الرئيسية / شخصيات أسلامية / رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ \ الهاشميون في الجاهلية والإسلام

رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ \ الهاشميون في الجاهلية والإسلام

إخبار رسول الله ( ص ) عن مقتله ( ع ) .
قال ابن عبد البر : روى ابن الهاد ، عن عثمان بن صهيب عن أبيه : إن رسول الله ( ص ) قال لعلي
: من أشقى الأولين ؟ قال : الذي عقر الناقة ، قال ( ص ) : صدقت ، فمن أشقى
الآخرين ؟ قال : لا أدري ، قال : الذي يضربك على هذا – يعني يافوخه – يخضب هذه –
يعني لحيته – ( 2 ) .
وقال ابن حجر : أخرج أحمد والحاكم بسند صحيح عن عمار بن ياسر : إن النبي ( ص ) قال
لعلي : أشقى الناس رجلان : أحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك يا علي على
هذه – يعني قرنه – حتى يبل هذه – يعني لحيته .
اخباره بالغيب :
قال ابن حجر : أخرج عبد الرزاق عن حجر المرادي قال : قال لي علي : كيف بك إذا أمر
بك أن تلعنني ؟ ! قلت : أو كائن ذلك ؟ قال : ( نعم ، قلت : فكيف أصنع ؟ .
قال : العني ولا تبرأ مني . قال : فأمرني محمد بن يوسف أخو الحجاج – وكان أميرا
من قبل عبد الملك بن مروان على اليمن – أن ألعن عليا ، فقلت : إن الأمير أمرني أن ألعن
عليا ، فالعنوه لعنه الله ، فما فطن لها إلا رجل – لأنه إنما لعن الأمير ولم يلعن
عليا ( 3 ) .
وقال عليه السلام : أما أنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم ، مندحق البطن ،
يأكل ما يجد ، ويطلب مالا يجد ، فاقتلوه ولن تقتلوه ، ألا ، وإنه سيأمركم بسبي
والبراءة مني ، فأما السب فسبوني ، فإنه لي زكاة ولكم نجاة ، وأما البراءة فلا
تتبرأوا مني ، فإني ولدت على الفطرة ، وسبقت إلى الايمان والهجرة ( 4 ) .
تصحيحه ( ع ) الإنحراف الذي أوقعه من سبقه .
لما قتل عثمان بن عفان وعاد للمسلمين أمرهم ، وتحللوا من كل بيعة : تهافتوا
على علي بن أبي طالب ، يطلبون يده للبيعة ( 5 ) .
وروي أن المهاجرين والأنصار وفيهم طلحة والزبير ، اجتمعوا فأتوا عليا فقالوا : يا
أبا
الحسن هلم نبايعك ، فقال علي : لا حاجة لي في أمركم ، أنا معكم ، فمن اخترتم رضيت
به : فاختاروا ، فقالوا : والله ما نختار غيرك ، فاختلفوا إليه بعدما قتل عثمان ،
وأكثروا القول : بأنه لا يصلح الناس إلا بأمره ( 1 ) .
ولما أكثروا اللح عليه ، ورأى أن المسلمين لا ولي لهم : قبل بالبيعة ، وقال :
ففي المسجد ، فإن بيعتي لا تكون خفية ، ولا تكون إلا عن رضى المسلمين . فصعد علي
المنبر ، وكان أول من صعد إليه وبايعه طلحة ، وكانت إصبع طلحة شلاء ، فتشاءم
علي ( 2 ) .
وحين أذاع بيانه المتضمن لشروطه في قبول الخلافة ، قال فيه : واعلموا أني إن
أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب ( 3 ) .
وسارعت الأمة مذعنة لشروطه ، ومدت إليه يد البيعة على الطاعة ، وقد كانت من أولى
مهامه ( ع ) أن يزيل صور الإنحراف المختلفة التي طرأت على الحياة الإسلامية ، وأن
يعود بالأمة إلى أصالة المنهج الإلهي ، وقد انصب منهاج حكومته على مواجهة مشاكل
الرعية
فقد حدد الإمام علي ( ع ) مواصفات ولاة الأمر وموظفي الدولة ، الذين يرشحهم الإسلام
لإدارة شؤون الأمة الإسلامية ببيان جاء فيه : ( انه لا ينبغي أن يكون الوالي على
الفروج والدماء والمغانم والأحكام ، وإمامة المسلمين : البخيل ، فتكون في أموالهم
نهمته ، ولا الجاهل فيضلهم بجهله ، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه ، ولا الحائف للدول
فيتخذ قوما دون قوم ، ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ، ويقف بها دون المقاطع ،
ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة ) ( 4 ) .
