أحمد الله على نعمته، وأعتصم (٢) به من خلافه ومعصيته، وأعوذ به من سخطه ونقمته وصلى الله على صفوته من بريته، محمد نبيه والأصفياء البررة من عترته وسلم كثيرا.
أما بعد، أطال الله بقاء سيدنا الشريف النقيب في عز طاعته، وأدام تمكينه وعلو كلمته، فإني بتوفيق الله ومشيته مثبت في هذا الكتاب ما آثر إثباته من فرق ما بين الشيعة والمعتزلة، وفصل ما بين العدلية من الشيعة، ومن ذهب إلى العدل من المعتزلة والفرق ما بينهم من بعد وبين (٣) الإمامية فيما اتفقوا (٤) عليه من خلافهم فيه من الأصول، وذاكر في أصل ذلك ما اجتبيته أنا من المذاهب المتفرعة عن أصول التوحيد والعدل والقول في اللطيف (٥) من الكلام، وما كان وفاقا منه لبني نوبخت – رحمهم الله – وما هو خلاف لآرائهم في المقال، وما
٣ – وما بين ألف و هـ.
٤ – فيما أثبتوا ألف و ب و هـ.
٥ – اللطف ألف و ب و هـ.
١ – باب القول في الفرق بين الشيعة فيما نسبت به إلى التشيع والمعتزلة
فيما استحقت به (٢) اسم الاعتزال
الاخلاص، قال الله – عز وجل -: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه)، ففرق بينهما في الاسم بما أخبر به من فرق ما بينهما في الولاية والعداوة، وجعل موجب التشيع لأحدهما هو الولاء بصريح الذكر له في الكلام، وقال الله (٣) تعالى: (وإن من شيعته لإبراهيم) فقضى له بالسمة (٤) للاتباع (٥) منه لنوح (ع) على سبيل الولاء، ومنه قولهم: (فلان تكلم في كذا و كذا فشيع فلان كلامه (إذا صدقه فيه واتبعه في معانيه. ومن هذا المعنى قيل لمن اتبع المسافر لوداعه: (هو مشيع له)، غير أنه ليس كل مشيع لغيره على حقيقة ما ذكرناه من الاتباع يستحق السمة (٦) بالتشيع، ولا يقع (٧) عليه إطلاق اللفظ بأنه
٣ – كلمة الله غير موجودة في ألف.
٤ – بالشيعة نسخة د.
٥ – بالاتباع ألف.
٦ – السمعة ج.
٧ – هكذا في النسخ ولا أشك أن أصله لا يصح فصحف هكذا.
السمة (١) وخروجهم عن استحقاقها، وجهل من أطلقها عليهم بذكر الألف واللام وإن كانوا أتباعا لأبي بكر وعمر على سبيل الولاء، وكما (٢) خرج عن استحقاقها أيضا أهل البصرة وأتباع معاوية ومن قعد عن نصرة أمير المؤمنين – عليه السلام – وإن كانوا أتباعا لأئمة هدى عند أهل الخلاف، ومظهرين لترك عداوته مع الخذلان. فيعلم بهذا الاعتبار أن السمة بالتشيع علم على الفريق الذي ذكرناه وإن كان أصلها (٣) في اللسان ما وصفناه من الاتباع، كما أن الاسلام علم على أمة محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – خاصة، وإن كان في أمل اللغة اسما تستحقه اليهود لاستسلامها لموسى (ع)، وتستحقه النصارى بمثل (٤) ذلك، و تستحقه المجوس لانقيادها لزرادشت، وكل مستسلم لغيره يستحقه على معنى اللغة لكنهم خرجوا عن استحقاقه (٥) لما صار علما على أمة محمد – صلى الله عليه وآله – وتخصصت به دون من سواها للعرف والاستعمال. وهذه الجملة كافية فيما أثبتناه وإن كان شرحها يتسع ويتناصر (٦) فيه البينات، لكنا عدلنا عنه لما نؤمه (٧) من الغرض فيما سواه وقد أفردنا رسالة (٨) لها استقصينا فيها الكلام.
٣ – أهلها د.
٤ – بمثل اليهود ألف.
٥ – استحقاقهم ألف.
٦ – يتقاصر ألف.
٧ – لما لزمه الغرض ألف.
٨ – أفرزنا له مسألة ب و د.
٣ – في اتخاذه ب ٤ – عن مصالح الذي ألف.
٥ – كلمة فيها ليست في نسخة ألف.
٦ – مدت ألف.
٧ – فيه بدل في ذلك ألف.
٨ – بهما ومن اتبعهما د.
٩ – منزله ألف و ب.
١٠ – الحسن البصري ألف.
١١ – من بين جميع ألف.
٢ – باب الفرق بين الإمامية وغيرهم من الشيعة وسائر أصحاب المقالات
فأما السمة للمذهب بالإمامة (٤) ووصف الفريق من الشيعة بالامامية فهو علم على من دان بوجوب الإمامة ووجودها في كل زمان، وأوجب النص الجلي والعصمة والكمال لكل إمام، ثم حصر الإمامة في ولد الحسين بن علي – عليهما السلام – وساقها إلى الرضا علي بن موسى – عليهما السلام – لأنه وإن كان في الأصل علما على من دان من الأصول بما ذكرناه دون التخصيص لمن قال في الأعيان بما وصفناه، فإنه قد انتقل عن أصله لاستحقاق فرق من معتقديه
٣ – تنكره كثير من الشيعة وتأباه ألف و ب.
٤ – الإمامية ألف.
٣ – باب ما اتفقت الإمامية فيه على خلاف المعتزلة
فيما اجتمعوا عليه من القول بالإمامة
اتفق أهل الإمامة (١) على أنه لا بد في كل زمان من إمام موجود يحتج الله – عز وجل – به على عباده المكلفين، ويكون بوجوده تمام المصلحة في الدين.
وأجمعت (٢) المعتزلة على خلاف ذلك وجواز خلو الأزمان الكثيرة من إمام موجود وشاركهم في هذا الرأي وخالف (٣) الإمامية فيه الخوارج والزيدية والمرجئة والعامة المنتسبون إلى الحديث.
واتفقت الإمامية على أن إمام الدين لا يكون إلا معصوما من الخلاف لله تعالى، عالما بجميع علوم الدين، كاملا في الفضل، باينا (٤) من الكل بالفضل
٣ – خلاف ألف و ب ٤ – وباينا الف.