الرئيسية / من / طرائف الحكم / الأربعون حديثاً في المهدي / الصفحات: ١ – ٢٠

الأربعون حديثاً في المهدي / الصفحات: ١ – ٢٠

{sitename}

الأربعون حديثاً في المهدي / الصفحات: ١ – ٢٠

الصفحات: ١ – ٣ فارغة
[image] - مركز الأبحاث العقائدية

الإهـداء..

إلى مَنْ زرع ولم يحصد ثمار زرعه..

إلى مَنْ سهر على راحتنا ولم يجد من يسهر على راحته..

إلى مَن استسلم للمنيّة وعيناه على الدرب..

إلى والدي مع الدعاء له بالرحمة والمغفرة والرضوان..

وإلى التي شَرِبَتْ حبّ الوصيّ وغذّتنيه باللبنِ..

إلى أُمّي العـزيزة..

أُهدي هذا الجهد المتواضـع.

ابنكم علي

٤

٥

مقـدّمة التحقيـق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمـد لله الذي أضاء الأرض والسماء بنور النبـوّة المحمّـدية، وزيّنهما بنجوم أهل بيته الأطهار، حجج الله الأبرار، الأئمّـة المعصومين الأخيار، من وُلد فاطمـة وعليّ الكـرّار (عليهم السلام).

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمّـد بن عبـد الله الصـادق الأميـن (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعلى آلـه الطـيّـبين الطـاهرين، ولا سـيّما بقـيّة الله في الأرضين، الحجّة بن الحسـن العسكري، المهديّ المنتظر (عليه السلام).

أمّـا بعـد..

ممّا لا شكّ فيه أنّ حديث الـثِّـقْـلَين ” إنّي قد تركت فيكم ما إنْ تمسّـكتم به لن تضلّوا بعدي ; الـثِّـقْـلَين، وأحدهما أكبر من الآخر ; كتاب الله حبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي

٦
أهلُ بيتي، ألا وإنّـهما لن يفترقا حتّى يَـرِدا علَيَّ الحوض “(١)

١- مسند أحمد ٣ / ١٤ و ١٧ و ٢٦ و ٥٩ و ج ٤ / ٣٦٧ و ٣٧١، فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ١ / ٢١١ ح ١٧٠ و ج ٢ / ٧٠٨ ح ٩٦٨ و ص ٧٢٣ ح ٩٩٠ و ص ٧٤٧ ح ١٠٣٢ و ص ٩٧٨ ح ١٣٨٢ و ١٣٨٣ و ص ٩٨٨ ح ١٤٠٣.

