجلس 238 في فضل سعد بن أبي وقاص. مخطوط – م / الظاهريّة / مجموع‏101.
26 – المجلس 280 في فضل عَبْد اللَّه بن مسعود. مخطوط – م / الظاهريّة / مجموع 3.
27 – المجلسان 366 – 367 في فضل رجب. مخطوط – م / الظاهريّة/ مجموع 71.
28 – المجلس 205 في فضل شهر رمضان. مخطوط – م / الظاهريّة / مجموع 81.
29 – مدح التواضع وذمّ الكبر. مخطوط – م / الظاهريّة / مجموع 344.
30 – معجم شيوخ ابن عساكر – منهُ صورة على الميكروفيلم في مجمع اللّغة العربيّة ومصوّرةعنها(35).
31 – المعجم المشتمل على ذكر أسامي شيوخ الأئمة النبّل (معجم الشيوخ النّبلاء) منه مخطوط في م / الظاهريّة / حديث 388.(36)

كتاب تأريخ مدينة دمشق:

وذكر فضلها وتسمية من حلَّها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها.
ويُفهم من تسميتهِ أنّهُ أرَّخَ لمدينة دمشق في مرحلةٍ ما، أو في عصرهِ، والّذي يعرض للكتاب يرى أنَّ ابن عساكر لم يخص دمشق أو نواحيها فقط، بل تعدّاها في الكلام، فكتبَ لبلاد الشّام كلِّها، ويصبح التخصيص في التسمية قاصِراً عن الإحاطة بمضمون شموليّة الكتابة والمواضيع والتراجم التي تطرق إليها.
يقول د. شكري فيصل في مقدمتِهِ: «إنَّ المؤلِّف لا يقدِّم لنا تأريخاً دمشقيّاً، ولا تأريخاً شاميّاً فحسب، وإنّما يُقدِّم تأريخاً حضاريّاً لهذهِ البلاد كلّها التي انتشرَ فيها الإسلام، وسادت فيها العربيّة، وانساحت فيها مهاجرة العرب والمسلمين بين أقصى الشرق فيما وراء النهر، وبين أطراف المحيط.
ولقد خصَّ الحافظ المجلَّدة الأُولى بفضائلِ الشام وفتوح الشّام عامّة، وبعض المجلّدة بخططِ دمشق، وذكرَ مساجدها، وكنائسها، وأبوابها، ودورها، وأنهارها، وقنواتها، ثمّ بدأ بالترجمة لكلِّ مَنْ دخلها، أو اجتاز بنواحيها مِنْ أنبيائها، وهداتها، وخلفائها، وولاتها، وفقهائها، وقضاتها، وعلمائها، ورواتها، وقرَّائها، ونحاتها، وشعرائها، ورواتها.
ولم يكُن تأريخهُ أوَّل تأريخ لدمشق والشّام، ولم يكن تأريخ دمشق الأول من نوعِهِ بين كتب تأريخ المُدُن.
فقبله اُلِّف «تأريخ الرّقة» للقشيري، وتأريخ أصبهان لأبي نُعَيم، وتأريخ نيسابور للحاكم، وتأريخ بغداد للخطيب، وهو أهم مااُنتِجَ قبله»(37).
ويمتاز تأريخ دمشق عن التواريخ التي سبقته، أنّهُ أوسعها مادّة، وأشملها توجّهاً، وفي قيمتهِ ومكانتهِ يقول د. المنجد: «لم تشهد دمشق في تأريخها محدِّثاً فاق الحافظ في الحديث، ولم تعرف في تأريخها ثمانين مجلّدة غيرهُ، فيكفيها فخراً أنَّها أُوتيت أوسع تأريخ كتب عن مدينة إسلاميّة، كتبهُ مؤلف من أعظم العلماء في صدر الإسلام»(38).
وفي قيمتهِ صدَّر الاستاذ مُحَمَّد كرد علي المجلَّدة الأُولى بقولهِ: «ماحظيت مدينة في الإسلام بتأريخ لها يضاهي دمشق هذا.
ويقول: وقد يكون تأريخ دمشق أوسع تواريخ المدن، وهو أيضاً مِنْ أوسعِ المصادر في تراجم الرّجال. حتّى ليُجرَّد مِنهُ كتب على حدة في موضوعات مختلفة، كولاة دمشق مثلاً، وقضاتها، وشعرائها. ومنهُ يستخرج أحسَن تأريخ لبني أُميَّة سكتتْ معظم التواريخ عنه. وهو إلى ذلك حوى عدّة كتب مستقلّة، فكلّ طالب يظفر فيهِ بطلبته، ويجد فيهِ مالا يجدهُ في كتابٍ غيرِهِ، لأنّ ابن عساكر يمتاز بالتحرّي، والبسط والاستقصاء، وتتبّع النوادر في سير المترجم لهم، وأخبارهم»(39).

ذيول هذا الكتاب:

هذا وقد أقدمَ من جاءَ بعدهُ على كتابة ذيول على هذا التأريخ الكبير، وقد ذكر الحاجي خليفة في كشف الظنون عدة كتب ذيِّل بها هذا التأريخ، مِنها: ذيل ولد المصنّف القاسم، ولم يكملهُ، وذيل صدر الدين البكري، وذيل عمر بن الحاجب، وذيل‏علم الدين البرزالي‏(40).