ومن أجل ذلك رأينا أمير المؤمنين ( ع ) يبادر فورا إلى عزل الولاة والعمال ، الذين
كانوا سببا في ظلم الناس وإشاعة الباطل ، ويعود بالأمة إلى قاعدة المساواة في توزيع
العطاء ، كما كان رسول الله ( ص ) يفعل ( 5 ) .
وكما عمد الإمام علي ( ع ) إلى اصلاح الوضع السياسي والإداري للدولة الاسلامية كذلك
فعل بالنسبة للوضع الاقتصادي ، فقد بادر فور تسلمه زمام الأمور مباشرة إلى إلغاء
طريقة العطاء التي كانت تفضل العرب على العجم .
فألغى الإمام ( ع ) كل أشكال التمييز في توزيع المال على الناس ، مؤكدا أن التقوى ،
والسابقة في الإسلام والجهاد ، والصحبة للرسول ( ص ) : أمور لا تمنح أصحابها مراتب أو
مميزات في الدنيا ، وإنما لتلك المزايا ثوابها عند الله في الآخرة ، وإن الناس
سواسية في الحقوق المالية ،
وأمام القضاء الإسلامي ، وفي الواجبات والتكاليف : ألا وأيما رجل من المهاجرين
والأنصار من أصحاب رسول الله ( ص ) ، يرى أن الفضل له على سواه : لصحبته ، فإن الفضل
النير غدا عند الله ثوابه ، وأجره على الله .
وأيما رجل استجاب لله وللرسول فصدق ملتنا ودخل في ديننا ، واستقبل قبلتنا ، فقد
استوجب حقوق الإسلام وحدوده ، ولا يتخلفن أحد منكم ، عربي ولا عجمي ، كان من أهل
العطاء أو لم يكن ، إلا حضر إذا كان مسلما حرا ) ( 1 ) .
ودعا ( ع ) كاتبه عبيد الله بن أبي رافع يوما ، وقال له : .
إبدأ بالمهاجرين فنادهم ، وأعط كل رجل ممن حضر ثلاثة دنانير ، ثم ثن بالأنصار
، فافعل معهم مثل ذلك ، ومن حضر من الناس كلهم ، الأحمر والأسود : فاصنع به مثل
ذلك ، فقام سهل بن حنيف فقال : يا أمير المؤمنين ، هذا غلامي بالأمس ، وقد أعتقته
اليوم ، فقال ( ع ) : نعطيه كما نعطيك ، فأعطى كل واحد منهما ثلاثة
دنانير ) . . . إلخ ( 2 ) .
وقد حاول المتضررون من إجراءات أمير المؤمنين ( ع ) التي تعكس صورة الإسلام الأصيل :
التفاوض معه ، فأرسلوا الوليد بن عقبة بن أبي معيط مندوبا ، فجاء إليه وقال : يا أبا
الحسن إنك وترتنا جميعا ، ونحن إخوتك ونظراؤك من بني عبد مناف ، ونحن نبايعك
اليوم على أن تضع عنا ما أصبناه من المال أيام عثمان ، وأن تقتل قتلته ، وإنا إن
خفناك تركناك فالتحقنا بالشام ، فرد عليهم الإمام ( ع ) .
أما ما ذكرتم من وتري إياكم ، فالحق وتركم ، وأما وضعي عنكم ما أصبتم ،
فليس لي أن أضع عنكم ولا عن غيركم ) ( 3 ) .
قال إبراهيم الثقفي : إن طائفة من أصحاب علي ( ع ) مشوا إليه فقالوا : يا أمير المؤمنين
أعط هذه الأموال ، وفضل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم ، ومن
تخاف خلافه من الناس وفراره .
