الرئيسية / الاسلام والحياة / في رحاب نهضة الامام الحسين عليه السلام

في رحاب نهضة الامام الحسين عليه السلام

61  سنة 60 من يوم عرفة بعد مخرج الحسين من مكة مقبلا إلى الكوفة بيوم ، قال : وكان مخرج الحسين من المدينة إلى مكة يوم الاحد لليلتين بقيتا من رجب سنة 60 ، ودخل مكة ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان ، فأقام بمكة شعبان وشهر رمضان وشوال وذا القعده .

ثم خرج منها لثمان مضين من ذي الحجة يوم الثلاثاء يوم التروية في اليوم الذي خرج فيه مسلم بن عقيل ، وذكر هارون بن مسلم عن علي بن صالح عن عيسى بن يزيد : أن المختار بن أبي عبيد وعبدالله بن الحارث بن نوفل كانا خرجا مع مسلم ، خرج المختار براية خضراء ، وخرج عبدالله برأية حمراء وعليه ثياب حمر ، وجاء المختار برأيته فركزها على باب عمرو بن حريث .

وقال : انما خرجت لامنع عمرا وأن الاشعث والقعقاع بن شور وشبث بن ربعى قاتلوا مسلما وأصحابه عشية سار مسلم إلى قصر ابن زياد قتالا شديدا ، وان شبثا جعل يقول : انتظروا بهم الليل يتفرقوا فقال له القعقاع : انك قد سددت على الناس وجه مصيرهم ، فافرج لهم ينسربوا ، وأن عبيدالله أمر ان يطلب المختار وعبدالله بن الحارث وجعل فيهما جعلا فأتى بهما فحبسا .

62

خروج الحسين عليه السلام من مكة متوجها إلى الكوفة

قال هشام عن ابي مخنف : حدثني الصقعب بن زهير عن عمر بن (  1 )  عبدالرحمان ابن الحارث بن هشام المخزومي ، قال : لما

*  (  هامش )  *  (  1 )  عمر بن عبدالرحمان بن الحارث بن هشام بن المغيرة

المخزومي المدني . روى عن ابي هريرة وابي بصرة الغفاري وعائشة وجماعة من الصحابة وعن اخيه ابي بكر بن عبدالرحمان . روى عنه عبدالمالك بن عمير وعامر الشعبي وحمزة بن عمرو العائذي الضبي . قال ابن خراش : ابوبكر وعمر وعكرمة وعبدالله بنو عبدالرحمان بن الحارث كلهم اجلة ثقات يضرب بهم المثل ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : روى عن جماعة من الصحابة ، روى عنه الشعبي ، وقد ذكر البلاذري ان ابن الزبير استعمل عمر بن عبدالرحمان هذا على الكوفة . تهذيب التهذيب (  ج 7 ص 472 )  خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص 284 ،

63

قدمت كتب أهل العراق إلى الحسين وتهيأ للمسير إلى العراق أتيته فدخلت عليه وهو بمكة ، فحمدت الله واثنيت عليه ثم قلت : أما بعد فاني أتيتك يابن عم لحاجة اريد ذكرها لك نصيحة ، فان كنت ترى أنك تستنصحنى والا كففت عما اريد ان اقول ، فقال : قل ، فوالله ما اظنك بسيئ الرأى ولا هو القبيح من الامر والفعل ، قال : قلت له : انه قد بلغنى أنك تريد المسير إلى العراق واني مشفق عليك من مسيرك ، انك تأتي بلدا فيه عما له وامراء‌ه ومعهم بيوت الاموال ، وانما الناس عبيد لهذا الدرهم والدينار ، ولا آمن عليك أن يقاتلك من وعدك نصره ومن انت أحب اليه ممن يقاتلك معه ، فقال الحسين : جزاك الله خيرا يا ابن عم ، فقدوالله علمت انك مشيت بنصح وتكلمت بعقل ، ومهما يقض من أمر يكن أخذت برأيك

او تركته فأنت عندي أحمد مشير وأنصح ناصح ، قال : فانصرفت من عنده فدخلت على الحارث بن خالد بن العاص بن هشام فسألني هل لقيت حسينا ؟ فقلت له : نعم ، قال : فما قال لك وما قلت له ؟ قال ، فقلت له : قلت كذا وكذا وقال كذا وكذا ، فقال نصحته ورب المروة الشهباء أما ورب البنية ان الرأى لما رأيته قبله أو تركه ثم قال : رب مستنصح يغش ويردى *  وظنين بالغيب يلفى نصيحا

قال ابومخنف –  وحدثني (  1 )  الحارث بن كعب الوالبى عن عتبة

*  (  هامش )  *  (  1 )  الحارث بن كعب الازدى الكوفى ، ذكرهما الطوسي

في رجال الشيعة .

