الرئيسية / تقاريـــر / الكيان المؤقت يعيش اليأس والتخبط

الكيان المؤقت يعيش اليأس والتخبط

إيهاب شوقي

تحمل جريمة اغتيال الصحفية الشهيدة شيرين أبو عاقلة أبعادًا مختلفة، سواء في وقعها والمشاعر الممتزجة تجاهها والتي تتنقل بين الحزن والغضب، أو في كونها انعكاسًا لحالة العدو والتي تشي بالارتباك والضعف وفقدان الأعصاب والتخلي عن الحرص المعتاد لتسويق صورته الديمقراطية التي تحترم القانون الدولي وتحاول حرف الحقائق وجذب الرأي العام العالمي.

هنا ينبغي الحديث داخليًا، على مستوى أمتنا وخارجيا حول حالة العدو وما تعكسه ممارساته، ثم الحديث عن تعاطينا المفترض مع العدو بالبناء على هذا الخلل والسعي لتحويله لفرصة لعدم ضياع دماء الشهداء ومنهم شيرين، وللتعجيل بمسار التحرير الذي يبدو أقرب من أي وقت مضى.

أولا: على المستوى الداخلي للأمة

على مستوى الأمة، وبعد سيادة ثقافة “التراند” فإنه يخشى أن تمر هذه الأحداث كما سبقها مرورًا سطحيًا دون إصلاحات للخلل الذي أصاب التوحد مع القضية المركزية وأفرغها من قوتها وزخمها الشعبي وأطلق يد الأنظمة كي تطبع وتفرط دون خشية من عواقب شعبية.

ومن المفترض أن يتزامن الرثاء والشجب وثقافة “الهاشتاغ” مع استعادة حقيقية لأصل القضية ومركزيتها، وأن هذه الجريمة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة طالما يد العدو طليقة ولا يخشى من تأثر علاقاته مع العالم ولا حتى مع المطبعين الذين ادعوا أن تطبيعهم لصالح القضية!

وعلى الجماهير أن تعلم أن الأيقونات والمساهمة في نشرها لن تكفي لو اقتصرت على ذلك، وما لم يتطور العمل لإجراءات عملية لمحاسبة ومعاقبة العدو وردعه.

نعم خرجت بيانات وإدانات من جميع الفرقاء وهو أمر حميد، وبين إدانات المقاومين الصادقة والداعية لحساب عملي للعدو، تأتي إدانات المطبعين المنافقة لا قيمة لها، طالما استمر التطبيع وطالما فرغت المواقف من أي إجراءات عملية.

ثانيًا: حالة العدو التي تعكسها ممارساته

لا شك أن العدو مأزوم ويعاني من ارتباكات مركبة، تظهر على المستويات الأمنية والسياسية.

فعلى المستوى الأمني، يعجز العدو عن التعامل مع المقاومة الشعبية والتي تتبع أسلوب “الذئاب المنفردة”، إلا من خلال سياسة العقاب الجماعي والذي يوقعه في مزيد من الجرائم التي تنتج الغضب وتلد من رحمها مزيدًا من العمليات الجديدة.

كما يعجز العدو عن فرض إرادته بإرضاء المستوطنين المغتصبين على حساب مقدسات الشعب المرابط في مقدساته، هنا يرتبك العدو ويرتكب مزيدًا من الأخطاء ويدخل في حلقات مفرغة من الخطأ والعلاج بالخطأ، ويبدأ في ارتكاب جرائم دولية من نوعية الجريمة الأخيرة للشهيدة شيرين ابو عاقلة والتي كانت ستكون جريمة مزدوجة يذهب ضحيتها المنتج التلفزيوني علي السمودي شفاه الله.

وعلى المستوى السياسي هناك ارتباك داخلي بسبب أزمة الحكومة وائتلافها الهش المتناقض وهو على شفا الانهيار والدخول في دوامة جديدة من الفراغ، وارتباك في السياسة الخارجية يجعل العدو يتصادم مع حلفائه في أمريكا والغرب بتوريطهم في سياسات تحرج ادعاءاتهم الديمقراطية وبتوريطهم في حروب كبرى تحاول أمريكا تجنبها، كما يرتكب خطايا سياسية باصطدامه خاصة مع روسيا وتهديد تنسيقه معها، ومع الأردن على خلفية انتزاع إدارتها للمقدسات وهو يعلم مدى حساسية هذا الوضع وخطورته وانعكاساته، وهي خطايا سياسية تعكس يأسا ولا تعكس فائضا للقوة.

ثالثا: كيفية البناء على خلل العدو والتعجيل بمسار التحرير

هناك عدة أمور قد تكون غير مكلفة يمكنها التعجيل بمسار التحرير ومنها:

1- وحدة الشعب الفلسطيني والتفافه حول خيار المقاومة وعدم التسليم بوجود خلاف أو انقسام سياسي، حيث التنسيق الأمني مع العدو ليس خيارًا سياسيًا بل خيانة صريحة، والدعوة لإظهار الشعب تضامنه الكامل مع خيار المقاومة كخيار وطني لا سياسي، بحيث يخرج من يشذ عنه عن مظلة الوطنية.

2- تفعيل المقاومة المسلحة دون الرضوخ لضغوط سياسية أو انتظار وعود كاذبة من أنظمة أثبتت أنها لن تقدم شيئا للشعب الفلسطيني، ناهيك عن دعمها للعدو وتوفير الغطاءات السياسية.

3- إعادة إحياء الفعاليات الشعبية ونشر الوعي بالقضية والتذكير بمركزيتها، حيث ترعرعت أجيال على وعي زائف وهي حاليا بمرحلة الشباب والتي يعد إهدار طاقاتها إهدارا لأبرز أسلحة القضية وزخمها وحضورها.

لقد كانت الحرب في سوريا والفتنة والأخطاء السياسية لبعض القوى وانحيازها للتكفيريين، من أكبر المحطات التي قسمت الأمة ولا تزال تلقي بظلالها وتدخل الأمة في سجالات تهدر الطاقات، وعلى من شارك في الفتنة إصلاح تداعياتها ورأب صدع الأمة بممارسات ثورية تعيد الاعتبار لسوريا وللمقاومة المسلحة، وتقف موقفًا صلبًا غير مهادن أمام دول التطبيع وعاره، وذلك أضعف الايمان للانتصار لدماء الشهداء وللتعجيل بمسار التحرير.

شاهد أيضاً

قيادي في الحرس الثوري: إعادة النظر في الاعتبارات النووية في حال وجود تهديدات اسرائيلية

قال قائد قوات حماية المراكز النووية التابعة للحرس الثوري العميد احمد حق طلب: إذا كانت ...