فقال ( ع ) : أتأمروني أن أطلب النصر بالجور ؟ ! والله لا أفعل ما طلعت شمس وما لاح في
السماء نجم ، والله لو كان مالهم لي لواسيت بينهم ، فكيف وإنما هي أموالهم ؟ ( 4 ) .
روي : أن امرأتين أتتا عليا ( ع ) عند القسمة إحداهما من العرب والأخرى من الموالي ،
فأعطى كل واحدة خمسة وعشرين درهما وكرا من الطعام ، فقالت العربية : يا
أمير المؤمنين إني امرأة من العرب ، وهذه امرأة من العجم ، فقال علي ( ع ) : .
إني والله لا أجد لبني إسماعيل في هذا الفئ فضلا على بني إسحاق ( 1 ) .
وهذه نماذج من سيرته ( ع ) في الرعية .
كان يلزم ولاته بالنصح لعباد الله ، وإشاعة العدل بينهم ، ومعاملتهم باللين
والحب . . . : فاخفض لهم جناحك ، وألن لهم جانبك ، وأبسط لهم وجهك ، وآس بينهم ، فإن
الله تعالى يسائلكم معشر عباده عن الصغيرة من أعمالكم والكبيرة ، والظاهرة
والمستورة ، فإن يعذب فأنتم أظلم ، وإن يعف فهو أكرم ( 2 ) .
سع الناس بوجهك ومجلسك وحكمك ، وإياك والغضب ، فإنه طيرة من الشيطان ، واعلم أن
ما قربك من الله يباعدك من النار ، وما باعدك من الله يقربك من النار ( 3 ) .
بلغه ( ع ) أن عثمان بن حنيف واليه على البصرة دعاه بعض شخصيات أهلها إلى مأدبة ،
فخشي الإمام ( ع ) أن تستميل عماله تلك الوسائل أو سواها ، فكتب إليه : .
ي أما بعد يا بن حنيف ، فقد بلغني أن رج من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة ،
فأسرعت إليها فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم ، فما اشتبه عليك علمه فالفظه ، وما
أيقنت بطيب وجوهه فنل منه ، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ، ومن طعمه
بقرصيه ، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ، ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة و
سداد ( 4 ) .
من وصاياه ( ع ) لجيوشه : لا تقاتلوهم حتى يبدأوكم ، فإنكم بحمد الله على حجة ،
وترككم إياهم حتى يبدأوكم حجة أخرى لكم عليهم ، فإذا كانت الهزيمة بإذن الله ، فلا
تقتلوا مدبرا ، ولا تصيبوا معورا ( 5 ) ، ولا تجهزوا على جريح ، ولا تهيجوا النساء
بأذى ، وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم ( 6 ) .
أعتق علي ( ع ) في حياة رسول الله ( ص ) ألف مملوك مما عملت يداه ، وعرق جبينه ، ولقد
ولي الخلافة ، وأتته الأموال فما كان حلواه إلا التمر ، ولا ثيابه إلا الكرابيس ( 7 )
ولقد بلغ في شدة زهده ( ع ) ونكرانه لذاته ابتغاء لوجه الله تعالى ما يتجلى من عبارته
: والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها ، ولقد قيل لي : ألا تستبدل
بها
غيرها ؟ فقلت للقائل : ويحك ! أعزب فعند الصباح يحمد القوم السرى ( 1 )

أما منهاج أمير المؤمنين ( ع ) الذي سلكه في أهل بيته وقرابته ، فلم يكن بعيدا عن
منهاجه مع نفسه ، فقد كان ( ع ) حريصا على معاملة ذويه في مسألة الحقوق ، كما لو كانوا
من عامة الناس ، فلا يفضلهم بعطاء ، ولا يميزهم بحق .
وروى هارون بن سعيد أن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قد قال له : يا أمير المؤمنين ،
لو أمرت لي بمعونة أو نفقة ، فوالله مالي نفقة إلا أن أبيع دابتي ، فقال الإمام
( ع ) : لا والله ما أجد لك شيئا ، إلا أن تأمر عمك أن يسرق فيعطيك ( 2 ) .