ضرورة التهذيب والانتقاء من تأريخ مدينة دمشق:

أودعَ ابن عساكر كتابهُ الكبير (تأريخ مدينة دمشق) كلّ ما وقع له ممّا يرتبط بِمنْ حلَّ بدمشقَ، أو اجتازها ممَّن ورد إليها، وأهلها، فاحتوى على الغثّ والسّمين، وترجم لجماعة عرفوا بالفسق، وعدم المبالاة بالشّرع، وعدم رعاية كرامة النّاس في ألفاظهم وتعابيرهم، فأوردَ عين ألفاظهم على مافيها، وفي بعض تعابيرهم مايمسّ بصحابة الرَسُول الأعظم(ص)، وعظماء الصّدرِ الأول من أصحاب النّبي(ص).
وأيضاً حوى كتابهُ على أكاذيب واضِحة لفّقها أعداء الإسلام لتبرير ساحة طغاتهم في ارتكاب المجازر، وسفك الدِماء البريئة، وأمثال ذلك كثير. وكنموذج لما ذكرنا نذكر هنا مثالين:
الأوَّل: ماأوردهُ في ترجمة عُبَيد اللَّه بن زياد في ج 23 ص 446 – 447 حيث قال:
«أنا أَبُو علي الحدّاد، أنا أَبُو بكر بن ريذة، أنا سُلَيْمَان بن أَحْمَد، أنا أَبُو معن ثابت بن نُعَيم الغزي، أنا مُحَمَّد بن أبي السري، أنا ضمرة بن ربيعة، عن السري بن يَحْيَى‏، عن الحَسَن قال: قدمَ علينا عبيداللَّه بن زياد أميراً، أمّرهُ علينا معاوية، فقدم علينا غُلاَماً سفيهاً يسفك الدِماء سفكاً شديداً، وفينا عَبْد اللَّه بن مغفَّل المزني صاحب النبي(ص) … فدخلَ عليهِ ذات يوم عبيد اللَّه يعوده، فقال له عبد اللَّه: اِنتهِ عمَّا أراك تصنع؛ فإنَّ شرّ الرعاع الحطمة(41).
فقال لهُ: ما أنتَ وذاك؟ إنَّما أنتَ حثالة من حثالات أصحاب مُحَمَّد(ص) -.
فقال لهُ: وهل كانَ فيهم حثالة، لا أُمَّ لكَ؟ بل كانوا أهلَ بيوتاتٍ وشرفٍ ممَّن كانوا مِنْهُ، أشهدُ لسمعتُ رَسُول اللَّه(ص) وهو يَقول: «ما مِنْ إمام ولا والٍ باتَ ليلة سوداءَ غاشَّاً لرعيّتهِ إلاَّ حرَّم اللَّه عليهِ الجنّة».
والثاني: مارواهُ في أوَّلِ ترجمة الإمام الحُسَين من تأريخهِ، ومفادهُ: أنَّ الحُسَين بن علي وفدَ على معاوية وتوجَّهَ غازياً إلى القسطنطينيّة في الجيش الّذي كان أميرهُ يزيد بن معاوية.
وهذا أمرٌ كلّهُ كذب واختلاق، فإنَّ الحُسَين بن علي لم يفد على معاوية قط، ولم يكُن الحُسَين توجّهَ إلى القسطنطينيّة غازياً قط، ولم يكُن يزيد أمير جيشٍ غزا القسطنطينيّة قط.
وكلّ ما ذكروه هو كذب، وليس الهدف مِنْ وضع هذا وأمثاله إلاَّ تبرير ساحة يزيد وتعذيرهُ في إجراء مجزرة كربلاءالرهيبة.
وأمثال هذهِ الأحاديث كان ينبغي للعلماء، وذوي الخبرة والاختصاص، مِنْ أمثال ابن عساكر وغيرِهِ، التجنّبُ عن تناقلها وإيداعها الكُتب حفاظاً على قدسيَّة صحابَة الرَسُول(ص) وإن كانَ نطقَ بها كافر، واجتناباً عن الكذب، وإن كان قد لفّقها فاسقٌ.
وهذا ما لم يحصل – مَعَ الأسف – في هذا التأريخ الكبير.
ووجود هذه النماذج وأمثالها، هو الذي دعى المُحققين الوعاة لتصدير ماأقدموا على إخراجهِ وطبعهِ من هذا التأريخ الكبير إلى الإشارة إلى هذه النقاط، ومِنْهُم العلاَّمة المُحقِّق الخبير الشيخ مُحَمَّدباقر المحمودي، الّذي قال في أوَّل تحقيقه، لترجمةِ الإمام الحَسَن مِن تأريخ مدينة دمشق: «وصيَّتي إلى القُرّاء الأعزّة، الّذين يصعبُ عليهم تمييز الحق عن الباطل، والصّدق عن الكذب، أنْ يراجعوا في متشابهات هذه الترجمة إلى أهلِ العلم الّذين لهم تخصّص في تمحيص الحقائق التأريخيّة، والمسائل الاعتقاديّة، وأن يعلموا أنَّ سكوتنا على بعض مواضيع الكتاب، وعدم تعليقنا عليهِ غير ملازم لتصديقنا واعتقادنا بحقّانيّة الموضع المسكوت عنهُ»(42).
وقد دعت أسباب أُخرى إلى أنْ يعمدَ بعض العُلماء إلى تنقيح وتهذيب وتلخيص هذا الكِتاب على أُسس مذهبيّة، أو فنّيّة، أو تأريخيّة، أو غيرها، وكانت حصيلة جهدهم في هذا المَجال هي كالآتي‏(43):
1 – مااختصرهُ عَبْد الرَّحمن بن إِسْمَاعيل الدِمشقي المتوفى سنة 665 ه، وهو نسختان: كبرى في خمسة عشر مجلَّداً، وصُغرى.