وانظر: الجمع بين الصحيحين ـ للحميدي ـ ١ / ٥١٥ ح ٨٤١، سنن الترمذي ٥ / ٦٢١ ـ ٦٢٢ ح ٣٧٨٦ و ٣٧٨٨، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ٤٥ ح ٨١٤٨ و ص ١٣٠ ح ٨٤٦٤، سنن الدارمي ٢ / ٢٩٢ ح ٣٣١١، مسند البزّار ٣ / ٨٩ ح ٨٦٤، مسند أبي يعلى ٢ / ٢٩٧ ح ١٠٢١ و ص ٣٠٣ ح ١٠٢٧ و ص ٣٧٦ ح ١١٤٠، المعجم الكبير ٣ / ٦٥ ـ ٦٧ ح ٢٦٧٨ ـ ٢٦٨٣ و ج ٥ / ١٦٦ ـ ١٦٧ ح ٤٩٦٩ ـ ٤٩٧١ و ص ١٦٩ ـ ١٧٠ ح ٤٩٨٠ ـ ٤٩٨٢، المعجم الأوسط ٤ / ٨١ ح ٣٤٣٩ و ص ١٥٥ ح ٣٥٤٢، المعجم الصغير ١ / ١٣١ و ١٣٥، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٤١٨ ح ٤١، مسند عبـد بن حميد: ١١٤ ح ٢٦٥، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٢ / ١٥٠، المنمّـق: ٢٥، السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ: ٣٣٧ ح ٧٥٣ و ص ٦٢٩ ـ ٦٣١ ح ١٥٤٨ ـ ١٥٥٨، صحيح ابن خزيمة ٤ / ٦٢ ـ ٦٣ ح ٢٣٥٧، أنساب الأشراف ٢ / ٣٥٧، الجعديات ٢ / ٣٠٢ ح ٢٧٢٢، نوادر الأُصول ١ / ١٦٣، الذرّيّة الطاهرة: ١٦٨ ح ٢٢٨، جواهر العقدين: ٢٣٨، المسـتدرك على الصحيحين ٣ / ١١٨ ح ٤٥٧٦ و ٤٥٧٧ و ص ١٦٠ ـ ١٦١ ح ٤٧١١، حـلـيـة الأولـيـاء ١ / ٣٥٥ رقـم ٥٧، السـنـن الـكـبـرى ـ للبيـهقي ـ ٢ / ١٤٨ و ج ٧ / ٣٠ و ج ١٠ / ١١٤، الاعتقـاد على مذهب السلف ـ للبيهقي ـ: ١٨٥، تاريخ بغداد ٨ / ٤٤٢ رقم ٤٥٥١ واقتصر فيه على ذِكر الـثِّـقْـل الأوّل وأسـقط الـثِّـقْـل الثـاني فلـم يذكـره!!، منـاقـب الإمـام عليّ (عليه السلام)ـ لابن المغازلي ـ: ٢١٤ ـ ٢١٥ ح ٢٨١ ـ ٢٨٤، فردوس الأخبار ١ / ٥٣ ـ ٥٤ ح ١٩٧، مصابيح السُـنّة ٤ / ١٨٥ ح ٤٨٠٠ و ص ١٨٩ ح ٤٨١٥، الشفا بتعريف حـقوق المصطـفى ٢ / ٤٧، تاريخ دمشق ٤٢ / ٢١٩ ـ ٢٢٠، كنز العمّـال ١ / ١٨٥ ـ ١٨٧ ح ٩٤٣ ـ ٩٥٣ و ج ١٣ / ١٠٤ ح ٣٦٣٤٠ و ٣٦٣٤١.

والحديث أخرجه أبو داود في سـننه ٤ / ٢٩٥ ح ٤٩٧٣، إلاّ أنّ يد الخيانة والتحريف حذفته ولم تذكر من الحديث إلاّ قوله: ” أمّا بعـد “! والحديث موجود في طبعة مطبعة السعادة بالقاهرة سـنة ١٣٦٩ هـ برقم ٤٩٧٣، كما أشار إليه محقّق كـتاب ” المنتخب من مسـند عبـد بن حميـد “، في الصفحة ١١٤ هامش الحديث ٢٦٥ ; فلاحـظ!

٧

المرويّ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ والوارد من طرق الفريقيـن ـ بالتواتر ممّـا لا يقبل التشكيك فيه ولو بنسـبة الواحد من المليون، يحتوي على معان عظيمة وكبيرة.

وفي هذه المقدّمة البسيطة نحاول أن نسلّط الضوء على إحدى هذه المعاني العظيمة والتي هي مورد البحث والتمحيص في هذه الرسالة والدالّة على وجود الإمام المهديّ (عليه السلام) وبقائه طول هذه المـدّة.

فلو رجعنا إلى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ” إنّي تارك فيكم الـثِّـقْـلَين ” أي: إنّي مخلّف لكم وتارك لكم شـيئين عظيمين، وفي بعض الروايات: ” تارك فيكم خليفتين “(١)، والخطاب هنا إلى الأُمّة جمعاء، من يومهم ذاك إلى قيام الساعة ” ما إنْ تمسّـكتم بهما ” أي: تمسّكتم بهذين الشـيئين العظيمين وجعلتموهما نصب أعينكم ” لن تضلّوا بعدي أبداً ” أي: سوف لن تتيهوا في الأرض، ولن يحيد أحدكم عن الطريق الصحيح المؤدّي إلى الله عزّ وجلّ، وهنا كلمة ” أبداً ” يراد بها اسـتمرارية الشيء وديمومته إلى قيام يوم الساعة.

