البيان في تفسير القرآن
15 يناير,2022
القرآن الكريم
458 زيارة
المدخل – وفاتحة الكتاب
البيان
في تفسير القرآن
للامام الأكبر زعيم الحوزة العلمية
السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي
– – –
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين
المدخل
بحوث تحليلية في معارف القرآن وعظمته ،
وأسراره الكونية والتشريعية ، ومناهجه ، وأصول
تفسيره ، ونواحي إعجازه وميزاته ، ومختلف
قراءاته ، وصيانته عن النقص والتحريف ، وسموه
عن الأوهام والتخرصات والطعون .
خطبة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له
عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين
الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه
أبدا . كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم
خبير . لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل
من حكيم حميد . ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين
نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا
وهدى وبشرى للمسلمين . ما كان حديثا يفترى ولكن
تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شئ وهدى ورحمة
لقوم يؤمنون . وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون .
” وأفضل صلوات الله وأكمل تسليماته على رسوله الذي
أرسله ” بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو
كره المشركون . . النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا
عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن
المنكر .
” وعلى آله ” المصطفين الأخيار . الذين آمنوا به
وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه . أولئك هم
الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم . رضي الله
عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم
المفلحون .
” واللعنة الدائمة على أعدائهم ” الذين اشتروا الضلالة
بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين . يوم يخرجون
من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون . خاشعة
أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون . يوم
لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار .
مقدمة الطبعة الأولى
لماذا وضعت هذا التفسير ؟
كنت ولعا منذ أيام الصبا بتلاوة كتاب الله الأعظم ، واستكشاف غوامضه
واستجلاء معانيه . وجدير بالمسلم الصحيح ، بل بكل مفكر من البشر أن يصرف
عنايته إلى فهم القرآن ، واستيضاح أسراره ، واقتباس أنواره ، لأنه الكتاب
الذي يضمن إصلاح البشر ، ويتكفل بسعادتهم وإسعادهم . والقرآن مرجع
اللغوي ، ودليل النحوي ، وحجة الفقيه ، ومثل الأديب ، وضالة الحكيم ،
ومرشد الواعظ ، وهدف الخلقي ، وعنه تؤخذ علوم الاجتماع والسياسة المدنية ،
وعليه تؤسس علوم الدين ، ومن إرشاداته تكتشف أسرار الكون ، ونواميس
التكوين . والقرآن هو المعجزة الخالدة للدين الخالد ، والنظام السامي الرفيع
للشريعة السامية الرفيعة .
أولعت منذ صباي بتلاوته ، واستيضاح معانيه ، واستظهار مراميه ، فكان
هذا الولع يشتد بي كلما استوضحت ناحية من نواحيه ، واكتشفت سرا من
أسراره ، وكان هذا الولع الشديد باعثا قويا يضطرني إلى مراجعة كتب التفسير ،
وإلى سبر أغوارها . وهنا رأيت ما أدهشني وحيرني :
رأيت صغارة الانسان في تفسيره وتفكيره أمام عظمة الله في قرآنه .
رأيت نقص المخلوق في تناهيه وخضوعه أمام كمال الخالق في وجوبه وكبريائه .
رأيت القرآن يترفع ويرتفع ، ورأيت هذه الكتب تصغر وتتصاغر .
رأيت الانسان يجهد نفسه ليكتشف ناحية خاصة أو ناحيتين ، فيحرر ما
اكتشفه في كتاب ، ثم يسمي ذلك الكتاب تفسيرا يجلو غوامض القرآن ،
ويكشف أسراره ، وكيف يصح في العقول أن يحيط الناقص بالكامل .
على أن هؤلاء العلماء مشكورون في سعيهم ، مبرورون في جهادهم . فإن
كتاب الله ألقى على نفوسهم شعاعا من نوره ، ووضحا من هداه ، وليس من
الانصاف أن نكلف أحدا – وإن بلغ ما بلغ من العلم والتبحر – أن يحيط بمعاني
كتاب الله الأعظم ، ولكن الشئ الذي يؤخذ على المفسرين أن يقتصروا على
بعض النواحي الممكنة ، ويتركوا نواحي عظمة القرآن الأخرى ، فيفسره بعضهم
من ناحية الأدب أو الاعراب ، ويفسره الآخر من ناحية الفلسفة ، وثالث من
ناحية العلوم الحديثة أو نحو ذلك ، كأن القرآن لم ينزل إلا لهذه الناحية التي
يختارها ذلك المفسر ، وتلك الوجهة التي يتوجه إليها .
وهناك قوم كتبوا في التفسير غير أنه لا يوجد في كتبهم من التفسير إلا الشئ
اليسير ، وقوم آخرون فسروه بآرائهم ، أو اتبعوا فيه قول من لم يجعله الله حجة
بينه وبين عباده .
على المفسر : أن يجري مع الآية حيث تجري ، ويكشف معناها حيث تشير ،
ويوضح دلالتها حيث تدل . عليه أن يكون حكيما حين تشتمل الآية على الحكمة ،
وخلقيا حين ترشد الآية إلى الأخلاق ، وفقيها حين تتعرض للفقه ، واجتماعيا حين
تبحث في الاجتماع ، وشيئا آخر حين تنظر في أشياء أخر .
على المفسر : أن يوضح الفن الذي يظهر في الآية ، والأدب الذي يتجلى بلفظها ،
عليه أن يحرر دائرة لمعارف القرآن إذا أراد أن يكون مفسرا . والحق أني لم
أجد من تكفل بجميع ذلك من المفسرين .
من أجل ذلك صمت على وضع هذا الكتاب في التفسير ، آملا من الحق
تعالى أن يسعفني بما أملت ، ويعفو عني فيما قصرت . وقد التزمت في كتابي هذا
أن أجمع فيه ما يسعني فهمه من علوم القرآن التي تعود إلى المعنى .
2022-01-15