فليس في الرواية إشارة إلى أنه “عليه السلام” قد وطأ تلك الجارية، كما تزعم بعض الروايات.
٢ ـ إن بعض النصوص التي رويت لهذه الحادثة تقول:”فتكلم بريدة في علي عند الرسول، فوقع فيه، فلما فرغ رفع رأسه، فرأى رسول الله “صلى الله عليه وآله”، غضب غضباً لم يره غضب مثله إلا يوم قريظة والنضير، وقال: “يا بريدة، أحب علياً، فإنه يفعل ما آمره”. وكذا روي عن غير بريدة(١).
١- راجع: مجمع الزوائد ج٩ ص١٢٨ ـ ١٢٩ عن الطبراني، وخصائص النسائي ص١٠٢ ـ ١٠٣ ومشكل الآثار ج٤ ص١٦٠ ومسند أحمد ج٥ ص٣٥٩ و ٣٥٠ ـ ٣٥١ وسنن البيهقي ج٦ ص٣٤٢ وقال: رواه البخاري في الصحيح، وحلية الأولياء ج٦ ص٢٩٤ وسنن الترمذي ج٥ ص٦٣٢ و ٦٣٩ وكنز العمال ج١٥ ص١٢٤ ـ ١٢٥ و ١٢٦ ـ ١٢٧ ومناقب الخوارزمي الحنفي ص٩٢ ومستدرك الحاكم ج٣ ص١١٠ ـ ١١١ على شرط مسلم، وتلخيص المستدرك للذهبي (بهـامشـه) وسكت عنـه، والبدايـة والنهايـة ج٧ ص٣٤٤ و ٣٤٥ عن: أحمـد، = = والترمذي، وأبي يعلى، وغيره بنصوص مختلفة. والغدير ج٣ ص٢١٦ عن بعض من تقدم، وعن نزل الأبرار للبدخشي ص٢٢ والرياض النضرة ج٣ ص١٢٩ و ١٣٠ وعن مصابيح السنة للبغوي ج٢ ص٢٥٧ والبحر الزخار ج٦ ص٤٣٥ وجواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار للصعدي (مطبوع بهامش المصدر السابق) نفس الجلد والصفحة، عن البخاري والترمذي. والمعجم الأوسط ج٥ ص١١٧ وبشارة المصطفى ص١٤٦ و ١٤٧ وتاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٢٩١ و (ط أخرى) ص١٩٥ وخصائص أمير المؤمنين للنسائي هامش ص١٠٣ والأمالي للطوسي ص٢٥٠ وبحار الأنوار ج٣٩ ص٢٨٢ ونهج السعادة ج٥ ص٢٧٩ ومناقب الإمام أمير المؤمنين “عليه السلام” للكوفي ج١ ص٤٢٥ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٦ ص٨٧.
وهذا يعني: أن اصطفاء الجارية من قبل علي “عليه السلام”، ووطؤه لها إن كان قد حصل، فإنما كان بأمر رسول الله “صلى الله عليه وآله”، لمصلحة رآها.
٣ ـ ومع غض النظر عن ذلك، وافتراض صحة الروايتين معاً، نقول:
وبذلك يتحقق التوفيق والجمع بين رواية تحريم النساء على أمير المؤمنين “عليه السلام” مدة حياة السيدة فاطمة “عليها السلام”، وبين رواية بريدة بأن المقصود برواية تحريم النساء عليه: تحريم الزواج الدائم بالحرائر منهن. فلا تشمل التسري بالإماء.. إذا أذنت الزهراء “عليها السلام”، أو أمر أبوها “صلى الله عليه وآله” لمصلحة يراها..
٤ ـ إن ما ذكروه: من أنه “عليه السلام” قد أصاب من الجارية، وأنه خرج إليهم ورأسه يقطر، وأخبرهم بما جرى، لم نجده مروياً عن الأئمة “عليهم السلام”، ولعله قد أضيف إلى الرواية من قِبل أولئك الذين أرادوا أن يثيروا المشكلة على أساس إثارة حفيظة السيدة الزهراء “عليها السلام”، لاعتقادهم أن ذكر ذلك لها عنه “عليه السلام”، سوف يثير غيرتها، ويحركها ضده.
