أبناء الرسول صلى الله عليه وأله في كربلاء
يومين مضت
الاسلام والحياة
23 زيارة
* جوادا: لم يكن يبقى من ماله شيئا.. لا يعرف مكروبا إلا فرج كربته، ولا غارما إلا قضى دينه..
* سيدا: لا يعرف الدنية ولا يقبلها، ولا يعرف السوء طريقا إلى لسانه ومقاله..
يقول (محمد ابن إسحاق):
(ما رأيت أحدا كان إذا تحدث تمنيت ألا يسكت، مثل الحسن بن علي.. وما سمعت منه كلمة سوء قط.. وإن أشد كلمة سمعتها منه، هي تلك التي قالها حين وقعت خصومة بينه وبين عمرو بن عثمان، فقال الحسن: ليس له عندنا إلا ما رغم أنفه.. تلك أشد كلمة سمعته بقولها)…!!
ولقد تحدث – رضي الله عنه – راسما للناس صورة المؤمن المثالي الرشيد، فقال:
(إنه من تصغر في عينه ويخرج على سلطان بطنه وفرجه، وجهله..
لا يسخط ولا يتبرم..
إذا جالس العلماء، كان على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم.. وإذا غلب على الكلام، لم يغلب على الصمت..
لا يشارك في ادعاه.. ولا يدخل في مراء..
لا يغفل عن إخوانه، ولا يختص نفسه بخير دونهم.
وإذا تردد بين أمرين، لا يدري أيهما أقرب إلى الحق. نظر أيهما أقرب من هواه، فخالفه واتقاه)..!!
هذه خلاصة لدستور ومنهاج نفسه، أفلا يكون قرير العين إذن بهذا السلام الذي سيوفر له فرصة العكوف على فضائله ومزاياه ينميها
(٥٨)
ويزكيها..؟! بلى.. ولقد استقر وأخوه وآل بيتهما بمدينة رسول الله..
ولم تكد تنزاح عن الناس في شتى الأقطار غمرات ما كانوا فيه من خلاف صراع، حتى راحت أرواحهم تهفو نحو المدينة، وخواطرهم تطوف من قريب وبعيد حول ريحانتي رسول الله..
ومع مرور الأيام، كان تطلع المسلمين إلى المدينة بما فيها من هدئ ونور يفوق تطلعهم إلى دمشق رغم ما فيها من دنيا وإغراء..!!
وراحت مجالسهم وندواتهم في كل بلد تردد ما نقله الثقات من أصحاب الرسول عن حبه لابنيه (الحسن، والحسين).
كان الناس يسمعون ويتناقلون أنباء هذا الحب العظيم الذي أضفاه عليهما جدهما النبي، فتكاد أفئدتهم تطير شوقا إليهما.. حتى بعض أولئك الذين ناصبوهما من قبل العداء.
وراح المسلمون يرددون تلك الأحاديث التي تصور قدرهما، والتي حباهما الرسول بها كثيرا:
(الحسن، والحسين سيدا شباب أهل الجنة، بعد عيسى ويحيى)..
هذان ابناي.. وابنا ابنتي.. اللهم إني أحبهما فأحبهما، وأحب من يحبهما.
(اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرا).
(الحسن، والحسين ريحانتاي من الدنيا).
(حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا)..
وهكذا استولى على الناس ولع نبيل، بتتبع أنباء حياتهما = مذ أهلا على الحياة..!
(٥٩)
كيف اختار الرسول بنفسه أسميهما..؟ كيف كان يداعبهما..؟
كيف كان يحزن كان يحزن أن يسمع بكاءهما..؟
وراحت الوفود من كل مصر تشد رحالها إلى المدينة لتلقى بها ابني رسول الله وأحب الناس إليه، ولترتشف من حكمة (الحسن) الذي عكف على إلقاء الدروس والعظات بمسجد الرسول..
وكانت حلقات درسه غاية في الجلال والمهابة..
وصفها معاوية نفسه فقال:
” إذا دخلت مسجد رسول الله، فرأيت حلقة فيها قوم كأن على رؤوسهم الطير، فتلك حلقة أبي عبد الله الحسين)…!!
كذلك أخذ الشاكون من ظلم ولاة معاوية واستهتارهم، يغذون السير إلى المدينة حاملين شكواهم إلى ” الحسن والحسين) فيدعوان الناس للصبر، ويرسلان لمعاوية بالنصح..
ترى، هل سيصبر بيت أبي سفيان على هذه المكانة المتصاعدة دوما في قلوب الناس للحسن وأخيه وأهل بيته..؟؟
كلا.. وذات يوم، دس للإمام الحسن السم في الطعام..!!
ويمسك التاريخ في هذه الجريمة الدنيئة، بإحدى زوجاته وهي جعدة بنت الأشعث بن قيس – كما يمسك بأصابع الغدر الأموي… ومن عجب أن الأشعث بن قيس، والد جعدة -، كان من أبرز الأموي.. ومن عجب أن الأشعث بن قيس، والد جعدة -، كان من أبرز أنصار الإمام علي.. ثم كانت له أثناء خدعة التحكيم وبعدها مواقف مشبوهة، ومحاولات مريبة.. كانت سببا في أكثر ما نزل بالإمام يومها من آلام وأخطار..!!
(٦٠)
2025-07-11