2 – مختصر للقاضي جمال الدّين مُحَمَّد بن مكرم الأنصاري، المعروف بابن منظور الأفريقي، صاحب لسان العرب، نزَّلهُ في نحو ربعه. طبع في 29 مجلّداً، وهو نسخة قيّمة دلَّ على ترتيب تأريخ دمشق، وأثبت بعضَ مانقصَ منهُ وضاع من نسخه المخطوطة.
3 – مختصر للشيخ بدر الدّين محمود بن أَحْمَد العيني.
4 – انتقى منهُ جلال الدّين عَبْد الرَّحمن بن أبي بكر السُيوطي، المتوفى سنة 911 ه. وسمَّاه «تحفة المذكر المنتقى من تأريخ ابن عساكر».
5 – منتخب للقاسم بن علي بن عساكر.
6 – منتخب للصفَّار.
7 – انتقى منهُ أَحْمَد بن عَبْد الدّائم المقدسي كتاباً سمَّاهُ: «فاكهة المجالس وفكاهة المجالس».
8 – تعليق من تأريخ مدينة دمشق لأحمد بن حجر.
9 – مختصر لإسماعيل بن مُحَمَّد الجرّاح اسمهُ: «العقد الفاخر بتأريخ ابن عساكر».
10 – مختصر لأبي الفتح الخطيب.
11 – تهذيب ابن عساكر لعَبْد القادر بدران. وقد صدَرَ منهُ خمسة أجزاء، ثم تابع العمل فيهِ الاُستاذ أَحْمَد عبيد، فطبعَ منهُ جزئين: السادس والسابع، ينتهي السابع بترجمة عَبْد اللَّه بن سيّار.
قال الشيخ بدران في مقدّمته: «… الإمام المتقن الحافظ الكبير ثقة الدّين أَبُوالقاسم عليّ‏بن عساكر الدّمشقي رحمه اللَّه، فجمعَ تأريخهُ الملقَّب بالتأريخ الكبير في ثمانين مجلّداً، وجعلهُ تأريخاً لمدينة دمشق الزاهرة، ضارعَ بهِ تأريخ بغداد للبغدادي، فجاء روضة زاهرة يجتني منها المحدِّث ثمرات المقاصد، والأديب ورد الخمائل، والسياسي حكمةً تبهر العقول، واللغوي أكماءً وعساقل، والفقيه نوادر الاُصول، والواعظ نكتاً ولطائف، والخطيب فِقَراً تُصاغ من العسجد، والبليغ المطابقة لمقتضى الأحوال، والمستفيد نوادر وأمثالاً لايجدها مجموعة في كتاب، إلاَّ أنهُ طوَّل شرحهُ بطول السّند، وكرَّر فيهِ الحوادث تكراراً كان مألوفاً في زمنهِ، قد يملُّ منهُ أبناء هذا الزمان، فلذلك هُجر حتّى عزَّ وجودهُ، فصار كعنقاءٍ معربٍ وحديثٍ مغربٍ، وأصبحَ لا يسمح لعشاقهِ بالوِصال، ولا يتدانى لقاصده حتّى ينال، مع احتياج أبناء زمننا إليهِ تشوّقهم لرؤية طلعتهِ، فأحببتُ أن أتحفهم به محذوف التّكرار والأسانيد، فشمَّرتُ ساعد الجدّ لذلك، وأخذتُ عبارتهُ خالية عن التّكرار، وأبقيت أسانيد في محلِّها مِن صحفه… ثمَّ إنّي نقَّحتُ الحوادث حسب الإمكان… وأعملتُ الفكر في تصحيح ألفاظهِ الّتي تناولتها أنامل الكتبة بالتّحريف.
وفي مقدّمته للجزء الثالث يقول:… وضممتُ إليهِ فرائدَ سنحت للفكر أثناء التهذيب، ونوادر أملتها القريحة إبّانَ الترتيب»(44).
يقول د. المنجد: «وهذَّبهُ عَبْد القادر بدران، فحذفَ منهُ الأسانيد، وحذفَ كثيراً مِن الأخبار فيهِ، وأثبتَ ماوافق نزعتهِ الدينيّة ومذهبهُ الحنبلي. وقد لاحظنا أثناء مقايستنا هذا المهذّب بالأصل أنَّ الشيخ بدران كان كثيراً مايحذف كلمات لم يفهمها، ويثبّت بدلاً منها كلمات أُخرى. ولا يُمكن الاعتماد على هذا المهذّب في الدراسات العلميّة لأنّهُ بعيد عن الأصل في أشياء كثيرة»(45).
أمَّا الاُستاذ مُحَمَّد أَحْمَد دهمان فيقول: «وفي سنة 1329 ه قصد اُستاذنا المرحوم الشيخ عَبْدالقادر بدران طبع هذا التأريخ، فاصطدمَ بعقبات جمَّة، أعظمها كثرة الخطأ في النسختين المخطوطتين بالمكتبة الظاهريّة بدمشق، فعمد إلى اختصارهِ وتهذيبه، ليبتعد عن الخطأ الّذي فيهما، وليحذف مالم يظهر لهُ معناهُ، ولم يهتدِ إلى صوابهِ.
ومع ذلك فلم يسلم ماطبعهُ منه من الخطأ الكثير والتحريف»(46).
أمَّا الدكتور شكري فيصل فاعتبرَ أنَّهُ: «أيّاً كان الرأي في عمل الشيخ بدران رحمهُ اللَّه، فقد كان خطوة رائدة إذا ماتمثّلنا الظروف الثقافيَّة الّتي وجد فيها، والأوضاع الاجتماعيّة الّتي كانت من حولهِ، وبخاصّة حين تقرأ المُقدّمات التي كتبها للأجزاء الخمسة والخواتيم، والّتي تصوّر معاناتهُ وخصوماتِهِ، وتجسِّد إصراره وعزمَه.
ولقد كان عمل الاُستاذ أَحْمَد عبيد في الجزءين السادس والسابع تداركاً واضحاً للكثير من مثل الّذي وقعَ للمرحوم الشيخ بدران وتجاوزاً للثغرات الّتي عثرَ بها»(47).