ثمّ إنّ تأبيد عدم الضلال موقوف على تأبيد ما يتمسّك به، فلو

١- ينـابيـع المـودّة ١ / ١٠٥ ح ٢٥ عـن تفسـير الثعـلبـي، مسـند أحمـد ٥ / ١٨٢ و ١٨٩.

٨

أتينا إلى الـثِّـقْـل الأوّل، ألا وهو كتاب الله، لوجدنا أنّه هو الكتاب المنزل المحفوظ منذ نزوله إلى يومنا هذا، وسـيبقى كذلك إلى يوم يبعثون، من دون أيّ تغيير أو تحريف، بدليل الآيات والروايات الكثيرة التي وردت بشأن حفظ القرآن، نذكر منها:

[image] - مركز الأبحاث العقائدية  قوله تعالى: { وإنّه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد }(١).

[image] - مركز الأبحاث العقائدية  وقوله تعالى: { إنّـا نحن نـزّلنا الـذِّكر وإنّـا له لحافظون }(٢).

[image] - مركز الأبحاث العقائدية  وقوله تعالى: { إنّ علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتّبع قرآنـه * ثمّ إنّ علينا بيانـه }(٣).

[image] - مركز الأبحاث العقائدية  وقوله تعالى: { ذلك الكـتاب لا ريب فيه هدىًللمتّـقين }(٤).

ولا يخفى أنّه لو كان فيه أيّ تحريف أو تبديل أو زيادة أونقصان لسقطت عنه المصداقية، ولكان محلاًّ للشكّ والظنّ، ولَما أصبح هدىً للمتّـقين، بل كان طريقاً إلى ضلالتهم، معاذ الله.

ومنها:

[image] - مركز الأبحاث العقائدية  قول الإمام الصادق جعفر بن محمّـد عليهما السلام، عندما سُئل: ما

١- سورة فصّلت ٤١: ٤١ ـ ٤٢.

٢- سورة الحجر ١٥: ٩.

٣- سورة القيامة ٧٥: ١٧ ـ ١٩.

٤- سورة البقرة ٢: ٢.

٩

تقول في القرآن؟

قال: ” هو كلام الله، وقول الله، وكـتاب الله، ووحي الله وتنزيله، وهـو الكـتاب العزيـز الذي لا يأتيه الباطل مـن بين يديـه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميـد “(١).

[image] - مركز الأبحاث العقائدية  وقول الإمام الرضا عليّ بن موسى (عليه السلام) أيضاً عندما سُـئل: ما تقـول في القرآن؟

فقال: ” كلام الله لا تتجاوزوه، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّـوا “(٢).

وقوله (عليه السلام) أيضاً: ” إنّ محض الإسلام: شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له… وأنّ محمّـداً عبـده ورسوله، وأمينه، وصفيّه، وصفوته من خلقه، وسـيّد المرسلين، وخاتم النبيّين، وأفضل العالمين، لا نبيّ بعده، ولا تبديل لملّته، ولا تغيير لشريعته، وأنّ جميع ما جاء به محمّـد بن عبـد الله هو الحقّ المبين، والتصديق به وبجميع مَن مضى قبله مِن رسل الله وأنبـيائه وحجـجه، والتصديق بكـتابه الصـادق العزيز، الذي { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد }، وأنّه المهيمن على الكـتب كلّها، وأنّه حقٌّ مِن فاتحته إلى خاتمته، نؤمن بمحكمه ومتشابهه، وخاصّه وعامّه، ووعده ووعيده، وناسخه

١- التوحيد: ٢٢٤ ح ٣، الأمالي ـ للصدوق ـ: ٦٣٨ ـ ٦٣٩ ح ٨٦١.

