الرئيسية / من / طرائف الحكم / ألف سؤال وإشكال (المجلد الأول) / الصفحات: ٢٦١ – ٢٨٠

ألف سؤال وإشكال (المجلد الأول) / الصفحات: ٢٦١ – ٢٨٠

ألف سؤال وإشكال (المجلد الأول) / الصفحات: ٢٦١ – ٢٨٠

٢٦١

وحده، فبناه على ما وصفناه). انتهى.

ومقصوده بـ (أكثر الرواية أن الخطاب لمالك خازن جهنم وحده) روايتهم عن مفسري الدولة الأموية كالحسن البصري وعكرمة، مقابل أقل الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)!!

ففي تفسير الجلالين: (ألقيا في جهنم) أي: ألق ألق، أو ألقين، وبه قرأ الحسن فأبدلت النون ألفاً). انتهى.

وأقل الرواية ما أشار إليه المفيد في تصحيح اعتقادات الإمامية ص١٠٨: (وقد جاء الخبر بأن الطريق يوم القيامة إلى الجنة كالجسر يمر به الناس، وهو الصراط الذي يقف عن يمينه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن شماله أمير المؤمنين (عليه السلام) ويأتيهما النداء من قبل الله تعالى: (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد).انتهى. (راجع وتأمل في ضياعهم وتمحلاتهم: مبسوط السرخسي:١٨/١٨٤، وتفسير الطبري:٢٧/١٠٣و٢٦/٢١٢، وتفسير ابن الجوزي:٧/١٩٦ والقرطبي:١٢/١٤٩، وابن كثير:٤/٢٤١، وبرهان الزركشي:٢/ ٢٣٩، وتفسير الثعالبي:٥/٢٨٧، وشرح الرضي على الكافية:٣/١٠٩).

وقد تأثر بهم أكثر المفسرين من السنة والشيعة مع الأسف، وخالفهم بعضهم فجعل المخاطب مثنى حقيقياً، هو السائق والشهيد، كالرازي، أوجعله خازن النار وملك معه كابن منظور، أو ملكين آخرين كصاحب الميزان، ولم يتتبعوا روايات التفسير النبوي، ولا بحثوا في أسانيدها!

وأشهر رواية لتفسير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للآية قصة أبي حنيفة التالية مع الأعمش التي روتها مصادر السنة والشيعة بسند صحيح، وكانت تحدياً من الأعمش في ختام حياته لأبي حنيفة

٢٦٢

والمخالفين لأهل البيت (عليهم السلام)!

روى الطوسي في الأمالي ص٦٢٨: (١٢٩٤/٧: وعنه (حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي قدس الله روحه) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال: حدثنا إبراهيم ابن حفص بن عمر العسكري بالمصيصة قال: حدثنا عبيد بن الهيثم بن عبيدالله الأنماطي البغدادي بحلب قال: حدثني الحسن بن سعيد النخعي ابن عم شريك قال: حدثني شريك بن عبدالله القاضي قال: حضرت الأعمش في علته التي قبض فيها، فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ابن شبرمة وابن أبي ليلى وأبو حنيفة، فسألوه عن حاله، فذكر ضعفاً شديداً، وذكر مايتخوف من خطيئاته، وأدركته رنة فبكى، فأقبل عليه أبو حنيفة، فقال: يا أبا محمد إتق الله وانظر لنفسك، فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من أيام الآخرة، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث، لو رجعت عنها كان خيراً لك.

قال الأعمش: مثل ماذا يا نعمان؟!

قال: مثل حديث عباية: (أنا قسيم النار).

قال: أوَ لمثلي تقول هذا يا يهودي؟! أقعدوني سندوني أقعدوني:

حدثني ـ والذي إليه مصيري ـ موسى بن طريف، ولم أر أسدياً كان خيراً منه قال: سمعت عباية بن ربعي إمام الحي قال: سمعت علياً أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: أنا قسيم النار، أقول هذا وليي دعيه، وهذا عدوي خذيه.