ولكن فألهم قد خاب؛ لأنهم لم يعرفوا الإمام علياً ولا السيدة الزهراء صلوات الله وسلامه عليهما.
وربما تكون هذه التحريكات المغرضة قد حصلت في وقت لاحق، أي بعد أن فشلت محاولاتهم للوقيعة به عند رسول الله “صلى الله عليه وآله”..
سائر نساء علي (عليه السلام):
وبعد استشهاد السيدة الزهراء “عليها السلام” تزوج “عليه السلام” بعدة نساءٍ هنَّ:
١ ـ أمامة بنت أبي العاص.
٢ ـ أسماء بنت عميس.
٣ ـ ليلى بنت مسعود.
٤ ـ أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي.
٥ ـ خولة بنت جعفر بن قيس.
٦ ـ الصهباء بنت ربيعة.
٧ ـ محياة بنت امرئ القيس.
٨ ـ أم البنين فاطمة بنت حزام الكلابية.
وعن الإمام الباقر “عليه السلام”: كان له أيضاً سبع عشرة سُرِّيَّة. بعضهن أمهات ولد(١).
وسيأتي الحديث عن زواجه “عليه السلام” بأمامة بنت أبي العاص، بعد استشهاد الزهراء “عليها السلام”.
ولكننا نشير هنا إلى اثنتين من هؤلاء النساء، وهما:
١ ـ أسماء بنت عميس:
فإن جعفر بن أبي طالب كان قدتزوج بأسماء بنت عميس، وهاجرت
١- تاريخ الإسلام للذهبي ج٣ ص٦٥٢ والصراط المستقيم لعلي بن يونس العاملي ج١ ص١٦٣ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص١٠٩ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٣٢ ص٦٧٧ وبناء المقالة الفاطمية للسيد ابن طاووس ص٢٤٩ وفي ص٢٣١ تسع عشرة سرية. وراجع هذا القول في: دعائم الإسلام ج٢ ص١٩٢ وجامع أحاديث الشيعة ج٢٠ ص٢٠٨ والعثمانية للجاحظ ص٩٨ وفيض القدير للمناوي ج٥ ص٥٣٨ وفيه: بضع عشرة سرية، والبداية والنهاية ج٧ ص٣٦٨ وفي (ط أخرى) ص٣٣٣ وتفسير الثوري ص٢٩ وتاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٥٧٨ والمحلى لابن حزم ج٩ ص٢١٨.
معه إلى الحبشة، وولدت له عبد الله، وعوناً ومحمداً.
ثم تزوجها أبو بكر، فولدت له محمداً.. وبعد وفاة أبي بكر تزوجها علي “عليه السلام” فأولدها يحيى(١).
٢ ـ أم البنين بنت حزام:
قالوا: إن علياً “عليه السلام” قال لعقيل: “أنظر إلى امرأة قد ولدتها الفحول، لأتزوجها فتلد لي غلاماً فارساً.
فقال له: تزوج أم البنين الكلابية، فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها”(٢).
ونلاحظ هنا: أن علياً “عليه السلام” لم يكن بحاجة إلى علم عقيل
١- تهذيب الكمال ج٣٥ ص١٢٧ وسير أعلام النبلاء للذهبي ج٢ ص٢٨٢ ـ ٢٨٧ والإصابة لابن حجر ج٨ ص١٤ ـ ١٦ والأعلام للزركلي ج١ ص٣٠٦ والمحبر للبغدادي ص١٠٧ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٤ ص١٧٨ والوافي بالوفيات للصفدي ج٩ ص٣٣ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص١١٢.
٢- عمدة الطالب لابن عنبة ص٣٥٧ وقاموس الرجال للتستري (ط سنة ١٣٨٩ هـ) ج١٠ ص٣٨٩ و ٣٩٠ و (ط مركز النشر الإسلامي ـ الطبعة الأولى) ج١٢ ص١٩٦ وأعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ج٧ ص٤٢٩ وج٨ ص٣٨٩ والأنوار العلوية ص٤٤٢ وعقيل بن أبي طالب للأحمدي الميانجي ص٤٧.