٢- التوحيد: ٢٢٣ ـ ٢٢٤ ح ٢، الأمالي ـ للصدوق ـ: ٦٣٩ ح ٨٦٣.

١٠

ومنسوخه، وقصصه وأخباره، لا يقدر أحدٌ من المخلوقين أن يأتي بمثله “(١).

[image] - مركز الأبحاث العقائدية  وفي الخطبة رقم ١ من الخطب الواردة في ” نهج البلاغة “، قال الإمام أمير المؤمنين عليٌّ (عليه السلام): ” كـتاب ربّـكم فيكم، مبيّناً حلاله وحرامه، وفرائضه وفضائله، وناسخه ومنسوخه، ورخصه وعزائمه، وخاصّه وعامّه، وعبره وأمثاله، ومرسَله ومحدوده، ومحكمه ومتشابهه، مفسّراً مجمله، ومبيّناً غوامضه، بين مأخوذ ميثاق في علمه، وموسّع على العباد في جهله، وبين مثبت في الكـتاب فرضه، ومعلوم في السُـنّة نسخه، ومرخّص في الكـتاب تركه، وبين واجب بوقته، وزائل في مسـتقبله، ومباين بين محارمه، من كبير أوعد عليه نيرانه، أو صغير أرصد له غفرانه، وبين مقبوله في أدناه، موسّع في أقصاه “(٢).

بدلالة هذه الآيات والروايات تكون نفوسنا قد اطمأنّت إلى أنّ الـثِّـقْـلَ الأوّل هو هذا الكـتاب الذي بين أيدينا، من دون أيّ تحريف أو نقص أو زيادة، والتمسّك به حقّـاً يهدينا إلى الصراط المسـتقيم، صراط الـثِّـقْـل الثاني، الّـذين أنعم الله عليهم.

والـثِّـقْـل الآخر، المتمثّل بعترة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام)، الّذين قَرَنَهم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بكـتاب الله عزّ وجلّ، فيجب أن تكون لهم

١- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ٢ / ١٢٩.

٢- نهج البلاغة: ٤٤ الخطبة رقم ١.

١١

اسـتمرارية الوجود، حتّى يكونوا مصداق كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وليتسـنّى للأُمّة التمسّك بهم، كما هو الحال في الـثِّـقْـل الأوّل، ولو لم يكن لهذا الـثِّـقْـل وجود مسـتمرّ إلى يومنا هذا وحتّى قيام الساعة، لانتفى معنى كلام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بشهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، الذي هو أحد العترة الطاهرة، وبشهادة الإمام العسكري (عليه السلام) يسقط الـثِّـقْـل الآخر، وبسقوط أحد الـثِّـقْـلَين لا يبقى أيّ معنىً للحديث، من حيث اقتران الـثِّـقْـلَين أحدهما بالآخر، ومن حيث ديمومتهما إلى قيام يـوم السـاعة، وهـذا مناف أيضـاً لقولـه تعـالى: { وما ينطق عـن الهـوى * إنْ هـو إلاّ وحـيٌ يوحـى }(١)أي: أنّ كـلام النبـيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) هو ككلام الله، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفـه.

علاوة على أنّ هناك روايات كـثيرة تدلّ على وجود الحجّـة، وعلى عـدم خلـوّ الأرض مـن إمـام، وأنّ مـن مـات بلا إمام مات ميتـةً جاهليّة، ونحو ذلك، فتكون أصلا للدين ألبتّـة.

منهـا: روايـة مسـلم، عـن ابـن عمر، قـال: سـمعترسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ” مَن خلع يداً مِن طاعة لقيَ الله يوم القيامـة لا حجّـة له، ومَن مات وليـس في عنقه بيعة مـات ميتـةً جاهليّـة “(٢).