وحدثني أبو المتوكل الناجي في إمرة الحجاج وكان يشتم علياً (عليه السلام) شتماً مقذعاً ـ يعني

٢٦٣

الحجاج ـ عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا كان يوم القيامة يأمر الله عز وجل فأقعد أنا وعلي على الصراط، ويقال لنا: أدخلا الجنة من آمن بي وأحبكما، وأدخلا النار من كفر بي وأبغضكما. قال أبو سعيد: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما آمن بالله من لم يؤمن بي، ولم يؤمن بي من لم يتول ـ أو قال لم يحب ـ علياً، وتلا: أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيد).

قال فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه، وقال: قوموا بنا، لايجيئنا أبو محمد بأطم من هذا. قال الحسن بن سعيد: قال لي شريك بن عبد الله: فما أمسى ـ يعني الأعمش ـ حتى فارق الدنيا رحمه الله). انتهى.

وقد روى هذا الحديث (الصاعقة) الطوسي في أماليه وغيره من مصادرنا بأسانيد متعددة، ورواه عدد من علمائهم، ومنهم الحاكم النيسابوري الحسكاني، وهو من أولاد بريدة الأسلمي، في كتابه القيم شواهد التنزيل بسنده عن الكلابي، وعن الحماني عن شريك:حدثنيه أبو الحسن المصباحي، حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن واصل، حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان، حدثنا يعقوب بن إسحاق من ولد عباد بن العوام، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، عن شريك، عن الأعمش قال: حدثنا أبو المتوكل الناجي: عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى لمحمد وعلي: أدخلا الجنة من أحبكما، وأدخلا النار من أبغضكما، فيجلس علي على شفير جهنم فيقول لها: هذا لي وهذا لك! وهو قوله: ألقيا في جهنم كل كفار عنيد). ورواه بأسانيد أخر فيها الصحيح على مبانيهم.

٢٦٤

وبهذا نعرف لماذا هرب أكثر مفسريهم من جعل المخاطب بالآية اثنين، لأن المخاطب بها بنص الحديث النبوي الصحيح ليس السائق والشهيد، ولا ملكان آخران، بل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي هو حاكم المحشر، ومعه علي (عليه السلام) قسيم الجنة والنار!

 

*  *  *

٢٦٥

الأسئلة

١ ـ هل توافقون المفسرين على تفسير المثنى في الآية بالمفرد! وما هو دليلكم على مخالفة الظاهر الصريح وجعل الإثنين واحداً؟!

٢ ـ هل يجوز أن نترك حديثاً صحيح السند في تفسير آية، ونأخذ بأقوال المفسرين الظنية الإستحسانية أو بتكلفاتهم وتغييرهم لمعاني اللغة العربية؟!

٣ ـ ما رأيكم في أسانيد الحديث النبوي الذي نص على أن الآية خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام)؟!

٤- ما رأيكم في قول أحمد بن حنبل عندما سئل عن حديث علي قسيم الجنة والنار، فقال إنكم تروون أنه لايحبه إلا مؤمن ولايبغضه إلا منافق، فقد قسم أهل الجنة والنار.؟!

 

*  *  *

٢٦٦

المســألة: ٦٧
ما رأيكم في شفاعة أويس القرني أحد شيعة أهل البيت (عليهم السلام)؟

استكثر المخالفون شفاعة أهل البيت (عليهم السلام) الواسعة يوم القيامة، مع أنهم رووا بأحاديث صحيحة شفاعة أويس القرني وهو أحد شيعة أهل البيت الذي بذل مهجته دونهم! وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبر أنه سيأتي بعده وأنه يشفع لمثل ربيعة ومضر، فمن أدركه منكم فاستطاع أن يستغفر له فليستغفر له (ابن حبان:٣/١٥١).