هذا الانتقاء، ولمحة عن حياة المُنتقي:

ولهذا السبب أيضاً أقدمَ المؤلف على انتقاء هذه المجموعة من بين المُجلّدات الكثيرة، والمخطوطات المتفرقة، من تأريخ مدينة دمشق، مراعياً فيه جوانب عديدة لم يكُن بإمكان غيرهِ رعايتها، لما تتطلّب من العلم الواسع، والمعرفة بالمتون والأسانيد، والاطّلاع على الحقائق التأريخية، وسير الحوادث، والانتقاء من هذا الكتاب قد يستلزم أحياناً تقديم بعض النصوص وتأخير بعضها الآخر. وهنا تكمن أهميّة هذا الإنتقاء.
وأمَّا المُنتقي، فهو سماحة عَلَم الأعلام، طود العلم الشامخ، حامل لواء الفكر، ذو النفس الكبيرة، الّتي جرّدها لخدمة الحقّ والدّين، الفقيه الصابر الممتحَن، مرجع الاُمّة، وملاذ الشيعة في بلاد أوربا وأمريكا: السيّد مُحَمَّد حُسَين الحُسَيني الجلالي أدام اللَّه ظلّه الوارف.
فهو بالرغم من كثرة خدماته في الميادين المختلفة من معارضة الطواغيت والجهاد ضدّهم، قام بما هو ملقى على عاتق كلّ رجل دين في هذا العصر، وهو الحفاظ على العقيدة الإسلاميّة، ونشرها في العالم، وحفظها للأجيال القادمة، وكانت لآثاره العلميّة الأثر البالغ في هداية الكثيرين إلى الدّين الإسلامي، والاهتداء بأنوار أهل البيت(ع)، منهم زهاء أربعة آلاف شخص في صعيد مصر، وأضعاف هذا العدد في سائر بلدان العالم المنتشرة في أوربا، وأمريكا، واستراليا، وغيرها.
وكانت لمنشورات مؤسّسته العلميّة التي أسّسها في شيكاغو أمريكا: «المدرسة الحرّة» (THE OPEN SCHOOL)، والتي قامت بإصدار أكثر من مئة كتاب، بلغات مختلفة في مختلف العلوم الدينيّة والاُمور الّتي تهمّ المسلمين، السهمُ الأوفر في التّعريف بالإسلام، وتوجيه الأنظار إلى مذهب أهل‏البيت(ع).
وإلى جانب ذلك فهو مثابر في إحياء الآثار المخطوطة، الّتي نُقلت من بلاد المسلمين إلى مكتبات الغرب.
وقد أرسل سماحته ما يقارب من مئتي كتاب ورسالة استنسخها بنفسه الى مدينة قم المقدّسة، ووزّعت على‏ بعض المحقّقين لغرض طبعها ونشرها بعد تحقيقها، ولا زالت بعضها قيد التحقيق.
وقد حقّقت أنا بعض ما أرسله سماحته إليّ – والحمد للَّه – منها: تفسير غريب القرآن المنسوب إلى الشهيد زيد بن عليّ(ع)، وسلسلة الإبريز بالسند العزيز، ومسند الرضا(ع)، ودرر السمط في خبر السبط، وهذا الكتاب الّذي بين يديك، وهو منتقىً من التأريخ الكبير الّذي جمعه ابن عساكر، والّذي كان أصله زهاء (28 ألف صفحة).
ولا يخفى أنّ مطالعة ما وجده من أجزاء هذا الكتاب الكبير، وانتقاء هذه المجموعة الكبيرة منها، ثمّ تعقيبها بما رواه العلماء، وبالأخصّ العلّامة المجلسي(ره) في موسوعته الكبيرة (بحار الأنوار)، لعمل كبير، وجهد مشكور في خدمة الحق والعلم، فللّه درّه وعليه تعالى‏ أجره.
ولقد أحببت التنويه ببعض جوانب شخصيّته الكريمة، فرأيت أن أكتفي بترجمةٍ ذاتيةٍ عن نفسه الكريمة، وذلك بعد أن وقفت على رسالةٍ جوابيّةٍ أرسلها لأحد أصدقائه تلبية لطلبه ونزولاً عند رغبته.
وحيث كانت هذه الرسالة تحتوي على أبعاد مختلفة من حياته الكريمة، مع فوائدَ جليلةٍ نافعةٍ آثرت نقلها بالنّصّ الكامل، وهي:

