الرئيسية / تقاريـــر / مشروع “سكة حديد ايلات-أشدود” الصهيوني لتجاوز قناة السويس

مشروع “سكة حديد ايلات-أشدود” الصهيوني لتجاوز قناة السويس

مشروع “سكة حديد ايلات-أشدود” الصهيوني لتجاوز قناة السويس

مشروع "سكة حديد ايلات-أشدود" الصهيوني لتجاوز قناة السويس

الوقت – الحكومة المتشددة لبنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الکيان الصهيوني، التي فشلت في سوق الدول العربية نحو تطبيع العلاقات من خلال الدبلوماسية، إدراكاً لاهتمام محمد بن سلمان بالمشاركة في مشاريع التنمية الدولية، فقد نصبت هذه المرة فخًا اقتصاديًا لصيد كبير مثل السعودية.

وفي هذا الصدد، أعلن نتنياهو الأسبوع الماضي في اجتماع مجلس الوزراء، بدء تنفيذ خطة السكك الحديدية الجديدة، التي سيكون لها القدرة على ربط الأراضي المحتلة بمشيخات الخليج الفارسي براً في المستقبل.

وقال نتنياهو إن “إسرائيل” ستبدأ مشروع سكة ​​حديد بقيمة 27 مليار دولار، لتوسيع شبكة السكك الحديدية القائمة في الکيان وربط مناطق أبعد بتل أبيب.

وشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي على أن “خط السكة الحديد هذا مصمم لتقليص وقت النقل بالقطار إلى المراكز التجارية والحكومية في إسرائيل إلى ساعتين أو أقل”.

وأضاف نتنياهو: “في المستقبل، سنتمكن من نقل البضائع من ميناء إيلات في البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط ​​عن طريق السكك الحديدية، ويمكننا أيضاً ربط إسرائيل بالمملكة العربية السعودية وشبه الجزيرة العربية بالقطار”.

يعتبر ميناء إيلات الواقع على ساحل خليج العقبة والبحر الأحمر، الطريق الوحيد للصهاينة للوصول إلى البحر الأحمر، وإذا تم بناء طريق السكك الحديدية هذا الذي يبلغ طوله 350 كيلومترًا، فسوف ترسو السفن التي تسافر من الخليج الفارسي وشرق آسيا إلى أوروبا والغرب في ميناء إيلات، وسيتم نقل حمولتها بالقطارات من إيلات إلى ميناء أشدود، ثم تتجه إلى أوروبا.

أعلن کيان الاحتلال لأول مرة عن مشروع افتتاح خط سكة حديد إيلات إلى مينائي حيفا وأشدود في عام 2013، عندما كان نتنياهو رئيسًا لمجلس وزراء الکيان في ذلك الوقت، لكن هذا المشروع لم تتم الموافقة عليه في النهاية، ودعماً لخطته، قال نتنياهو في ذلك الوقت إن استكمال المشروع سيسرع التجارة الدولية، حيث سيستغرق نقل البضائع من إيلات إلى أشدود ساعتين فقط والعكس صحيح.

كان من المفترض أن يُعهد ببناء خط السكة الحديدية هذا إلى الشركات الصينية حتى تتمكن من البدء فيه في أقصر وقت، لكن لم يتم تنفيذه بعد، لكن يبدو أن الحكومة اليمينية المتطرفة عازمة هذه المرة على تنفيذ هذا المشروع بأسرع ما يمكن، لأن البرلمان الآن في أيدي الأحزاب المتطرفة، ولا توجد عقبة جدية أمام المصادقة على ميزانيته.

ميزة لتطبيع العلاقات مع العرب

بغض النظر عن المصالح التجارية والاقتصادية التي تدعيها تل أبيب بشأن خط سكة حديدها الجديد، هناك أهداف أخرى وراء هذا المشروع، ينتهي جانب منها بالدول العربية.

تطبيع العلاقات بين الکيان الصهيوني والسعودية هو حلم نتنياهو، وهو يعد اللحظات منذ سنوات، ولهذا السبب بدأ مبادرات جديدة حتى يتمكن من جذب هذا البلد المؤثر والغني في العالم العربي. وقد ادعى نتنياهو مرارًا وتكرارًا أنه إذا تم تطبيع العلاقات مع السعودية، فإن التوتر العبري العربي سينتهي إلى الأبد، وستتوجه دول عربية أخرى أيضًا إلى تل أبيب.

في السنوات الأخيرة، حاول المسؤولون الأمريكيون جاهدين إقناع المسؤولين السعوديين بتطبيع العلاقات، ومؤخراً سافر كل من وزير الخارجية الأمريكي ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض إلى السعودية لمناقشة هذا الأمر.