“رحمه الله”، ولا إلى علم غيره بأنساب وأحوال العرب، إلا أن يكون المقصود هو تعريف الناس بمقام تلك الصفوة التي سيكون لها النصيب الأوفر في نصرة الإمام الحسين “عليه السلام” في كربلاء.
وأن ذلك بمثابة إخبار غيبي عن ولادة هؤلاء الصفوة، وعن المهمات الجسام التي سوف يضطلعون بها، في نصرة هذا الدين.
وفيه إشارة إلى أن التهيؤ لهذه المواقف والتضحيات قد بدأ قبل ولادة يزيد وابن زياد و.. و..
يضاف إلى ذلك: أنه أراد التنويه بعلم عقيل بالأنساب، ورد ما سوف يكيده به الأمويون وأعوانهم. وتبرئته من الإتهامات الباطلة التي سيوجهونها إليه حين يكشف للناس مخازي أعداء علي “عليه السلام”..
مع يقيننا بأن علياً “عليه السلام” كان أعرف من عقيل في كل شيء.. ولم يكن بحاجة إليه في اختيار من يشاء من النساء.. ولكنه أراد أن يعطي كل ذي حق حقه.. وأن يعلم الناس: أن لا غضاضة في الرجوع إلى أهل الخبرة، لإظهار فضلهم، والإعلان بالتكريم لهم.
٣ ـ علي (عليه السلام) يتزوج أمامة:
في سنة اثنتي عشرة للهجرة مات أبو العاصي بن الربيع، وأوصى إلى الزبير، وتزوج علي “عليه السلام” ابنته(١).
١- تاريـخ الأمم والملـوك ج٢ ص٣٨٥ و (ط مؤسسـة الأعلمـي) ج٢ ص٥٨٤ = = ومجمع الزوائد للهيثمي ج٩ ص٢٥٤ والمعجم الكبير للطبراني ج٢٢ ص٤٤٣ والإكمال في أسماء الرجال ص١٥٠ والثقات لابن حبان ج٢ ص١٨٢ وتاريخ مدينة دمشق ج٣ ص١٩١ وج١٨ ص٣٩٨ وتهذيب الكمال ج٩ ص٣٢٤ والكامل في التاريخ ج٢ ص٤٠٠ وعيون الأثر ج٢ ص٣٦٤ وسبل الهدى والرشاد ج١١ ص٣٢.
زوجها منه الزبير، لأن أباها قد أوصاه بها(١).
وقيل: إن علياً “عليه السلام” تزوج أمامة بنت أبي العاص، بوصية الزهراء “عليها السلام”، فقد أوصته بذلك، وقالت: إنها تكون لولدي مثلي(٢).
أو قالت: بنت أختي، وتتحنن على ولديّ(٣).
١- أسد الغابة ج٥ ترجمة أمامة، والإصابة ج٨ ص٢٤ والإستيعاب ج٤ ص١٧٨٨. وراجع الهامش السابق.
٢- راجع: روضة الواعظين ص١٦٨ ومستدرك الوسائل ج٢ ص٣٦٠ وكتاب سليم بن قيس ج٢ ص٨٧٠ وعلل الشرايع ج١ ص١٨٨ وراجع: بحار الأنوار ج٢٨ ص٣٠٤ وج٤٣ ص١٨١ و ١٩١ و ١٩٩ وج٧٨ ص٢٥٣ و ٢٥٦ ومناقب آل أبي طالب ج٣ ص٣٦٢ وجامع أحاديث الشيعة ج٣ ص٣٦٩ ومستدرك سفينة البحار ج٤ ص٣١٧ واللمعة البيضاء ص٨٦٨ و ٨٧٢ و ٨٧٥ والأنوار العلوية ص٣٠٣ ومجمع النورين ص١٥٠ والأسرار الفاطمية للمسعودي ص٣٣٢.