١- سورة النجم ٥٣: ٣ و ٤.

٢- صحيح مسلم ٦ / ٢٢، وانظر: التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٥ / ٢٠٥، مسند أبي عوانة ٤ / ٤١٦ ح ٧١٥٣ ٧١٥٧، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٨ / ١٥٦، مصابيح السُـنّة ٣ / ٩ ح ٢٧٦٥، مشكاة المصابيح ٢ / ٣٣٥ رقم ٣٦٧٤.

١٢

وعن مسلم أيضاً، والبخاري، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: ” مَن كره مِن أميره شـيئاً فليصبر عليه، فإنّه مَن خرج مِن السلطان شـبراً مات ميتةً جاهليّـة “(١).

ورواية أحمد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ” مَن مات بغير إمام مات ميتةً جاهليّـة “(٢).

.. إلى نحو ذلك ممّـا لا يحصى.

ومنها: الروايات التي وردت من طرقنا الخاصّة بعدم خلوّ الأرض من حجّـة إلى قيام يوم الساعة..

كرواية الشـيخ النعماني ـ صاحب كتاب ” الغَيبة ” ـ، عن المفضّل بن عمر، قال: ” قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام)قال على منبر الكوفـة: إنّ من ورائكم فتناً مظلمـة، عمياء منكسفة، لا ينجو منها إلاّ النومـة.

١- صحيح مسلم ٦ / ٢١، صحيح البخاري ٩ / ٨٤ ح ٥ و ٦ و ص ١١٣ ح ٧، وانظر: سـنن الدارمي ٢ / ١٦٦ ١٦٧ ح ٢٥١٥، مسـند أحمـد ١ / ٢٧٥ و ٢٩٧ و ٣١٠، المعجم الكبير ١٢ / ١٢٤ ح ١٢٧٥٩، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٨ / ١٥٧، شرح السُـنّة ٦ / ٣٨ ح ٢٤٥٨.

٢- مسـند أحمد ٤ / ٩٦.

وانظر: مسند أبي يعلى ١٣ / ٣٦٦ ح ٧٣٧٥، المعجم الكبير ١٩ / ٣٨٨ ح ٩١٠، المعجم الأوسط ٦ / ١٢٨ ح ٥٨٢٠، مسند الشاميّين ـ للطبراني ـ ٢ / ٤٣٧ ـ ٤٣٨ ح ١٦٥٤، مسند الطيالسي: ٢٥٩ ح ١٩١٣، السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ: ٤٨٩ ح ١٠٥٧، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٧ / ٤٩ ح ٤٥٥٤، حلية الأولياء ٣ / ٢٢٤ وقال: ” هذا حديث صحيح ثابت “.

١٣

قيل: يا أمير المؤمنين! وما النومة؟

قال: الذي يعـرف الناس ولا يعرفونـه ; واعلمـوا أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله عزّ وجلّ، ولكنّ الله سـيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم، ولو خلت الأرض ساعة واحدة من حجّـة لله لسـاخت بأهلها، ولكنّ الحجّـة يعرف الناس ولا يعرفونه، كما كان يوسف يعرف الناس وهم له منكرون، ثمّ تلا: { يَا حَسْرَةً على العِبادِ ما يَأتيهم من رَسول إلاّ كانوا به يسـتهزئون }(١) “(٢).

ورواية الخزّاز القمّي الرازي ـ صاحب ” كفاية الأثر ” ـ، عن محمّـد بن عثمـان الـعَـمْـري، عن أبيـه، يقول: ” سُـئل أبو محمّـد الحسـن بن عليّ (عليه السلام) ـ وأنا عنده ـ عن الخبر الذي رويَ عن آبائه، أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله على خلقه إلى يوم القيامة، وأنّ مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.

فقال (عليه السلام): إنّ هذا حقٌّ كما إنّ النهار حـقّ.