في الواقع، فإن جهود تل أبيب لبناء خط سكة حديد لنقل البضائع من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط ​​في أقصر وقت ممكن، تتم بهدف تحسين العلاقات مع الدول العربية، لأن العرب يستطيعون تمرير بضائعهم التي كانوا ينقلونها إلى أوروبا عبر قناة السويس، عبر الأراضي المحتلة.

في نوفمبر 2018، تحدث يسرائيل كاتس، وزير النقل السابق في الکيان الصهيوني، خلال رحلته إلى عمان، عن ما تسمى خطة “سكة حديد السلام” لربط الدول العربية في الخليج الفارسي بالأردن ثم الأراضي المحتلة بالسكك الحديدية.

وقبل أشهر قليلة، ناقش نتنياهو هذا الأمر أيضًا في لقاء مع ملك الأردن، والعقبة الكبيرة الوحيدة لربط السكك الحديدية في الخليج الفارسي بالبحر الأبيض المتوسط، ​​هي بناء 300 كيلومتر من السكك الحديدية داخل السعودية، والذي إذا اكتمل سيحقق حلم نتنياهو.

بدأ الكيان الصهيوني الاستعدادات لنقل البضائع من إيلات إلى البحر الأبيض المتوسط، وفي عام 2021 وافق هذا الکيان والإمارات على نقل نفط هذه الدولة إلى أوروبا عبر خط أنابيب “إيلات-عسقلان”، وحالياً تنقل الإمارات شحناتها النفطية إلى أوروبا عبر هذا الطريق.

وفي هذا الصدد، أظهر بحث نشرته صحيفة “هآرتس” الشهر الماضي، أن عدد ناقلات النفط المتجهة إلى ميناء إيلات تضاعف خمس مرات في العامين الماضيين بعد تنفيذ الاتفاقية الإماراتية الإسرائيلية.

أيضًا، وفقًا لوسائل الإعلام العبرية، يمكن للکيان الصهيوني، إضافة إلى نقل النفط الإماراتي إلى أوروبا، أن يوفر نفطه بهذه الطريقة، لذلك، إذا أرادت دول عربية أخرى، بما في ذلك قطر والسعودية، استخدام خطوط السكك الحديدية في الأراضي المحتلة لنقل شحناتها النفطية إلى أوروبا، فسيتم تمهيد طريق التسوية مع تل أبيب، وهذا الأمر يشجع حكومة نتنياهو على بناء خط سكة حديد إيلات-أشدود في أسرع وقت ممكن.

في العامين الماضيين، أبرمت الهند، باعتبارها أحد الشركاء التجاريين للکيان الصهيوني، اتفاقيات مع الدول العربية في الخليج الفارسي حتى يتمكنوا من تطوير ممرات السكك الحديدية والبحرية ونقل بضائعهم إلى أوروبا في أقصر وقت وبتكلفة أقل، ولذلك، من خلال جذب انتباه إحدى القوى الاقتصادية الناشئة في العالم في شرق آسيا، يعمل الصهاينة في الواقع على تقوية رغبة العرب في المشاركة في خط العبور هذا.

يعتبر الکيان الإسرائيلي نقل البضائع من إيلات إلى أشدود جسرًا بريًا في تعزيز مكانته الدولية، وخاصةً مع القوى الاقتصادية الكبرى، والصين علی وجه التحديد، لأنه إذا استخدمت دول قوية مثل الصين والهند هذا الطريق، فسوف يلعب هذا الخط دوراً مهماً في التجارة الدولية.

إضافة إلى ذلك، ستتدفق العديد من الإيرادات إلى خزائن تل أبيب، ووفقًا لصحيفة غلوبس، فإن هذا المشروع سيؤدي أيضًا إلى تحسين البيئة السياحية في إيلات، حيث سيساعد في جلب مليوني سائح إلى المدينة، لذلك، يمكن لتل أبيب تعويض جزء من مشاكلها الاقتصادية الناجمة عن خروج رأس المال الأجنبي في العام الماضي.

تجاوز قناة السويس وخنق الشريان الاقتصادي لمصر

رغم أن الخطة الجديدة لحكومة نتنياهو تهدف إلى تحسين العلاقات مع الدول العربية، لكن المشروع سيتجاوز بشكل أساسي قناة السويس، التي كانت تربط البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ​​لعقود، وسيدمر شريان الحياة للاقتصاد المصري، وفي عام 2013، قال نتنياهو في خطاب يبرر فيه بناء هذا السكة الحديدية، إن تجاوز قناة السويس هو أحد أهداف قرار حكومته ببناء خط سكة حديد بين تل أبيب وإيلات.