بسم‏الله الرحمن الرحيم

السيّد جودت دامت جودته وتعالت همّته:
وعليكم السّلام ورحمة اللَّه وبركاته.
وبعد السؤال عن أحوالكم والدعاء لكم بمزيد التوفيق والتسديد، تسلّمت رسالتكم الكريمة، المؤرّخة 5 جمادى الأُولى 1411، والمعبِّرة عن حُسْنِ ظنّكم بي واهتمامكم بالتراث الّذي قلّ أنصاره وكثر أدعياؤه، وعن طلبكم ترجمة مفصّلة عن الفقير إلى اللَّه، الواقع في زاوية الخمول والتقصير، مقرونة بالصورة وأسماء المؤلّفات والإجازات.
أمّا الصّورة؛ فينبغي أن تكون منقوشة في القلوب قبل أن تكون معكوسة على الأوراق.
وأمّا الإجازات؛ ففي مقدّمة معجم الأحاديث وملخّص خاتمته (إجازة الحديث) ما يلقي بعض الأضواء عليها، وقد استنسخ المعجم أحد أئمة المغاربة وطبع بالاُوفسيت عن خطه، كما ونشر الإجازة أحد الأساتذة المصريين،(48)، فجزاهما اللَّه خيراً عن سعيهما في نشر علوم الحديث في عصرٍ كثر فيه التنكّر لهذا العلم وأهله والعزاء في ذلك: أنّ الحقيقة غالية المهر لايجدها إلّا من بذل كلّ ما يملك من نفسٍ ونفيس في سبيلها، وهذه سيرة من يدخل التأريخ من أبوابه، ويتحاشى القفز من النوافذ.
وإن أنسَ لم أنس أنّ شيخنا العلّامة الطهراني طلب من مرجع عصره أن يخصص راتباً لمساعدة الّذي كان يعيش معلّماً لمدرسةٍ ابتدائيةٍ، كي يتفرّغ لاستنساخ مؤلّفاته، لكنّه جوبه بالردّ غير اللائق، وكان ذلك درساً لي بأن لا أطلب مساعدة أحدٍ، وأن لا أعتمد إلّا على الواحد الأحد؛ واثقاً بأنّ للبيت ربّاً يحميه، وأنّ اللَّه سوف يقيّض من يعرف قدر هذا العلم في كل عصر ومصر، وما علينا إلّا العمل الدؤوب مقروناً بصبر أيّوب.
وأهديت إليك نسخة من الكتابين مقرونة بالإجازة عسى أن تتوفق لأن تنظر إليها لا بعين الرّضا الكليلة، بل بعين الناقد البصيرة.
وأمّا عن حياتي؛ فقد ولدت في أربعين الإمام الحُسَين(ع)، وفي مدينة الحُسَين(ع)، كربلاء الإباء عام 1362 ه، ومن ذلك سُمّيت «مُحَمَّد حُسَين» تأسّياً بالعادة السائدة في التسمية بالأسماء المركّبة؛ عملاً بالحديث الشريف: «من ولد له مولود ولم يسمّه باسمي فقد جفاني».
وهذه العادة لم تكن قبل في عهد الأئمة(ع)؛ لذلك ليس في رواة الحديث من سمّي بالاسم المركّب عَلَماً وإن استعمل وصفاً.
وقد زرع والدي(ره) حبّ العلم في نفسي من الصّغر، فأصبح كالنقش في الحجر، واختار رحمه‏اللَّه تعالى لي أساتذة في دراسة المقدّمات والسطوح، ثم أمرني بالهجرة إلى مدينة باب العلم عام 1372 ه، ووجّهني إلى حلقات مدرّسين كان(ره) على معرفةٍ بهم.
وقد حضرت دروس الفقه للسيّد الحكيم(ره)، والأُصول لسيّدنا الأُستاذ، أُستاذ الجيل السيّد الخوئي دام ظلّه، واختصصت بدروس الفقه والأُصول لاُستاذنا المحقّق السيّد البجنوردي(ره) الّذي كان مثالاً رائعاً للانقطاع للعلم.
وهكذا – منذ أن عرفت يميني عن شمالي – صرفت عمري في تحصيل العلم بماتيسّر لي من طرقه وفنونه، وطرقت كلّ مرتعٍ، واغترفت من كلّ منبعٍ، ولا أعرف عن نفسي وصفاً أصدق من أنّي قضيت حياتي طالباً للعلم وأعيش طالباً للعلم، وأسأله سبحانه أن يحييني حياة طلّاب العلم، وأن يحشرني في زمرة طلّاب العلم، وصدق الرَسُول القائد(ص): «منهومان لا يشبعان طالب العلم وطالب الدُّنيا»(49).
وأمّا مؤلفاتي؛ فالرئيسية منها ثلاثة:
الأُولى‏: معجم الأحاديث؛ فقد ابتدأت بتأليفه عام 1383 ه وشجّعني على المضيّ فيه شيخنا العلّامة الطهراني أعلى اللَّه مقامه، وحاولت أن أصهر كل مؤلّفاتي فيه، إمّا مقدّمة له أو خاتمة، وكنت ولا أزال أُجدّد النظر فيه.
الثاني: الفوائد المنتقاة؛ وهي عدّة أجزاء.
منها: «المستحسنات من المستنسخات» فيما استنسخته.
ومنها: «الوثائق المُصَوَّرة» في الوثائق الّتي وقفت عليها.
ومنها: «تلخيص الكتب الّتي قرأتها»، وتفصيل اُسلوب التأليف يطول.
الثالث: المستدرك؛ ويحتوي على‏ ما استدركته على سائر مؤلّفاتي، كتهذيب المباني الاُصوليّة،ونفي التحريف والتصحيف، ومستند نهج البلاغة، وهي ليست -اليوم- تحت يدي، بل في العراق الإسلامي الّذي أصبح طعمة لأطماع الطغاة والغزاة، فقد مسّ شيعة أهل البيت(ع) بالذات في هذه الفترة من الغدر والتشريد ما ليس له نظير في التأريخ العالمي المعاصر، وليس لهم من مُعين ولاناصر، وعسى أن يقيّض اللَّه لهم أبا مسلم عراقي يبعث من العراقيين ويجلب للشيعة الاستقرار والأمان.
اللهُمَّ إنّا نرغبُ إليك في دولة كريمة تعزُّ بها الإسلام وأهله، وتذلُّ بها النفاق وأهله.
وفي الختام: أُوصيك يا أخي بالتقوى والعمل الدؤوب لاُمّةٍ تعيش بين يقظة الأعداء وغفلة الأصدقاء، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه.

مُحَمَّد حُسَين الحُسَيني الجلالي‏
10 / شوّال / 1411

في طريق التحقيق:

ويجدر الإشارة هُنا إلى أنَّا عمدنا إلى إيراد الاختلافات بين نسخة الأصل والنسخ المطبوعة من هذا التأريخ، ولم نُعلّق على الأحاديث بإيراد الشواهد والتوابع فإنَّ فيما علقَ عليها المحققون، وبالأخص الشيخ المحمودي فيما حققهُ من تراجم هذا الكتاب كفايةً وغنى، ويُمكن لِمن أراد التوسع مراجعةُ المصادر التي نشير إليها في نهاية كل حديث، فإنّا قد أشرنا في هوامش الأحاديث إلى موضع وجود الحديث في الطبعات المُختلفة لتأريخ مدينة دمشق.
ونذكر هنا خصوصيات الطبعات المعتمدة في اخراج هذا الكتاب بصورة مفصّلة.