وقد كان أويس رضي الله عنه من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقد تهرب من أبي بكر وعمر وعثمان، ولما تولى الخلافة علي (عليه السلام) ظهر أويس وحارب معه في الجمل وصفين، واستشهد بين يديه.

في تاريخ الطبري:١٠/١٤٥: (وأويس القرني….وكان ورعاً فاضلاً. روي أنه قتل يوم صفين: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا هشام عن الحسن قال: قال رسول الله (ص): ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل ربيعة ومضر. قال هشام فأخبرني حوشب أنه قال: هو أويس القرني).

وفي طبقات ابن سعد:٦/١٦١: (قال أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا سلام بن مسكين قال: حدثني رجل قال: قال رسول الله (ص): خليلي من هذه الأمة أويس القرني. قال أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن أسير بن جابر بن عمر أنه (أن عمر؟)

٢٦٧

قال لأويس: استغفر لي، قال: كيف أستغفر لك وأنت صاحب رسول الله (ص)؟! قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: إن خير التابعين رجل يقال له أويس). (ورواه الحاكم:٣/٤٠٢، والخطيب في الجمع والتفريق:١/٤٨٠ وابن معين في تاريخه (رواية الدوري):١/٣٢٤، والجامع الصغير:٣ رقم ٤٠٠١).

وفي طبقات ابن سعد:٦/١٦١: (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نادى رجل من أهل الشام يوم صفين فقال: أفيكم أويس القرني؟ قالوا نعم، قال إني سمعت رسول الله (ص) يقول: إن (من) خير التابعين أويساً القرني، ثم ضرب دابته فدخل فيهم). (ورواه أحمد:٣/٤٨٠، وقد رواه أبو نعيم في الحلية:٢/٨٦ وقال في مجمع الزوائد:١٠/٢٢، رواه أحمد وإسناده جيد ورواه ابن سعد في الطبقات: ٦/١٦٣ واللالكائي في كرامات الأولياء ١٠٩، بطريقين، وابن معين في تاريخه (رواية الدوري):١/٣٢٤ واللواتي في تحفة النظار:٢/١٩٠ ورواه أبو نعيم في الحلية:٢/٢٢١، وقال بعده: (ورواه جماعة عن شريك وقال ابن عمار الموصلي: ذكر عند المعافي بن عمران أن أويساً قتل فى الرجالة مع علي بصفين، فقال معافي: ما حدث بهذا إلا الأعرج! فقال له عبد ربه الواسطي: حدثني به شريك، عن يزيد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى! قال: فسكت)!! انتهى.

وفي اختيار معرفة الرجال:١/٣١٥: (وروى الحسن بن الحسين القمي، عن علي بن الحسن العرني، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال كنا مع علي (عليه السلام) بصفين فبايعة تسعة وتسعون رجلاً، ثم قال: أين المائة لقد عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يبايعني في هذا اليوم مائة رجل. قال: إذْ جاء رجلٌ عليه

٢٦٨

قباء صوف متقلداً بسيفين فقال: أبسط يدك أبايعك، قال علي (عليه السلام): على مَ تبايعني؟ قال: على بذل مهجة نفسي دونك! قال: من أنت؟ قال: أنا أويس القرني. قال فبايعه فلم يزل يقاتل بين يديه حتى قتل، فوجد في الرجالة.

وفي رواية أخرى، قال له أمير المؤمنين (عليه السلام): كن أويساً.قال: أنا أويس. قال كن قرنياً، قال: أنا أويس القرني.

وإياه يعني دعبل بن علي الخزاعي في قصيدته التي يفتخر فيها على نزار، وينقض على الكميت بن زيد، قصيدته التي يقول فيها:

ألا حييت عـنا يا مدينا               أويس ذو الشفاعة كان منا

فيوم البعث نحن الشافعونا

(راجع:خصائص الأئمة ص٥٣، الخرائج والجرائح:١/٢٠٠ والثاقب في المناقب ص٢٦٦ وجامع الرواة:١/١١٠، ومدينة المعاجز:٢/٢٩٩، ومعجم رجال الحديث:٤/ ١٥٤).

