ماذا تغير حتى تراجعت السعودية وقبلت بحكومة 8-8-8 تضم حزب الله؟
كل المؤشرات الميدانية – ساحة المعركة – القادمة من سوريا كانت تؤكد ان معركة يبرود الاستراتيجية وشيكة، وتؤكد ايضا ان الجيش السوري وحزب الله يتقدمان ببطء بانتظار قرار الحسم.
موقفان استفزازيان للرئيس حسما امر التمديد. الموقف الاول جاء بعد اللقاء المتلفز الذي اجراه الاعلامي والمحلل السياسي البارز جان عزيز مع امين عام حزب الله حيث وجه امين عام الحزب بهدوء وثقة اصابع الاتهام للسعودية على التفجير الانتحاري المزدوج الذي استهدف السفارة الايرانية، اندفع الرئيس الطامح للتمديد للدفاع عن السعودية وكأنها جمعية خيرية.
ولاحقا يوم 29/12-2013 في سابقة تاريخية رفع الرئيس شعاره الوحداني “عاش الجيش اللبناني – عاشت السعودية – وعاش لبنان” بديلاً “مقدسا” عن المعادلة الثلاثية الشهيرة “الشعب والجيش والمقاومة”. الشعار الرئاسي انهى النقاش والجدل حول امكانية التمديد.
من جانب اخر، وجاءت التطورات المتعلقة بتأليف الحكومة لتؤكد ان ما قاله روبرت فورد لاعضاء الائتلاف الوطني السوري يوم 19 يناير/كانون الثاني 2014 “الامير بندر بن سلطان في اجازة طويلة في الولايات المتحدة بسبب مرضه والارهاق النفسي” واضاف لاعضاء الائتلاف ان الولايات المتحدة طلبت من سعد الحريري المشاركة في حكومة ائتلاف مع حزب الله.”
إضافة الى ذلك، بعد سحب الغطاء الامريكي عنها اصبحت السعودية مكشوفة، بمعنى انها لم تعد في وضع يسمح لها اللعب على التوازنات ولا على التناقضات لانها تعاني من خسائر وهزائم على كافة الجبهات: الجبهة اليمنية حيث تعرض آل الاحمر لهزيمة كبرى عسكريا وسياسيا خاصة بعد انقلاب معظم قبائل حاشد عليهم وتوقيعهم وثيقة تفاهم مع الحوثيين- اعداء السعودية اللدودين. آل الاحمر اليوم كالسعودية يعانون من عزلة.
وعلى الجبهة العراقية حيث يقوم الجيش العراقي بملاحقة الارهابيين المدعومين من السعودية في كافة مناطق تواجدهم، الهزيمة حتمية. وعلى الجبهة الروسية لم تنجح مقاربة بندر التي تقوم على “البيع والشراء”، والاهم من كل ما سبق على جبهة “التقارب الامريكي-الايراني” التي سببت احباط شديد لآل سعود دفعتهم لاتخاذ قرارات يمكن وصفها بالعشوائية وغير العقلانية -. واخيرا، ادركت السعودية انها قد تورطت في اكثر من ملف خاصة دعم الارهاب متعدد الجنسيات وانها لن تربح اي شيء في اي مواجهة مباشرة مع حزب الله وحلفائه، على العكس من ذلك، لذا قررت ان لا تخسر كل شيء، فلجأت الى التبريد في الوقت الحاضر.
كما انه من طبيعة الامور لكل فعل رد فعل. في حال قرر رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف – المعين سعودياً – المضي قدما بتنفيذ المطلب السعودي تأليف حكومة “امر واقع” سيعتبره حزب الله انقلاب على شرعية وجوده وبالتالي سيرد الحزب وحلفائه بانقلاب عسكري مضاد. ولا يمكن استبعاد ان يقوم الحزب وحلفائه بعمل استباقي يحد من قدرات السعودية ويضرب نفوذها – يعزل المناطق القندهارية وينفذ ضربة ساحقة لكل بؤر الارهاب.
بغض النظر عن الدوافع وراء هذا التراجع السعودي الملفت، وبغض النظر عما قاله السفير فورد عن التغييرات في شهر مارس/آذار القادم والتي ستطال رأسي بندر بن سلطان وسعود الفيصل، ما زال من المبكر جدا اعتبار التراجع السعودي تراجع عن سياستها العامة واستراتيجيتها الكبرى التي تقوم على التخريب، واذا لم نشهد تحول “عقلاني” في السلوك السعودي سنشهد ربيع ساخن وساخن جدا.