خصائص ومواصفات النسخ المطبوعة التي استعنّا بها في إخراج هذا الكتاب:

أوّلاً: النسخة المخطوطة: وهي النسخة التي اعتمد عليها السيد العلّامة في تنظيم كتابه هذا، وهي نسخة ملفّقة من مصوّرات عدّة نسخ مخطوطة ومرتّبة ترتيباً منتظماً، تبدأ بولادة المترجمين وتنتهي بوفياتهم مروراً بما يرتبط بهم من أهم الأحداث التأريخيّة والآثار والأحاديث. وهذه النسخة منتخبة من عدّة نسخ مخطوطة أهمّها:
1 – نسخة مصوّرة عن نسخة المكتبة الظاهريّة بدمشق، تتألَّف من (19 مجلداً) فيها نواقص وثغرات كثيرة، وكمِّل نقصها من النسخ الاُخرى بالقاهرة، ومراكش، واستانبول.
وعلى الصفحة الأُولى من كل مجلد منها ما يلي: «وقف حضرة الوزير الأكرم، والدستور الأفخم، الحاج سُلَيْمَان باشا محافظ الشّام» وهي المعروفة بالنسخة السُلَيْمَانية وهذه النسخة هي المعتمدة في الطبعة الحديثة لتأريخ مدينة دمشق كنسخة اُمّ.
2 – نسخة مصوّرة من الخزانة العامّة بالرباط، جزء منها يتناول بداية التأريخ إلى نهاية القسم الأوّل من السيرة النبويّة «ذكر عروجهِ(ص) إلى السّماء».
3 – نسخة مصوّرة من دار الكتب الوطنيّة بتونس، تتناول أجزاء من حرف العين إلى حرف الميم.
4 – نسخة مصوّرة من خزانة مكتبة ابن يوسف بمراكش، والمعروفة ب «النسخة المغربيّة» و«النسخة اليوسفيّة».
وهذه النسخة اُعتمدت كنسخة مساعدة للنسخة الأُم، وتمّم بها النقص الموجود في النسخة السُلَيْمَانيّة، كُتبت حوالي سنة 1112 ه.
5 – نسخة مصوّرة من مكتبة الأزهر.
6 – جزء من نسخة مصوّرة عن مكتبة أَحْمَد الثالث، تتضمّن القسم الأخير من أخبار دمشق والسيرة النبويّة. والظاهر أنَّها كُتبت في القرن العاشر الهجري، واعتمدت هذه النسخة أصلاً في تتمة السيرة النبويّة في الطبعة الحديثة من تأريخ مدينة دمشق.
ثانياً: مختصر تأريخ دمشق لابن عساكر، تلخيص ابن منظور الأفريقي( 620 ه – 712ه) بتحقيق روحيّة النّحاس ورياض عَبْد الحميد مراد ومُحَمَّد مطيع الحافظ.
طبع دار الفكر / دمشق – سورية، الطبعة الأُولى (1404 ه = 1984 م) في تسعة وعشرين مجلّداً.
فقد رجعنا إليها في ضبط النصوص الّتي أوردها العلاّمة المؤلف اعتماداً على هذا الكتاب، خصوصاً فيما يتعلّق بوفاة الرَسُول الأعظم(ص) والحوادث الّتي تلت وفاتهُ(ص).
وأثبتنا مااستفدناهُ من هذهِ النسخة في الهوامش ونشير إليها في الهوامش ب (المختصر).
ثالثاً: وفي تراجم النساء خاصّة، اعتمدنا – إضافة إلى ما تقدّم والطبعة الحديثة لتاريخ مدينة دمشق – على الجزء الخاصّ المطبوع بصورة مستقلّة في تراجم النساء من تأريخ مدينة دمشق، والّتي قامت بتحقيقها الدكتورة سكينة الشهابي، وطبعت في دار الفكر دمشق – سورية الطبعة الأُولى (1402 ه = 1982 م) في مجلّد كبير يحتوي على (678 صفحة) ونشير إلى هذه النسخة ب (تراجم النساء).
هذا، وقد اعتمدت الدكتورة سكينة الشهابي في تحقيق الجزء الخاص بالنساء على أصلين، كما ذكرت ذلك في مقدمتها (44 – 51) تحت عنوان «صفة الاُصول»، وهما:
أ – نسخة الظاهريّة، المحفوظة في المكتبة الظاهرية (تحت رقم 3383)، وهو المجلّد التاسع عشر والأخير من أصل التأريخ، عدد اوراقهِ 319، كتبت في أوائل القرن الثاني عشر الهجري.
ب – نسخة أَحْمَد الثالث في مكتبته بتركيا(تحت رقم 2887)، كتبت في القرن العاشر الهجري، وجزء فيه التأريخ اثني عشر جزءاً، و قد صوّر من هذا الأصل القسم الخاص بتراجم النساء.
رابعاً: الطبعة الحديثة لتأريخ مدينة دمشق، في سبعين مجلّداً، بتحقيق علي شيري، طبعة دار الفكر، بيروت – لبنان، في السنوات 1415 – 1419 ه = 1995 – 1998 م.
وقد ذيّلنا أحاديث هذا الكتاب بهوامش تشير إلى أرقام أجزاء وصفحات هذه الطبعة.
خامساً: التراجم المُحقّقة من تأريخ مدينة دمشق للأئمة:
1 – أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع) في ثلاث مجلّدات (الطبعة الأُولى).
2 – الإمام الحَسَن المجتبى‏(ع) في مجلّد واحد (الطبعة الأُولى).
3 – الإمام الحُسين الشهيد(ع) في مجلّد واحد (الطبعة الثانية).
4 – الإمام زين العابدين(ع) في مجلّد واحد (الطبعة الأُولى).
5 – الإمام الباقر مُحَمَّد بن عليّ(ع) (ملحق بترجمة الإمام زين العابدين(ع) ) .
وكلّها بتحقيق المحقق الخبير الشيخ مُحَمَّد باقر المحمودي، طبعة دار التعارف ومؤسّسة المحمودي في بيروت ومجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة بقم في تواريخ عديدة.
وقد اعتمد في تحقيقهِ على عدّة نسخ – كما جاء في خاتمة الجزء الثالث من ترجمة الإمام علي(ع) (ص 350 و 351) – وهي:
1 – نسخة العلاّمة الأميني والعلاّمة الطباطبائي .
2 – نسخة تركيّة، رمز لها بالرمز «ت».
3 – نسخة بخط البرزالي المصوّرة عن نسخة الأزهر، ورمز لها ب «أ. ن» .
ونشير إلى هذه التراجم في هوامش الكتاب بذكر إسم الإمام مع ذكر رقم الجزء والصفحة.