 

*  *  *

الأسئلة

١ ـ بماذا تفسرون غياب أويس القرني عن أبي بكر وعمر وعثمان، وظهوره مع علي (عليه السلام) وشهادته معه، وبيعته له على بذل مهجته دونه؟

٢ ـ إذا كان أويس القرني المبشر به من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمشهود له بالجنة يشفع لمئات الألوف أو الملايين، وهو واحد من شيعة علي (عليه السلام)، فكم عدد الذين سيشفع لهم إمامه

٢٦٩

علي (عليه السلام) وبقية العترة الطاهرة؟

٣- ألا ترون أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكتف بمدح علي (عليه السلام) وأمر الأمة باتباعه، وبيان أنه مع الحق والحق معه ومع القرآن والقرآن معه، حتى جعل للأمة علامات لخط الهدى، ومنها عمار بن ياسر وأويس القرني؟!

٤- ما هو سبب التعتيم القرشي على أويس القرني، وعلى صحابة كبار مثل مجمع على جلالتهم عند جميع المسلمين، مثل حذيفة بن اليمان والمقداد وسلمان وعمار وبريدة وعثمان بن حنيف وخالد بن سعيد بن العاص، وأمثالهم، حتى أن أطفالكم لايعرفون شيئاً عنهم؟!

 

*  *  *

المســألة: ٦٨
علي (عليه السلام) ميزان الإسلام والكفر.. والإيمان والنفاق!

روى الجميع أن علياً (عليه السلام) ميزان الاسلام والكفر، والإيمان والنفاق، لا يحبه إلا مؤمن ولايبغضه إلا منافق.. فماذا بقي لغيره من الصحابة؟!

روى الحاكم:٣/١٢٩: (عن أبي ذر رضي الله عنه قال: ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالب). هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه). (ورواه أحمد في فضائل الصحابة:٢/٦٣٩، والدارقطني في المؤتلف والمختلف: ١٣٧٦٣، والهيثمي في مجمع الزوائد: ٩ / ١٣٢).

وروى الترمذي:٤/٣٢٧، و:٥/٢٩٣و٢٩٨: باب مناقب علي: عن أبي سعيد الخدري قال:إن كنا

٢٧٠

لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب).

وروى النسائي في:٨/١١٥ (عن أم سلمة قالت: كان رسول الله (ص) يقول: لايحب علياً منافق، ولايبغضه مؤمن. وقال: هذا حديث حسن). (ورواه النسائي أيضاً:٥/١٣٧، وابن ماجة:١/٤٢، والترمذي:٤/٣٢٧ و:٥/٥٩٤، وأحمد: ٢/٥٧٩ و٦٣٩ وفضائل الصحابة:٢/٢٦٤، وعبد الرزاق في مصنفه: ١١/٥٥، وابن أبي شيبة في مصنفه:١٢/٥٦، والحاكم:٣/١٢٩وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه! ووافقه الذهبي في تلخيص المستدرك. ورواه الطبراني في الأوسط:٣/٨٩، والهيثمي في مجمع الزوائد: ١٢٩٩ وقال: رجال أبي يعلى رجال الصحيح. ورواه الخطيب في تاريخ بغداد عن صحابة متعددين في:٢/٧٢ و:٤/٤١ و:١٣/٣٢/١٥٣ و:١٤/٤٢٦ و:٢/ ٢٥٥، والبيهقي في سننه: ٥/٤٧، وابن عبد البر في الإستيعاب:٣ /٣٧).

وفي الترمذي:٥/٦٠١: (عن الأعمش: إنه لا يحبك إلا مؤمن. هذا حديثٌ حسنٌ صحيح).

وفي الطبراني الكبير:١/٣١٩ و:٢٣/٣٨٠: (عن أبي الطفيل قال: سمعت أم سلمة تقول: أشهد أني سمعت رسول الله (ص) يقول: من أحب علياً فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغض علياً فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله).