٣- بحار الأنوار ج٤٣ ص٢١٧ ومستدرك سفينة البحار ج٤ ص٣١٧ واللمعة البيضاء ص٨٩٠ عن مصباح الأنوار ص٢٥٩. وراجع: مجمع النورين للمرندي ص١٤٨.
ويروي ابن عباس عن علي “عليه السلام” قوله: أشياء لم أجد إلى تركهن سبيلاً.
إلى أن قال: وتزويج أمامة بنت زينب، أوصتني بها فاطمة “عليها السلام”(١).
وفي بعض الروايات: أنها ولدت لعلي “عليه السلام” محمد الأوسط(٢).
قالوا: ولما جرح علي “عليه السلام” خاف أن يتزوجها معاوية، فأمر المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أن يتزوجها بعده.
فلما استشهد علي “عليه السلام”، وانقضت عدتها أرسل إليها معاوية يخطبها، فأرسلت إلى المغيرة تعلمه بذلك، فتزوجها المغيرة، فولدت له يحيى، وهلكت عنده(٣).
١- كتاب سليم بن قيس ج٢ ص٨٧٠ وبحار الأنوار ج٢٨ ص٣٠٤.
٢- راجع: مناقب آل أبي طالب ج٣ ص٨٩ وبحار الأنوار ج٤٢ ص٩٢ ومستدرك سفينة البحار ج٤ ص٣١٧ وإمتاع الأسماع ج٦ ص٢٩٢ وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج٢ ص١٢٢ والأنوار العلوية ص٤٣٣ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٣٢ ص٦٧٥.
٣- الطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٠ والسيرة الحلبية ج٢ ص٤٥٢ ومجمع البحرين ج١ ص١٠٩ والإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج٨ ص٢٥ وعيون الأثر ج٢ ص٣٦٤ والإستيعاب ج٤ ص١٧٨٩ وأسد الغابة ج٥ ص٤٠٠ وراجع: ذخائر العقبى ص١٦١ وسبل الهدى والرشاد ج١١ ص٣٢ وعن تاريخ الأمم والملوك ج٥ ص١٤٥ وأنساب الأشراف (تحقيق المحمودي) ج٢ ص٤١٤.
ونقول:
إن لنا مع هذه النصوص وقفات عديدة، نذكر منها.
أمامة بنت أخت فاطمة (عليها السلام):
تصف بعض الروايات أمامة بنت أبي العاص بأنها بنت أخت فاطمة “عليها السلام”، ويعلل النص المنسوب للزهراء “عليها السلام” طلبها من علي الزواج من أمامة بأنها بنت أختها، وتحن على ولديها.
والحال أننا قد أثبتنا في كتبنا: “القول الصائب”، وكتاب “بنات النبي أم ربائبه” وكتاب “ربائب النبي: قل هاتوا برهانكم”، وفي كتب أخرى: أن زينب زوجة أبي العاص بن الربيع لم تكن بنتاً للنبي “صلى الله عليه وآله” على الحقيقة، وإنما نسبت إليه، لأنها تربت في بيته “صلى الله عليه وآله”.
فلعلها “عليها السلام” أطلقت عليها وصف الأخت بهذا الإعتبار..
علي (عليه السلام) لم يجد للتخلص سبيلاً:
وقد لفت نظرنا: ما نسب إلى علي “عليه السلام”، من أنه لم يجد للتخلص من التـزويـج بأمامـة سبيلاً.. بسبب وصيـة الزهراء “عليها السلام”..
ونقول:
لا ندري لماذا يريد علي “عليه السلام” التخلص من هذا الأمر، ويلتمس السبل إلى ذلك، فلا يجدها؟! هل كان يرى أن الزهراء “عليها السلام” قد أخطأت في اختيارها لهذه الفتاة؟! أم أنه لم يكن بحاجة للزواج
لكن وصية فاطمة “عليها السلام” قد أجبرته عليه؟! وهل يمكن أن تخطئ الزهراء المعصومة؟!
أو أنها هل تتدخل فيما لا يعنيها، وتلزم الناس بما لم يكن المطلوب إلزامهم به؟!