عملنا في الكتاب:

أ – كتابة النّص:
لما كانت النسخة الّتي انتخب منها السيّد الأخ الروايات نسخة غير واضحة الكلمات ، وقد أُهمل فيها النقط في الكلمات وتداخل فيها بعض الحروف ممّا جعل قراءة بعض الكلمات عسيراً، فأعدنا كتابة النص واعتمدنا قواعد الإملاء في وضع النقط وتثبيت الهمزات.
ب – توضيح معالم النصوص:
وذلك بوضع علامات الترقيم من نقط وفواصِل وعلامات التَعَجُّب والاستفهام، مما يزيد النص وضوحاً، واستعملنا المعقوفات لما لزم استدراكهُ في تصحيح المتن بالرجوع إلى المصادر والنسخ المطبوعة، وأشرنا إلى المصدر المأخوذ منهُ في الهامش.
كما واستفدنا من نوعين من الحروف لطباعة المتن فجعلنا حروف المتن أكبر من حروف الأسانيد، ووضعنا الآيات القرآنية بين قوسين مزهرتين ونصوص الأحاديث بين قوسين صغيرين.
ج – التعليق على النص:
لم نشأ شحن الكتاب بالمزيد من الحواشي، وذلك لأسبابٍ أهمّها: وجود الاُصول المطبوعة لتأريخ ابن عساكر والّتي اهتمَ الباحثون والمحققون في إخراجها والتعليق على نصوص الروايات الواردة فيها، ونخص بالذكر ماتحمّلهُ العلاّمة المحقق الخبير الشيخ مُحَمَّد باقر المحمودي سلَّمهُ اللَّه في تعليقاتهِ ومتابعاتهِ للأحاديث فيما يخص بتراجم الإمام أميرالمؤمنين وأولادهِ الأئمة(ع)، فأغنى الباحث بما يبتغيه في تعليقاته المفيدة.
وقد أشرنا في هوامش الكتاب إلى المصادر الّتي أوردت الحديث ليمكن الرجوع إليها عندَ الحاجة، وقد نذكر أكثر من مورد حسب طبعات الكتاب المتعدّدة، مشيرين إلى رقم الجزء، والصفحة.
ونشير هنا إلى أنّا قد أضفنا بعض الأحاديث التي رواها ابن عساكر فيما يخص أولاد الأئمة وأدرجناها في هذا الكتاب تحت عنوان «ملحق» وهو من إضافاتنا التي ألحقناها بهذا الكتاب تعميماً للفائدة.
د – التخريج:
1 – جعلنا آيات القرآن الكريم بين قوسين = « » ، وذكرنا السورة، ثم رقم الآية في الهامش.
2 – جعلنا الأحاديث الشريفة بين قوسين = « ».
3 – جعلنا الزيادات على الأصل المخطوط بين قوسين = ( ).
4 – رمزنالتأريخ مدينة دمشق المطبوع في سبعين مجلّداً = بالمطبوعة ولتراجم الائمة المطبوعة بصورة مستقلة بتحقيق الشيخ المحمودي بذكر اسم الامام و رقم الجزء والصفحة ولتراجم النساء من تأريخ دمشق = بتراجم النساء. ولمختصر تأريخ مدينة دمشق لابن منظور = بالمختصر.
5 – شرحنا الغريب من الكلمات الواردة في الأحاديث والنصوص.
6 – لم نخرّج الأشعار تخريجاً كاملاً، وإنّما نشير إلى الدواوين إن كان للشاعر ديوان، ولم نذكر اختلاف الروايات في الشعر.
7 – ونأمل أن نوفّق إلى إعداد فهارس شاملة تتناول: أ – فهرس الآيات. ب – فهرس الأحاديث النبويّة. ج – فهرس الأعلام. د فهرس الأشعار. ه – فهرس المواضيع .

در دو صفحه مقابل هم تصويرى كه در اخر كتاب امده است اورده شودبعد از تنظيم. ادامه تصوير المقدمة

وفي الختام:

أتقدم بالشكر مجدداً إلى سماحة العلامة الكبير مُحَمَّد حُسَين الجلالي الذي، لم يضنّ يوماً على المسلمين بنوادر التراث ودرر مؤلفاتهِ، متوخّياً تيسيره على المسلمين، وإخراجَهُ إلى النور من خفايا المكتبات.
هذا، ونسأل اللَّه سبحانه وتعالى أن يديم بقاء هذا الطود الشامخ والمنار الهادي الذي لاتزال أنوار الهداية تشعّ من أفكاره المنيرة، وأن يحفظه حمىً للمسلمين ومرجعاً للأُمّة وحصناً منيعاً في الخطوط الأُولى من جبهات الحق ضد الباطل.
واللَّه سبحانهُ نسألُ أن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجههِ الكريم وأن يتقبَّل منّا هذا الجهد الضئيل في خدمة أصحاب الكساء إنّهُ سميع مجيب.

