31 فانصرفوا . وذكر هشام عن ابي مخنف عن المعلى بن كليب عن ابي الوداك
قال : نزل شريك بن الاعور على هاني بن عروة المرادي وكان شريك شيعيا وقد شهد صفين مع عمار ، وسمع مسلم بن عقيل بمجيئي عبيدالله ومقالته التي قالها وما اخذ به العرفاء والناس ، فخرج من دار المختار وقد علم به حتى انتهى
إلى دار هاني بن عروة المرادي فدخل ، بابه وارسل اليه ان اخرج ، فخرج اليه هاني فكره هاني مكانه حين رآه . فقال له مسلم : اتيتك لتجيرني وتضيفني ، فقال : رحمك الله لقد كلفتني شططا ، ولولا دخولك داري وثقت لاحببت ولسألتك ان تخرج عني غير انه ياخذني من ذلك ذمام وليس مردود مثلي على مثلك عن
جهل ادخل فآواه وأخذت الشيعة تختلف اليه في دار هاني بن عروة .
ودعا ابن زياد مولى يقال له معقل فقال له : خذ ثلاثة آلاف درهم ثم اطلب مسلم بن عقيل واطلب لنا اصحابه ثم اعطهم هذه الثلاثة
آلاف فقال ( 1 ) لهم : استعينوا بها حرب عدوكم واعلمهم انك منهم ، فانك لوقد اعطيتها اياهم اطمأنوا اليك ووثقوا بك ولم يكتموك شيئا من أخبارهم ، ثم اغد عليهم ورح ، ففعل ذلك فجاء حتى اتى إلى مسلم بن عوسجة الاسدى من بني سعد بن ثعلبة في المسجد الاعظم وهو يصلي وسمع الناس يقولون ان هذا يبايع للحسين، فجاء فجلس حتى فرغ من صلاته .
* ( هامش ) * ( 1 ) الظاهر كونه فقل كما في الكامل .
32 ثم قال يا عبدالله : اني امرء من اهل الشام مولى لذي الكلاع انعم الله على بحب اهل هذا البيت وحب من احبهم ، فهذه ثلاثة آلاف درهم اردت بها لقاء رجل منهم ، بلغني أنه قدم الكوفة يبايع لابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وكنت اريد لقاءه فلم أجد احدا يدلني عليه ولا يعرف مكانه ،
فاني لجالس آنفا في المسجد اذ سمعت نفرا من المسلمين يقولون : هذا رجل له علم باهل هذا البيت واني اتيتك لتقبض هذا المال وتدخلني على صاحبكم فابايعه وان شئت أخذت بيعتي له قبل لقائه . فقال : احمد الله على لقائك اياي فقد سرني ذلك لتنال ما تحب ولينصر الله بك اهل بيت نبيه ،
ولقد ساءني معرفتك اياي بهذا الامر من قبل أن ينمى مخافة هذا الطاغية وسطوته ، فاخذ بيعته قبل ان يبرح واخذ عليه المواثيق المغلظة لينا صحن وليكتمن فاعطاه من ذلك ما رضي به . ثم قال له : اختلف إلى اياما في منزلي فانا طالب لك الاذن على صاحبك ، فأخذ يختلف مع الناس فطلب له الاذن ، فمرض هاني بن عروة فجاء عبيدالله عائدا له ، فقال له عمارة بن عبيد السلولي: انما جماعتنا وكيدنا قتل هذا الطاغية فقد امكنك الله منه فاقتله ، قال هاني: ما أحب أن يقتل في داري ، فخرج فما مكث الاجمعة حتى مرض شريك بن الاعور وكان كريما على ابن زياد وعلى غيره من الامراء وكان شديد التشيع فأرسل اليه عبيدالله اني رائح اليك العشية . فقال لمسلم : ان هذا الفاجر عائدى العشية فاذا جلس فاخرج
33 اليه فاقتله ثم اقعد في القصر ليس احد يحول بينك وبينه ، فان برئت من وجعى هذا أيامى هذه سرت إلى البصرة وكفيتك امرها ، فلما كان من العشى اقبل عبيدالله لعيادة شريك . فقام مسلم بن عقيل ليدخل وقال له شريك : لا يفوتنك اذا جلس ، فقام هاني بن عروة اليه فقال : اني لا احب أن يقتل في داري كانه استقبح ذلك ، فجاء عبيدالله بن زياد فدخل فجلس فسأل شريكا عن وجعه وقال : ما الذي تجد ومتى اشكيت ، فلما طال سؤاله اياه ورآى أن الاخر لا يخرج خشي ان يفوته فأخذ يقول : ما تنظرون بسلمى أن تحيوها اسقنيها وان كانت فيها نفسي ، فقال ذلك مرتين او ثلاثا ، فقال عبيدالله ولا يفطن ما شأنه : اترونه يهجر ؟ فقال له هاني : نعم اصلحك الله ما زال هذا ديدنه قبيل عماية الصبح حتى ساعته هذه .
