البعد الروحي للاحرام – التتمة
عبد الستار الجابري
– الحلقة 16
قال تبارك وتعالى ﴿احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون﴾ وقال عز اسمه ﴿ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما ياتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم الباساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين امنوا معه متى نصر الله الا ان نصر الله قريب﴾ وقوله تعالى ﴿ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعملن الكاذبين﴾ وقوله تعالى ﴿ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الايام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين امنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين﴾ وقوله تبارك شانه ﴿ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين﴾
فهذا المجموع وغيره من الايات الشريفة كاشف عن ان ما يمر به الانسان من ضيق ومحن كله قد دون في لوح التقدير وان الانسان يختار طريق الفلاح او طريق الضلالة، واما كشف الكرب فهو بيده تبارك وتعالى وقد وعد بذلك حيث قال في محكم كتابه:﴿فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا﴾ وقال ايضا:﴿وهو الذي يسيركم في البحر حتى اذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا انهم احيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن انجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين* فلما انجاهم اذا هم يبغون في الارض بغير الحق ياايها الناس انما بغيكم على انفسكم متاع الحياة الدنيا ثم الينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون﴾
فالناسك وهو يردد هذا المقطع من التلبية مجيبا دعوة الله لأداء النسك مقراً له باللطف والكرم واسباغ النعم وكشف الكروب التي لا يطيق حملها، فهو من جهة مقر بكرم الله تعالى ومن جهة اخرى مقر لله بالعجز ومن جهة ثالثة مقر بقيومية الله تعالى على خلقه ومعترف له بالعبودية وان كل شيء من الله وبيد الله والى الله فهو الواحد الاحد الفعال لما يريد ليحقق بذلك ما يعبر عنه المتكلمون بالتوحيد الافعالي فلا فاعل على وجه الاستقلال التام في هذا الوجود الا الله تبارك وتعالى.