وفي فردوس الأخبار:٣/٦٤: (عن ابن عباس أن النبي (ص) قال: علي باب حطة، من دخل منه كان مؤمناً، ومن خرج منه كان كافراً.

عن أبي ذر أن النبي (ص) قال: علي باب علمي ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي، حبه إيمانٌ وبغضه نفاق والنظر إليه رأفة ومودته عبادة).

وفي صحيح مسلم:١/٦٠، تحت عنوان: باب حب علي من الايمان. عن زر بن حبيش قال

٢٧١

قال علي: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي (ص) إلي أن لايحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق).

(ورواه ابن ماجة:١/٤٢، والنسائي في سننه:٨/١١٥ و١١٧ وفي خصائص علي: ١٣٧٥، وأحمد في مسنده:١/٨٤ و٩٥ و١٢٨ وفضائل الصحابة:٢/ ٢٦٤، وابن أبي شيبة في المصنف: ١٢/ ٥٦، وعبد الرزاق في المصنف:١١/ ٥٥، وابن أبي عاصم في السنة:٥٨٤٢، وابن حبان في صحيحه:٩/٤٠،والخطيب في تاريخ بغداد: ٢ ص ٢٥٥ و: ١٤ / ٤٢٦، وابن عبد البر في الاستيعاب: ٣ / ٣٧، وأبو نعيم في الحلية: ٨/١٨٥، وابن حجر في الإصابة:٢/٥٠٣، والحاكم في المستدرك: ٣ /١٣٩،والبيهقي في سننه: ٥/٤٧، وابن حجر في فتح الباري:٧/٥٧، ومسند أبي يعلى:١/٢٣٧)

وفي فتح الباري:٧/٧٢: (وفي كلام أمير المؤمنين كرم الله وجهه يقول: لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بجمانها على المنافق على أن يحبني ما أحبني! وذلك أنه قُضِيَ فانقضى على لسان النبي الأمي (ص) أنه قال: يا علي لا يبغضك مؤمن، ولا يحبك منافق).

وهو في نهج البلاغة:٢/١٥٤، شرح محمد عبده، وقال ابن أبي الحديد في شرحه٢: ٤٨٥: في الخبر الصحيح المتفق عليه أنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، وحسبك بهذا الخبر، ففيه وحده كفاية.

وقال في موضع آخر: قال شيخنا أبو القاسم البلخي: قد اتفقت الأخبار الصحيحة التي لاريب عند المحدثين فيها أن النبي (ص) قال له: لايبغضك إلا منافق ولا يحبك إلا مؤمن). (البحار:٣٩/٢٩٤)

*  *  *

٢٧٢

الأسئلة

١ ـ صحت الأحاديث عندكم أن علياً (عليه السلام) كان في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ميزاناً من الله تعالى للإسلام والكفر والإيمان والنفاق، فهل انتهى مفعول هذا الميزان الشرعي بمجرد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!

٢ ـ هل توجد درجة وسط بين حب علي (عليه السلام) وبغضه؟ ولماذا لم يبينها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويبين حكمها للمسلمين؟!

٣ ـ هل الذين استغلوا انشغال علي (عليه السلام) تجهيز جنازة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يدْعوه إلى السقيفة، ثم هاجموا داره ليجبروه على بيعتهم، كانوا محبين له؟!

٤ ـ هل الذين رفضوا بيعة علي (عليه السلام) بعد عثمان، أو نكثوا بيعته وخرجوا عليه وحاربوه، كانوا محبين له أم مبغضين؟!

٥- هل تختبرون إسلامكن وإيمانكم بحب علي (عليه السلام) أو بغضه؟!

٦- هل يمكنك أن تحب شخصاً وتحب مبغضيه ومحاربيه وقاتليه؟!

 

*  *  *

٢٧٣

المســألة: ٦٩
شهدوا أن أكثر الصحابة في النار لاتشملهم الشفاعة!

