يا علي ، سِرْ سنتَين برَّ والديك (144) ، سِر سنةً صِل رحمك ، سِر ميلا عُدْ مريضاً ، سِر ميلين شيّعْ جنازة ، سِرْ ثلاثةَ أميال أجبْ دعوة ، سِر أربعةَ أميال زُرْ أخاً في اللّه ، سِرْ خمسةَ أميال أجبْ المَلهوف (145) ، سِرْ ستّة أميال أُنصر المظلوم ، وعليكَ بالإستغفار.
يا عليُّ ، للمؤمن (146) ثلاثُ علامات ، الصلاةُ والزكاةُ والصيامُ ، وللمتكلِّف (147) ثلاث علامات ، يتملّقُ إذا حضر (148) ، ويغتابُ إذا غاب ، ويشمتُ بالمصيبةِ ، وللظالم ثلاث علامات ، يَقْهرُ من دونَه بالغلبة ومن فوقَه بالمعصية ، ويُظاهرُ الظَلَمة (149) ،
(144) أي أنّه إن كان برّ الوالدين يتوقّف على طيّ مسافة تقطع في سنتين فسِر هذه المسافة وبرّ والديك .. وكذا في البواقي.
(145) الملهوف واللهفان واللاهف هو المضطرب الذي يستغيث.
(146) أي المؤمن الحقيقي ، ومقابله المتكلِّف الذي يأتي ذكره وهو من ليس إيمانه حقيقيّاً.
(147) المتكلِّف هو الذي يدّعي الشيء وليس بذاك الشيء كمن يدّعي العلم وليس بعالم .. والمتكلّف هنا هو من يدّعي الإيمان الحقيقي .. وليس بمؤمن حقيقي.
(148) التملُّق هو إظهار المحبّة والمودّة الكاذبة .. والمتملِّق هو من يعطي بلسانه ما ليس في قلبه.
فالمتكلّف يتملَّق للإنسان إذا حضر عنده ، بينما يغتابه إذا غاب عنه ، ويشمت به ويفرح إذا أصابته مصيبة.
(149) أي يعين الظالمين ، من المظاهرة بمعنى المعاونة .. والظهير هو المعين.
وللمرائي (150) ثلاث علامات ، يَنْشط إذا كان عندَ الناس ، ويكسَلْ إذا كانَ وحدَه ، ويُحبُّ أن يُحْمَدَ في جميع اُمورِه ، وللمنافق (151) ثلاث علامات ، …
(150) وهو المتّصف بصفة الرياء المعبَّر عنه بالشرك الأصغر المبطل للعمل والمنافي للإخلاص والمقرون بالخدعة.
وعن بعض المحقّقين أنّ الرياء مشتقّ من الرؤية ، وأصل الرياء طلب الجاه والمنزلة في قلوب الناس بإرائتهم خصال الخير .. ويجب التحرّز عنه فإنّه يلحق العمل بالمعاصي (1).
ونبّه الشهيد الأوّل على أنّ كلّ عبادة اُريد بها غير الله تعالى ليراه الناس فهي مشتملة على الرياء سواء اُريد مع ذلك القرب إلى الله تعالى بها أم لا ..
وأمّا إذا كان للعمل غاية دنيويّة شرعيّة أو اُخرويّة فأراده الإنسان مع القربة فإنّه لا يُسمّى رياءً كطلب الغازي الجهاد لله وللغنيمة ، وقراءة الإمام للصلاة وللتعليم ، والصيام لله وللصحّة ، والوضوء للقربة والتبرّد (2).
ثمّ إنّ نشاط المرائي في هذا الحديث بمعنى نشاطه في العمل فيعمل كثيراً بطيب النفس إذا كان أمام الناس (3).
(151) أفاد المحدّث القمّي (4) أنّ المنافق يطلق على معان ، منها أن يظهر الإيمان ويبطن الكفر وهو معناه المشهور ، ومنها أن يظهر الحبّ ويكون في الباطن عدوّاً ،
1 ـ مرآة العقول ، ج 10 ، ص 87.
2 ـ القواعد والفوائد ، ص 248 ، القاعدة 196.
3 ـ روضة المتّقين ، ج 12 ، ص 138.
4 ـ سفينة البحار ، ج 8 ، ص 306.
إذا حَدّثَ كَذِب ، وإذا وَعَدَ أخلَف ، وإذا ائتُمِنَ خان.