الزبير يزوج أمامة:
وقد ذكر النص المتقدم: أن الزبير هو الذي زوّج علياً “عليه السلام” أمامة، لأن أباها كان قد أوصاه بها:
ونقول:
أولاً: إذا كان أبو العاص بن الربيع قد مات في السنة الثانية عشرة، والزهراء “عليها السلام” قد استشهدت قبل ذلك بسنة أو أكثر، فلماذا لا يخطب علي أمامة من أبيها مباشرة؟!.. ولماذا صبر إلى ما بعد وفاته حتى خطبها من الزبير، والحال أن الزهراء “عليها السلام” قد أوصته بالزواج منها، لحفظ أبنائها؟!
ومن الذي كان يهتم بأبناء الزهراء “عليها السلام” طيلة هذه المدة؟!
ثانياً: لنفترض: أنها كانت صغيرة في ذلك الوقت، فانتظرها إلى أن كبرت.. فبعد أن كبرت هل صارت عاقلة راشدة، أم لم تكن كذلك، فإن كانت عاقلة راشدة فلا حاجة لها إلى الزبير ليزوجها؛ لأنها تصبح مالكة لأمرها، ولا تحتاج في زواجها إلى إذن أحد، ولا ولاية لأحد عليها، بعد موت أبيها.
وإن لم تكن راشدة، فما حاجة أبناء الزهراء “عليها السلام” إليها، وإلى حنانها، بل يكونون هم قد كبروا، واستغنوا عنها وعن غيرها في نفس الوقت الذي تطويه هي للحصول على الرشد..
بل لقد كان لزينب العقيلة “عليها السلام”، فضلاً عن الحسنين “عليهما السلام” من العقل والرشد، ما يستغنون به عن جميع أهل الأرض، إن لم نقل: إن الناس يحتاجون إليهم في ذلك وسواه.
ولعل مقصود الراوي: أن الزبير كان وكيلاً عنها في إجراء صيغة النكاح الشرعي مع الإمام “عليه السلام”. ثم طور ذلك وحوره لكي يبدو أن علياً “عليه السلام” بحاجة إلى الزبير، وأن للزبير شيئاً من الفضل على أمير المؤمنين “عليه السلام”.
هل ولدت أمامة لعلي (عليه السلام):
تقدم: أن بعض الروايات تقول: إن أمامة ولدت لعلي “عليه السلام” محمداً الأوسط..
غير أن ذلك غير مسلّم، فقد قيل: “إنها لم تلد لعلي، ولا للمغيرة”(١).
أمامة تزوجت بعد علي (عليه السلام):
وكون زواج أمامة بالمغيرة بن نوفل بن عبد المطلب بأمر علي “عليه السلام” هو الآخر موضع شك وريب.
١- الإصابة ج٤ ص٢٣٧.
فأولاً: قد روى ابن سعد، عن ابن أبي فديك؛ عن ابن أبي ذئب: أن أمامة بنت أبي العاص قالت للمغيرة بن نوفل:
إن معاوية خطبني.
فقال لها: أتتزوجين ابن آكلة الأكباد؟! فلو جعلت ذلك إليَّ!
قالت: نعم.
قال ابن أبي ذئب: فجاز نكاحه(١).
ثانياً: إننا لا نرى أن علياً “عليه السلام” يتحدث مع أمامه في موضوع كهذا، ولا نظنه يحدد لها زوجاً بعده. لا سيما إذا كان ذلك يستبطن بعض الإحراج لذلك الرجل، الذي عينه لها، والذي قد لا يكون راغباً في زواج كهذا..
ثالثاً: صرح ابن شهرآشوب: بأن النسوة اللواتي توفي علي “عليه السلام” عنهن لم يتزوجن بعده، وهن: أُمامة، وأسماء بنت عميس، وأم البنين الكلابية، وليلى التميمية(٢).
١- الإصابة ج٤ ص٢٣٧ و (ط دار الكتب العلمية) ج٨ ص٢٦ ونيل الأوطار ج٦ ص٢٦٧ وفتح الباري ج٩ ص١٦٢ وعمدة القاري ج٢٠ ص١٢٤ وتغليق التعليق ج٤ ص٤١٦ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٨ ص٤٠ و ٢٣٣ و ٤٧٢.