فقيل له: يا بن رسول الله! فمَن الحجّـة والإمام بعدك؟

قـال: ابني محمّـد هـو الإمـام والحجّـة بعـدي، مَـن مـات ولم يعـرفه مات ميتـةً جاهليـة، أمَا إنّ له غَيبة يحار فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون، ويكـذِّب فيها الوقّـاتون،

١- سورة يس ٣٦: ٣٠.

٢- الغَـيبة ـ للنعماني ـ: ١٤٣ باب ١٠ ح ٢.

١٤

ثمّ يخرج، فكأنّي أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفـة “(١).

وروى الشيخ الصدوق في ” كمال الدين وتمام النعمة “، عن صـفوان بن يحيـى، عـن أبي الحسـن الأوّل ـ يعنـي: موسـى بن جعفر (عليه السلام) ـ، قال: ” ما ترك الله عزّ وجلّ الأرض بغير إمام قـطّ منذ قبض آدم (عليه السلام) يهتدي به إلى الله عزّ وجلّ، وهو الحجّة على العباد، مَن تركه ضلّ، ومَن لزمه نجا، حقّاً على الله عزّ وجلّ “(٢).

.. إلى نحو ذلك ممّا لا يحصى.

وبما أنّـنا على يقين بأنّ الدين الإسلامي هو خاتمة الأديان السماوية ولا ننتظر ديناً آخر غيره لإصلاح البشر، وبعدما انتشر الفساد في العالم بشكل كبير حتّى لم يبقَ للعدل والصلاح أيّ مكان في هذا العالم الرحـب الكبير، وأنّ الدول الإسلامية باتت لا تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية ولو بالجزء اليسـير منه، كان لزاماً علينا أن ننتظر الفرج بعودة الدين الإسلامي إلى ما كانه عليه زمن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، من قوّة ومتانة، بحيث يتمكّن من إصلاح ما فسد وإخراج البشرية من غطرسة الظلم والفساد إلى دوحـة العدل والإصلاح.

١- كفاية الأثر: ٢٩٦ باب ما جاء عن أبي محمّـد الحسن بن عليّ (عليه السلام)، ونحوه في: كمال الدين وتمام النعمة ٢ / ٤٠٩ باب ٣٨ ح ٩.

٢- كمال الدين وتمام النعمة ١ / ٢٢١ ح ٢.

١٥

وبما أنّ الدين الإسلامي لا يمكن له أن يعود كما كان بقوّته وسـيطرته وبسط نفوذه إلاّ إذا كان على رأسه مصلح عظيم يلمّ شـتات الأُمّة ويجمع كلمتهم، ويردّ عن الدين كلّ أباطيل المبطلين، ويمحو كلّ البدع والضلالات التي أُلحقت به، وذلك بالألطاف الإلهية والعناية الربّانية التي تسـدّده وتجعل منه منقذاً لهذه الأُمّة وهادياً لها إلى الصراط المسـتقيم، له الرئاسة المطلقة والمنزلة العظمى والقدرة الجبّارة لينشر العدل في الأرض بعـدما عمّ الظلم والفساد أرجاءها.

إذاً، فالبشارة بظهور المهديّ من وُلد فاطمة (عليها السلام)، وآخر ركن من أركان الـثِّـقْـل الثاني في آخر الزمان، ليمـلأ الأرض قسطاً وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجوراً، ثابتةٌ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد سجّلتها أقلام العلماء والحفّاظ والمفسّرين على اختلاف مشاربهم، وعلى مرّ العصور، في ما رووه من الحديث عنه (صلى الله عليه وآله وسلم).

ومن هؤلاء: الحافظ أبو نُعيم الأصبهاني، صاحب المؤلّفات الكـثيرة والتصانيف الشهيرة، الذي جمع أربعين حديثاً حول الإمام المهديّ (عليه السلام)، وأنّه لا تنقضي الدنيا حتّى يبعث الله رجلا من أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً، وأنّه من وُلد فاطمة (عليها السلام)، وأنّـه كـذا وكـذا وكـذا… إلى آخره من الروايات التي تصـف أحواله (عليه السلام).