فقد رووا في أصح صحاحهم أن الصحابة من أهل النار ولاينجو منهم إلا مثل همل النعم! وهمل النعم: ما ينفرد عن القطيع، ومعناه أن قطيع الصحابة في النار، والمنفرد عنهم الخارج عن قطيعهم في الجنة!

في البخاري:٧/٢٠٨: (عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلمَّ فقلت أين؟ قال إلى النار والله! قلت وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى! ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم! قلت أين؟ قال: إلى النار والله! قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى! فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم)!!

وقد صرحت الرواية الآتية للبخاري بأن هؤلاء المطرودين عن الحوض من الصحابة، وفسرها شراحه بالصحابة!

(وروى شبيهاً به في:٧/١٩٥ و٢٠٧ـ٢١٠ وص٨٤ و٨٧ و:٨/٨٦ و٨٧، ونحوه مسلم:١/١٥٠ و:٧/٦٦ وابن ماجة:٢/١٤٤٠ وأحمد:٢/٢٥ و٤٠٨ و:٣/٢٨ و:٥/٢١ و٢٤ و٥٠ و:٦/١٦، والبيهقي في سننه:٤/ ١٤، ونقل رواياته المتعددة في كنز العمال:١٣/١٥٧و:١٤/٤٨ و:١٥/٦٤٧ وقال رواه (مالك والشافعي حم م ن ـ عن أبي هريرة) انتهى.

وفي البخاري:٢/٩٧٥: (عن ابن المسيب أن النبي (ص) قال: يرد على الحوض رجالٌ من أصحابي فيحلؤون عنه فأقول يارب أصحابي!

٢٧٤

فيقول: فإنه لاعلم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى)! (وشبيه به في: ٨/٨٦)

وفي مسلم:١/١٥٠: (عن أبي هريره قال قال رسول الله (ص): ترد علي أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه، قالوا يا نبي الله أتعرفنا؟ قال: نعم تردون عليَّ غراً محجلين من آثار الوضوء. ولَيُصَدَّ عني طائفةٌ منكم فلايصلون فأقول يارب هؤلاء من أصحابي؟! فيجيبني ملكٌ فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟!).

وفي مسلم:٧/٧٠: (عن أبي هريره أن النبي (ص) قال: لأذودن عن حوضي رجالاً كما تذاد الغريبة من الإبل). (ورواه أحمد:٢/٢٩٨، المسند الجامع تحقيق د. عواد:٣/٣٤٣ و:٥/١٣٥ و١٨ /٤٧١، والبيهقي في البعث والنشور ص١٢٥ ومجمع الزوائد:١٠/٦٦٥)

وروى مسلم:٢/٣٦٩، وأحمد:٥/٣٩٠: (عن عمار بن ياسر قال: أخبرني حذيفة عن النبي (ص) قال: في أصحابي إثنا عشر منافقاً، منهم ثمانيةٌ لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط)! انتهى

وقال المفيد في الإفصاح ص٥٠: (وقال (النبي) عليه السلام: أيها الناس بينا أنا على الحوض إذ مُر بكم زمراً فتفرق بكم الطرق فأناديكم: ألا هلموا إلى الطريق، فيناديني مناد من ورائي: إنهم بدلوا بعدك، فأقول: ألا سحقاً، ألا سحقاً(١).

وقال عليه السلام: (ما بال أقوام يقولون إن رحم رسول الله لاتنفع يوم القيامة! بلى والله إن رحمي لموصولةٌ في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرطكم على الحوض، فإذا جئتم قال الرجل منكم يارسول الله أنا فلانٌ بن فلان، وقال الآخر:

(١) مسند أحمد: ٦/ ٢٩٧، ومسند أبي يعلى: ١١/ ٣٨٧).

٢٧٥

أنا فلانٌ بن فلان فأقول: أما النسب فقد عرفته، ولكنكم أحدثتم بعدي فارتددتم القهقرى)(١).