٢- مناقب آل أبي طالب ج٣ ص٣٠٥ و (ط المطبعة الحيدرية) ج٣ ص٩٠ وراجع: تفسير نور الثقلين ج٤ ص٢٩٩ و مطالب السؤول ص٣١٤ ومناقب الإمام أمير المؤمنين “عليه السـلام” للكـوفي ج٢ ص٤٨ وتاريخ الأئمة (المجموعة) = = للكاتب البغدادي ص١٧والهداية الكبرى للخصيبي ص٩٥ وبحار الأنوار ج٤٢ ص٩٢ ومستدرك سفينة البحار ج٤ ص٣٣٦ والدر النظيم ص٤١١ وكشف الغمة ج٢ ص٦٩ والفصول المهمة لابن الصباغ ج١ ص٦٤٧ والأنوار العلوية ص٤٥٠.
رابعاً: والأمر الأوضح والأصرح: قول ابن شهرآشوب عن أمامة نفسها: “وخطب المغيرة بن نوفل أمامة، ثم أبو الهياج بن سفيان بن الحارث، فروت عن علي “عليه السلام”: أنه لا يجوز لأزواج النبي والوصي أن يتزوجن بغيره بعده، فلم يتزوج امرأة ولا أم ولد بهذه الرواية”(١).
فما يدعى من تزويج الإمام السجاد “عليه السلام” إحدى زوجات أبيه لبعض الناس، لا مجال لقبوله..
لماذا هذا العدد من النساء؟!:
وقد يتساءل البعض عن سبب كثرة النساء اللاتي تزوجهن علي أمير المؤمنين “عليه السلام”.
ونجيب بما يلي:
ألف: إن علياً “عليه السلام” قد عاش عدة سنوات مع الزهراء “عليها السلام”، ولم يتزوج غيرها إلا بعد أن استشهدت، تماماً كما عاش رسول الله
١- مناقب آل أبي طالب ج٣ ص٣٠٥ و (ط المطبعة الحيدرية) ج٣ ص٩٠ وبحار الأنوار ج٤٢ ص٩٢ ومستدرك سفينة البحار ج٤ ص٣٣٦ ونور الثقلين ج٤ ص٢٩٩ والأنوار العلوية ص٤٥٠.
“صلى الله عليه وآله” سنوات كثيرة مع خديجة “عليها السلام”، ولم يتزوج غيرها إلا بعد وفاتها. وهذا الزواج فرضته ظروف، ولم يكن استجابة لداعي الشهوة، ولذلك لم يتخير “صلى الله عليه وآله” من النساء الفتيات الأبكار أو الجميلات، بل كن ثيبات أو عجائز لكل واحدة منهن قصة وظرف خاص بها.
ب: إن الزواج بعدد من النساء لا ينحصر بعلي “عليه السلام”، ولا بالنبي “صلى الله عليه وآله”، فإن عمر قد تزوج بالعديد من النساء، ومنهن كما قيل:
١ ـ زينب بنت مظعون.
٢ ـ أم كلثوم بنت علي (عقد عليها ولم يدخل بها، وكان ذلك آخر عمره في ظروف ذكرناها في كتاب لنا باسم “ظلامة أم كلثوم”.. فراجع).
٣ ـ أم كلثوم بنت جرول.
٤ ـ جميلة بنت ثابت.
٥ ـ لهية (أم ولد) امرأة من اليمن(١).
٦ ـ أم ولد هي أم عبد الرحمن بن الأصغر بن عمر.
٧ ـ أم حكيم بنت الحارث.
٨ ـ فكيهة (أم ولد).
٩ ـ عاتكة بنت زيد.
١٠ ـ عاصية (أو جميلة) أم عاصم بن عمر(٢).
١- راجع: الكامل في التاريخ ج٣ ص٥٤.