مُحَمَّد جواد الجلالي‏
قم المقدسة – في 10 جُمادى الأُولى 1420 ه (50)

 


1. اقتبست هذه المعلومات من مصادر مختلفة أهمها المقدمات التي كتبت لأجزاء مطبوعة من تأريخ مدينة دمشق ومختصراته وما طبع من مقتطفاته.
2. طبقات السبكي 7: 216.
3. وفيات الأعيان 3: 309.
4. تذكرة الحفَّاظ 4: 1331.
5. تذكرة الحفَّاظ 4: 1331، طبقات السبكي 7: 218.
6. تذكرة الحفَّاظ 4: 1331، طبقات السبكي 7: 218.
7. طبقات السبكي 7: 215.
8. سير الأعلام 20: 555.
9. المنتظم 18: 224.
10. طبقات السبكي 7: 219.
11. ذيل تأريخ بغداد 15: 301.
12. سير أعلام النبلاء 20: 568.
13. طبقات السبكي 7: 222.
14. وفيات الأعيان 3: 310، وسير الأعلام 20: 569، شذرات الذهب 4: 399 – 340 ومرآة الجنان 3: 294.
15. سير الأعلام 20: 569 – 570، وفيات الأعلام 3: 310، ومرآة الجنان 3: 394.
16. معجم الاُدباء 13: 86 – 87.
17. معجم الادباء 13 : 87
18. معجم الاُدباء 13: 73.
19. سير أعلام النبلاء 20: 556.
20. سير أعلام النبلاء 20: 555.
21. طبقات السبكي 7: 216.
22. تذكرة الحفاظ 4: 1330.
23. طبقات السبكي 7: 217، وسير الأعلام 20: 562.
24. طبقات السبكي 7: 223.
25. سير الأعلام 20: 570، طبقات السبكي 7: 223، وفيات الأعيان 3: 311، ومعجم الأدباء 13: 75.
26. القصيدة في معجم الأدباء 10: 48 – 55، في ترجمة الحُسَين بن عَبْد اللَّه بن رواحة، وبعضها في سير الأعلام 20: 568.
27. انظر معجم الأدباء 13: 76، وتذكرة الحفَّاظ 4: 1335، وسير أعلام النّبلاء 20: 558، وشذرات الذهب 4: 239، وللتوسع في معرفة ماذكرتهُ المصادر من مؤلفات ابن عساكر وآثارهُ يُراجع كتاب ابن عساكر في ذكرى مرور تسع مئة سنة على ولادتهِ ص 344.
28. تراجم النساء من تأريخ مدينة دمشق؛ تحقيق د. سكينة الشهابي (المقدمة).
29. العنوان المُثبّت في أول النسخة (أربعون حديثاً من مسموعات الشيخ الأجل أبي القاسم).
30. اُنظر تأريخ الأدب العربي 6: 72.
31. منهُ مخطوطة بالمكتبةِ المحموديّة برقم (103 حديث). وعنها فيلم في المكتبة المركزية بجامعة مُحَمَّد بن سعود بالرياض.
32. ذكر بروكلمان نسخة مخطوطة له. اُنظر تأريخ الأدب العربي 6: 72.
33. طبع مرتين بدمشق، الأُولى بمطبعة القدسي 1347 ه. والثانية طبعة دار الفكر 1399 ه.
34. طبع هذا المجلس والمجلس الثالث والخمسون بدمشق سنة 1978 م – دار الفكر.
35. تأريخ الأدب العربي 6: 73.
36. طبع الكتاب بدمشق سنة 1980 م – دار الفكر.
37. تأريخ دمشق المجلد (عاصم – عائذ): ص 7.
38. تأريخ دمشق المجلد الأول (المقدمة): ص 31.
39. تأريخ مدينة دمشق: المجلّد الأوّل، تصدير (ص د).
40. راجع كشف الظنون 1: 294، والوافي بالوفيات 1: 48.
41. الحطمة: العنيف برعاية الإبل في السوق والإصدار، ومن يلقي بعضها على بعض ويعسفها، ضربهُ مثلاً للوالي السوء.
42. مقدمة ترجمة الإمام الحسن من تأريخ مدينة دمشق: 5.
43. وللتفصيل راجِع كشفَ الظنون 1: 294، والوافي بالوفيات 1: 48، ومقدمة الدكتور صلاح الدّين المنجد لتأريخ ابن‏عساكر1: 37 – 38، ومقدّمة الاُستاذ على شيري لتأريخ مدينة دمشق 1: 34 – 35.
44. راجع مقدمة الشيخ بدران .
45. مجلّة معهد المخطوطات العربية مج 2، ج 1 / 84.
46. مجلة المجمع العلمي 28: 143.
47. مجلة المجمع العلمي 28: 143.
48. هو الاستاذ سعيد أيوب، وقد طبع كتاب إجازة الحديث في القاهرة في أكثر من مئتي صفحة ونشر هناك سنة 1405 ه.
49. بحار الانوار 1: 183.
50. وافق الفراغ من كتابة هذه المقدمة في اليوم العاشر من جمادى الأُولى، ذكرى وفاة الوالدة الكريمة تغمدها اللَّه بواسع رحمتهِ، ومن الصدف الغريبة أنَّها رحمها اللَّه كانت قد أوقفت قبل وفاتها أوَّل طبعة من ترجمة الإمام علي(ع) من تأريخ مدينة دمشق وقفاً عاماً، وأودعتها مكتبتي الخاصة، وقضى اللَّه أن تكون تلك الطبعة هي المعتمدة عليها في تحقيق هذا الكِتاب.

شاهد أيضاً

مفاجآت القرن الـ 21: ملحمة فلسطين وأسطورة إيران

ناصر قنديل يبدو القتال الأميركي الإسرائيلي والغربي عموماً لإنكار صعود العملاق الإيراني وإبهار الملحمة الفلسطينيّة ...