الرئيسية / الاسلام والحياة / أدب الحوار في أصول الدين

أدب الحوار في أصول الدين

وهكذا ، توالت كتب التهجّم على الشيعة حتّى زماننا هذا ، بل كثرت فيه وتضاعفت ، وما زالوا يكرّرون الشتائم والأكاذيب والتهم والأباطيل ، التي تفوّه بها السابقون منهم ، ورُدّ عليها الردّ الجميل من علماء الإمامية .
وما زال علماء الطائفة في موقف الدفاع عن المذهب وصدّ الهجمات الواردة من مختلف البلاد .
نهج الحقّ وكشف الصدق للعلاّمة الحلّي
ومن كتب أصحابنا في أصول الدين : كتاب نهج الحقّ وكشف الصدق أحد كتب العلاّمة الحلّي رحمه اللّه ، نعرّف به على نحو الإجمال ، للوقوف على مواضيع كتبنا في الباب وأساليب علمائنا ومناهجهم في الموضوع .
لقد ألّف العلاّمة هذا الكتاب في الأُصولين والفقه ، مع المقارنة بآراء المخالفين في مسائل العلوم الثلاثة ، وهو من خيرة الكتب المقارنة بين المذاهب الإسلامية .
قال رحمه اللّه في المقدّمة : « وقد وضعنا هذا الكتاب الموسوم ب‍ ( نهج الحقّ وكشف الصدق ) طالبين فيه الاختصار وترك الإكثار ، بل اقتصرنا فيه على مسائل ظاهرة معدودة ، ومطالب واضحة محدودة ،
وأوضحت فيه لطائفة المقلّدين من طوائف المخالفين إنكار رؤسائهم ومقلّديهم القضايا البديهية ، والمكابرة في المشاهدات الحسّيّة ، ودخولهم تحت فرق السوفسطائية ، وارتكاب الأحكام التي لا يرتضيها لنفسه ذو عقل ورويّة ، لعلمي بأنّ المنصف منهم إذا وقف على مذهب من يقلِّده تبرّأ منه وحاد عنه ، وعرف أنّه ارتكب الخطأ والزلل ، وخالف الحقّ في القول والعمل .
فإن اعتمدوا الإنصاف ، وتركوا المعاندة والخلاف ، وراجعوا أذهانهم الصحيحة ، وما تقتضيه جودة القريحة ، ورفضوا تقليد الآباء ، والاعتماد على أقوال الرؤساء ، الّذين طلبوا اللذّة العاجلة ، وأهملوا أهوال الآجلة ، حازوا القسط والدنوّ من الإخلاص ، وحصلوا النصيب الأسنى من النجاة والخلاص ، وإنّ أبوا إلاّ استمراراً على التقليد ، فالويل لهم من نار الوعيد ، وصدق عليهم قوله تعالى : ( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ ) ( 1 ) .
وإنّما وضعنا هذا الكتاب حسبةً للّه ورجاءً لثوابه ، وطلباً للخلاص من أليم عقابه بكتمان الحقّ وترك إرشاد الخلق . . . » ( 2 ) .

وكانت عناوين مسائل هذا الكتاب :
1 – في الإدراك .
2 – في النظر .
3 – في صفاته تعالى .
4 – في النبوّة .
5 – في الإمامة .
6 – في المعاد .
7 – في أُصول الفقه .
8 – في ما يتعلّق بالفقه .
وفي كلّ فرع من فروع هذه المسائل يقول : « قالت الإمامية » و « قالت الأشاعرة » و « قالت المعتزلة » ، معتمداً في الاحتجاج وكذا في نقل آراء الآخرين على أشهر كتب القوم وأتقنها ، أمثال :
الصحاح الستّة . . . .
والجمع بين الصحيحين . . . .
ومسند أحمد بن حنبل . . . .
والأُمّ ، للشافعي . . . .
وسنن البيهقي . . . .
ومصابيح السُنّة ، للبغوي . .
والمغازي ، للواقدي . .
وتاريخ الطبري . .
وأنساب الأشراف ، للبلاذري . .
والاستيعاب ، لابن عبد البرّ . . . .
وإحياء علوم الدين ، للغزّالي . .
والمغني ، للقاضي عبد الجبّار . . . .
والكشّاف ، للزمخشري . .
والتفسير الكبير ، للرازي . .
وهو في أغلب الموارد – حين يذكر القولين أو الأقوال – يخاطب الناظر فيها وأبناء المذاهب الأُخرى ، بكلمات الوعظ والنصيحة ، كقوله في موضع :
« فلينظر العاقل في المقالتين ، ويلمح المذهبين ، وينصف في الترجيح ، ويعتمد على الدليل الواضح الصحيح ، ويترك تقليد الآباء والمشايخ الآخذين بالأهواء ، وغرتهم الحياة الدنيا ، بل ينصح نفسه ولا يعوّل على غيره ، ولا يقبَل عذره غداً في القيامة : إنّي قلّدت شيخي الفلاني ، أو وجدت آبائي وأجدادي على هذه المقالة ، فإنّه لا ينفعه ذلك يوم القيامة ، يوم يتبرّأ المتبَعون من أتباعهم ويفرّون من أشياعهم ، وقد نصّ اللّه تعالى على ذلك في كتابه العزيز .
ولكن أين الآذان السامعة ، والقلوب الواعية ؟ ! وهل يشكّ العاقل في الصحيح من المقالتين ؟ ! وأنّ مقالة الإمامية هي أحسن الأقاويل ، وأنّها أشبه بالدين ؟ ! . . . » ( 1 ) .

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...