الوقت- اتهم خبير حقوقي ألماني الشرطة الألمانية بالعنصرية على خلفية تسببها في مقتل رجل مسن من ذوي البشرة السمراء، أثناء نقله إلى مستشفى للأمراض النفسية في ألمانيا حيث توفي الرجل الأسمر كوبا إيونغا ميدارد موتومبو (64 عامًا) بعد 3 أسابيع من استخدام الشرطة الألمانية القوة المفرطة أثناء محاولتها نقله إلى مستشفى للأمراض النفسية، وفقًا لعائلته.
وحمّل الخبير الحقوقي في مجال حقوق الإنسان، ديلاباب باسو شرطة برلين “وسلوكها العنصري” المسؤولية عن مقتل موتومبو، دون أن يوضح أصوله.
وحول الحادثة التي وقعت في صباح 14 سبتمبر/أيلول الماضي، أوضح باسو أن موتومبو أصيب بحالة ذعر لدى رؤية رجال الشرطة الذين دخلوا غرفته، وطرحوه أرضًا، ثم قام أحد الضباط بالجلوس على رقبته
وأضاف “بعد نقله إلى الطابق الأرضي، انضم 13 شرطيا آخرين ليجبروه جميعًا بالبقاء على الأرض، بحلول ذلك الوقت كان موتومبو قد انهار تقريبًا، لذا، أعتقد أن وفاته كانت بسبب معاملة الشرطة الوحشية له“.
ووفق شهود وشقيق موتومبو، فإن الحادث يشبه قتل الشرطة الأميركية للمواطن الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد في 2020.
ولفت باسو وهو خبير في حالات عنف الشرطة والتنميط العنصري إلى أن وفاة موتومبو الذي كان يعاني من انفصام الشخصية، لم تكن حالة فردية، وأنهم يتلقون المزيد والمزيد من الشكاوى حول وحشية الشرطة ضد السود والمهاجرين في ألمانيا.
وحشية الشرطة الألمانية
قال باسو نحن “في مركز الاستشارة الخاص بي، نسجل حالتين من العنصرية وعنف الشرطة كل يوم“.
ووفقًا لباسو الذي يعمل في منظمة أيادي الخير منذ أكثر من 20 عامًا فإن العديد من حالات وحشية الشرطة لا يتم الإبلاغ عنها، ولا يتم التحقيق فيها بشكل صحيح من قبل السلطات أو المعاقبة عليها.
وأعرب باسو عن أسفه لأنه بسبب هذا الاتجاه المتمثل في التحيز العنصري، فقدَ معظم الأشخاص ذوي البشرة الملونة والعديد من المهاجرين الثقةَ في نظام العدالة الألماني وسط توقعات أن شكاواهم لن تؤخذ على محمل الجد ولن تتم متابعتها من خلال تحقيق عادل.
وحسب الشرطة، قاوم موتومبو بعنف وضرب وركل وأظهر مقاومة شديدة قبل أن ينهار، وبعد وفاته الخميس في المستشفى، استلمت النيابة العامة الجثة بهدف تشريحها. وتحقق الشرطة أيضا مع الضباط المتورطين، حسب وسائل إعلام محلية.
جدل كبير حول عنصرية الشرطة
لا يكاد يغيب الجدل حول ممارسات عنصرية لبعض أفراد الشرطة الألمانية عن الساحة إلا ليعود إليها. وهنا نعيد تسليط الضوء على قضية موت لاجئ صومالي في زنزانته قبل نحو ثلاث سنوات، وذلك بعد منشور على إنستغرام يذكّر بالقضية.
أطلق في موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام هاشتاغ #justice4Robble. والقضية تتعلق باللاجئ الصومالي المتوفى في ألمانيا روبل وارسام. قضى الشاب ذو 22 ربيعاً في 26 شباط/نوفمبر 2019 في الحبس الاحتياطي في مدينة شفاينفورت.
وأثارت عدة صحف ألمانية علامات استفهام حول ظروف الوفاة. صحيفة taz عنونت الموضوع حينها وكتبت: “كيف مات روبل وارسام؟“.
وفي تفاصيل القضية، كما أوردتها الصحيفة، جاء أن روبل احتجز بعد تراشق لفظي بينه وبين شخص آخر حول السياسية الصومالية. وتحت تأثير المشروب أحدثا ضجة ما دفع أفراد الأمن لاستدعاء الشرطة التي اقتادت روبل للحجز في حدود الساعة الرابعة و45 دقيقة فجراً. وللظروف الأمنية تعين عليه نزع ثيابه ما عدا سرواله الداخلي وأعطيت له بطانية وكان هناك في الزنزانة سرير وفرشة ومرحاض.