 

64

بن سمعان ان حسينا لما اجمع المسير إلى الكوفة اتاه عبدالله بن عباس فقال : يابن عم انك قد ارجف الناس ، انك سائر إلى العراق ، فبين لي ما انت صانع ؟ قال : اني قد اجمعت المسير في احد يومي هذين ان شاء الله تعالى . فقال له ابن عباس : فاني اعيذك بالله من ذلك ، اخبرني رحمك الله اتسير إلى قوم قد قتلوا اميرهم وضبطوا بلادهم ونفوا عدوهم ؟ فان كانوا قد فعلوا ذلك ، فسر اليهم ، وان كانوا انما دعوك اليهم واميرهم عليهم قاهر لهم ، وعماله تجبى بلادهم ، فانهم انما دعوك إلى الحرب والقتال ولا آمن عليك ان يغروك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك وان يستنفروا اليك فيكونوا اشد الناس عليك . فقال له حسين :

واني استخير الله وانظر ما يكون ؟ قال : فخرج ابن عباس من عنده واتاه ابن الزبير فحدثه ساعة ، ثم قال : ما ادرى ما تركنا هؤلاء القوم وكفنا عنهم ونحن ابناء المهاجرين وولاة هذا الامر دونهم خبرني ما تريد ان تصنع ؟ فقال الحسين : والله لقد حدثت نفسي باتيان الكوفة ولقد كتب إلى شيعتي بها واشراف اهلها واستخير الله، فقال له ابن الزبير : اما لو كان لي بها مثل شيعتك ما عدلت بها :

قال : ثم انه خشى ان يتهمه فقال : اما انك لو اقمت بالحجاز ثم اردت هذا الامر هيهنا ما خولف عليك ان شاء الله ، ثم قام فخرج من عنده . فقال الحسين : ها ان هذا ليس شئ يؤتاه من الدنيا احب اليه من ان اخرج من الحجاز إلى العراق ، وقد علم انه ليس له من الامر

65

معي شئ وان الناس لم يععد لوه بى ، فودأني خرجت منها لتخلوله . قال فلما كان من العشى او من الغد اتى الحسين عبدالله بن العباس فقال : يابن عم اني اتصبر ولا اصبر ، اني اتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك والاستئصال ، ان اهل العراق قوم غدر فلا تقربنهم ، اقم بهذا البلد فانك سيد اهل الحجاز ، فان كان اهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب اليهم فلينفوا عدوهم ثم اقدم عليهم ،

فان ابيت الا ان تخرج فسر إلى اليمن ، فان بها حصونا وشعابا وهي ارض عريضة طويلة ، ولابيك بها شيعة ، وانت عن الناس في عزلة ، فتكتب إلى الناس وترسل وتبث دعاتك ، فاني ارجو ان يأتيك عند ذلك الذي تحب في عافية فقال له الحسين : يابن عم اني والله لاعلم انك ناصح مشفق ، ولكني قد ازمعت واجمعت على المسير ، فقال له ابن عباس : فان كنت سائرا فلا تسر بنسائك وصبيتك ، فوالله اني لخائف ان تقتل كما قتل عثمان ونساء‌ه وولده ينظرون اليه . ثم قال ابن عباس :

لقد اقررت عين ابن الزبير يتخليتك اياه والحجاز والخروج منها وهو يوم لا ينظر اليه احد معك ، والله الذي لا اله الا هو لو اعلم انك اذا اخذت بشعرك وناصيتك حتى يجتمع على وعليك الناس اطعتنى لفعلت ذلك ، قال : ثم خرج ابن عباس من عنده فمر بعبد الله بن الزبير فقال : قرت عينك يابن الزبير ثم قال : يالك من قنبرة بمعمر *  خلالك الجو فبيضى واسفرى ونقرى ما شئت ان تنقرى

 

66

هذا حسين يخرج إلى العراق وعليك بالحجاز (  1 )  قال ابومخنف –  قال ابوجناب يحيى بن ابي حية عن عدي بن حرملة الاسدي عن عبدالله بن سليم والمذري بن المشمعل الاسديين قالا : خرجنا حاجين من الكوفة حتى قدمنا مكة ، فدخلنا يوم التروية فاذا نحن بالحسين وعبدالله بن الزبير قائمين عند ارتفاع الضحى

فيما بين الحجر والباب ، قالا : فتقربنا منهما فسمعنا ابن الزبير وهو يقول للحسين : ان شئت ان تقيم اقمت فوليت هذا الامر ، فآزرناك وساعدناك ونصحنا لك وبايعناك . فقال له الحسين : ان ابي حدثني ان بها كبشا يستحل حرمتها فما احب ان اكون انا ذلك الكبش ، فقال له ابن الزبير :

فاقم ان شئت وتوليني انا الامر فتطاع ولا تعصى ، فقال : وما اريد هذا ايضا . قالا : ثم انهما اخفيا كلامهما دوننا فما زالا يتناجيان حتى سمعنا دعاء الناس رائحين متوجهين إلى مني عند الظهر ، قالا : فطاف الحسين بالبيت وبين الصفا والمروة وقص من شعره وحل من عمرته ثم توجه نحو الكوفة وتوجهنا نحو الناس إلى منى .

*  (  هامش )  *  (  1 )  في الكامل ذكر بعد هذا : وكان الحسين يقول : والله

لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفى ، فاذا فعلوا سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرام المرأة ، قال : و (  الفرام )  خرقة تجعلها المرأة في قبلها اذا حاضت . 

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...