ثم انه قام فانصرف ، فخرج مسلم فقال له شريك ما منعك من قتله ؟ فقال : خصلتان أما أحدهما فكراهة هاني ان يقتل في داره ، واما الاخرى فحديث حدثه الناس عن النبي صلى الله عليه وآله ان الايمان قيد الفتك ولا يفتك مؤمن ، فقال هاني : اما والله لو قتلته لقتلت فاسقا فاجرا كافرا غادرا ولكن كرهت ان يقتل في داري ،
ولبث شريك بن الاعور بعد ذلك ثلاثا ثم مات ، فخرج ابن زياد فصلى عليه وبلغ عبيدالله بعد ما قتل مسلما وهانيا ان ذلك الذي كنت سمعت من شريك في مرضه انما كان يحرض مسلما ويأمره بالخروج اليك ليقتلك . فقال عبيدالله : والله لا اصلى على جنازة رجل من اهل العراق ابدا ووالله لولا ان قبر زياد فيهم لنبشت شريكا ، ثم ان معقلا مولى ابن
34 زياد الذي دسه بالمال إلى ابن عقيل واصحابه اختلف إلى مسلم بن عوسجة اياما ليدخل على ابن عقيل فأقبل به حتى ادخل عليه بعد موت شريك بن الاعور فأخبره خبره كله فأخذ ابن عقيل بيعته . وامر أبا ثمامة الصائدي فقبض ماله الذي جاء به وهو الذي كان يقبض اموالهم وما يعين به بعضهم بعضا ،
يشتري لهم السلاح وكان به بصيرا ، وكان من فرسان العرب ووجوه الشيعة واقبل ذلك الرجل يختلف اليهم فهو اول داخل وآخر خارج يسمع اخبارهم ويعلم اسرارهم ثم ينطلق بها حتى يقرها في اذن ابن زياد ، قال : وكان هاني يغدو ويروح إلى عبيدالله ، فلما نزل به مسلم انقطع من الاختلاف وتمارض فجعل لا يخرج فقال ابن زياد لجلسائه :مالى لا ارى هانئا ؟ فقالوا : هو شاك فقال : لو علمت بمرضه لعدته . قال ابومخنف – فحدثني المجالد ( 1 ) بن سعيد ، قال : دعا
* ( هامش ) * ( 1 ) مجالد بن سعد بن عمير بن بسطام بن ذي مران بن شرحبيل بن ربيعة بن مرثد بن جشم الهمداني ابوعمرو ويقال أبوسعيد الكوفي .