وقال عليه السلام، وقد ذكر عنده الدجال: أنا لفتنة بعضكم أخوف مني لفتنة الدجال(٢). وقال عليه السلام: إن من أصحابي من لا يراني بعد أن يفارقني.(٣).

في أحاديث من هذا الجنس يطول شرحها، وأمرها في الكتب عند أصحاب الحديث أشهر من أن يحتاج فيه إلى برهان.

على أن كتاب الله عز وجل شاهد بما ذكرناه، ولو لم يأت حديث فيه لكفى في بيان ماوصفناه. قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (سورة آل عمران: ١٤٤)

فأخبر تعالى عن ردتهم بعد نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) على القطع والثبات!

(١) مسند أحمد: ٣: ١٨ و٦٢ قطعة منه.

(٢) كنز العمال: ١٤/ ٣٢٢ / ٢٨٨١٢.

(٣) مسند أحمد: ٦/ ٣٠٧.

 

*  *  *

الأسئلة

١ ـ كيف تتعقلون أن الله تعالى أمرنا أو أجاز لنا أن نأخذ ديننا من الصحابة الذين شهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن أكثريتهم الساحقة من أهل النار؟!

٢ ـ مادامت أكثرية الصحابة في النار، فالقاعدة تقتضي أن يكون الأصل في

٢٧٦

الصحابي الفسق وعدم العدالة، حتى يثبت أنه من أهل الجنة. فكيف صار الصحابة كلهم عدولاً؟!

٣ ـ عندما يخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمته أن أكثر أصحابه من أهل النار، فلا بد أن يعين لها ميزاناً لمعرفة الصالح والفاسق منهم، فما هو الميزان؟

٤ ـ ما هي النسبة بين أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه في الصحابة، وبين الآيات التي تستدلون فيها على مدحهم وأنهم من أهل الجنة. فلمذا لاتكون هذه الأحاديث مخصصة لتلك الآيات، ومفسرة لها؟

٥ ـ ما هي النسبة بين هذه الأحاديث القطعية في الصحابة، وبين الأحاديث التي تعارضها، وتشهد لهم جميعاً أو لأكثرهم بالصلاح والجنة؟!

المســألة: ٧٠
أحاديثهم الصحيحة في مقام فاطمة الزهراء (عليها السلام) يوم القيامة

فقد رووا أحاديث صحيحة تدل على مقامها العظيم ومكانتها (عليها السلام) ، وأنها سيدة نساء أهل الجنة، وأنها تعبر المحشر في موكب خاص، ويأمر الله الخلائق أن يحنو رؤوسهم احتراماً وإجلالاً لها!

ففي كشف الخفاء للعجلوني:١/٩٦: (٢٦٣ ـ إذا كان يوم القيامة نادى مناد من وراء الحجب يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمد (ص) ورضي عنها حتى تمر). رواه الحاكم عن علي ورواه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن

٢٧٧

أبي هريرة بلفظ: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش يا أهل الجمع نكسوا رؤوسكم وغضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة إلى الجنة).

وفي تاريخ بغداد:٨/١٣٦: (أنبأنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن الحسن القاضي الشافعي، حدثنا أحمد بن سلمان، حدثنا حسين بن معاذ بن أخ عبدالله بن عبد الوهاب الحجبي، حدثنا شاذ بن فياض، عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله (ص): إذا كان يوم القيامة نادى مناديامعشر الخلائق طأطئوا رؤسكم حتى تجوز فاطمة بنت محمد).

وفي سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي:١١/٥٠: (روى تمام في الفوائد والحاكم والطبراني عن علي، وأبو بكر الشافعي عن أبي هريرة، وتمام عن أبي أيوب أبو الحسين بن بشران، والخطيب عن عائشة والأزدي عن أبي سعيد بأسانيد ضعيفة، إذا ضم بعضها إلى بعض أفاد القبول، أن رسول الله (ص) قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش أيها الناس، وفي لفظ:يا أهل الجمع غضوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة بنت محمد إلى الجنة. وفي لفظ: حتى تمر على الصراط، فتمر وعليها ريطتان خضراوان). انتهى.