وقد جاءه عقيل أخوه وكان ضريرا يوما يطلب صاعا من القمح من بيت مال المسلمين :
زيادة على حقه ، وظل يكرر طلبه على علي ( ع ) ، فما كان من الإمام إلا وأحمى له
حديدة على النار وأدناها منه ، ففزع منها عقيل ، ثم وعظه : يا عقيل أتئن من
حديدة أحماها إنسانها لمدعبة ، وتجرني إلى نار سجرها جبارها من غضبه ، أتئن من
الأذى ولا أئن من لظى ؟ ( 3 ) .
السياسة الإسلامية الأصلية للإمام علي ( ع ) : .
لقد صح ما توقعه الإمام علي ( ع ) من أن تطبيقه للعدالة الإسلامية ، سيثير غضب
رجالات قريش الذين دأبوا على العيش برفاهية : مما ينهبونه من أفواه الجياع
والمحرومين ، وكبر عليهم أن ينهج الإمام ( ع ) نهج المساواة في الحقوق ، فلا يميز بين
حر وعبد ، وبين أسود وأبيض ، وبين عربي وأعجمي ، كان الجميع أمامه سواسية كأسنان
المشط .
فقد أنكر الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله على الإمام ( ع ) سياسته تلك ،
واعتبراها مخالفة للنهج الذي ألفه الناس ، فقال لهما الإمام ( ع ) : ما الذي كرهتما
من أمري حتى رأيتما خلافي ؟ قالا : إنك جعلت حقنا في القسم كحق غيرنا ، وسويت
بيننا وبين من لا يماثلنا فيما أفاء الله علينا بأسيافنا ورماحنا ، وأرجفنا عليه
بخيلنا ورجلنا ، وظهرت عليه دعوتنا ، وأخذناه قسرا قهرا : ممن لا يرى الإسلام إلا
كرها ( 4 ) .
فقال الإمام ( ع ) لهما : لقد نقمتما يسيرا وأرجأتما كثيرا ، ألا تخبراني أي شئ
كان لكما فيه حق دفعتكما عنه ؟ . . . إلى أن قال ( ع ) : رحم الله رجلا رأى حقا فأعان
عليه ، أو رأى جورا فرده ، وكان عونا بالحق على صاحبه ( 5 ) .
موقف معاوية من سياسة أمير المؤمنين ( ع ) .
ما أن تناقلت الأنباء أمر استخلاف الإمام علي ونهوضه بأعباء قيادة الأمة ، حتى فزع
معاوية ، الذي كان يخطط منذ سنين لأن يكون الحاكم : حيث كان لابد له من أن يدافع
عن امتيازاته وثرواته بأي ثمن كان ، حتى لو أدى ذلك إلى إبادة المسلمين ، وتدمير
الإسلام ، وإراقة الدماء في كل أنحاء الدولة الإسلامية ، فالمهم عنده وعند أمثاله
، وهم كثيرون ، هو الملك والسلطان .
حاول الإمام ( ع ) أن يقضي على الفتنة التي بدأت تلوح في الأفق بالطرق السلمية ،
فأرسل كتابا إلى معاوية يستقدمه فيه إلى المدينة ، فلم يستجب معاوية ، ولم يرد على
كتاب الإمام ( 1 ) .
وبعد مضي ثلاثة أشهر على مقتل عثمان ، وقيام الإمام علي ( ع ) بالأمر ، ] تحرك معاوية
شاهرا [ سلاح المطالبة بدم عثمان ] ! ! [ ، متخذا منه ذريعة للخروج على إمام زمانه . وقد
بدأت معارضته بنشر ثوب عثمان الدامي في مسجد دمشق ، وراح يستشير أهل الشام للنهوض
والانتقام ممن قتله ، ولما ورد كتاب معاوية ، وعرف الإمام ( ع ) نواياه وخبثه :
أمر الإمام ( ع ) بتجهيز جيشه لإخماد حركة البغاة التي قادها معاوية في الشام .
وحري بنا أن نذكر بطانة السوء والولاة وأمراء الأجناد والمتنفذين في حكم عثمان ،
والذين أصبحوا فيما بعد وبالا وخطرا عظيما على خلافة الإمام ( ع ) ومن هؤلاء : .