روى عن الشعبي وقيس بن أبي حازم وأبي الوداك جبر بن نوف وزياد بن علاقة ومحمد بن بشر الهمداني ومرة ووبرة بن عبدالرحمان وغيرهم . وعنه ابنه اسماعيل واسماعيل بن ابي خالد وهو من اقرانه وجرير بن حازم وشعبة والسفيانان وابن المبارك وعبدالواحد بن زياد وهشيم وحماد بن زيد وعيسى بن يونس وحفص بن غياث ويحيى بن
35 عبيدالله محمد بن الاشعث واسماء بن خارجة . قال ابومخنف – حدثني الحسن ابن عقبة المرادى انه بعث معهما عمرو بن الحجاج الزبيدي . قال ابومخنف – وحدثني نمر بن وعلة عن ابي الوداك قال : كانت روعة اخت عمرو بن الحجاج تحت هاني بن عروة ، وهي ام يحيى بن
* ( هامش ) * ابي زائدة وابن فضيل وأبوعقيل الثقفى وابن نمير وعبدالرحيم بن سليمان وابوخالد الاحمر وابواسماعيل المؤدب وعبدة بن سليمان ويحيى بن القطان وابواسامة ومحاضربن المودع وغيرهم . قال ابن عدى : له عن الشعبي عن جابر احاديث صالحة وعن غير جابر ،
وعامة ما يرويه غير محفوظة ، وقال عمر وبن علي وغيره مات سنة ( ثلث ) اربع واربعين ومأة في ذي الحجة ، حديثه عند مسلم مقرون ، وقال يعقوب بن سفيان تكلم الناس فيه وهو صدوق . وقال الساجى : قال محمد بن المثنى : يحتمل حديثه لصدقه ، وقال العجلى جائر الحديث الا ان ابن مهدي كان يقول : اشعث بن سوار كان اقرء منه : وقال البخاري صدوق . وقال البخاري في الضعفاء : ابن ابي القاضي ، حدثني عبدالله
بن جرير رجل من بني سعد – حدثنا عبدالله بن نمير ، عن مجالد عن الشعبي
عن ابن عباس قال : لما ولدت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله سماها
المنصورة ، فنزل جبرائيل فقال : يا محمد الله يقرئك السلام ويقرئ مولودك السلام ، وهو يقول : ما ولد مولود احب إلى منها ، وانها قد لقبها باسم خير مما سميتها . سماها فاطمة ، لانها تفطم شيعتها من النار .
36 هانئ فقال لهم : ما يمنع هانئ بن عروة من اتياننا ؟ قالوا : ما ندري اصلحك الله وانه ليشتكي ، قال : قد بلغني انه قد برأ وهو يجلس على باب داره فالقوه فمروه الا يدع ما عليه في ذلك من الحق فاني لا احب ان يفسد عندي مثله من اشراف العرب ، فاتوه حتى وقفوا عليه عشية وهو جالس على بابه
فقالوا : ما يمنعك من لقاء الامير فانه قد ذكرك وقد قال لو اعلم انه شاك لعدته فقال لهم :الشكوى يمنعنى فقالوا له : يبلغه انك تجلس كل عشية على باب دارك وقد استبطأك والابطاء والجفاء لا يحتمله السلطان اقسمنا عليك لما ركبت معنا .
فدعا بثيابه فلبسها ثم دعا ببغلة فركبها حتى اذا دنا من القصر كان نفسه أحست ببعض الذي كان ، فقال لحسان بن اسماء بن خارجة : يابن اخي اني والله لهذا الرجل لخائف فما ترى ؟ قال : اى عم والله ما اتخوف عليك شيئا ولم تجعل على نفسك سبيلا ، وانت برئ وزعموا ان اسماء لم يعلم في اي شيئ بعث اليه عبيدالله ، فاما محمد فقد علم به . فدخل القوم على ابن زياد ودخل معهم فلما طلع قال عبيدالله أتتك بخائن رجلاه وقد عرس عبيدالله اذ ذاك بام نافع ابنه عمارة بن عقبة
فلما دنا من ابن زياد وعنده شريح القاضي التفت نحوه فقال : اريد حباءه ويريد قتلى * عذيرك من خليلك من مراد وقد كان له اول ما قدم مكرما ملطفا . فقال له هاني : وما ذاك ايها الامير ؟ قال : ايه يا هاني بن عروة ما هذه الامور التي تربص في دورك لامير المؤمنين وعامة المسلمين جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك وظننت ان ذلك يخفى