الموعد الاعتيادي لتبديل الحرس هو السادسة صباحاً والمفروض أن يأتي أحد أفراد الوردية الجديدة لتفقد الزنزانة. ولكن ذلك لم يحدث. في تمام السابعة والنصف وجد روبل في وضع نصف راكع ونصف جالس مع شريط مقطوع من بطانية على رقبته والأرض بجانبه ملطخة بالدماء والبصاق. والرواية كلها على عهدة صحيفة taz. وقيل وقتها أن روبل شنق نفسه.
ونقلت الصحيفة عن محامي عائلة الشاب الذي يرفض ضمناً رواية الشرطة: “ما الدافع؟ روبل حصل على الإقامة ولديه عائلة وأصدقاء. وكان مسلماً مؤمناً ومعروف أن الانتحار محرم في الإسلام“.
وبين التشريح وجود جروح على أكثر من طرف من أطراف روبل ورقبته، حسب الصحيفة الألمانية.
24 حالة موثقة
موت روبل الذي تحيط به علامات استفهام ليس الحالة الفريدة. صحيفة taz نشرت تقريراً موسعاً في 17 تموز/يوليو 2020 فيه 24 حالة موت موثقة للاجئين ومن خلفيات مهاجرة في ألمانيا لأسباب يعتقد بأنها عنصرية على يد الشرطة.
وقد ذكرت الصحيفة أن مجموعة ناشطة تحمل اسم Death in Custody (موت في الحجز) قدمت لفريق التحقيق الصحفي قائمة تضم 161 اسماً لأشخاص قضوا في الحجز لأسباب عنصرية. وقام فريق من الصحيفة بدراسة وجمع معلومات أكثر عن قصص 24 منهم.
وكثير من الأسماء التي أوردتها الصحيفة taz إفريقية وبعضها عربية وأفغانية. وأسماء بعض القصص بقيت مجهولة.
العراقي حسام ف.
من ضمن من قضى من دول عربية على يد الشرطة لاجئ عراقي يدعى حسام ف. في عام 2016 أردت الشرطة حسام في برلين بعد أن قيل إنه تقدم إليهم حاملاً سكيناً بينما كانت عناصر الشرطة تقتاد لاجئاً باكستانياً تعارك معه العراقي سابقاً وأراد الانتقام منه لاشتباهه بالاعتداء الجنسي على ابنته ذات الثماني سنوات.
السوري أحمد
توفي اللاجئ السوري أحمد بعد تعرضه لحروق في زنزانته في تموز/يوليو 2018. وأثار تحقيق استقصائي للقناة الأولى في التلفزيون الألماني علامات استفهام حول ملابسات اعتقال اللاجئ وإبقائه بالسجن بشبهة وجود تشابه مع لاجئ مطلوب من مالي وظروف الحريق في زنزانته.
الجزائري عادل
قضى الشاب الألماني من أصل جزائري عادل في مدينة إيسن في حزيران/يونيو 2018 برصاصة في صدره. أطلقت الرصاصة على الشاب المريض نفسياً والذي يبلغ 32 سنة من العمر من الشرطة بداعي “الدفاع عن النفس“.
وزير الداخلية يرفض إجراء دراسة عن “عنصرية” الشرطة
رفضت وزارة الداخلية الألمانية إجراء دراسة تحمل اسم “التنميط العنصري لدى الشرطة”، وقال المتحدث إن وزير الداخلية، هورست زيهوفر، اعتبر الدراسة غير منطقية. وكانت وزارة الداخلية ووزارة العدل درستا إجراء هذه الدراسة لإعداد نظرة عامة عن موضوع العنصرية.
وكانت المفوضية الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب، قد أوصت في تقريرها عن ألمانيا بإجراء الدراسة.
والمقصود بالتنميط العنصري لدى الشرطة هو تعرض أشخاص للتفتيش من قبل الشرطة بسبب لون بشرتهم أو لون شعرهم أو أي مظهر خارجي آخر، ودون وجود سبب محدد لهذا.
يتفشى التطرف والعنصرية في أجهزة شرطة أوروبية، ليصل الأمر إلى تفاخر بعض الضباط والأفراد بالفكرين النازي والفاشي الجديدين. فمن ألمانيا ودول إسكندينافيا، أصبح اختراق أجهزة الشرطة من القوميين المتعصبين أمراً مقلقاً للسلطات السياسية والاستخبارية. في حالة ألمانيا، فإنّ جهاز استخباراتها الداخلي، الموكل حماية الدستور الديمقراطي، أو عدم السماح للتطرف النازي بأن ينشأ مجدداً في البلاد، كما حدث خلال فترة هيمنته عليها بين عامي 1933 و1945، كشف أخيراً، بحملة أمنية ضخمة شملت 34 منزلاً لضباط شرطة، عن وجود نازيين جدد في صفوف شرطة ولاية شمال الراين – ويستفاليا، وهو ما شهدته سابقاً مدن أخرى خارج الولاية. الكشف الأخير شكل صدمة لدى داخلية الولاية، وأسس لمخاوف من تكرار التغلغل النازي واتساع نطاقه في الشرطة والجيش.