1 – الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس ، وهو عم عثمان ، وكان أشد الناس أذى
لرسول الله ( ص ) – إطلع على رسول الله ذات يوم ، وهو في بعض حجر نسائه ، فعرفه ( ص )
وخرج إليه وقال : من عذيري من هذا الوزغ اللعين ؟ ثم قال ( ص ) : والله لا يساكنني
ولا ولده ، فغربهم جميعا إلى الطائف ، فلما توفي رسول الله ، كلم عثمان أبا بكر
فيهم ، فأبى أن يعيدهم إلى المدينة ، وقال : ما كنت لآوي طرداء رسول الله ، ثم لما
استخلف عمر ، كلمه عثمان فيهم ، فقال مثل قول أبي بكر ، فلما استخلف عثمان أدخلهم
المدينة ( 2 ) .
وقد كان الحكم فقيرا مملقا حتى أنه عندما دخل المدينة بعد سني النفي والطرد ، كان
عليه ثوب خلق بال ، وهو يسوق تيسا والناس ينظرون إليه ، وقد كساه عثمان جبة خز
وطيلسان ، ثم ولاه على صدقات قبيلة قضاعة ، فبلغت ثلاثمئة ألف درهم فرجعها له ( 3 ) .
2 – مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ، وهو ابن عم عثمان ، أرسله عثمان مع
الغزو
المتجه إلى أفريقيا ، فلما عاد الجيش ومعه الغنائم ، أعطى عثمان ابن عمه خمس تلك
الغنائم ( 1 ) .
قال المؤرخون : وأقطع مروان فدكا ، وهي صدقة النبي التي طلبتها فاطمة من أبي
بكر ( 2 ) .
قال ابن حجر العسقلاني : إن مروان كان من أسباب قتل عثمان ( 3 ) .
3 – الحارث بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ، وهو ابن عم عثمان وأخو مروان . قال
ابن عبد ربه الأندلسي ، وابن أبي الحديد : تصدق رسول الله ( ص ) بمهزور ( 4 ) على
المسلمين ، فأقطعها عثمان للحارث بن الحكم ( 5 ) ، ثم زوجه ابنته عائشة ، فأعطاه مئة
ألف من بيت المال ( 6 ) .
4 – الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، وهو أخو عثمان لأمه ، وكان أبو عقبة أشد الناس
أذى لرسول الله ( ص ) ، وعداوة للمسلمين ، عمد إلى مكتل فجعل فيه عذرة ( غائطا ) ،
وجعله على باب رسول الله ( 7 ) .
أما هو فقد اشتهر أنه كان زانيا ، شريب خمرة ( 8 ) ، وكان له نديم نصراني ( 9 ) .
ولاه عثمان على الكوفة بعد أن عزل عنها سعد بن أبي وقاص ، وكان يشرب مع ندمائه و
مغنياته من أول الليل إلى الصباح ، فخرج منفصلا في غلائله ، فصلى بهم الصبح
أربعا ، وقال : أزيدكم ؟ ونقل عن المسعودي ، أنه قال في سجوده : إشرب واسقني ( 10 ) .
5 – عبد الله بن أبي سرح القرشي ، وهو ابن خالة عثمان وأخوه من الرضاعة ، وكان كاتبا
لرسول الله ( ص ) ، فظهرت خيانته في الكتابة فطرده رسول الله ( ص ) ، فارتد عن الإسلام
ولحق بأهل مكة وأخبرهم : إني كنت أصرف محمدا حيث أريد ، كان يملي علي ( عزيز
حكيم ) ، فأقول : عليم حكيم ، فأنزل الله فيه : ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا
أو قال أوحي إلي ) ، فأهدر الرسول دمه ، وبعد فتح مكة استأمن له عثمان من النبي
( ص ) ( 1 ) .
6 – عبد الله بن عامر بن كريز الأموي وهو ابن خالة عثمان ، وقد ولاه البصرة وعمره
خمس وعشرون سنة ( 2 ) .
على أية حال ، فقد كان عثمان محبا لأقاربه من بني أمية ، ونقل عنه أنه قال :
والله لو أن مفتاح الجنة بيدي : لأدخلت بني أمية إليها ( 3 ) .