٢- تاريخ المدينة لابن شبة ج٢ ص٦٥٤ و ٦٥٥ والكامل في التاريخ ج٣ ص٥٣ و ٥٤ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٦٥ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٣ ص٢٧٤ والوافي بالوفيات للصفدي ج٢٢ ص٢٨٥ والبداية والنهاية ج٧ ص١٥٦ و ١٥٧ وإمتاع الأسماع ج٦ ص٢١٣ و ٢١٤.
١١ ـ مليكة بنت جرول. وربما تكون هي أم كلثوم بنت جرول..
١٢ ـ قرينة بنت أبي أمية.
والنساء اللاتي تزوجهن عثمان:
١ ـ رقية (ربيبة رسول الله “صلى الله عليه وآله”).
٢ ـ أم كلثوم (ربيبة رسول الله “صلى الله عليه وآله”).
٣ ـ فاختة بنت غزوان.
٤ ـ أم عمرو بنت جندب.
٥ ـ فاطمة بنت الوليد.
٦ ـ أم البنين بنت عيينة.
٧ ـ رملة بنت شيبة.
٨ ـ نائلة بنت الفرافصة.
٩ ـ أم ولد ولدت لعثمان بنتاً اسمها أم البنين(١).
١- تاريخ المدينة لابن شبة ج٣ ص٩٥٢ و ٩٥٣ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٥٤ والكامل في التاريخ لابن الأثير ج٣ ص١٨٥.
والنساء اللائي ولدن لأبي بكر هن كما عند ابن الأثير:
١ ـ قتيلة بنت عبد العزى.
٢ ـ أم رومان.
٣ ـ أسماء بنت عميس.
٤ ـ حبيبة بنت خارجة(١).
ج: إن للإقدام على الزواج من هذه المرأة أو تلك أسباباً مختلفة، قد يكون من بينها السعي للبر بتلك المرأة، وحفظها من أن يعضها الدهر بأنياب الحاجة، و صونها من أن تقع في قبضة رجل فاجر، لا يراعي فيها أحكام الله وشرائعه.
وقد يكون السبب هو حفظ أنفس، ورعاية حقوق لا بد له من حفظها ورعايتها، وقد يكون هو موافاة الأجل لزوج هذه أو تلك، ولا بد من الجليس والأنيس.. وقد يكون السبب هو انجاب ذرية صالحة.. وقد يكون السبب غير ذلك..
د: لكن المهم هو مراعاة أحكام الله فيهن، وحفظ حدوده، والإلتزام بشرائعه، ومعاملتهن بما يقتضيه الخلق الرضي، والواجب الإنساني. ولا يتوهم في حق أمير المؤمنين “عليه السلام” سوى هذا..
١- الكامل في التاريخ ج٢ ص٤٢٠ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص١٦٩ والمعارف لابن قتيبة ص١٧٢ و ١٧٣ وتاريخ الأمم والملوك ج٢ ص٦١٦ ووفيات الأعيان ج٣ ص٦٩ وسبل الهدى والرشاد ج١١ ص٢٥١.
هؤلاء أولاد أمير المؤمنين (عليه السلام):
وقد اختلفوا في عدد أولاد أمير المؤمنين “عليه السلام”، فقيل: سبعة وعشرون(١).
وقيل: ثمانية وعشرون(٢).
وقيل: ثلاثة وثلاثون(٣).
١- الإرشاد للمفيد ج١ ص٣٥٤ وبحار الأنـوار ج٤٢ ص٨٩ والمستجـاد من الإرشـاد (المجموعة) ص١٣٨ والعمدة لابن البطريق ص٢٩ وإعلام الورى ج١ ص٣٩٥ وكشف الغمة للإربلي ج٢ ص٦٧.
وراجع: الفصول المهمة لابن الصباغ ج١ ص٦٤١ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص١١٥.
٢- تاج المواليد (المجموعة) للطبرسي ص١٨ والإرشاد للمفيد ج١ ص٣٥٥ والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص١٤٠ وبحار الأنوار ج٤٢ ص٩٠ وإعلام الورى ج١ ص٣٩٦ وكشف الغمة للإربلي ج٢ ص٦٧.
٣- تاج المواليد (المجموعة) للطبرسي ص١٨ وتذكرة الخواص ص٥٧.