إن أمريكا سترضى عنّا في الوقت الذي نتخلى فيه عن الإسلام. ولكن هل هناك من هو مستعد للتخلّي عن الإسلام؟ إذا تخلينا عن الإسلام فما وجهُ بقائنا على رأس الأمور إذن؟ ليأتِ جهاز آخر ويتسلم الحكم. ترى لماذا يريدنا الشعب ويرغب بنا؟ إنّ الشعب يرغبَ بي وبكم لأجل الإسلام، لأننا خدّام الإسلام، ولأننا أعلنا بأن حركتنا هي من أجل الإسلام.
﴿ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى﴾ البقرة /120 هذا القول الكريم هو أحد معجزات الإسلام.. فالأمور تجري اليوم على ما ينص عليه القرآن. لقد كنا في وقت من الأوقات نتصوّر أن النص مصداق النص يرتبط بالماضي، فقد كان القوم على مثل هذا الموقف في
11-حديث قائد الثورة في مراسم بيعة أهالي مدن باختران وآراك ورشت مع سماحته 14/4/1368.
الماضي وما يضرّهم الآن أن يتقلد أحد المسلمين الأمور ويمسك بزمامها!
كلا. إنّهم يعارضون الحالة الإسلامية في جميع مراحلها وأشكالها، ويحملون لبعضها عداوة شديدة.. كما هو شأن المرحلة التي نحن فيها. ويعارضون حتى الحالة الإسلامية التي عليها مسلمو البوسنة، فهم يعيشون مرحلة ضعيفة، ومع ذلك رأينا ورأيتم أنهم يعارضون هذه الحالة الإسلامية رغم كونها ضعيفة وباهتة، وهم ليسوا على استعداد لتحملها.
وبعد البوسنة ستكون البانيا هدفهم التالي. وسيجهدون لو استطاعوا أن يتلحقوا أشدّ ضروب الأذى بالمسلمين الأوروبيين 12.
لن يرضى العدو، مع ما يحمله من بغض من الأعماق للإسلام والثورة، إلاّ كما قال العزيز المتعال في خطابه للمسلمين ﴿حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم﴾ البقرة/120.
فالاستكبار لا يرضى بأقل من ركوع الشعب واستسلامه، ولن يرضى عن شعب من الشعوب حتى يتخلى عن أُصوله ويتنصل عن دينه ويتركه.
إنَّ البغض الذي يكنّه الاستكبار لشعبنا، يعود إلى معتقدات هذا الشعب واستقلاله وشعار “لا للشرق ولا للغرب” الذي يحمله؛ كما يعود لعلقته العميقة المستحكمة بالإسلام.
ومن هذا المنطلق لن تكون ثمة نهاية لعداوة الاستكبار وبغضه.
12-حديث قائد الثورة في لقائه سفراء الجمهورية الإسلامية والعاملين في السلك الدبلوماسي. 19/5/1371.
بيد أني على ثقة من أنَّ هذا الشعب سيستطيع أن يتقدم بعناية الله ولطفه إن شاء الله برغم الحقد العميق الذي يكنّه الأعداء والاستكبار العالمي ضدَّ هذا الشعب، ويبلغ المقاصد الإلهية في جميع الأبعاد سواء كانت اقتصادية أم سياسية أم ثقافية، وسيجبر إن شاء الله العدو على التراجع في جميع المجالات 13.
إنّ رسالة الثورة وإيصال هذه الرسالة من الأصول الإسلامية الثابتة. التبليغ يعني الإيصال، ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ﴾ الأحزاب /39 وهو يعني تجاوز الحُجب والعقبات، وإيصال كلمة الحق إلى حيث ينبغي أن تصل.
لقد انطلقت الصيحة مدوية صادقة، في وسط أجواء تتعاضد فيها بشكل عام جميع العوامل ضدَّ الاتجاه الإيماني والديني، وضدَّ الاتجاه الإسلامي بشكل خاص، برغم أن الشعوب تعيش ظمأً للجانب المعنوي والروحي.
وبسبب صدق هذه الصيحة المدوية وإخلاص الذي أطلقها؛ وبسبب الخلفية العلمية التي كانت لها، إذ لم يكن مجرد كلمات وحسب؛ وأخيراً بسبب عداوة الوجوه الاستكبارية والرجعية والقبيحة لها والعناصر الأخرى التي تلتقي معها، بسبب ذلك كلّه اكتسبت هذه الصيحة موقعها في قلوب الشعوب،وبالأخص الشعوب الإسلامية، وأوجدت تأثيراً حقيقيا ، وعميقاً إلى حدّ ما 14.
13-حديث قائد الثورة في لقاء الممثلين الثقافيين للجمهورية الإسلامية خارج البلد. 3/2/1370.
14-حديث قائد الثورة في لقاء الممثلين الثقافيين للجمهورية الإسلامية خارج البلد. 3/2/1370.
الإسلام اليوم هو في حال اتساع وامتداد في المجتمعات البشرية. هذه حقيقة واضحة تبدو بشكل محسوس في جميع أنحاء العالم. والذي له دارية بأوضاع العالم يلمس هذه الحقيقة ولا يقوى على إنكارها. والإسلام يسري في المجتمعات التي تعاني من ظلم القوى الشيطانية، والأنظمة الطاغوتية، وهي تتطلع إلى فكر جديد ونهج آخر، كما هو عليه حال البلدان الأفريقية والآسيوية وأمثالها، بل حتى في البلدان الأوروبية. فالإسلام يمتد، وهو في حال نمو هذه المجتمعات.
أما أي إسلام هذا الذي يسري ويمتد، فهذه مسألة خاضعة للبحث. إذ هناك حركتان تتظاهران باسم الإسلام، وربما دلَّ بعض الظواهر على شباهة هاتين الحركتين وتماثلهما. إلاّ أنهما تبقيان تختلفان في الروح والجوهر وفي الاتجاه.