ويبدو أن حب عثمان لأقربائه وتقربهم حتى أن عمر بن الخطاب لما حضرته الوفاة ،
وسمى أهل الشورى وذكر أوصافهم : قال عن عثمان : والله لئن كان الأمر إليه ليحملن
بني أبي معيط – أي بني أمية – على رقاب الناس ( 4 )
شئ من حرب البصرة .
على الرغم من أن طلحة والزبير كانا من أشد الناقمين على سياسة عثمان ، ومع أنهما
سبقا الناس في البيعة للإمام علي ( ع ) بعد قتل عثمان ، فإن الحركة الإصلاحية التي
قادها الإمام ( ع ) لم تجد هوى في نفسيهما ، فبدأ العمل للخروج على الإمام ، وإثارة
المسلمين عليه ، فكانت حصيلة ذلك فتنة عمياء كبدت الأمة خسارة فادحة : حيث أقنعا
عائشة بنت أبي بكر بالخروج معهما ، لقيادة المعارضة لحكم أمير المؤمنين ( ع ) ! .
وما دام القوم قد رفعوا قميص عثمان للمطالبة بدمه ، فلننظر موقف القيادات التي
تزعمت حركة المطالبة بدمه – كيفا كان موقفها من عثمان نفسه – عند ما كان حيا .
روي أن الزبير كان يقول : اختلط عثمان ، فقد بدل دينكم ، فقالوا له : إن ابنك
يحامي عنه بالباب – وكان ذلك أثناء الحصار الذي فرضه الثائرون على بيت عثمان – فقال
الزبير : ما أكره أن يقتل عثمان ولو بدئ بابني ، إن عثمان جيفة على الصراط
غدا ( 5 ) .
وأما طلحة ، فقد ذكر المؤرخ الواقدي : إنه لما قتل عثمان وتذاكروا أمر دفنه
والمكان
الذي يدفن فيه ، قال لطلحة : يدفن بدير سلع – يعني مقابر اليهود ( 1 ) ، وقال ابن أبي
الحديد : كان طلحة أشد الناس تحريضا على عثمان ، وكان الزبير دونه في ذلك .
وأما عائشة بنت أبي بكر ، فقد كانت أشد القوم في حربها لعثمان ، ونظرا لمكانتها في
النفوس فقد كان الرواة والركبان يتناقلون فورا ما كانت تتفوه به ضده ، حتى قالت
لمروان : يا مروان وددت والله أنه – أي عثمان – في غرارة من غرائري هذه ، وإني طوقت
حمله حتى ألقيه في البحر ( 2 ) ، كما التقت وهي في طريقها إلى الحج بالصحابي الجليل
عبد الله بن عباس فنهته عن نصرة عثمان قائلة : يا بن عباس ، إنا لله قد آتاك عقلا
وفهما وبيانا ، فإياك أن ترد الناس عن هذا الطاغية ( 3 ) ، وكانت تطلق شعارا ضد عثمان
: أقتلوا نعثلا فقد كفر ( 4 ) ، وتعني بنعثل الخليفة عثمان ، وهي كلمة تعني الذكر من
الضباع : والشيخ الأحمق ، ويهوديا كان بالمدينة ( 5 ) .
أما عمرو بن العاص ، فبعد أن عزله عثمان عن ولاية مصر ( 6 ) : تحصب عليه وخرج يحرض
الناس ضد عثمان ، وكان من أشد الناس طعنا على عثمان ، وقال : أبغض عثمان وحرضت
عليه حتى الراعي في غنمه ( 7 ) .
وأما معاوية ، فقد أرسل مجموعة من الجند لنصرة عثمان ، إلا أنه أمر قائدهم بالتوقف
خارج المدينة ، وكان الهدف من ذلك ، أنه ينتظر عقبى الصراع ( 8 ) .
إلا أن مقتل عثمان ومبايعة المسلمين للإمام علي ( ع ) جعل الأمور تتخذ مجرى آخ

شاهد أيضاً

الصدى العالمي لمذيعة قناة أخبار إيران خانم امامي وشجاعتها أثناء الاعتداء

حيدري نظر لقد أثارت المذيعة الإيرانية سحر إمامي تضامنًا واهتمامًا عالميًا بعد إظهار شجاعتها الفريدة ...