*  *  *

١٦

عنوان الرسالة:

اختلف العلماء وأصحاب السـير في عنوان الرسالة التي اشـتملت على الأربعين حديثاً عن الإمام المهديّ (عليه السلام).

يقول صاحب ” الطرائف ” السـيّد ابن طاووس: ” جمع الحافظ أبو نُعيم كـتاباً في ذلك نحو سـتّ وعشرين ورقة من أربعين حديثاً، وسمّاه: كـتاب ذِكر المهديّ ونعوته وحقيقة مخرجه “(١).

ويضيف: ” وقد وقفت على كـتاب قد ألّفه ورواه وحرّره أبو نُعيم الحافظ، واسمه أحمد بن أبي عبـد الله بن أحمد، وهذا المؤلّف من أعيان رجال الأربعة المذاهب، وله تصانيف وروايات كـثيرة، وقد سمّى أبو نُعيم الكـتاب المشار إليه: كـتاب ذِكر المهديّ ونعوته وحقيقة مخرجه وثبوته، ثمّ ذكرفي صدر الكـتاب تسـعة وأربعين حديثاً أسـندها إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يتضمّن البشارة بالمهديّ (عليه السلام)، وأنّه مِن وُلد فاطمة (عليها السلام)، وأنّه يملأ الأرض عدلا، وأنّه لا بُـدّ من ظهوره، ثمّ ذكر بعدذلك حديثاً، معنىً بعد معنىً، وروى في كلّ معنىً أحاديث بأسانيدها إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

فقال أبو نُعيم بعد رواية التسعة والأربعين حديثاً مشاراً إليه في حقيقة ذِكر المهديّ ونعوته وخروجه وثبوته ما هذا لفظه: وبخروجه يرفع الناس تظاهر الفتن وتلاطم المحن، ويمحق الهرج،

١- الطرائف: ١٧٩.

١٧

وروى في صحّة هذا المعنى عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنين وأربعين حديثاً بأسانيدها.

ثمّ قال أبو نُعيم ـ أيضاً ـ ما هذا لفظه: أعلام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ المهديّ سـيّد من سادات أهل الجنّة ; وروى عن النبيّ في صحّة هذا المعنى ثلاثة أحاديث.

ثمّ ذكر أبو نُعيم ـ أيضاً ـ ما هذا لفظه: ذِكْر جيشه وصورته وطول مدّته وأيّامه ; وروى في صحّة هذا المعنى عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)أحد عشر حديثـاً.

ثمّ ذكر ما هذا لفظه: بالعدل وَفِـيّ، وبالمال سَـخيّ، يحثـوه حثواً ولا يعدّه عداً ; وروى في صحّـة هذا المعنى عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)ـ بإسناده ـ تسعة أحاديث.

ثمّ ذكر أبو نُعيم ـ أيضاً ـ ما هذا لفظه: ذكر البـيان عن الروايات الدالّـة على خـروج المهـديّ وظهوره، ثـمّ روى عـن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في صحّة هذا المعنى أربعـة أحاديث.

ثمّ ذكر ما هذا لفظه: ذِكر البيان في أنّ توطئة أمر المهديّ وخلافته وجيشه من قبل المشرق ; فروى في هذا المعنى وصحّته عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حـديثين.

ثمّ ذكر أبو نُعيم الحافظ ـ أيضاً ـ ما هذا لفظه: ذِكر بيان القرية التي يكون منها خروج المهديّ ; وروى في صحّة ذلك حديثين يرفعهما إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

١٨

ثمّ ذكر أبو نُعيم ـ أيضاً ـ ما هذا لفظه: ذِكر بيان أنّ مِن تكرمة الله لهذه الأُمّة أنّ عيسى بن مريم يصلّي خلف المهديّ ; ثمّ روى في صحّة هذا المعنى ثمانية أحاديث عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).