بالنسبة لمصر، التي لديها أساس اقتصادي ضعيف، فإن قناة السويس، باعتبارها أحد الطرق الاقتصادية السريعة في العالم، تجلب الكثير من الدخل لهذا البلد الأفريقي.

وحسب الإحصائيات التي قدمتها هيئة قناة السويس، بلغ دخل مصر من السفن المارة عبر هذه القناة نحو 6.5 مليارات دولار عام 2017، وسيصل إلى 7 مليارات دولار عام 2021، و 9.4 مليارات دولار عام 2022، وتشير التقديرات إلى أن هذه الإيرادات ستصل هذا العام إلى 11 مليار دولار.

كما زادت قناة السويس من ثقل مصر ومكانتها الدولية، ومن وجهة النظر هذه فإن تقليص أهمية السويس في التجارة الدولية، سيكون كارثيًا على صورة مصر.

ومع أخذ ذلك في الاعتبار، إذا تحقق مشروع السكة الحديدية الصهيوني واستخدمت الدول هذا الطريق لنقل بضائعها إلى أوروبا، فإن مصر ستعاني بسبب ذلك، وسيخلق هذا الأمر تحديًا خطيرًا في العلاقات بين القاهرة وتل أبيب.

وحسب الخطط الطموحة لحكومة نتنياهو، فإن الهدف الخفي لتل أبيب بنقل جزيرتي “تيران وصنافير” الاستراتيجيتين من مصر إلى السعودية يتجلى أكثر فأكثر، وإذا خرجت هذه الجزر الواقعة على مدخل خليج العقبة من سيطرة مصر وأوكلت إدارتها إلى السعودية، فسيكون الصهاينة قادرين على تنفيذ خططهم بشكل أفضل.

لأنه عندما تخطط تل أبيب لتنفيذ عملية نقل البضائع من سكة حديدها، فربما تعطل مصر مرور السفن عبر هذه المضائق.

ولذا، تخطط حكومة نتنياهو لإخراج هذه الجزر من أيدي مصر لتنفيذ مشروعها بسهولة.

تربط قناة السويس البحر الأبيض المتوسط ​​بالبحر الأحمر، ويبلغ طولها حوالي 193 كيلومترًا، وتم بناء هذه القناة عام 1869، وتقع في غرب صحراء سيناء وفي شمال شرق مصر. 

أدى بناء هذه القناة إلى عدم اضطرار السفن إلى التجول في القارة الأفريقية للسفر من آسيا إلى أوروبا وأمريكا، وحاليًا، يتم تنفيذ 12٪ من التجارة العالمية عبر قناة السويس، وبعد الأهرامات المصرية تعدّ المصدر الرئيسي لدخل مصر من النقد الأجنبي.

ونظرًا لقصر عرض قناة السويس، حيث يبلغ عرضها 313 مترًا فقط، يصعب على السفن العملاقة المرور عبرها، وقد تم حظر ذلك عدة مرات بسبب جنوح سفن الشحن.

كانت آخر مرة في مارس 2021، عندما جنحت سفينة تجارية عملاقة بطول 400 متر في قناة السويس، وأوقفت حركة المرور في هذه المنطقة لمدة أسبوع، ما أثار مخاوف بين الدول من أنه إذا تكررت مثل هذه الأحداث، فسوف تتعطل عملية التجارة البحرية. لذلك، لن تُبنى القناة الإسرائيلية أبدًا مثل قناة السويس، حيث يذهب مسار السفن يومًا ما من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط، وفي اليوم التالي يتجه بالعكس.

والواقع أن الکيان الإسرائيلي سيحفر قناتين مستقلتين، إحداهما تمتد من البحر الأحمر إلى المتوسط ​​والأخری بالعكس حتى لا تتأخر أي سفينة، بينما يستغرق مرور السفن في قناة السويس أسبوعين.

لذلك، من خلال مشروعها للسكك الحديدية، تحاول تل أبيب إرسال رسالة إلى الدول الأخرى، مفادها بأن سككها الحديدية هي أفضل خيار متاح لنقل بضائعها من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط، ​​ثم إلى أوروبا دون أي عوائق.

.

يمكنكم الانضمام إلى الولاية الاخبارية على تلكرام

 

شاهد أيضاً

السيد رئيسي افتتح معرض القدرات التصديرية: قوة الإنتاج لا تقلّ عن القوة العسكرية

لفت رئیس الجمهوریة الإسلامية في إيران السید إبراهیم رئیسي إلى أنّ الحظر شكل من أشكال ...