وتدل بعض الأحاديث على أن هذا المشهد قبل أن يفرغ أهل المحشر من الحساب، ولذا تكون فاطمة أول شخص تدخل الجنة مقدمة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

ففي كنز العمال:١٢/١١٠: (أول شخص يدخل الجنة فاطمة بنت محمد، ومثلها في هذه الأمة مثل مريم في

٢٧٨

بني إسرائيل). (أبو الحسن أحمد بن ميمون في كتاب فضائل علي، والرافعي عن بدل بن المحبر عن عبد السلام بن عجلان عن أبي يزيد المدني).

وفي ميزان الإعتدال للذهبي:٢/٦١٨: (عن عبد السلام بن عجلان عن أبي يزيد المدني، عن أبي هريرة قال رسول الله: أول شخص يدخل الجنة فاطمة. أخرجه أبو صالح المؤذن في مناقب فاطمة). انتهى. (اللمعة البيضاءص٥٥: عن مقتل الحسين للخوارزمي:٥٦، والفردوس:١/٣٨ح٨١، ونظم درر السمطين:ص١٨٠، والخصائص الكبرى للسيوطي:٢/٢٢٥، ومسند فاطمة الزهراء: ص٥٢ ح١١٤، ومناقب ابن شهر آشوب).

وفي أمالي الصدوق ص٦٩: (حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن عبد الواحد الخزاز قال: حدثني إسماعيل بن علي السندي، عن منيع بن الحجاج، عن عيسى بن موسى، عن جعفر الأحمر، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا كان يوم القيامة تقبل ابنتي فاطمة على ناقة من نوق الجنة مدبجة الجنبين، خطامها من لؤلؤ رطب، قوائمها من الزمرد الأخضر، ذنبها من المسك الأذفر، عيناها ياقوتتان حمراوان، عليها قبة من نور يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، داخلها عفو الله، وخارجها رحمة الله، على رأسها تاج من نور، للتاج سبعون ركناً، كل ركن مرصع بالدر والياقوت، يضئ كما يضئ الكوكب الدري في أفق السماء، وعن يمينها سبعون ألف ملك، وعن شمالها سبعون ألف ملك، وجبرئيل آخذ بخطام الناقة ينادي بأعلى صوته: غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد….). انتهى.

 

*  *  *

٢٧٩

الأسئلة

١ ـ هل رويتم حديثاً واحداً عن مقام عائشة وحسابها في المحشر؟

٢ ـ ما دامت هذه مكانة فاطمة (عليها السلام) عند الله تعالى،فكيف تقولون إنها أخطأت بمطالبتها بإرثها من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإن أبا بكر أصاب بردها ومصادرة إرثها؟!

٣ ـ ما دامت هذه مكانة فاطمة (عليها السلام) عند الله تعالى، فلا بد أن تقولوا إن غضبها على أبي بكر وعمر وعدم بيعتها له، كانت حقاً، ولم تكن ذنباً ومعصية توجب نقص مقامها!

٤ ـ روينا أن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، واعتقادنا أن فاطمة تعرف إمام زمانها وهو علي (عليه السلام).

ورويتم أن من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، وفي اعتقادكم أن إمام زمان فاطمة (عليها السلام) أبو بكر وأنها غضبت عليه ولم تبايعه، فهل تختارون أن إمامته غير صحيحة، أو أن فاطمة ـ والعياذ بالله ـ ماتت ميتة جاهلية؟!

شاهد أيضاً

أوائل المقالات في المذاهب والمختارات – للشيخ المفيد

أوائل المقالات في المذاهب والمختارات / الصفحات: ٣٦١ – ٣٨٠ إمكان الفصل بين الإرادة والمراد ...