ثمّ ذكر أبو نُعيم ـ أيضاً ـ ما هذا لفظه: ذِكر ما ينزل الله عزّ وجلّ من الخسف والنكال على الجيـش الّذين يرمون الحرم تكرمة للمهديّ ; ثـمّ روى في صحّـة هذا المعنى خمسـة أحاديث عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأسـانيدها.

ثمّ ذكر أبو نُعيم الحافظ ما هذا لفظه: ذِكر المهديّ أنّه من وُلد الحسـين، وذِكر كـنيته وموته حين يبعث ; وروى أبو نُعيم في صحّة هذا المعنى تسعة أحاديث عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأسانيدها.

ثمّ ذكر أبو نُعيم ـ أيضاً ـ ما هذا لفظه: ذِكر فتح المهديّ المدينة الرومية وردّ ما سـبى ملكها من بني إسرائيل إلى بيت المقدس ; وروى في صحّـة هذا المعنى عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) خمسة أحاديث بأسانيدها.

ثمّ ذكر أبو نُعيم الحافظ ما هذا لفظه: ما يكون في زمان المهديّ من الخصب والأمن والعدل ; وروى في صحّة هذا المعنى عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بإسـناده سـبعة أحاديث.

فجملة الأحاديث المذكورة في كـتاب ذِكر المهديّ (عليه السلام)ونعوته وحقيقة مخرجه وثبوته، المختصّة بهذا المعنى ـ المقدّم ذِكرها ـ مئة وسـتّة وخمسون حديثاً، وأمّا طرق هذه الأحاديث

١٩

فهي كـثيرة تركت ذِكرها في الكـتاب كراهية الإكـثار والإطناب “(١).

ويقول صاحب ” كشف الغمّة “: ” ووقع إليَّ أربعون حديثاً جمعها الحافظ أبو نُعيم أحمد بن عبد الله (رحمه الله) في أمر المهديّ (عليه السلام)، أوردتُـها سرداً كما أوردها “(٢).

ويقول الكنجي الشافعي في ” البيان في أخبار صاحب الزمان ” بعد ذِكر حديث مطوّل عن عليّ الهلالي، عن أبيه: ” هكذا ذكره صاحب حلية الأولياء في كـتابه المترجم بـ: ذِكر نعت المهديّ عليه السلام “(٣).

وأورد المقدسي الشافعي في ” عقد الدرر ” معظم هذه الأحاديث قائلا بعد إيرادها: ” أخرجه الحافظ أبو نُعيم في صفة المهديّ “.

ويقول محقّق كـتاب ” عقد الدرر ” في المقدّمة: ” وقد عمد المؤلّف إلى كـتاب (الفتن) لأبي عبـد الله نُعيم بن حمّاد المروزي، وإلى كـتاب (السـنن) لأبي عمرو الداني المُقري، وإلى كـتاب (الملاحم) لأبي الحسين ابن المُنادي، وإلى كـتب أبي نُعيم أحمد ابن عبـد الله الأصفهاني (٤٣٠ هـ) في: (منـاقب المهديّ) و (حلية الأولـيـاء) و (صفة المهديّ) و (فوائـد أبي نُعيم) و (عواليه)، وإلى كـتاب أبي بكر أحمد بن الحسـين البيهقي (٤٥٨ هـ) (البعث

١- الطرائف: ١٨١ ١٨٣.

٢- كشف الغمّـة ٢ / ٤٦٧.

٣- البيان في أخبار صاحب الزمان: ٤٧٩.

شاهد أيضاً

اليمن – رمز الشرف والتضامن العربي مع غزة فتحي الذاري

ان الحشد المليوني للشعب اليمني بكافة قواه الفاعلة والاصطفاف الرشيد بقيادة السيد القائد عبدالملك بدرالدين ...